الأربعاء، 12 يونيو 2019


تفسير جزء عم (سورة النبأ)(2)

{قال الله تعالى}

({إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَتاً * يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً * إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِّلطَّغِينَ مَاباً * لَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً * لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً * إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً * جَزَآءً وِفَقاً * إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً * وَكَذَّبُواْ بِايَتِنَا كِذَّاباً * وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَهُ كِتَباً * فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً} .)النبأ (17ـ 30)




الفوائد على هذه الآيات.

1ـ يوم القيامة.

في قوله تعالى {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَتاً * يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً ) النبأ (17ـ20)

قوله تعالى {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَتاً)

قال ابن كثير:

يقول تعالى مخبرا عن يوم الفصل ، وهو يوم القيامة ، أنه مؤقت بأجل معدود ، لا يزاد عليه ولا ينقص منه ، ولا يعلم وقته على التعيين إلا الله - عز وجل(تفسير ابن كثير 4/463)

قال الشيخ محمد العثيمين :

وهو يوم القيامة، وسمي يوم فصل لأن الله يفصل فيه بين العباد فيما شجر بينهم، وفيما كانوا يختلفون فيه، فيفصل بين أهل الحق وأهل الباطل، وأهل الكفر وأهل الإيمان، وأهل العدوان وأهل الاعتدال، ويفصل فيه أيضاً بين أهل الجنة والنار، فريق في الجنة وفريق في السعير.

ـ قوله تعالى {كان ميقاتاً}

يعني ميقاتاً للجزاء موقوتاً لأجل معدود. وما ظنك بشيء له أجل معدود وأنت ترى الأجل كيف يذهب سريعاً يوماً بعد يوم حتى ينتهي الإنسان إلى آخر مرحلة، فكذلك الدنيا كلها تسير يوماً بعد يوم حتى تنتهي إلى آخر مرحلة، كل شيء معدود فإنه ينتهي.( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 408)




وقوله تعالى ( يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً)

والنافخ الموكل فيها إسرافيل، ينفخ فيها نفختين:

 الأولى: يفزع الناس ثم يصعقون فيموتون

والثانية: يبعثون من قبورهم وتعود إليهم أرواحهم

ولهذا قال هنا: {يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً}

وفي الآية إيجاز بالحذف أي فتحيون فتأتون أفواجاً؛ فوجاً مع فوج أو يتلو فوجاً، وهذه الأفواج والله أعلم ـ بحسب الأمم كل أمة تدعى إلى كتابها لتحاسب عليه، فيأتي الناس أفواجاً في هذا الموقف العظيم الذي تسوى فيه الأرض فيذرها الله عز وجل قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً. .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 408)

* عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ  ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

مَا بَيْنَ  النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ قَالُوا : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا ؟ قَالَ : أَبَيْتُ ، قَالُوا : أَرْبَعُونَ شَهْرًا ؟ قَالَ : أَبَيْتُ ، قَالُوا : أَرْبَعُونَ سَنَةً ؟ قَالَ : أَبَيْتُ ، ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ ، كَمَا يَنْبُتُ  الْبَقْلُ  قَالَ : وَلَيْسَ مِنَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا  يَبْلَى ، إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا ، وَهُوَ  عَجْبُ الذَّنَبِ ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(صحيح مسلم باب مابين النفختين 5387 ) (تفسير ابن كثير 4/463)


 

وقوله تعالى (وَفُتِحَتِ السَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَباً)

فتحت وانفرجت فتكون أبواباً يشاهدها الناس بعد أن كانت سقفاً محفوظاً تكون في ذلك اليوم أبواباً مفتوحة، وفي هذا دليل على كمال قدرة الله عز وجل أن هذه السبع الشداد يجعلها الله تعالى يوم القيامة كأن لم تكن، تكون أبواباً. .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 409)

قال ابن كثير:

أي طرقا ومسالك لنزول الملائكة. (تفسير ابن كثير 4/463)



وقوله تعالى (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً)

ـ أي أن الجبال العظيمة الصماء تُدك فتكون كالرمل ثم تكون كالسراب تسير. .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 409)

ـ يخيل إلى الناظر أنها شيء ، وليست بشيء ، بعد هذا تذهب بالكلية ، فلا عين ولا أثر ، كما قال : ( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) [ طه : 105 - 107 ] (تفسير ابن كثير 4/464)


 

2) وصف أهل النار .

في قوله تعالى(إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِّلطَّغِينَ مَاباً * لَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً * لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً * إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً * جَزَآءً وِفَقاً * إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً * وَكَذَّبُواْ بِايَتِنَا كِذَّاباً * وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَهُ كِتَباً * فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً}النبأ (21ـ 30)

قوله تعالى (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً)

وقتادة في قوله تعالى "إن جهنم كانت مرصادا"

يعني أنه لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز بالنار فإن كان معه جواز نجا وإلا احتبس. (تفسير ابن كثير 4/464)

أي مرصدة ومعدة للطاغين وجهنم أسم من أسماء كثيرة

س: لماذا سميت جهنم بهذا الاسم؟

وسميت بهذا الاسم لأنها ذات جهمة وظلمة بسوادها وقعرها آعاذنا الله وإياكم منها .

وهي مرصاد للطاغين قد اعدها الله عز وجل لهم من الآن ..( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 409

* فهي موجودة حين عرضت عليه وهو يصلي صلاة الكسوف .

حديث:  عن عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ:

(خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ،فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»، ثُمَّ قَامَ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا هُوَ أَدْنَى مِنَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»، ثُمَّ سَجَدَ -وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الطَّاهِرِ: ثُمَّ سَجَدَ- ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ»، وَقَالَ أَيْضًا: «فَصَلُّوا حَتَّى يُفَرِّجَ اللهُ عَنْكُمْ»، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «رَأَيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا كُلَّ شَيْءٍ وُعِدْتُمْ، حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتُنِي أُرِيدُ أَنْ آخُذَ قِطْفًا مِنَ الْجَنَّةِ حِينَ رَأَيْتُمُونِي جَعَلْتُ أُقَدِّمُ - وقَالَ الْمُرَادِيُّ: أَتَقَدَّمُ - وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا ابْنَ لُحَيٍّ، وَهُوَ الَّذِي سَيَّبَ السَّوَائِبَ». وَانْتَهَى حَدِيثُ أَبِي الطَّاهِرِ عِنْدَ قَوْلِهِ: «فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ»، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ). أخرجه البخاري، رقم (431) كتاب الصلاة.

* ورأي فيها امرأة تعذب في قطة لها حبستها لا هي أطعمتها ولا أرسلتها تاكل من خشاش الأرض.

حديث : قَالَ صلى الله عليه وسلم  :

«دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ، رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا» أخرجه مسلم رقم (904) كتاب الكسوف..

*ورأي فيها عمرو بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار يعني امعائه لأنه كان أول من أدخل الشرك على العرب

حديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبا بني كعب هؤلاء يجر قصبه في النار)]. أخرجه البخاري رقم (2623) كتاب التفسير، ومسلم رقم (2856) كتاب الجنة. .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 409)




وقوله تعالى (لِّلطَّغِينَ مَاباً)

وهم المردة العصاة المخالفون للرسل

ـ  وقوله تعالى (مآبا)

أي مرجعا ومتقلبا ومصيرا ونزلا. (تفسير ابن كثير 4/464)



وقوله تعالى (لَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً)

أي باقين فيها، {أَحْقَاباً} أي مدداً طويلة؛

* وقد دل القرآن الكريم على أن هذه المدد لا نهاية لها وأنها مدد أبدية كما جاء ذلك مصرحاً به في ثلاث آيات من كتاب الله

1/ في سورة النساء في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا  إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا } [النساء: 168 - 169] .

2/ وفي سورة الأحزاب {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا  خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } [الأحزاب: 64 - 65] .

3/ وفي سورة الجن في قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } [الجن: 23] . .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 409)

* قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله.

يجب علينا أن نعتقد شيئين:

الشيء الأول: وجود الجنة والنار الآن وأدلة ذلك من القرآ ن والسنة كثيرة

منها :

ـ قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] .

ـ وكذلك قال الله تعالى في النار: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: 131]

الشيء الثاني: اعتقاد أنهما داران أبديتان من دخلهما وهو من أهلهما فإنه يكون فيهما أبداً،

 أما الجنة فمن دخلها لا يخرج منها كما قال تعالى: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48] .

 واما النار فإن عصاة المؤمنين يدخلون فيها ما شاء الله أن يبقوا فيها، ثم يكون مآلهم الجنة كما شهدت بذلك الأخبار الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 410)



وقوله تعالى ( لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً * إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً *جَزَآءً وِفَقاً))

أي لا يجدون في جهنم بردا لقلوبهم ولا شرابا طيبا يتغذون به. (تفسير ابن كثير 4/464)

ـ وقوله تعالى (ِإلا حَمِيماً وَغَسَّاقاً )

قال الربيع بن أنس . فأما الحميم : فهو الحار الذي قد انتهى حره وحموه .

والغساق : هو ما اجتمع من صديد أهل النار وعرقهم ودموعهم وجروحهم ، فهو بارد لا يستطاع من برده ، ولا يواجه من نتنه .(تفسير ابن كثير 4/464)

قال المفسرون: إن الغساق هو شراب منتن الرائحة شديد البرودة، فيجمع لهم ـ والعياذ بالله ـ بين الماء الحار الشديد الحرارة، والماء البارد الشديد البرودة

 ليذوقوا العذاب من الناحيتين:

 من ناحية الحرارة، ومن ناحية البرودة، فالآية الكريمة تدل على أنهم لا يذوقون إلا هذا الشراب الذي يقطع أمعاءهم من حرارته، ويفطّر أكبادهم من برودته، نسأل الله العافية. .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/411)

ـ وقوله تعالى (جَزَآءً وِفَقاً)

أي هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة وفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدنيا. .(تفسير ابن كثير 4/465)

 

وقوله تعالى (إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً * وَكَذَّبُواْ بِايَتِنَا كِذَّاباً)

أي لم يكونوا يعتقدون أن ثم دارا يجازون فيها ويحاسبون. .(تفسير ابن كثير 4/465)

ـ وقوله تعالى (وَكَذَّبُواْ بِايَتِنَا كِذَّاباً)

أي لا يؤملون أن يحاسبوا بل ينكرون الحساب، ينكرون البعث , يرجون حساباً يحاسبون به لأنهم ينكرون ذلك، هذه عقيدة قلوبهم، أما ألسنتهم فيكذبون يقولون هذا كذب، هذا سحر، هذا جنون، وما أشبه ذلك. .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/412)

 

وقوله تعالى (وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَهُ كِتَباً * فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً}

يشمل ما يفعله الله عز وجل من الخلق والتدبير في الكون، ويشمل ما يعمله العباد من أقوال وأفعال، ويشمل كل صغير وكبير

ـ وقوله تعالى {أحصيناه}

 أي ضبطناه بالإحصاء الدقيق الذي لا يختلف.

ـ وقوله تعالى {كتاباً}

 يعني كتباً، وقد ثبت في الحديث الصحيح

(أن الله تعالى كتب مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة) ) أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى صلى الله عليهما وسلم (2653) .

فكل شيء يكتب حتى الهم يكتب إما لك وإما عليك، من همّ بالسيئة فلم يعملها عاجزاً عنها فإنها تكتب عليه، وإن هم بها وتركها لله فإنها تكتب له

حديث: عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم فِيْمَا يَرْوِيْهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ الله كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً،وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ إِلىَ أَضْعَاف كَثِيْرَةٍ. وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً،وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو بسيئة (6491) ، ومسلم، كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب (203) (128) .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 412)



ـ وقوله تعالى (فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً)

أي : يقال لأهل النار : ذوقوا ما أنتم فيه ، فلن نزيدكم إلا عذابا من جنسه

قال قتادة : عن أبي أيوب الأزدي ، عن عبد الله بن عمرو قال : لم ينزل على أهل النار آية أشد من هذه :

 ( فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ) قال : فهم في مزيد من العذاب أبدا . .(تفسير ابن كثير 4/465)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق