الأربعاء، 12 نوفمبر 2014


دروس في علم التوحيد

الدرس الثالث: (نواقض الإسلام)

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول وعلى آله وصحبه أجمعين.

نواقض الإسلام : أي مفسداته التي متى طرأت عليه أفسدته وأحبطت عمل صاحبه وصار من الخالدين في النار .

نواقض الإسلام عشرة :

وهي أكثر من ذلك ,لكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله (كتاب التبيان شرح نواقض الإسلام للأمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب يرحمه الله .)

اختار هذه العشرة لإجماع المسلمين عليها.

       الناقض الأول : (الشرك في عبادة الله)

تعريف الشرك:

هو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كالدعاء والذبح والنذر والاستغاثة والاستعانة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله .

الشرك أعظم الظلم {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُه يابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}( سورة لقمان آية (13)

لأن أعظم ما نهى الله عنه الشرك لأن أعظم الحقوق هو حق  الله تعالى فإذا فرط فيه الأنسان فقد فرط في أعظم الحقوق وهو توحيد الله تعالى .

حيث(.أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ .)( رواه البخاري : كتاب التوحيد , ومسلم : كتاب الايمان)


 

الشرك ينقسم إلى ثلاثة أنواع:

1-   شرك أكبر     2- شرك أصغر        3 - شرك خفي

وذهب العلامة ابن القيم يرحمه الله إلى أن الشرك نوعان ؛

1-   شرك أكبر    شرك أصغر

أـ الشرك الأكبر

لا يغفره الله إلا بالتوبة , وصاحبه إن لقي الله به فهو خالد في النار أبدا الآبدين.

قال تعالى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ... وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا}( سورة النساء آية (48)

ولذلك يقول المشركون من عباد القبور وغيرهم  لألهتهم في النار ؛ قال تعالى {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}(سورة الشعراء اية(97ـ 98)

وهم لم يساووهم به في خلق ولا رزق  ولا إحياء ولا إماتة إنما ساووهم في المحبة والتعظيم التي هي لب العبادة.



أنواع الشرك الأكبر:

1-   شرك الدعوة :

قال تعالى :{ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}( سورة العنكبوت آية (65)

ذكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب يرحمه الله :

 أن مشركي زماننا أغلظ  شركا من الأولين لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة , ومشركوا زماننا شركهم دائما في الرخاء والشدة .( كتاب القواعد الأربع – القاعدة الرابعة للشيخ محمد بن عبدالوهاب يرحمة الله)

2-   شرك النية والإرادة والقصيد:

قال تعالى:{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} سورة هود آية (15-16)

قال ابن القيم يرحمه الله؛

 من أراد بعمله غير وجهه ونوى شيئا غير التقرب إليه وطلب الجزاء منه فقد أشرك في نيته وإرادته.

وجعل شرك النية شركا أكبر محمول على من كانت جميع أعماله مرادا بها غير وجه الله , أما من طرأ عليه الرياء فهو شرك أصغر ,وسيأتي  إيضاحه أن شاء الله .




3-   شرك الطاعة ؛

 قال تعالى :{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}( سورة التوبة آية (31)


قال  شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله :

وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين :

1-أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل , فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله اتباعا لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر, وقد جعله ورسوله عليه الصلاة والسلام شركا وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم .

2-أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحرام وتحليل الحلال ثابتا لكنهم أطاعوهم في معصية الله , كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي , فهؤلاء لهم حمكم أمثالهم من أهل الذنوب.( مجموع الفتاوى لشيخ الأسلام ابن تيمية يرحمه الله 7/70)




4-   شرك المحبة :

 قال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}( سورة البقرة آية (165))

فالمشرك يحب الآلهة من الأصنام وغيرها كحب الله وأعظم من ذلك تجده إذا انتهكت يغضب لها أعظم مما يغضب لله.

المراد بالمحبة هنا ؛ محبة العبودية المستلزمة للذل والخضوع وكمال الطاعة وإيثار المحبوب على غيره فهذه المحبة  خالصة لله لا يجوز أن يشرك معه فيها أحد.

يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين يرحمه الله:

فما بالك برجل يحب غير الله أكثر من محبته لله , وما بالك برجل يحب غير الله ولا يحب الله , فهذا اقبح وأعظم وهذا موجود في كثير من المنتسبين للإسلام اليوم فأنهم يحبون أوليائهم أكثر مما يحبون الله

 ولهذا لو قيل له : احلف بالله حلف صادقا أو كاذبا. أما الولي فلا يحلف به إلا صادقا .

وتجد كثيرا منهم يأتون إلى مكة والمدينة ويرون أن زيارة قبر الرسول صلى الله علية وسلم أعظم من زيارة  البيت لأنهم يجدون في انفسهم حبا لرسول الله صلى الله علية وسلم كحب الله وأعظم ,وهذا شرك ,لان يعلم أننا ما أحببنا رسول الله عليه السلام

إلا لحب الله ولأنه رسول الله فهذه  الآية محنة عظيمة لكثير من قلوب المسلمين اليوم الذين يجعلون غير الله مثل الله في المحبة .( القول المفيد على كتاب التوحيد 1/149)


 


·       أنواع المحبة .

1-المحبة لله.

 وهذه لاتنافي التوحيد بل هي من كماله وأوثق عرى الأيمان .

لله هي أن تحب هذا الشيء لأن الله يحبه سواء كان شخصا أو عملا وهذا من تمام التوحيد

2-المحبة الطبيعة .

 كمحبة الزوجة والولد والمال والطعام واللباس فهذه لا تنافي محبة الله

 ولهذا (أَنَسٍ قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : عَائِشَةُ . قِيلَ : مِنَ الرِّجَالِ ؟ قَالَ : أَبُوهَا .).( رواه البخاري : كتاب فضائل الصحابة 3/9 ومسلم : كتاب الفضائل 4/1856)

3-المحبة مع الله

التي تنافي محبة الله وهي أن تكون محبة غير الله كمحبة الله أو أكثر.

مسألة :

قال تعالى :{  إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ }هل المراد بالشرك هنا الأكبر أم مطلق الشرك؛

قال ابن عثيمين رحمه الله :

 شيخ الإسلام ابن تيمية المحقق في هذه المسائل اختلف كلامه في هذه المسألة فمرة قال الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر, ومرة قال الشرك الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر(قال شيخ الاسلام في جامع الرسائل 2/254( وأعظم الذنوب عند الله الشرك به وهو سبحانة لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك ,والشرك منه جليل ودقيق وخفي وجلي )

وعلى وكل حال يجب الحذر من الشرك مطلقا لأن العموم يحتمل أن يكون داخلا فيه الأصغر(القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ محمد العثيمين 1/110)

صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق