السبت، 28 مارس 2015


الحديث السادس والعشرون (كثرة طرق الخير)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

الحديث

عَنْ أَبي هُريرة رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ؛ تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ , وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ }.(رواه البخاريُّ  في كتاب الصلح ورواه مسلم في كتاب الزكاة )

·       أهمية الحديث .

مما دعا الدين جمع الكلمة والقلوب وائتلافها على الحق والمحبة , فهذا الحديث تكمن منزلته وأهميته بدعوته إلى أسباب الائتلاف والمحبة .

من عدل وإصلاح بين التخاصمين, وتعاون على أمور الدين والدنيا ,وحفظ اللسان إلا من طيب الكلام ,وإزالة الأذى عن طريق المسلمين. (قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ229)


 



 

·       مفردات الحديث.

"سلامي" السلامي :عظام الكف والأصابع والأرجل ,والمراد في هذا الحديث جميع أعضاء جسم الإنسان ومفاصله , وهي ثلاثمائة وستون عضواً, لما رواه مسلم ) إنه خُلق كلُّ إنسانٍ من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصلٍ)

"تعدل بين  اثنين " :تحكم بالعدل بين متخاصمين .

" وتعين الرجل في دابته ": وفي معنى الدابة السفينة والسيارة وسائر ما يحمل عليه .ومعنى ذلك إعانته فيما يحمله بيديه أو على ظهره.

" فتحمله عليها " أي تحمله ,أو تعينه في الركوب ,أو في صلاحها .

" بكل خطوة " الخطوة : المرة من المشي وبضمها بعد ما بين القدمين .

"وتميط الاذى " تزيل من ماط وأماط :ازال .

"الاذى : كل مايؤذي المارة من حجر أو شوك أو قذر.(الوافي شرح الاربعين النووية صـ 196)




 

·       المسائل في الحديث.

1)   (كل سلامي)

س/ ما المراد بـ (سلامي ) المذكور في الحديث؟

سلامي : هي العظام والمفاصل فعظام الإنسان كثيرة ,فكل مفصل من مفاصل بني ءادم عليه صدقة فيجب أن يتصدق بكل مفصل صدقة تقابل هذه النعمة وتشكرها.

س/ ماهي الصدقة الواجبة ؟

الصدقة الواجبة التي بها يخلص المرء من الاثم ,في عدم شكر نعمة البدن أن لا يستعمل هذه المفاصل في معصية الله .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
 
 

 

 

2)   الشكر .

خلق الله الإنسان وتركيب عظامه على النحو هذا من أعظم نعم الله على ابن آدم ,فيحتاج كل عظم منها إلى الشكر .

س/ ما هو أنواع الشكر؟

1)   الشكر الواجب.

هذا الشكر من لم يقم به يأثم , وهو أن يقوم بجميع الواجبات القولية والفعلية والمالية , وأن يترك جميع ماحرم الله عزوجل , فمن قام بذلك فقد شكر الله على نعمة الصحة والخلق والمفاصل والأعضاء.

حديث (فليمسك عن الشر فإنه له صدقة )رواه البخاري

فقال بعض السلف :

الشكر ترك المعاصي. (قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ229)

2)   الشكر المستحب.

هو ان يعمل العبد بعد أداء الفرائض وإجتناب المحارم بنوافل الطاعات وهذه درجة السابقين المقربين في شكر الخالق وهي حال النبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل به حتى تفطرت قدماه ,فقد كان يجتهد في القيام اجتهاداً عظيماً ,

فعن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه فقالت رضي الله تعالى عنها: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال:" أفلا أحبُّ أن أكون عبدا شكورا" البخاري برقم 4837ومسلم برقم 2820"((الوافي شرح الاربعين النووية صـ 196)

 

 


3)   الاصلاح بين الناس.

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {  تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ)

قال الشيخ صالح ال الشيخ:

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ)

(يوم) قد تأتي في النصوص وفي اللغة ويراد بها أكثر.

فيكون (يوم) عدة أيام إذا كان يجمعها شئ واحد.

لما قال هنا (تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ) علمنا ان الوجوب هنا يوميا فكل يوم تشكر الله في نعمة المفاصل

(تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ) يدخل في ذلك الصلح وما أشبه ذلك من الأعمال الخيرية.( شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

         س/لماذا الاصلاح بين الناس يعتبر من الصدقة ؟

        لأن خيرها ونفعها متعد للآخرين ,وبها تلتئم جراحات المجتمع حتى يكون              المجتمع كالجسد الواحد السليم.

قال تعالى :( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)النساء: {114}

·       أنواع الصلح.

س/ ما هو أنواع الصلح؟

الصلح بين الناس في أمور يقع فيها الخلاف والتداعي قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) الانفال :1

الصلح بين الزوجين قال تعالى (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) النساء: {128}

·       دلت هذه الآية :

على أن الصلح بين الزوجين خير من الفراق ,لأن الفراق يترتب عليه مضار كثيرة.

س/ هل يجوز للزوجة أن تسقط من حقوقها لأجل البقاء؟

لذلك يجوز للزوجة أن تسقط حقها أو بعضا منه من نفقة وغيرها إذا خافت نفور زوجها منها وإعراضه عنها.( قواعد وفوائد على الأربعين النووية )

      3) الاصلاح بين المسلمين عند النزاع والاقتتال .

قال تعالى ) وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ)الحجرات :10
 

 ج) الكذب من أجل الصلح .

س/ هل يجوز الكذب من أجل الصلح ؟

نعم يجوز حديث (( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا.) البخاري كتاب الصلح 3/ 166 ومسلم كتاب البر 5/ 446

قال القرطبي: ذهب طائفة إلى الجواز الكذب لقصد الإصلاح وقالوا الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة أو ما ليس فيه مصلحة )الفتح 6/228 .قال البخاري في صحيحه باب / ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس.






4)التعاون.

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ )

فإعانة المسلم على ركوب دابته , وإعانته على حمل متاعه عليها من الصدقات , وهكذا يؤجر المسلم على كل مايقوم به في ميدان إعانة إخوانه المسلمين

لأن الله أمرنا بالتعاون :﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)المائدة :2

فالتعاون يقضي على المشاق والصعاب ,والتعاون يؤدي إلى إنتشار المحبة بين المسلمين والمحبة مما أمرنا الله بها.






5)الكلمة الطيبة .

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ)

س/ ما المراد بـ (وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ

يدخل فيها : رد السلام , وذكر الله , وقول كلمة الحق , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,والشفاعة لأصحاب لحاجات .

ـ ففي رد السائل بكلمة طيبة

قال تعالى(قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى) البقرة : 263

ـ وفي ذكر الله

قال تعالى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}فاطر : 10

ـ وقي قضاء حاجات الناس

قال تعالى (يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا ۖ)النساء : 85

 ـ وفي دعوة الناس إلى الله

 قوله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )فصلت :(33)

وغيرها من النصوص التي تدعو إلى  طيب الكلام.( قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ235)

 


6)   فضل المشي إلى الصلاة.

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ)

وفي الحديث الحث والترغيب على حضور بيوت الله للجمع والجماعات ودروس العلم والوعظ والإعتكاف.

·       حديث (مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ الله لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ». رواه البخاري كتاب الاذان 1/161 وشرح مسلم كتاب المساجد 2/314

ـ والغدو :الذهاب أول النهار.

ـ والرواح :الذهاب آخر النهار.

ـ والنزول: ما يعد للضيف.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : خَلَتِ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ ، فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ ، أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ ، فَقَالَ : يَا بَنِي سَلِمَةَ ، " دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ "شرح مسلم كتاب الايمان 1/209 ـ210

فقالوا : ما كان يسرنا أن كنا تحولنا )هذه الزيادة من رواية اخرى.

وكلما زادت المشقة زاد الاجر والثواب.

 



 

7)إماطة الأذى عن الطريق.

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ }.

إزالة كل ما يؤذي من شوك ونجاسة وغيرها عن طريق المسلمين صدقة ,وبرهان على شكر نعم الله .وهذه من شعب الايمان

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الإيمان بضع وسبعون – أو بضع وستون – شُعبة، أعلاها: قول: لا إله إلا الله. وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان" شرح مسلم كتاب الايمان 1/209 ـ 210
 

 


8)صلاة الضحى تجزئ في شكر سلامة الأعضاء.

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يُصْبِحُ عَلَىَ كُلّ سُلاَمَىَ مِنْ أَحِدكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ. وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئُ، مِنْ ذَلِكَ، رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضّحَىَ". رواه مسلم وأحمد عن أبي ذر.

س/ ما هو أقل صلاة الضحى وما أكثرها ؟

أقلها :ركعتان واكثرها :ثمان.

س/ ما هو وقت صلاة الضحى ؟

وقتها يبتدئ بإرتفاع الشمس قدر رمح وينتهي حين الزوال .

ذكر الشيخ ابن عثيمين.

بعد شروق الشمس بثلث ساعة تبتدئ صلاة الضحى وتنتهي قبل صلاة الظهر بربع ساعة .

س/ لماذا خصت بهذا الفضل ؟

لأنها لم تشرع جابرة لنقص بخلاف سائر الرواتب, وانما هي لشكر تلك النعم الباهرة )(الوافي شرح الاربعين النووية صـ 201)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق