الحديث السابع والعشرون: (تعريف البر والإثم)
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
الحديث.
عن النَّوَّاسِ بنِ سِمْعانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: {الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ , وَالإِثْمُ
مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عليْهِ النَّاسُ}.رواه مسلم في لبر والصدقة 5/419)
وعن وابِصَةَ بنِ
مَعْبَدٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ:( أتيتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقالَ: { جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ } قُلْتُ: نَعَمْ.
قالَ: { اسْتَفْتِ
قَلْبَكَ؛ الْبِرُّ مَا اطْمَأنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ،
وَالإِثْمُ مَا حَاكََ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ
وَأَفْتَوْكَ}). حَديثٌ حَسَنٌ رُوِّينَاهُ في مُسْنَدَيِ الإمامَيْنِ أحمدَ
بنِ حَنْبَلٍ والدَّارِمِيِّ بإسنادٍ حَسَنٍ.
·
أهمية الحديث.
قال
ابن حجر الهيثمي :(هذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم , بل من أوجزها إذ
البر كلمة جامعة لجميع أفعال الخير وخصال المعروف , والإثم كلمة جامعة لجميع أفعال
الشر والقبائح كبيرها وصغيرها .ولهذا قابل النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وجعلهما ضدين )( الوافي شرح الاربعين النووية صـ192)
·
مفردات الحديث .
"البر"
بكسر
الراء اسم جامع للخير وكل فعل مرضي.
"حسن
الخلق" التخلق
بالأخلاق الشريفة والتأدب : بآداب الله التي شرعها لعباده من امتثال أمره وتجنب
نهيه.
"والإثم"
الذنب
بسائر أنواعه.
"ماحاك
في النفس " تردد واختلج في النفس اضطراباً وقلقاً ونفوراً, فلم ينشرح له الصدر
ولم يطمئن إليه القلب.( الوافي شرح الاربعين النووية صـ205)
·
المسائل على هذا الحديث.
1)البر.
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: {الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ)
س/ ما هو
البر؟
البر :
هو الطاعة والصدق.
ـ قال العلماء :
البر
يكون بمعنى الصلة , وحسن الصحبة والعشرة وبمعنى الطاعة وهذه الأمور هي مجامع حسن
الخلق .(شرح
مسلم 5/419)
س/
بماذا يطلق البر؟
أنه
يطلق ويراد به أحد المعنيين :
أ) يطلق
البر ويراد به معاملة العباد بالإحسان إليهم
مثل
إحسان للوالدين ,وعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي
الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: «أُمَّكَ، ثُمَّ
أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ» رواه أبو داود.
وفي مسند الامام أحمد: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ ، قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا بِرُّ
الْحَجِّ ؟ قَالَ : إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَطَيِّبُ الْكَلامِ " . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
مِنْ حَدِيثِ مُحَّمَدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ
وكان عبد الله بن عمر يقول : البر شئ هين :
وجه طلق وكلام لين .( الوافي شرح الاربعين النووية صـ206)
ب) ويطلق
البر كذلك ويراد به فعل جميع الطاعات الظاهرة والباطنة
قال
تعالى :( وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ
وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ
وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ
وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي
الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ
هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة:(177)
س/
مالمراد بالبر في قوله تعالى :( ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)؟
يكون
معناها:
إما
بمعنى (معاملة العباد بالحسنى )ويكون معنى التقوى : وطاعة الله فيما أمر والابتعاد
عما نهى عنه.
إما
بمعنى (فعل الواجبات ) ومعنى التقوى "الابتعاد عن المنهيات.(قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ 23
2)
أنواع البر.
1ـ
يكون البر بين العبد وبين ربه .
2ـ
يكون البر بين العبد وبين الناس.
1) البر
بين العبد وبين ربه .
هو الإيمان
وامتثال أوامر الله وإجتناب النواهي كما قال تعالى :( وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ
آمَنَ بِاللَّهِ)البقرة :177
أي : البر الذي يجب على العبد اتجاه الله جل وعلا , وهذا النوع في
القرآن كثير , والعبد من أهل البر إذا جاء مأمر الله به. قال هذا من الأبرار (إذا
جاء مأمر الله به , ابتعد عما نهى الله عنه) .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
2)البر مع الخلق.
وهذا جامعه هو الخلق الحسن لهذا جاء الحديث ( البرُّ حُسن الخُلق)
وحسن الخلق يجمعه هو بذل الندى وكف الاذى , أن تحسن إلى الخلق وأن
تجزئ بالسيئة الحسنة , وأن تعامل للناس العفو عن المسئ , وكظم الغيظ , وإحسان إلى
الخلق.
فمن كان باذلا للندى غير منتصر لنفسه ومقدم للمعروف إلى الخلق فهو
من ذوي حسن الخلق فيما بين الناس.( شرح الاربعين النووية للشيخ صالح
ال الشيخ)
·
درجا ت البر.
س/ كيف
يكون البر درجات ؟
للبر
درجات لأن الإيمان بالله وملائكته واليوم الآخر , وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
أيضا درجات ومعاملة الخلق درجات فمن ذلك (البرُّ حُسن الخُلق)
أن درجة البر تختلف بإختلاف حسن الخلق .( شرح الاربعين النووية للشيخ
صالح ال الشيخ)
2) الإثم.
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي
نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عليْهِ النَّاسُ}
1) تعريف الاثم.
الاثم: الذنب وقيل هو أنه يعمل مالا يحل له (لسان العرب :12/5)
وقال القرطبي: الإثم: الفعل الذي يستحق عليه
صاحبه الذم .(تفسير القرطبي 2/20)
وقال ابن حجر الهيثمي: والإثم كلمة جامعة
لجميع أفعال الشر والقبائح كبيرها وصغيرها .
2) علامات الإثم.
في هذا الحديث بين صلى الله عليه وسلم ـ بعض علامات الإثم.
1) داخليه.
وهي
شعور المرء بقلق وإضطراب في نفسه ونفور وبغض له
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَالإِثْمُ
مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ)
س/ ما معنى
(مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ)؟
معناه:
تردد
في النفس اضطرابا وقلقا ونفورا, فلم ينشرح له الصدر ولم يطمئن إليه القلب فهذا
يتعلق في القلب .(في شرح مسلم "أي تحرك فيه وتردد" 5/49)(الوافي في شرح
الأربعين النووية صـ 193)
2) خارجية.
قوله صلى الله عليه وسلم (وَكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عليْهِ النَّاسُ}
كراهية
نظر أهل الفضل من الناس علامة الأثم ,بشرط أن يكون دافع كراهيته ديني لا كراهية
عادية .
قال
الشيخ صالح ال الشيخ:
فإذا
اتيت إلى شئ مشتبه عليك وحاك فيك هل من الاثم أم من البر؟وترددت فيه ولم تعلم أنه
من البر وأنضم إلى ذلك الظاهر لو فعلت كرهت أن يطلع عليه الناس فهذا هو الاثم .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
3) الفتوى.
قوله صلى الله عليه وسلم (وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ).
س/ ما
معنى قوله (وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ)؟
هذا أن
مالم تطمئن له القلوب من الفتوى فهو آثم , وإن أفتاه المفتون بأنه ليس بإثم لأنهم
يصدرون فتاواهم على ظاهر الأمور لا بواطنها والإنسان أعلم بباطنه من غيره وهذا
يكون لمن نور الله قلبه بنور الإيمان ومن عليه بطهارة النفس )(قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ 240 ـ 241)
قال
صالح ال الشيخ :
معنى
قوله (وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ).
يعنى :
قد
نذهب إلى مفتي تستفتيه في شأنك فيفتيك بأنه لا بأس به , ولكن يبقى في صدرك تردد ,
والمفتي إنما يتكلم بحسب الظاهر وقد يكون عند السائل أشياء لا يمكن يبينها ,فيبقى
هو الحكم والتكليف معلق به والثواب والعقاب معلق به ,وإذا كان بقى في نفسه تردد
وعدم ارتياح مع إفتاء له بالإباحة هذا الشئ هنا يأخذ بما جاء عن نفسه.( شرح الاربعين النووية للشيخ صالح
ال الشيخ)
* منزلة الاخلاق.
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :{الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ)
س/ ما معنى هذا الحديث (الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ)؟
بمعنى حسن الخلق أعظم خصال البر
الاخلاق: هي جميع ما دعا له القرآن
من فضائل
بمعنى :أن يتأدب بآدابه فيمتثل أوامره
ويبتعد عن نواهيه.
وصل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق