الأربعاء، 3 ديسمبر 2014


(الرحمن الرحيم) من أسماء الله الحسنى:

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

الدرس الأول:( الرحمن الرحيم)

* معنى هذين الأسمين والفرق بينهما.

معناهما:

 هذان الأسمان مشتقان من (الرحمه) على وجه المبالغه وهي: الرافة والتعطف,وإن كان أسم (الرحمن) أشد مبالغة من أسم ( الرحيم)

 الفرق بينهما:

    أ‌)الرحمن..هو رحمة شاملة لجميع الخلائق في الدنيا وللمؤمنين في الآخرة.

      الرحيم.. فهو رحمة خاصة للمؤمنين

كما قال تعالى (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا.)الاحزاب:43

ب‌)إن أسم الرحمن دال على الرحمة الذاتية.

وأسم الرحيم دال على الرحمة الفعلية.

*قال ابن القيم:

الرحمن ـ دال على الصفة القائمة به.

الرحيم ـ دال على تعلقها بالمرحوم.

فكان الأول بالوصف , والثاني للفعل.

فتأمل قوله:( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا.) وقوله: (إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) ولم يجئ قط (رحمن بهم)

فعلم أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة, والرحيم هو الرحيم برحمته.

 


س/لماذا يقرن الله استواءه على العرش باسم (الرحمن)؟

لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها,والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم.

لهذا يقرن استواءه على العرش بهذا الأسم كثيرا(الرحمن)

القرآن :

كما قال تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (سورة طه:5)

(ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا)(سورة الفرقان: 59)

السنة:

(من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله(لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ : إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي ") رواه البخاري(7404) ومسلم(2751).

 وفي لفظ(فَهُوَعِنْدَهُ عَلَى الْعَرْشِ) رواه البخاري (3194).

س/ هل يجوز التسمي بهذين الأسمين؟

أسم الرحمن لايجوز للمخلوق أن يتسمى به قال تعالى :( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) الأسراء:11

أما اسم الرحيم: فإنه تعالى وصف به نبيه عليه الصلاة والسلام حيث قال:

(حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)التوبه:128


 






·       أنواع رحمة الله:

1/ الرحمة العامة:

وهي لجميع الخلائق بإيجادهم ,وتربيتهم ,ورزقهم, وإمدادهم بالنعم والعطايا, وتسخير المخلوقات لهم ....وغير ذلك من النعم.

 قال تعالى:( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا)غافر:7

*يقول الشيخ محمد العثيمين رحمه لله:

وهذه هي الرحمة العامة التي تشمل جميع المخلوقات حتى الكفار... لكن رحمة الكافر رحمة جسدية بدنية دنيوية مختصة بالدنيا....

2/ الرحمة الخاصة:

وهذه الرحمة لا تكون إلا للمؤمنين فيرحمهم الله في الدنيا بتوفيقهم إلى الهداية والصراط المستقيم ويثيبهم عليه, ويدافع عنهم وينصرهم على الكافرين, ويغفر لهم ذنوبهم, ويرحمهم في الآخرة بالعفو عن سيئاتهم والرضا عنهم .

ويقول الشيخ محمد العثيمين:

أما المؤمنون فرحمتهم رحمة أخص من الرحمة العامة وأعظم لأنها رحمة إيمانية دينية دنيوية.


 


·       الآثار الإيمانية باسميه سبحانه (الرحمن ـ الرحيم)

من الآثار الإيمانية:

1)محبة الله.

المحبة العظيمة وذلك حينما يفكر العبد وينظر في آثار رحمة الله في الآفاق وفي النفس...والتى لا تعد ولا تحصى

وتقديم محبته عز وجل على النفس, والأهل, والمال, والناس جميعا...والمسارعة إلى مرضاته, والدعوة إلى توحيده, والجهاد في سبيله وفعل كل مايحبه ويرضاه.

قال تعالى:( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)آل عمران:31

2) عبودية الرجاء.

عبودية الرجاء والتعلق برحمة الله وعدم الياس من رحمة الله فأن الله قد وسعت رحمته كل شئ

قال الله تعالى:( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)الزمر:53

3)اتصاف العبد بالرحمة وبذلها لعباد الله تبارك وتعالى:

وقد حض الله عباده على التخلق بها, ومدح بها أشرف رسله

فقال:( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)التوبة:128

ومن أسمائه عليه الصلاة السلام أنه(نبي الرحمه) رواه مسلم (2355)

 ومدح الصحابة رضي الله عنهم بقوله(رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) الفتح:29

وبين عليه الصلاة السلام أن الرحمة تنال عباده الرحماء فقال:((...إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ)) (البخاري، الجنائز، (1204) رواه مسلم (2355)

*وأعظم الرحمة بالناس هدايتهم إلى التوحيد , وإخراجهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ثم الرحمة بهم في أنفسهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم.

 

 

 وأولى الناس بهذه الرحمة:

أ/ الوالدان والأقربون

قال تعالى:( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.)الاسراء:23ـ 24

ب/ رحمة الأولاد والزوجات.

فهذا رسول الله عليه الصلاة السلام قال له الأقرع ابن حابس :( إن لي عشرةً ما قبَّلت أحداً منهم قط. ... فَمَا نُقَبِّلُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ) رواه البخاري (5998)ومسلم(2317)

ج/ رحمة عموم الخلق مسلمهم وكافرهم.

قال ابن تيمية:

رحمة الله تعالى في أهل البدع:

(ومن  وجه آخر إذا نظرت إليهم بعين القدر ,والشيطان مستحوذ عليهم ـ رحمتهم ورفقت بهم)


 
 




*الأسباب الجالبة لرحمة الله تعالى:

1)الإحسان

قال تعالى:( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) الأعراف:56

قال عبد الرحمن  السعدي:

المحسنين إلى عباد الله, فكلما كان العبد أكثر إحسانا , كان أقرب إلى رحمة ربه, وكان ربه قريبا منه برحمته, وفي هذا من الحث على الإحسان )

فأعظم الإحسان  الإيمان والتوحيد وأن يعبد الله كأنه يراه إجلالا وحياء ومحبة ,فهذا هو مقام الإحسان.

حديث:( أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) رواه البخاري (50)ومسلم(9)

2)اتباع القرآن علما وعملا.

قال تعالى:( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)الانعام:155

القرآن العظيم ,أعظم رحمة رحم بها الرحمن عباده, فأكبر سبيل لنيل رحمة الله, اتباع هذا الكتاب علما وعملا.

3)إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول.

قال تعالى:( (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) النور:56

  4)الاستغفار.

قال تعالى:( لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)النمل:46

5)الدعاء

وهو سبب قوي من الأسباب الجالبة لرحمة الله

قال تعالى:( وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)المؤمنين:118

ومن رحمه الله حصل على كل خير في الدنيا والآخرة.

6) التقوى

قال تعالى:( وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)الحجرات:10

علق الله الرحمه بالتقوى.

7) الأستغاثة بصفة الرحمة:

عن أنس ـ قال كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا كربه أمر قال:( يَا حَـيُّ يَا قَيُّـــومُ بِرَحْمَتِـــــكَ أسْتَغِيثُ) رواه الترمذي (3524)

8) رحمة العبد للخلق.

هذا أقوى الأسباب لتنال رحمة الله.. فتراه رحيما رقيق القلب بالصغار والكبار

حديث:( إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) (البخاري، الجنائز،ح(1204 )ومسلم(923).

وصل الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.





 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق