الحديث الأربعون:( كن في الدنيا كأنك غريب)
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله
وصحبه أجمعين.
الحديث.
عن ابنِ عمرَ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ:( أَخَذَ رسولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبَيَّ فقالَ:{كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ
غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ}.
وكانَ ابنُ عُمَر
رَضِي اللهُ عَنْهُما يقولُ: إذا أمسيـْتَ فلا تَنْتَظِرِ الصَّباحَ، وإذا أَصْبَحْتَ
فَلا تَنْتَظِرِ المساءَ، وخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، ومِنْ حياتِكَ لِمَوْتِكَ).رواه البخاريُّ. في الرقاق ر7/170
·
أهمية الحديث :
هذا الحديث أصل في الزهد بالدنيا واحتقارها ,والقناعة
منها بالقليل الذي يبلغ للآخرة .(قواعد وفوائد على الاربعين النووية 358 )
·
مفردات الحديث.
"أخذ ":امسك
"بمنكبي"
:
بتشديد الياء مجتمع رأس العضد والكتف سمي به لأنه يعتمد عليه .
"إذا
أمسيت " دخلت
في المساء من الزوال الى نصف الليل
"إذا أصبحت ": دخلت في الصباح وهو من نصف الليل الى الزوال .(الوافي شرح الاربعين النووية صـ 358)
*المسائل في هذا الحديث:
1/ أقوال العلماء بهذا الوصية .
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِمَنْكِبَيَّ فقالَ:{كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ
سَبِيلٍ}.
·
قال النووي:
معنى الحديث : لا تركن الى الدنيا ولا تتخذها وطناً. ولا تحدث نفسك
بالبقاء فيها ,ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه .
·
ذكر الحافظ :
قولين لاثنين من العلماء
1/ عابر سبيل.
هو المار على الطريق طالباً وطنه ,فالمرء في
الدنيا كعبد أرسله سيده في حاجة إلى غير
بلده فشأنه أن يبادر بفعل ما أرسل ثم يعود إلى وطنه ولا يتعلق بشي غير ما هو فيه.
2/ وقال
غيره
المراد أن المؤمن نفسه في الدنيا منزلة الغريب, فلا
يعلق قلبه بشي من بلد الغربة ,بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع إليه ويجعل إقامته في
الدنيا ليقضي حاجته وجهازه للرجوع الى وطنه ,هذا شان الغريب .(قواعد وفوائد على
الاربعين النووية 351)
س/ على ماذا يدل قول ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهَُا (إِذَا
أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ)؟
يدل على قصر الأمل في الدنيا ,وينبغي للعبد أن يظل
دائما أن أجله مدركة , وهذا الشعور يدفعه للقناعة بالقليل من الدنيا . (قواعد وفوائد على الاربعين
النووية 351).
2/ استغلال العمر بما ينفع .
قوا ابن عمر (وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ،
وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.) رواه البخاري.
س/ بماذا اوصى ابن عمر ؟
اوصى باستغلال زمن الصحة والعافية بالطاعة الواجبة والمستحب منها
لأن الانسان أثناء المرض قد يعجز عن الكثير من الطاعات ,فلعل ما قام به أثناء
الصحة والعافية يجبر ما بدر منه أثناء المرض . (قواعد وفوائد على الاربعين
النووية353)
·
قال الحافظ.
والمعنى اشتغل في الصحة بالطاعة ,بحيث لو حصل تقصير في المرض
لا يجير بذلك .(الفتح
14/9)
ـ كما أوصى باستغلال أيام العمر بطاعة الله ورسوله
والتزود من أبواب الخير الواسعة ليوم المعاد
قال تعالى :(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ
الزَّادِ التَّقْوَى).(البقرة: من الآية197).
وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق