الأحد، 7 ديسمبر 2014


( القريب) من الأسماء الحسنى

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

·      ( القريب)

1/ معنى الأسم:

أ‌)      المعنى اللغوي:

قال في اللسان:

القرب نقيض العبد , قرب الشئ بالضم يقرب قربا وقربانا

أي: دنا فهو قريب الواحد والاثنان والجميع في ذلك سواء.( لسان العرب 5/3566ـ3568)

 

ب)المعنى في حق الله عز وجل:

قال الشيخ السعدي رحمه الله:

القريب أي: هو القريب من كل أحد وقربه نوعان:

قرب عام:

من كل أحد بعلمه, وخبرته ومراقبته ومشاهدته, وإحاطته وهو أقرب إلى الانسان من حبل الوريد.

قرب خاص:

من عابديه وسائليه, ومجيبيه, وهو قرب يقتضي المحبة والنصرة والتأييد والقبول.

قال تعالى:( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب)العلق:19

وقوله:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) البقرة:186(الحق الواضح المبين (640)والتفسير5/630)

                                                        



 

2/انقسام قرب الله إلى قسمين.

قرب الله ينقسم إلى قسمين:

يذكر الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:

أن العلماء من قسم قرب الله تعالى إلى قسمين كالمعية

القرب :

1)     قرب عام ـ

الذي مقتضاه الإحاطة.

2)قرب خاص ـ

 الذي مقتضاه الإجابة والإثابة.

إن القرب خاص فقط مقتض لإجابة الداعي وإثابة العابد,

·       استدلوا :

1ـ ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)البقرة:186

وقوله عليه السلام:( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ)( مسلم(482)

وأنه لا يمكن أن يكون الله تعالى قريبا من الفجرة الكفرة

وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

وما ذهب إليه شيخ الإسلام فهو عندي أقرب.( شرح العقيدة الواسطية لا بن تيمية 2/92)
 


 

3/الفرق بين علو الله سبحانه وقربه.

يقول ابن القيم:

لا منافاة بين علوه سبحانه وقربه

فيقول" وهو سبحانه قريب في علوه, عال في قربه,

كما في الحديث الصحيح:

عن أبي موسى الأشعري قال :

( كنا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في سفر, فارتفعت أصواتنا بالتكبير

 قال :( ( أَيُّهَا النَّاسُ ارْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا ، وَإِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا ، إنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ ))( البخاري(2992)ومسلم(2704))

فأخبر عليه السلام هو أعلم الخلق به أنه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته, وأخبر أنه فوق سماواته على عرشه مطلع على خلقه يرى أعمالهم ويرى مافي بطونهم ....وهذا حق لا يناقض أحدهما الآخر....)( مختصر الصواعق المرسله 2/460)

 
 





                                          

4/الآثار الإيمانية لهذا الأسم.

1/ محبته سبحانه والأنس به.

لأن الإيمان بقربه سبحانه القرب الخاص يثمر المحبة والطمأنينة والأنس به سبحانه.

 

2/قوة الرجاء في الله ,وعدم اليأس من رحمته.

وهذا يثمر الأمل في القلب ويزرع حسن الظن به سبحانه في قضاء الحاجات وتفريج الكربات.

 

3/ الإيمان بقربه سبحانه القرب العام لجميع الخلائق بالإحاطة والعلم والرقابة.

يثمر في القلب الخوف منه ومراقبته والحياء منه, و هذا كله يثمر  البعد عن معاصيه وامتثال أوامره وا لمسارعه في مرضاته.( ولله الاسماء الحسنى فأدعوه بها صـ 650ـ 651)

 

4/ إن الإيمان بقرب الله ـ واستحضار ذلك في القلب من كل قريب يؤدي إلى إخفاء العبد دعاه ربه والإسرار به.

لهذا أثنى سبحانه على عبده زكريا

بقوله:( إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا)مريم:3

 

5/ طلب قرب الله والتقرب إليه بالطاعات ـ

 لأن الله قريب ممن أطاعه

قال سبحانه:( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) سورة الاعراف:56

وقال في الحديث القدسي:

(وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا)( رواه البخاري (6502)

وكلما كمل العبد مراتب العبودية, كان أقرب إلى الله.

 
 

 

س/ هل المقصود قرب ذاته من جميع المخلوقات في كل حال؟

ليس في الكتاب والسنة قط قرب ذاته من جميع المخلوقات في كل حال, فعلم بطلان قول الحلولية.

والنصوص حجة عليهم ,فإذا فصل تبين ذلك, فالداعي والساجد يوجه روحه إلى الله,

الروح لها عروج يناسبها فتقرب من الله تعالى بلا ريب بحسب تخلصها من الشوائب

·       والناس في آخر الليل يكون في قلوبهم من التوجه والتقرب والرقة مالا يوجد في غير ذلك الوقت, وهذا مناسب لنزوله إلى السماء الدنيا(ولله الاسماء الحسنى فأدعوه بها صـ 654ـ 655)

              قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث                  الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى ينفجر الفجر) مسلم(758) واللفظ لمسلم.)

صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق