الجمعة، 5 ديسمبر 2014


 (الحميد) من أسماء الله الحسنى.

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

(الحميد)

1/معنى الأسم:

·       المعنى اللغوي:

الحمد نقيض الذم ,تقول: حمدت الرجل أحمده حمداً ومحمدة

والتحميد أبلغ من الحمد.

والمحمد: الذي كثرت خصاله المحمودة.( انظر الصحاح 2/466)

وقال الزهري:

التحميد كثرة حمد الله سبحانه بالمحامد الحسنة.( اللسان 2/988)

·       معناه في حق الله:

وقال الزجاج:

الحميد هو فعيل بمعنى مفعول:

والله تعالى محمود بكل لسان وعلى كل حال كما يقال في الدعاء (الحمد الله الذي لا يحمد على الأحوال كلها سواه)( تفسير الاسماء صـ55)

وقال ابن كثير:

أي: المحمود في جميع أفعاله وأقواله, وشرعه وقدره لا إله إلا هو ولا رب سواه.( تفسير ابن كثير 1/321)

 




2)من أوجه حمد الله.

ذكر ابن القيم:

أن الله حميد من وجهين:

1/ أن جميع المخلوقات ناطقة بحمده.

فكل حمد وقع من أهل السموات والارض الأولين منهم والآخرين, حمداُ يملأ الوجود كله العالم العلوي والسفلي,

فأن الله تعالى مستحق من وجوه كثيرة:

منها أن الله خلقهم ورزقهم, وأسدى عليهم النعم الظاهرة والباطنة, الدينية والدنيوية, وصرف عنهم النقم والمكاره.

فيستحق منهم أن يحمده في جميع الأوقات, وأن يثنوا عليه ويشكروه.

2/ أنه يحمد على ماله من الأسماء الحسنى والصفات العليا

فكل صفة من صفاته يستحق عليها أكمل الحمد والثناء, فكيف بجميع الأوصاف المقدسة, فله الحمد لذاته, وله الحمد لصفاته, وله الحمد لأفعاله, وله الحمد على خلقه, وعلى شرعه, وعلى أحكامه

وتفاصيل حمده وما يحمد عليه لا تحيط به ا الأفكار, ولا تحصيها الأقلام.( الحق المبين صـ 39/40,وشرح القصيدة النونية للهراس2/75,وتوضيح المقاصد وتصحيح القواعد2/215)


 


3/ حمد الله نفسه.

*حمد نفسه على ربوبيته الشاملة لذلك كله

قال تعالى:( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.)الفاتحه:2

*حمد الله نفسه على إنزال كتابه.

قال تعالى:( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ)الكهف:1

*وحمد نفسه على خلق السموات والأرض.

قال تعالى :( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ)الأنعام:1

*حمد نفسه على كمال ملكه.

قال تعالى:( الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)سبأ:1

والله سبحانه افتتح الخلق بالحمد, وختم أمر هذا العالم بالحمد,

وقال:( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)الزمر:75(الأسماء الحسنى الصفات العلى /عبد الهادي وهبي صـ 89)

 

 


4/فضائل الحمد.

هي: كثيرة ذكرت في السنة منها:

   1/ عن الأسود بن سريع قال: كنت شاعراً, فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي مَدَحْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ بِمَحَامِدَ، قَالَ‏:‏ أَمَا إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ الْحَمْدَ، ( رواه البخاري في الأدب المفرد(859)
فهو سبحانه حميد يحب الحمد, ويحب من يحمده.( الاسماء الحسنى والصفات العلى صـ92 

     2)   عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( أَفْضَلُ الذِّكْرِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الحَمْدُ لِلَّهِ ). ( رواه الترمذي (3383) 

قال  شيخ الاسلام:

(فسمي الحمد الله دعاء وهو ثناء محض, لأن الحمد متضمن الحب والثناء...)( مجموع الفتاوى 15/19)


 


 

5/يتأكد الحمد في مواضع.

1/ اللباس

عن أبي سعيد الخدري قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه, إما قميصا أو عمامة, ثم يقول:

(اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ)( رواه ابو دواد (4020)

2/ الطعام والشراب.

عن أبي أمامة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال:

" الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا "( رواه البخاري(5458)

3/عند الإستيقاظ من النوم

وعن حذيفة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ قال:

" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانًا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ "( رواه البخاري(6314)

4/ عند رؤية المبتلى

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" مَنْ رَأَى مُبْتَلًى، فَقَالَ: الْحَمْدُ للِّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلاَءُ أَبَدًا ... "( رواه الترمذي(3432)
5/ عند الرفع من الركوع.

عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله إذا رفع راسه من الركوع قال:( اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)( رواه مسلم(477)

6/عند السحر.

عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم  إذا كان في سفر وأسحر: يقول:

((سَمَّعَ سَامِعٌ بِـحَمْدِ اللَّـهِ، وَحُسْنِ بَلائِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا صَاحِبْنَا، وَأفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذاً بِاللـهِ مِنَ النَّارِ)) ( رواه مسلم (601)

7/ في دبر الصلاة المكتوبة.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْر" ( رواه مسلم(2718))( رواه مسلم(597)من كتاب الاسماء الحسنى والصفات والعلى عبد الهادي وهبي صـ 95ـ 106).

 

 

6)الحمد الله من أفضل الذكر.

قول (الحمد لله)من أفضل الذكر, وقد جاء في كثير من الأحاديث منها:

1/ حديث (الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) ( رواه مسلم(223)

2/ حديث(مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ)( رواه مسلم في الذكر والدعاء باب فضل التهليل والتحميد.)

3/عن أبي ذر قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:( أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَحَبّ الْكَلاَمِ إِلَىَ اللّهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَخْبِرْنِي بِأَحَبّ الْكَلاَمِ إِلَىَ اللّهِ. فَقَالَ "إِنّ أَحَبّ الْكَلاَمِ إِلَىَ اللّهِ، سُبْحَانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ)( رواه مسلم في الذكر والدعاء بافضل سبحان الله وبحمده)
                



س/ ما الفرق بين المدح والحمد؟

الحمد أعم وأصدق في الثناء على المحمود من المدح(لأن الحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه, ولهذا كان خبراً يتضمن الإنشاء المدح.( بدائع الفوائد 2/93)فقد يمدح من لا يمدح).

/ ماالفرق بين الحمد والشكر؟

فرق أهل العلم بينهما:

إن الشكر أعم من جهة أنواع فهويكون باللسان والقلب والجوارح وأخص من جهة متعلقاته فيكون على نعم قريبة تجد أو نقمة تندفع.

أما الحمد فهو أعم من جهة متعلقاته فهو تناول النعم السابقة وغيرها, ويتضمن حمد الله تعالى من أسمائه وصفاته

كما أنه أخص من جهة أنواعه ,فهو يقع بالقلب واللسان)( ولله الاسماء الحسنى صـ 376,377)

 

 

7/ الآثار الإيمانية لهذا الأسم.

من أهم هذه الآثار:

1/ محبة الله عز وجل.

وهذه المحبة تثمر عبوديات أخرى في القلب كالإخلاص, والحياء, والأدب مع الله, وعبوديات اللسان والجوارح بالقيام بأوامره وإجتناب نواهيه, والتقرب إليه بطاعته.

2/كثرة ذكره سبحانه وشكره.

وخاصة بالأذكار التي تتضمن حمده سبحان والثناء عليه.

3/ اليقين

بأن الله هو ا لمستحق للحمد كله على الإطلاق كما قال سبحانه عن نفسه:

(الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.).( ولله الحسنى فأدعوه بها/ عبد العزيز الجليل صـ379ـ 380)


صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق