الحديث الثاني والثلاثون (لا ضرر ولا ضرار)
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين.
.الحديث.
عَنْ أَبِي سعيدٍ سعدِ بنِ سِنانٍ الخُدْريِّ رَضِي اللهُ عَنْهُ , أنَّ
رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: { لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ } حديثٌ حسَنٌ رواهُ ابنُ ماجَه والدَّارَ
قُطْنِيُّ وغيرُهُما مُسْنَدًا، ورواهُ مالكٌ في الْمُوَطَّأِ مُرْسَلاً, عَنْ عَمْرِو
بنِ يَحْيَى, عَنْ أبيهِ , عَنِ النبيِّ صلّى اللهُ علَيْهِ وسلَّم، فأَسْقَطَ أبا
سعيدٍ، وَلَهُ طُرُقٌ يُقَوِّي بعضُها بعضًا.
·
أهمية الحديث .
هذا من الأحاديث التي يدور عليها الفقه فهذا الحديث يؤصل قاعدة فقهية
(لاَ
ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ)
للفقهاء القياس الأمور عليها وخاصة فيما يستجد من الأمور فمثلا حكم الدخان فإنه
حرام , ومن ضمن هذه القاعدة "لا ضرر ولا ضرار"
·
المسائل في هذا الحديث .
1/ الضرر.
أ)
تعريف الضرر.
الضرر ضد النفع
لا ضرر
: أي لا يضر الرجل أخاه
ابتداء وهو ضد النفع منها .
ولا
ضرار : أي لا يضار كل واحد
منهما صاحبة جزاء , فالضرار منهما معا والضرر فعل واحد منهما.
·
اختلف العلماء في معنى الضرر و الضرار؟
اصح التعاريف هو:
أن الضرر : هو ايصال الاذى إلى الغير بما فيه منفعة للموصل.
مثلاً: شخص أشعل نار في بيته فانتفع هو لكن تأذى جيرانه .
ـ الضرار :هو ايصال الاذى إلى الغير بما ليس فيه منفعة للموصل. وهذا لا يجوز .(شرح الاربعين
النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
س/ ماحكم ايصال الضرر إلى الغير ؟
قال الامام احمد:
1ـ أن يكون
معتاد والمصلحة فيه ظاهره فهذا جائز .مثل
أن يبني رجلا بيته وصوت البناء يزعج جاره فهذا أمر معتاد عليه والمصلحة فيه ظاهره.
(شرح
الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
2ـ أن لا
يكون معتاد والمصلحة فيه غير ظاهره وهذا غير جائز .
ب) ماحكم
ضرر المسلم؟
محرم ,فلا يجوز
للمسلم أن يضر أحدا بغير حق ,فلا يضر من ضره أو يسب من سبه ولا يضرب من ضربه .
حديث (فَإِنَّ
دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ)شرح مسلم كتاب الحج :
3/ 343)
جـ ) أنواع الضرر.
من جهتين :
أـ جهة العبادات .
ب ـ جهة المعاملات .
ا) جهة العبادات.
فإن الشريعة لم تأتي بعباده يحصل للمرء فيها ضرر .
لا ضرر في الشرع ,فيما شرع في هذه الشريعة , ولا مضارة على العبد .
مثلاً:
المريض يصلي قائماً فإذا حصل الضرر صلى قاعداً ,فاذا تضرر صلى على جنب
...لخ
يتطهر بالماء فإذا كان عليه
ضرر تيمم بالتراب.
هذا القسم إن الضرر منتفي شرعاً فلم يشرع في عباده فيها ضرر بل إذا
وجد الضرر وجد التخفيف.( شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
ب)جهة المعاملات.
منها:
1ـ الإضرار
في الوصية :قال تعالى (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ
دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ )(النساء:12)
ووجه
الاضرا ر:
أن يخص بعض الورثة أكثر من نصيبه فيتضرر باقي الورثة وهذه الوصية لا
تنفذ.
حديث :( عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ
سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقُلْتُ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِي مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَيْسَ
يَرِثُنِي إِلا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ
: " لا " ، قُلْتُ : أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ ؟ قَالَ : " لا الثُّلُثُ
، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ
تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ)(رواه البخاري كتاب
الجنائز 2/82 ومسلم انظر شرح مسلم كتاب الوصية صـ159)
2ـ الاضرار في الرجعة في النكاح.
قال تعالى (فَأَمْسِكُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن
يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) البقرة : 231.
فمن قصد بالرجعة المضارة بالمرأة آثم
بذلك
كما يفعل الجاهليون يطلق امرأته فإذا
قاربت انتهاء العدة راجعها وهكذا فتكون بذلك معلقة لا هي مطلقة ولا ممسكة .(البقرة :223)(قواعد وفوائد على
الاربعين النووية صـ 275)
3) الاضرار في الإيلاء.
وهو حلف الرجل على أن لا يجامع زوجته
وكان الجاهليون يحلف أحدهم أن لا يجامع زوجته سنة سنتين ويقصد بذلك
الإضرار بها فتكون بها معلقة لا هي مطلقة ولا هي زوجته .
س/ هل وضع الاسلام حد لهذا الضرر؟
نعم ـ فعين مدة الايلاء أربعة أشهر فقط ,فان رجع أثناءها أو في آخرها
كفر عن يمينه وإلا طلقها.
قال تعالى (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ
اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )[البقرة:(226)(227)].
4) الاضرار في الرضاعة
قال تعالى (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ
)
قال القرطبي في تفسيره:
لا تأبى الأم أن ترضع إضرار بأبيه أو
تطلب أكثر من أجر مثلها ولا يحل للأب أن يمنع الأم من ذلك ,مع رغبتها في الإرضاع
وهذا قول جمهور المفسرين (قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ 275)
5) الضرر في البيع .
نهى الاسلام عن كل أنواع البيوع التي فيها ضرر بالعباد
فنهى عن بيع العينية ,وبيع الغرر, وبيع الحصاة .( قواعد
وفوائد على الاربعين النووية صـ 277)
وصل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق