تفسير جزء عم (سورة المطففين (2)
قـال الله تعـالى
(كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ
* وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
* الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ
أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ
عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ
لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي
كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ)سورة المطففين(7ـ17)
الفوائد من الآيات:
1) صفة كتاب الكافر.
في قوله تعالى (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ
لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ) المطففين(7ـ9)
1ـ قوله تعالى (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي
سِجِّينٍ) المطففين:7
فبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن كتاب الفجار في سجين
* قال العلماء:
السجين : إنه مأخوذ من السجن وهو الضيق، أي في مكان
ضيق، وهذا المكان الضيق هو نار جهنم .
ـ كما قال الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لَّا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفرقان 13، 14] .
ـ وجاء في حديث البراء بن عازب الطويل المشهور في قصة المحتضر
وما يكون بعد الموت أن الله سبحانه وتعالى يقول:
«اكتبوا كتاب عبدي يعني ـ الكافر
ـ في السجين في الأرض السابعة السفلى» (أخرجه الإمام أحمد في المسند (287/4)
. وأبو داؤود كتاب السنة، باب المسألة في القبر (4753) ، والحاكم (37/1) وقال: صحيح
على شرط مسلم ووافقه الذهبي
فسجين هو أسفل ما يكون من الأرض الذي هو مقر النار نعوذ بالله منها فهذا
الكتاب في سجين. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
456/10)
2ـ قوله تعالى { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } المطففين:8
فالاستفهام هنا للتعظيم أي ما الذي أعلمك بسجين؟ وهل بحثت عنه؟
وهذا التعظيم في سجين ليس لرفعته وعلوه ولكنه لسفوله ونزوله. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 457/10)
وهذا التعظيم في سجين ليس لرفعته وعلوه ولكنه لسفوله ونزوله. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 457/10)
3ـ قوله تعالى { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } المطففين:9
يعني مكتوب لا يزاد فيه ولا ينقص ولا يبدل ولا يغيّر، بل هذا مآلهم ومقرهم
ـ والعياذ بالله ـ أبد الابدين.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 457/10)
2) الوعيد لمن كذب بيوم الدين.
في قوله تعالى (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
* الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ
أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ
عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) المطففين(10ـ 14)
1ـ قوله تعالى (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِّلْمُكَذِّبِينَ* الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) المطففين)10ـ11)
هؤلاء الذين يكذبون بيوم الدين توعدهم الله بالويل؛ لأن هؤلاء المكذبين
بيوم الدين لا يمكن أن يستقيموا على شريعة الله. لا يستقيم على شريعة الله إلا من آمن
بيوم الدين
والله يقرن الإيمان به بالإيمان باليوم الآخر دائماً؛ لأن الإيمان بالله
ابتداء والإيمان باليوم الآخر انتهاء.
فتؤمن بالله ثم تعمل لليوم الآخر الذي هو المقر، فهؤلاء كذبوا بيوم الدين، ومن كذب به لا يمكن أن يعمل له أبداً؛ لأن العمل مبني على عقيدة،
فإذا لم يكن هناك عقيدة فلا عمل. .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 457/10)
2ـ قوله تعالى (وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ
أَثِيمٍ) المطففين:12
ـ قوله تعالى { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ }
أي ما
يكذب بيوم الدين وينكره
قوله تعالى { إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيم} :
قيل:{
مُعْتَدٍ} في أفعاله { أَثِيمٍ} في أقواله
وقيل:{مُعْتَدٍ}
في أفعاله { أَثِيمٍ} في كسبه أي أن مآله إلى الإثم
.
والمعنيان متقاربان فلا يمكن أن يكذب بيوم الدين إلا رجل معتد أثيم، آثم
كاسب للآثام التي تؤدي به إلى نار جهنم . .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 457/10)
3ـ قوله تعالى
(إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ
عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) المطففين(13ـ14)
ـ قوله تعالى { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا} يعني إذا تلاها عليه أحد
ـ قوله تعالى {قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} أي هذه أساطير الأولين
وأساطير:
جمع أسطورة وهي الكلام الذي يذكر للتسلي ولا حقيقة له ولا أصل له،
فيقول: هذا القرآن أساطير الأولين، ولم ينتفع بالقرآن
وهو أبلغ الكلام وأشده تأثيراً على القلب حتى قال الله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] .
ـ قوله تعالى { كَلَّا بَلْ} أي ليست أساطير الأولين
ـ قوله تعالى { رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم} أي اجتمع عليها وحجبها عن الحق
ـ قوله تعالى { مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي من الأعمال السيئات؛ لأن الأعمال السيئات
تحول بين المرء وبين الهدى. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
457/10)
3) حجب الكفار عن رؤية الله يوم القيامة.
في قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ
لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي
كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) المطففين(15ـ17)
1ـ قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ
لَّمَحْجُوبُونَ) المطففين:15
أي حقًّا إنهم عن ربهم لمحجوبون، وذلك في يوم القيامة فإنهم يحجبون عن
رؤية الله عز وجل كما حُجبوا عن رؤية شريعته وآياته فرأوا أنها أساطير الأولين.
وبهذه الآية استدل أهل السنة والجماعة على ثبوت رؤية الله عز وجل
وبهذه الآية استدل أهل السنة والجماعة على ثبوت رؤية الله عز وجل
* ورؤية الله عز وجل ثابتة بالكتاب، ومتواتر السنة، وإجماع
الصحابة والأئمة :
* من الكتاب.
كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23]
* السنة.
ـ قال النبي عليه الصلاة والسلام «إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون الشمس
صحواً ليس دونها سحاب» (اخرجه البخاري كتاب التوحيد، (7473) ومسلم كتاب الإيمان باب إثبات رؤية
المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى (180) (296) .
ـ وقال عليه الصلاة والسلام: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر
لا تضامون في رؤيته» (أخرجه البخاري كتاب التوحيد (7434) ومسلم كتاب الإيمان باب إثبات رؤية
المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى (180) (296)
* إجماع الصحابة والأئمة.
وقد آمن بذلك الصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان من سلف هذه
الأمة وأئمتها، وأنكر ذلك من حُجبت عقولهم وقلوبهم عن الحق فقالوا: إن الله لا يمكن
أن يُرى بالعين، وإنما المراد بالرؤية في الآيات هي رؤية القلب أي اليقين، ولا شك أن
هذا قول باطل مخالف للقرآن والسنة.( (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 458/10)
2ـ قوله تعالى (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ
* ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) المطففين(16ـ17)
ـ قوله تعالى { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ } أي هؤلاء الفجار
ـ قوله تعالى { لَصَالُوا الْجَحِيمِ} أي يصلونها يصلون حرارتها أو عذابها نسأل الله
العافية.
ـ قوله تعالى {هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ}
فيجتمع
عليهم العذاب البدني والألم البدني بصلي النار وكذلك العذاب القلبي بالتوبيخ والتنديم. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
459/10)
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق