الحمد الله
رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحه رضي
الله عنهم:-
وكان قدومهم أوائل السنة الثامنة من الهجرة النبوية .
(الاستزادة راجع البداية
والنهاية لابن كثير 1/813 وفتح الباري 7/511)
1-غزوة مؤتة :-
تاريخ الغزوة
:-
بعد عودته صلى الله عليه وسلم من عمرة القضاء في جمادي
الأولى في السنة الثامنة من الهجرة النبوية .
أسبابها :
أن شرحبيل بن عمرو الغساني قتل صبراً الحارث بن عمير الأزدي
وهو الرسول الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك بصرى بكتابه ، وكانت الرسل
لا تقتل ,فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسل الجيش إلى مؤتة . (ابن سعد : الطبقات 1/2/17 ابن حجر
: الإصابة 1/589 وفتح الباري 7/511)
عدد الجيشين
:-
عدد المسلمين :- ثلاثة ألاف مقاتل
عدد الروم والنصارى :- الروم مائة ألف والنصارى مائة ألف
..
تجهيز الجيش
:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشا قوامة ثلاثة ألاف مقاتل
إلى الشام ، وعين زيد بن حارثة أميرا عليه ، فان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب ، فان
أصيب فعبدالله بن أبي رواحة. (صحيح البخاري (فتح الباري
7/510))
بداية المعركة
:-
اندفع زيد بن حارثة بالناس إلى منطقة مؤتة جنوب الكرك بيسير
حيث آثر الأصطدام بالروم هناك فكانت ملحمة سجل فيها القادة الثلاثة بطولات عظيمة انتهت
بإستشهادهم بعد إستشهاد ثلاثة الأبطال ، قاد خالد بن الوليد الجيش وأدرك خطورة الموقف
فأعاد تنظيم جيشه وبدل الميسرة بالميمنة وجعل قسما من الجيش يتقدمون من الخلق وكأنهم
أمداد جديدة وتمكن خلال ذلك من انسحاب منظم لم يفقده إلا اليسير .
ويعتبر هذا الإنسحاب فتحاً عظيما حيث تمكن خالد من إنقاذ
جيشه بخسائر طفيفة مع الإثخان في الروم وإصابتهم بقتلى وجرحى .
نتائج الغزوة :- ( من معجزاته صلى الله عليه وسلم )
إنه أخبر أصحابه بإستشهاد القادة الثلاثة وعيناه تذرفان
الدموع قبل أن يأتيه الرسول بالخبر وأخبرهم بإستلام خالد الراية وبشرهم بالفتح على
يديه .(صحيح البخاري (فتح الباري 7/512)
المراد بالفتح
في هذا الحديث :-
•إما الإنسحاب المنظم الناجح
..
• وإما ما أوقعه المسلمون
بالروم من خسائر رغم تفوقهم العددي الكبير .
*وقد بين الرسول صلى الله
عليه وسلم مكانة شهداء مؤتة عند الله تعالى بقوله صلى الله عليه وسلم (" مَا يَسُرُّهُمْ
أَنَّهُمْ عِنْدَنَا ")( صحيح البخاري 6/ 135) أي :- لما كان لهم من عظيم التكريم
من الله سبحانه.
2-غزوة ذات
السلاسل :-
حدثت في السنة
الثامنة من الهجرة النبوية .
ولم تمض سوى أيام على عودة الجيش من مؤتة إلى المدينة حتى
جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً بقيادة عمرو ابن العاص إلى ذات السلاسل . (زاد المعاد 3/ 157 ابن حجر
: فتح الباري 8/ 74- 75)
• أسبابها
:
لتأديب قضاعة التي غرها ما حدث في مؤتة التي اشتركت فيها
إلى جانب الروم فتجمعت تريد الدنو من المدينة .
• بداية المعركة
:-
تقدم عمرو بن العاص في ديار قضاعة ومعه ثلاثمائة من المهاجرين
والأنصار وأمده الرسول عليه الصلاة والسلام بمائتين من المهاجرين والأنصار فيهم أبو
بكر وعمر .
• نتائجها
:
وقد توغل الجيش في ديار قضاعة التي هربت وتفرقت وقد أعادت
هذه الحملة الهيبة للمسلمين التي كانت إحداث غزوة مؤتة قد زعزعتها. (زاد المعاد 3/ 157 ابن حجر
: فتح الباري 8/ 74- 75)
• قصة عمرو
ابن العاص :-
عن عمرو ابن العاص قال : احتملت في ليلة باردة في غزوة
ذات السلاسل ، فأشفقت أن اغتسلت أن أهلك قال : فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح ، فذكروا
ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :- ( ياعمرو ، صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ قال
:- فأخبرته بالذي منعني من الإغتسال وقلت :- إني سمعت الله يقول (وَلَا تَقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)( سورة النساء (29) فضحك النبي صلى الله عليه
وسلم ولم يقل شيئاً . (حديث صحيح اخرج هاو داود
والحاكم
3- غزوة الفتح الأعظم ( فتح مكة ) :
تاريخها :
حدثت في رمضان في السنة الثامنة من الجرة .
أسبابها :
ما حصل من قريش حينما ارتكبت خطًأ فادحًا عندما أعانت حلفاءها
بني بكر على خزاعة حليفة المسلمين بالخيل والسلاح والرجال وهذا نقض صريح لمعاهدة الحديبية
بداية الغزوة
:
أن الرسول صلى الله
عليه وسلم أرسل إلى قريش يخيرهم بين دفع دية قتلى خزاعة فأختارت القتال ثم ندمت
وأرسلت أبا سفيان إلى المدينة يطلب تجديد المعاهدة لكنه فشل في الحصول على وعد بتجديد
المعاهدة . (ابن حجر : الطالب العالية 4/243 بإسناد صحيح وفتح الباري 4/281)
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتجهز للغزو ولم
يعلمهم بوجهته وحرص على السرية لئلا تستعد قريش للقتال . (ابن كثير : البداية والنهاية
4/283 من رواية أبي إسحاق بإسناد صحيح)
• قصة حاطب
بن أبي بلتعة :
أرسل حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرها بأن المسلمين
يريدون غزوها وحملت الكتاب امرأة عجوز ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علياً والزبير
والمقداد ، فأمسكوا المرأة وهددوها أن يفتشوها أن لم تخرج الكتاب فسلمته لهم .
فقال الرسول
صلى الله عليه وسلم :- ( يا حاطب ما هذا ؟)
قال :- يا رسول
الله ، لا تعجل علي ، إني كنت امرءا ملصقاً في قريش . فأحببت إذ فأتني ذلك
من النسب فيهم أن اتخذ عندهم يدا ، يحمون بها قرابتي ، ولم افعله ارتداداً عن ديني
ولا رضى بالكفر بعد الإسلام .
فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :- ( أما إنه صدقكم)
فقال عمر رضي
الله عنه :- يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق .
فقال : " إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ
بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ ,
فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ "
فأنزل الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ)
إلى أخر قوله تعالى (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ)( رواة البخاري
: صحيح 4/72ى – 579 /99 وصحيح مسلم 2/170 سورة الممتحنة (1)
• معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم ظهرت حيث أخبر بأمر
المرأة وكتاب حاطب الذي أرسله معها .
• بداية المعركة:
وصل الجيش الإسلامي إلى مر الظهران دون أن تعلم قريش بتحركه
، وعسكر المسلمون في مر الظهران فخرج أبو سفيان ومن معه يتحسسون الأخبار ويتناقشون
في أمر الجيش المعسكر وقد ظنه بعضهم (خزاعة) مما يدل على نجاح المسلمين في كتمان خبر
تقدمهم إلى مكة ، فلما أخبرهم العباس بأنه جيش المسلمين ، ذهب أبو سفيان ومن معه إلى
معسكر المسلمين وقابل الأثنان الرسول صلى الله عليه وسلم فدعا أبا سفيان للإسلام ،
فأسلم في ذلك الوقت .
مضى أبو سفيان إلى مكة فأخبر قريشاً بقوة المسلمين ونهاهم
عن المقاومة. (أبي حجر : للطالب العالية4/244)
* لكن جمعت قريش جموعا من قبائل شتى ومن أتباعها لحرب المسلمين
وقصدت أن تحمي نفسها .
فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتالهم ودخلت جيوشه حتى
انتهت إلى الصفا ، ما يعرض لهم أحد إلا قتلوه ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة من
أعلاها (صحيح البخاري 5/189) ، ودخل خالد بن الوليد من
أسفلها وكانت مقاومة القرشيين يسيره .
• النتائج
:
أن أبا سفيان أشار إلى كثرة القتلى من قريش فقد قال أبو
سفيان للرسول صلى الله عليه وسلم : - يارسول الله ، أبيحت خضراء قريش ، لا قريش بعد
اليوم ، مما يشير إلى كثرة القتلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( من دخل دار
أبي سفيان فهو امن ) فاقبل الناس إلى دار أبي سفيان .
* وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر قادة جيشه ألا
يقاتلوا إلا من يقاتلهم وأعلن الآمان للناس سوى أربعة رجال وامرأتين ، أباح دماءهم
ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة . (- الاستزادة : كتاب السيرة
النبوية الصحيحة 2/479 – 480)
* فلما كان العصر أعلن وقف أي قتال بمكة وأوضح حرمتها
.
·
صور من عفوه وحلمه صلى الله عليه وسلم :-
أما عامة أهل مكة فقد نالهم عفو عام رغم أنواع الأذى التي
ألحقوها بالرسول صلى الله عليه سلم ودعوته
وجاء إعلان العفو عنهم وهم مجتمعون قرب الكعبة ينتظرون
حكم الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم
فقال صلى الله عليه وسلم :- (ما تظنون إني فاعل بكم ؟)
فقالوا :- خيراً أخ كريم ابن أخ كريم .
وقد نزلت الآية الكريمة (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا
بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)( سورة النحل (126) فأختار صلى الله عليه وسلم أن يعفو
عنهم ويصبر على ما كان منهم .
فقال صلى الله عليه وسلم :- (" نَصْبِرُ وَلَا نُعَاقِبُ
")( الحاكم المستدرك : صحيح الاسناد
2/395
·
صفة دخول الرسول صلى الله عليه وسلم مكة ( وهذه صورة من تواضعه صلى الله عليه سلم )
دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة خاشعاً لله شاكراً لأنعمه
يقرا سورة الفتح وهو على راحلته (صحيح البخاري 5/187)
* وبين الرسول صلى الله عليه وسلم حرمة مكة وأنها لا
تغزا بعد الفتح (الترمذي 3/83 حسن صحيح)
* وقد أمر الرسول صلى الله
عليه وسلم بتحطيم الأصنام وتطهير البيت الحرام منها وشارك في ذلك بيده فكان يهوي بقوسه
إليها فتتساقط
وهو يقرا قوله تعالى :[ وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ
البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ] (الإسراء :81)( صحيح مسلم 2/95- 96)
وكانت ستين وثلاثمائة من الأنصاب. (صحيح البخاري 5/188 وصحيح
مسلم 2/97)
• وكانت فيها صور إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وهم يستقسمون بالأزلام وقال
: قاتلهم الله ما كان إبراهيم يستقسم بالأزلام. (صحيح البخاري 5/88)
• وكانت صورة مريم داخل الكعبة . (صحيح البخاري 4/169)
• ولم يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم الكعبة إلا بعد أن محيت هذه الصور
منها . (صحيح البخاري 5/188)
• ثم دخلها فصلى ركعتين
• هكذا تم تطهير البيت العتيق من مظاهر الوثنية وأوضار الجاهلية ليعود
كما أراد له الله تعالى وكما قصد إبراهيم وإسماعيل مكانا لعبادة الله وحده.
بعض الأحكام
الشرعية خلال فتح مكة :-
1- جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية . (صحيح مسلم 1/451)
2- صلاة الضحى ثمان ركعات خفيفة وهي سنة مؤكدة. (صحيح البخاري 5/189 ومسلم 289)
3- أحق المصلين بالإمامة أكثرهم حفاظا للقران . (صحيح البخاري 5/190)
4- تحديد مدة قصر الصلاة للمسافر حيث أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة
تسعة عشر يوميا يقصر الصلاة . (صحيح البخاري 5/190)
5- تحريم نكاح
المتعة بعد إجازته ثلاثا أيام فقط ، كان حلالا قبل خيبر حرمت يوم خيبر ثم أبيحت يوم
فتح مكة ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة (النووي شرح صحيح مسلم
3/553)
6- حكم الوصاية وإنها لا تجوز
في أكثر من ثلث المال، كما في قصة سعد بن أبي وقاص . (سنن الترمذي 3/291 وقال
:- هذا حديث حسن صحيح)
7- للمرأة الأخذ من مال زوجها لنفقتها ونفقة أولادها بالمعروف دون علمه
إذا امتنع عن النفقة كما في قصة هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان حيث استفت النبي صلى الله
عليه وسلم في ذلك. (صحيح مسلم 2/60)
8- منها تحريم بيع الخمر والميتة والأصنام .(صحيح البخاري 3/110 وصحيح
مسلم 1/ 690 )
9- منها حكم خضاب الشيب بالحناء أو الصفرة كما في قصة أبي قحافة حيث أمر
النبي صلى الله عليه وسلم بتغير شيبه. (صحيح مسلم 2/244)
10- منها تحريم الشفاعة في حدود الله بعد بلوغها للإمام كما في قصة المرأة
المخزومية التي سرقت فقطعت يدها. (صحيح البخاري 5/ 192 وصحيح
مسلم 2/ 47 - النووي شرح صحيح مسلم 3/553)
صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق