الحمد
الله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
·
رحلته إلى الطائف.
سبب الرحلة:
إن رحلته الى الطائف كانت على أثر اشتداد مقاومة قريش للدعوة
عقب وفاة أبي طالب ، فسعى رسول الله صلى الله عليه وسلم لإيجاد مركز جديد للدعوة ،
وطلب النصرة من ثقيف لكنها لم تستجب له ، وأغرت به صبيانها فرشقوه بالحجارة .
* وقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه
وسلم قائلة: "يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟"، فقال
صلى الله عليه وسلم: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة" (المقصود : عقبة الطائف)
إذ عرضت نفسي على ابن عبد ينما ليل ابن عبد كلال (من أكابر أهل الطائف)
فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ،
فلم أستفق إلا بقرن الثعالب (هو قرن المنازل ميقات أهل نجد تلقاء
مكة)
فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابه قد أظلتني ، فنظرت فيها جبريل
، فناداني فقال :- إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره
بما شئت فيهم .
قال :- فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال :- يا محمد أن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك
الجبال وقد بعثني ربك لتأمرني بأمرك ، فما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين (جبلان بمكة)
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :- بل أرجو أن يخرج
الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً)( صحيح البخاري ، فتح الباري 6/312 – وصحيح مسلم 3/1420)
• وهذه الرواية
تكفي لإثبات الحادث من حيث وقوع الرحلة .
• أما دعاؤه على ثقيف بقول : _ ("اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ
حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ
وَأَنْتَ رَبّي ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ
مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ
عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ
وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ،
أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ
إلّا بِك"[ابن هشام 1/ 420])
·
زواجه من عائشة رضي الله
عنها :-
*عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه
وسلم قال لها :(أُرِيتُكِ في المنام مَرَّتَيْنِ
أرى أَنَّكِ في سَرَقَةٍ من حريرٍ، ويقولُ: هذه امرأتك فاكْشِفْ عنها، فإذا هي أنت،
فأقول: إن يكُ هذا من عند الله، يُمْضِهِ)( رواه البخاري في باب (تزويج عائشة)
وقال البخاري :- ( باب نكاح الأبكار)
قال ابن عباس لعائشة :- لم ينكح النبي صلى
الله عليه وسل بكراً غيرك .
*عن عائشة قال :- قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ إِذَا
رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَأَكْشِفُهَا
فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ)( رواه مسلم )
*قال ابن كثير :-
وقد روى البخاري
عن عبيد بن إسماعيل عن ابي أسامة عن هشام بن عروة عن أبية قال :- توفيت خديجة قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم
بثلاث سنين ، فلبثت سنتين او قريباً من ذلك ,ونكح عائشة وهي بنت ست سنين ثم بنى بها
وهي بنت تسع سنين (وهذا الذي قاله عروة مرسلة في ظاهر السياق لكنه في حكم
المتصل في نفس الأمر)
وقوله :- تزوجها
وهي ابنة ست سنين ، وبنى بها وهي ابنة تسع ما لا خلاف فيه بين الناس وقد ثبت في الصحاح
وغيرها .
وكان بناؤه بها صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية من
الهجرة إلى المدينة (ابن كثير البداية والنهاية (1/535)
·
حادثة الإسراء والمعراج .
بعد رحلة الطائف الأليمة ، وقع حادث الإسراء والمعراج فكان
مواساة للنبي صلى الله عليه وسلم وقد كانت الحادثة قبل خروجه إلى المدينة بسنة – ذكره
البيهقي.
*أما البخاري فقد ذكر الإسراء بعد موت أبي
طالب .(فتح الباري 7/196)
*وهذا الحادثة ثابتة بنص القران قال تعالى
: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ
هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)( سورة الاسراء (10)
*والتسبيح إنما يكون عند الآيات العظيمة
الخارقة ..
* وقد صحت الروايات في قيام جبريل عليه السلام
بشق صدر الرسول صلى الله عليه وسلم وغسله من ماء زمزم ، وإفراغ الحكمة والإيمان في
صدره (سبق ذكره)
*وقد وردت روايات أخرى صحيحه أن الرسول صلى
الله عليه وسلم كان في المسجد الحرام ، أو
في الحطيم أو الحجر بالذات من المسجد الحرام حين شق صدره وغسل قلبه (صحيح مسلم 1/150 . والبخاري
( فتح الباري 7/210))
* ويمكن الجمع بأنه كان في بيته ثم جاء به
جبريل إلى المسجد الحرام (ابن حجر : ( فتح الباري 7/204)
* وبعد أن فرغ من شق صدره وغسله ولأمه ،
أسري به إلى بيت المقدس على البراق .(دابة دون البغل وفوق الحمار
أبيض ( صحيح البخاري .. فتح الباري 7/201-202)
* وسميت البراق لسرعتها ( تضع حافرها في منتهى طرفها
)
*
وصلى بالأنبياء فيه ، ووصف هيأتهم .(البداية والنهاية لابن كثير
1/523)
*ثم عرج به إلى السماء السابعة ماراً ببقية
السموات الست ملتقياً بالأنبياء آدم ويوسف وإدريس وعيسى ويحيى بن زكريا وهارون وموسى
وإبراهيم عليهم السلام .
فآدم في السماء الدنيا ، ويحيى وعيسى في الثانية ، وإدريس في الرابعة ، وموسى في السادسة ( على الصحيح ) وإبراهيم في السابعة مسنداً ظهره إلى البيت المعمور
الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة يتعبدون فيه صلاة وطوافاً ثم لا يعودون
إليه إلى يوم القيامة ، ثم جاوز مراتبهم كلهم حتى ظهر لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام .(البداية والنهاية لابن كثير
1/523) .
*ورفعت لرسول صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى
وإذا ورقها كآذان الفيلة ، ونبقها كقلال هجر.(مسند أحمد 3/128 ، بإسناد
صحيح)
*
ووصف نهر الكوثر في الجنة وأن حفاتيه
قباب اللؤلؤ مجوف وطينه مسك أذفر( ), وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان قد رأى ربه فقال :- ( نور أن أراه )( صحيح البخاري (فتح الباري 8/731)
* ووصف
ما رآه من أنهار الجنة وهي أربعة أنهار , إثنان باطنان في الجنة , واثنان ظاهران وهما
النيل والفرات. (صحيح مسلم 1/161, صحيح البخاري
(فتح الباري 6/313)
* ووصف رؤيته لجبريل لمادنا منه وأن له ستمائة
جناح وإليه تشير الآية..( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِند سِدْرَةِ الْمُنتَهَى
عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى)(سورة النجم 5-10)
( صحيح البخاري (فتح الباري 7/201-202))
( صحيح البخاري (فتح الباري 7/201-202))
وهذه هي الرؤيا الثانية لجبريل علية السلام على الصفة التي
خلقه الله تعالى عليها..
أما المرة الأولى هي قوله تعالى (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)((سورة النجم 5-10) صحيح البخاري (فتح الباري8/610-600).
*وكان كذلك بالأبطح, تدلى جبريل على الرسول
صلى الله عليه وسلم ساداً عظم خلقة ما بين
السماء والأرض حتى كان بينه وبينه قاب قوسين أو أدنى – وهذا هو الصحيح في التفسير.
*وفرضت الصلاة
خمسين صلاة ثم خففت إلى خمس صلوات. ( قاله ابن كثير : البداية والنهاية1/523..)
* ورأى في المعراج عذاب الذين يغتابون الناس
فإذا لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم(صحيح البخاري (فتح الباري 6/477-
وصحيح مسلم 1/151 ))..
وأن اختياره الإناء
تم في بيت المقدس قبل المعراج. (صحيح البخاري (فتح الباري
7/201).
*وعندما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بما وقع معه من الأسراء
والمعراج صدقه المؤمنون وكذبه المشركون
(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: " لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ
، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا ، فَكُرِبْتُ
كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ ، قَالَ : فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ
مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ ، إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ)( صحيح البخاري (فتح الباري8/391 , وصحيح مسلم
1/145) - صحيح البخاري (فتح الباري
8/391..وصحيح مسلم 1/156-157))
*وفي الصحيح :- أن المشركين هم الذين سألوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك , وقال
: (فجعلت أخبرهم عن آياته فالتبس علي بعض الشيء، فجلى الله لي بيت المقدس حتى جعلت
أنظر إليه دون دار عقيل وأنعته لهم)( البداية والنهاية لابن كثير 1/524)
ولقد أفتتن المشركون فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على
رأسه متعجباً , ولكنهم اضطروا للأعتراف بصحة وصفه لمسجد بيت المقدس(مسند الأمام أحمد 1/309بإسناد
صحيح.)
وقد صح أن بعض المسلمين أرتدوا , وأن أبا بكر رضي الله
قال للمشركين عندما أخبروه بخبر الأسراء والمعراج :-
لئن قال ذلك لقد
صدق .. فلذلك سمي أبا بكر بالصديق (مسند الحاكم 3/62-
الرد على من زعم أن الإسراء والمعراج خرافة.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/33) : " ثم
اختلف الناس : هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه ، أو بروحه فقط ؟ على قولين
، فالأكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لا مناماً ، ولا ينكرون أن يكون
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قبل ذلك مناماً ، ثم رآه بعد يقظة ، لأنه كان عليه
السلام لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، والدليل على هذا قوله تعالى : ( سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) الاسراء/ 1،
فالتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام ، فلو كان مناماً
لم يكن فيه كبير شيء ، ولم يكن مستعظماً ، ولما بادرت كفار قريش إلى تكذبيه ، ولما
ارتدت جماعة ممن كان قد أسلم ، وأيضاً فإن العبد عبارة عن مجموع الروح والجسد ، وقال
تعالى : ( أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ) وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا
الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) الاسراء /60،
قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به
، والشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم ، رواه البخاري [ 2888 ] ،
وقال تعالى : (
مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) النجم/17 ، والبصر من آلات الذات
لا الروح .
وأيضاً فإنه حمل على البراق ، وهو دابة بيضاء براقة لها
لمعان ، وإنما يكون هذا للبدن ، لا للروح لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه
، والله أعلم " انتهى
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق