الأحد، 26 أبريل 2015


الحديث الثامن والثلاثون :(جزاء معادات الأولياء)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين.

الحديث.

عَنْ أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ:( قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لأَُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لاعِيذَنَّهُ}.رواه البخاريُّ. كتاب الرقاق 7/190.

·       أهمية الحديث .

قال الشوكاني:

حديث من عادى لي وليا فقد اشتمل على فوائد كثيرة النفع جليلة القدر لمن فهمها حق الفهم وتدبرها كما ينبغي .(الوافي شرح الاربعين النووية صـ 320)





·       مفردات الحديث .

"عادى " آذى وأبغض وأغضب بالقول والفعل .

"وليا " لأنه والى عبادة الله وطاعته من غير تخلل معصية .

"فقد آذنته بالحرب "  آذنته : أعلمته والمعنى : من آذى مؤمناً فقد آذنه الله أنه محارب له .

"النوافل " :ما زاد على الفرائض.

"استعاذني " طلب العوذ والحفاظ مما يخاف منه.

"لإعيذنه " لأحفظنه مما يخاف .(الوافي شرح الاربعين النووية صـ 336)

 


·       المسائل في هذا الحديث .

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا)

1)  الولي :

ا) تعريف الولي.

هو : كل مؤمن تقي ليس بنبي ـ هذ عند أهل السنة والجماعة .والإيمان والتقوى تتفاضل كذلك الولاية تتفاضل فمحبة الله للعبد ونصرته متفاضله .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

·       ويقول الحافظ.

المراد بولي الله العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته .(الفتح :14/126)

ب) مراتب الولاية .

1) الظالم لنفسه .

وهم اصحاب الذنوب قال ابن كثير :( وهو المفرط في بعض الواجبات المرتكب لبعض المحرمات )(تفسير ابن كثير 6/532)

2)   المقتصد

المؤدي لفرائض الله المجتنب للمحارم وقد يترك المستحبات ويقع ببعض المكروهات .

3)   السابق بالخيرات

وهو القائم بالواجبات والمستحبات المجتنب للمحارم والمكروهات .

قال تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ  ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِير)فاطرُ (32)

جـ) أفضل الأولياء.

س/ من هم أفضل الأولياء؟

أفضل الأولياء بعد أنبياء الله ورسله هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ,فالصحابة هم النموذج السامي في تحقيق الولاية لله.

 

د) علامات أولياء الله .

س/ هل للأولياء علامات؟

ليس لأولياء الله  علامات خاصة وشعارات يرفعونها

قال شيخ الاسلام ابن تيمية:

وليس لأولياء الله شي يتميزون به عن الناس في الظاهر من الامور المباحة , فلا يتميزون بلباس دون لباس ,ولا بحلق شعر أو تقصير أو ضفرة,.....) (نقلا عن محاسن التأويل للقاسمي 9/3372)

س/ هل الأولياء معصومين ؟

أولياء الله غير معصومين قد يقعون ببعض الأخطاء .(قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ 336)




2) معاداة أولياء الله .

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ)

تجب موالاة أولياء الله تعالى وتحرم معاداتهم .قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) المائدة: (56)

وفي الحديث وعيد شديد للذين يؤذون أولياء الله في أبدانهم أو أغراضهم أو أموالهم .

س/ مامعنى من عادى لي ولياً؟

عادى : أي اتخذ الولي عدوا .أي: ابغضه

قال العلماء: إذا ابغض الولي لما هو عليه من الدين فهذا ظاهر دخوله في الحديث

·       أما إذا عاداه من أجل الدنيا أي حصل بينه وبين الولي خصومات من أجل الدنيا هذا فيه تفصيل :

ا) إن صار مع الخصومات بغضا وكره يخشى عليه أن يدخل في هذا الحديث.

ب) واما اذا كانت هذه الخصومات ليس بينها بغضاء ولا كره لا يدخل في هذا الحديث .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

س/ ما معنى آذنه بالحرب ؟

أعلم وأنذر أنه سيعاقب من عند الله عز وجل .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

س/ ما لمراد بالمعاداة في هذا الحديث ؟

المعاداة التي توعد الله بها   هي:

ـ ما كانت بسبب امتثاله لأوامر الله واجتناب نواهيه ودعوته الى منهجه .

ـ اما اذا كانت المعاداة من أجل نزاع أو خصومة على ما يقتضي النزاع فهذا لا يدخل في الحديث.

كما حدث من مشاجرة بين أبي بكر وعمر ,وبين العباس وعلى وغيرها من الوقائع التي حدثت بين افضل اولياء الله )(قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ 337)


 


4)  أفضل مايتقرب به  العبد الى ربه .

قوله (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ)

أحب القربات أن يتقرب اليها العبد الى الله الفرائض.

قال عمر بن الخطاب :

أفضل الاعمال أداء ما أفترض الله ,والورع عما حرم الله , وصدق النية فيما عند الله تعالى )(جامع العلوم والحكم )

س/ ماهي أعظم فرائض البدن ؟

أعظم  فرائض البدن التي تقرب من الله الصلاة .

قال تعالى: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) العلق: (19)

حديث: (َنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجد) (مختصر مسلم :298)

*من الفرائض المقربة

عدل المسؤول في مسؤوليته سواء كانت العامة  أو الخاصة ,أو أهله.

حديث: (عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 ((إنَّ المُقْسِطِينَ عند الله, على مَنَابِرَ من نُورٍ عن يَمينِ الرَّحْمنِ ـ وكلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ ـ: الَّذينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهمْ وَمَا وَلُوا)[أخرجه مسلم كتاب الامارة 4/490والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص]

ـ يندرج تحت التقرب الى الله بأداء الفرائض وترك معاصي الله عز وجل .


 

5)  التقرب الى الله بالنوافل .

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ)

س/ متى يتقرب بالنوافل ؟

التقرب بالنوافل يكون بعد التقرب بالفرائض

والنوافل ـ من صلاة وصيام وصدقة وحج وعمرة وقراءة قران مع تدبر معانيه وذكر الله جل وعلا .( قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ 338)

س/ ما معنى (لا يزال يتقرب بالنوافل حتى يحبه الله)؟

معناه:

صارت له كثرت النوافل وصفاً حتى أحبه الله وهذا يدل على أن محبة الله تجلب في السعي في طاعته في اداء النوافل. (شرح الاربعين النووية صالح ال الشيخ)

 




6)آثار محبة الله لأولياءه .

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا)


 اشكال:

قال الحافظ في شرحه لهذا المقطع من الحديث (الفتح 14/28ـ29)

وقد استشكل كيف يكون الباري جل وعلا سمع العبد وبصره ..الخ )؟

الجواب من أوجه:

1/ أنه ورد على سبيل التمثيل ,والمعنى كنت سمعه وبصره في إيثاره أمري فهو يحب طاعتي ,ويؤثر خدمتي ,كما يحب هذه الجوارح .

2/ إن المعنى كليته مشغول بي فلا يصغى بسمعه إلا الى ما يرضيني ,ولا يرى ببصره إلا ما أمرته به .

3/ قال الفاكهاني:

التقدير كنت حافظ سمعه الذي يسمع به فلا يسمع إلا ما يحل إستماعه ,وحافظ بصره كذلك ...الخ.

وقال الخطابي:

عبر بذلك عن سرعة إجابة الدعاء والنجح في الطلب

وهذا الاقوال بينها الحافظ لا تعارض بينها وكل واحد منها يحتمل الصواب .





7)  دعاء الولي مستجاب.

قوله (وَلَئِنْ سَأَلَنِي لأَُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأَعِيذَنَّهُ}).

 فالحديث يدل على أن ولي الله مستجاب الدعوة وكان كثير من الصحابة مجاب الدعوة مثل :البراء بن مالك , والبراء بن عازب ,وسعد بن ابي وقاص ,وسعيد بن زيد.(قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ 341)

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : (ما مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِى الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنُْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ). قَالُوا: إِذاً نُكْثِرُ. قَالَ: ( اللَّهُ أَكْثَرُ ).(اخرجه احمد والبزاروابو يعلى بأسانيد جيده والحاكم وقال :صحيح الاسناد ).

وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق