الاثنين، 1 ديسمبر 2014


       أهم الأحداث في السنة الثامنة للهجرة النبوية (2).

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

4)-غزوة حنين :

تعد غزوة حنين أكبر المعارك التي خاضها المسلمون في عصر السيرة ومن أكثرها خطورة .

• تاريخ الغزوة :

شوال في السنة الثامنة من الهجرة

• أسبابها :

لما فتحت مكة وسقطت الزعامة القرشية حملت هوازن رآية الشرك وتحركت بسرعة لمواجهة المسلمين قبل أن يهاجموها .

• عدد الجيشين  :

عدد المسلمين : عشرة ألاف مقاتل (صحيح البخاري 5/20)

عدد جيش هوازن : عشرون ألف مقاتل. (مغازي الوافدي 3/ 893 ومال ابن حجر إلى راية فتح الباري 8/29)

• بداية المعركة :

أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله الأسلمي للتعرف على أمرهم فمكث فيهم يوما أو يومين  ثم عاد إلى المسلمين بخبرهم.  (الحاكم : للمستدرك 3/48-49 وقال : صحيح الاسناد)

فاخذ المسلمون أهبتهم وأستعدوا لمواجهتهم .

فتحرك جيش المسلمين حتى وصلوا إلى حنين مساء العاشر من شوال. (ابن حجر : فتح الباري 2/562 -8/27)

وقد اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بحراسة جيشه .
 

• قصة شجرة ذات أنواط :-

كان لوجود الطلقاء (من اسلموا من أهل مكة) في جيش المسلمين أثار سلبية ، فكانوا حديثي عهد بالإسلام فقد رأي بعضهم في الطريق إلى حنين شجرة تعرف بذات أنواط يعلق عليها المشركون أسلحتهم .

عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ -وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ-، ولِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، ويَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، قَالَ: فَمَرَرْنَا بِالسِّدْرَةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ, اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السُّنَنُ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٨]، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)( الترمذي سنن 3/ 322 وقال : حسن صحيح)

• إعجاب المسلمين بكثرتهم في هذه الغزوة :

لقد أصاب المسلمين إعجاب بكثرتهم حتى استحقوا معاتبة القران الكريم لهم وتذكيرهم بعدم الإتكال إلا على الله وحده .

قال تعالى ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ. فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ..ّ)( سورة التوبة (25)

ولهذا انتبه الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر فأكد لهم بدعائه افتقاره لربه فقال :-  ( اللهم بك أحول ، وبك أصول ، وبك أقاتل )

*وحكى لهم قصة نبي أعجبته كثرة أمته فسلط الله عليهم الموت (احمد : المسند 3/444 و 6/16)

•المعركة :

سبقت هوازن المسلمين إلى وادي حنين واختاروا مواقعهم وبثوا كتائبهم في شعابه ومنعطفاته وأشجاره وكانت خطتهم محكمة تتمثل في مباغتة المسلمين بالسهام أثناء تقدمهم في وادي حنين وقد تقدم المسلمون في الوادي قبل انبلاج الفجر .

*في بداية القتال تراجعت طلائع العدو أمام تقدم المسلمين تاركين بعض الغنائم التي أقبل على جمعها الجند .  (صحيح البخاري 4/25 ومسلم 3/1401)

وكأنهم حسبوا أن هوازن قد هزمت نهائية ، لكن هوازن فاجأتهم بالسهام الكثيفة تنهال عليهم من جنبات الوادي .

*ففر الطلقاء والأعراب ، ثم بقية الجيش ، حتى لم يصمد مع الرسول صلى الله عليه وسلم سوى فئة قليلة صمدت بصموده .

*وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر إلى أدبار المسلمين ويدعوهم للثبات ويقول :- ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) وقد تراجع قليل من المسلمين يسيراً .

* وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمه العباس – وكان جهوري الصوت  - فنادى الناس للعودة ثم خص الأنصار وأصحاب الشجرة بالنداء ، ثم خص بني الحارث من الخزرج فتلاحقوا نحوه حتى صاروا ثمانين أو مائة فقاتلوا هوازن (مسلم الصحيح 3/ 1398)

*صور من شجاعته صلى الله عليه وسلم :-

وكان الصحابة رضوان الله عليهم إذا اشتد البأس والتحم القتال يتقوون بالنبي صلى الله عليه وسلم لشجاعته وثباته (صحيح مسلم 3/1400 – 1401 – النووي :شرح مسلم 4/ 401 -402)

ولما اشتد القتال من جديد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هذا حين حمي الوطيس )( صحيح مسلم 3/ 1398 - 1400)

اخذ تراباً أو حصيات فرمى بها وجوه الكفار وهو يقول ( شاهت الوجوه ) ،( انهزموا ورب محمد )( صحيح مسلم 3/1400 - 1398)

قال تعالى :- (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (سورة التوبة (26)

• نتائج المعركة :

لم تصمد هوازن وثقيف  طويلاً في الجولة الثانية ، بل فروا من الميدان تاركين وراءهم قتلى كثيرين وأموالا عظيمة في الميدان .

- بلغ قتلى هوازن سبعين قتيلاً

- أما المسلمون فمعظمهم إصابات وجروح منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبدالله وخالد ابن الوليد(صحيح البخاري 5/ 126)

- وأما الذي استشهدوا فأربعه سماهم ابن إسحاق (سيرة ابن هشم 2/ 459 بدون إسناد.)

- 1398)


 


5ـ غزوة الطائف :-

تاريخ الغزوة :-

عن الزهري : قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وحاصر الطائف في شوال سنة ثمان (البداية والنهاية لابن كثير 1/883)

أسبابها :

بعد أن شتت المسلمون هوازن وتعقبوها في نخلة وأوطاس إلى مدينة الطائف التي تحصنت فيها ثقيف ومعهم قائد هوازن (مالك بن عوف النصري )( السيرة النبوية الصحيحة د. أكرم العمري 2/507)

•المعركة :

لما نزل المسلمون قريبا من حصون الطائف  ، فكانوا في متناول سهام ثقيف فأصيب بعضهم فتحولوا بعسكرهم إلى موضع أخر ، وكان القتال تراشقاً بالسهام عن بعد وقد استخدم المسلمون ألة من الخشب مركبة من عجلات مستديرة احتموا بها من السهام حتى وصلوا إلى الأسوار .

فألقت ثقيف عليهم قطع حديد محماة فأحترقت ( الدبابة) وخرج المقاتلون من تحتها فأصابتهم السهام .

*وهذه هي أول غزوة يستخدم فيها المسلمون آلات لضرب الحصون .

قال ابن هشام - ورماهم بالمنجنيق ،فحدثني من أثق به  أن النبي صلى الله عليه وسلم أول من رمي في الإسلام بالمنجنيق ، رمي به أهل الطائف فحاصرهم وقاتلهم قتالاً شديداً وتراموا بالنبل . البداية والنهاية لابن كثير 8/88)

ثم أمرالنبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بساتين العنب والنخيل في ضواحي الطائف ، للضغط على ثقيف التي ناشدته ألا يفعل فتركها صلى الله عليه وسلم بعد أن أحدثت المحاولة أثرها في إضعاف معنوياتهم (السيرة النبوية الصحيحة د.أكرم العمري 2/ 509)

• عتق العبيد :

وجه صلى الله عليه وسلم نداء لعبيد الطائف أن من ينزل منهم من الحصن ويخرج إلى المسلمين فهو حر فخرج ثلاثة وعشرون من العبيد فأعتقهم صلى الله عليه وسلم. (ابن حجر ،فتح الباري 8/46)

* عن أبي نجيح السلمي قال : حاصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الطائف فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:- (مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فَلَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ)( مسند احمد 4/113 وهو صحيح)

• نتائج :

دعا الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى فك الحصار ، فلما رأى حرصهم على القتال في أوله سمح لهم ببعض المناوشات التي أثبتت لهم أن لا جدوى من القتال .

أعاد عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم فكرة فك الحصار فاظهروا الرضى بهذا القرار الحكيم . (البخاري صحيح 5/128-9/113)

• قصد الرسول صلى الله عليه وسلم من حصار الطائف:

تدل رواية صحيحة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقصد بحصار الطائف فتحها بل كسر شوكة ثقيف وتعريفها بأن بلدهم في قبضة المسلمين وإنهم متى شاؤوا دخلوها (البخاري صحيح 5/128-9/113)

قال ابن إسحاق :- لما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائف نزل الجعرانة وقال له رجل من أصحابه يوم ظعن عن ثقيف : يا رسول الله ادع عليهم فقال صلى الله عليه وسلم :- (اللّهُمّ اهْدِ ثَقِيفًا وَائْتِ بِهِمْ)( البداية والنهاية لابن كثير 1/8889)

• تقسيم غنائم هوازن .

تم توزيع غنائم حنين بصورة خفيت حكمتها على بعض الصحابة آنذاك حيث حظي بهذه الغنائم الطلقاء والأعراب تأليفاً لقلوبهم لقرب عهدهم بالإسلام.

• وقد تأثر بعض المسلمين في بداية الأمر لعدم شمولهم بالأعطيات فكان لابد من بيان الحكمة لهم : فقال صلى الله عليه وسلم (. فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي ، وَلَكِنِّي أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ ")( البخاري :صحيح 2/10 -4/ 74- 9/ 125-126)

 

 


• قصته صلى الله عليه وسلم مع الأنصار :

قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأنصار وجدوا في أنفسهم لعدم أخذهم شيئاً من الأعطيات ، قالوا: ( إذا كانت الشدة فنحن ندعا وتعطى الغنائم غيرنا ) وقالوا :- ( يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم )

فجمعهم صلى الله عليه وسلم في قبة من ادم فخطبهم وحمد الله وأثنى عليه

 ثم قال :(أَلَمْ آتِكُمْ ضُلالا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي ، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ ، وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ؟ ؟ )

قالوا: بلى

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (أَلا تُجِيبُونِي يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ؟)

قالوا:- وما نقول يا رسول الله ؟ وبماذا نجيبك ؟ المنة لله ولرسوله ..

قال :-( و الله لو شئتم لقلتم فصدقتم و صدقتم : جئتنا طريدا فآويناك و عائلا فآسيناك و خائفا فأمناك و مخذولا فنصرناك)

فقالوا : المنة لله ورسوله .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (أوَجدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار! في لعاعة من الدنيا تألفتُ بها قوماً أسلموا، ووَكَلْتُكُم إلى ما قسم الله لكم من الإسلام؟ أفَلا تَرضَونَ يا مَعشرَ الأنصارِ أن يذهبَ النَّاسُ إلى رِحالِهِم بالشَّاءِ والبَعيرِ وتذهَبونَ برسولِ اللهِ إلى رِحالِكُم؟ فوالذي نفسي بيده ، لو أن الناس سلكوا شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار ، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار .)

قال :- فبكي القوم حتى أخْضَلُوا لِحَاهُم وقالوا‏:‏ رضينا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم قَسْمًا وحظاً، ثم انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا‏)( رواة احمد من حديث ابن إسحاق وهو صحيح)


*صورة من حلمه على جفاة العرب :-

اظهر بعض الأعراب المشركين في غزوة حنين جفاء وغلظة عند قسمة الغنائم بالجعرانة فقال احدهم – وهو ذو الخويصرة التميمي(سماه ابن إسحاق بإسناد حسن .. سيرة ابن هشام 2/496)

مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم :- اعدل فقال صلى الله عليه وسلم :- (لَقَدْ شَقِيتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ)( صحيح البخاري 4/72 وفتح الباري 8/68 -12 / 291)

-إسلام مالك بن عوف :

قد سر الرسول صلى الله عليه وسلم بإسلام هوازن وسألهم عن زعيمهم مالك بن عوف النصري . فاخبروه انه بالطائف مع ثقيف ، فوعدهم برد أهله وأمواله عليه وإكرامه بمائة من الإبل أن قدم عليه مسلماً فجاءه مالك مسلما فأكرمه وأمره على قومه وبعض القبائل المجاورة الأخرى . (السيرة النبوية الصحيحة  د. أكرم العمري 20/ 517)

الأحكام المستنبطة من غزوة حنين والطائف :-

1-     تشريع العمرة من الجعرانة

2-     جواز إعطاء المؤلفة قلوبهم من الغنيمة

3-     جواز الإستعانة بالمشركين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بإستعارة الدروع من صفوان بن أمية

4-     إقامة الحد في دار الحرب ، كما فعل النبي صلى الله  عليه وسلم بشارب الخمر في يوم حنين .
             صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق