الاثنين، 24 يونيو 2019


تفسير جزء عم (سورة التكوير)(2)

قـال الله تعـالى

(فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) سورة التكوير(15ـ29)


الفوائد من هذه الآيات:

1)  أقسم الله بهذه النجوم.

في قوله تعالى (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ) التكوير:15ـ 16

قد يظن بعض الناس أن {لا} نافية وليس كذلك، بل هي مثبتة للقسم ويؤتى بها بمثل هذا التركيب للتأكيد.

ـ قوله(بِالْخُنَّسِ): جمع خانسة، وهي النجوم التي تخنس، أي ترجع فبينما تراها في أعلى الأفق إذا بها راجعة إلى آخر الأفق، وذلك والله أعلم لارتفاعها وبُعدها فيكون ما تحتها من النجوم أسرع منها في الجري بحسب رؤية العين

ـ قوله (الْكُنَّسِ): هي التي تكنس أي تدخل في مغيبها. فأقسم الله بهذه النجوم.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 441/10)



2) أقسم الله في الليل والنهار .

في قوله تعالى (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) التكوير (17ـ18)

ـ قوله{ عَسْعَسَ } يعني أقبل، وقيل: معناه أدبر

. لكن الذي يظهر أن معناها «أقبل» ليوافق أو ليطابق ما بعده من القسم. وهو قوله { وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } فيكون الله أقسم بالليل حال إقباله، وبالنهار حال إقباله. وإنما أقسم الله تعالى بهذه المخلوقات لعظمها وكونها من آياته الكبرى. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 442/10)


 

3) صفات جبريل عليه السلام.

في قوله تعالى (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ )التكوير (19ـ21)

هو جبريل عليه الصلاة والسلام، فإنه رسول الله إلى الرسل بالوحي الذي ينزله عليهم.

ووصفه الله بالكرم لحسن منظره

ـ قوله{ ذِي قُوَّةٍ } وصفه الله تعالى بالقوة العظيمة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلّم رآه على صورته التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح قد سدّ الأفق (أخرجه البخاري كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة صلوات الله عليهم (3232) (3235)

 كله من عظمته عليه الصلاة والسلام،

ـ وقوله{ عِندَ ذِي الْعَرْشِ} أي عند صاحب العرش وهو الله جل وعلا، والعرش فوق كل شيء، وفوق العرش رب العالمين عز وجل.. فذو العرش هو الله.

 وقوله{ مَكِينٍ } أي ذو مكانة، أي أن جبريل عند الله ذو مكانة وشرف. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 442/10)

* أقسم الله على أن القرآن قول الرسول الملكي والرسول البشري .

ـ في قوله تعالى { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} التكوير (19ـ20)

 أقسم الله عز وجل على أن هذا القرآن قول هذا الرسول الكريم الملكي جبريل عليه الصلاة والسلام،

ـ  في قوله تعالى: {فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون. إنه لقول رسول كريم. وما هو بقول شاعر} [الحاقة: 38 ـ 41] .

أقسم أن هذا القرآن قول رسول كريم بشري وهو محمد عليه الصلاة والسلام .

س: كيف يصف الله القرآن بأنه قول الرسول البشري، والرسول الملكي؟

فالقرآن قول الله حقيقة، وقول جبريل باعتبار أنه بلغه لمحمد، وقول محمد باعتبار أنه بلغه إلى الأمة.( (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 443ـ 444/10)

 

4) النبي عليه الصلاة والسلام أكمل الناس عقلاَ.

في قوله تعالى (وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ )التكوير :22

ـ قوله{ وَمَا صَاحِبُكُم } أي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وتأمل أنه قال:

{ وَمَا صَاحِبُكُم } فأضافه إليهم ليكون أشد لوماً وتوبيخاً لهم حين ردوا دعوته كأنه قال: ما صاحبكم الذي تعرفونه وأنتم وإياه دائماً، بقي فيهم أربعين سنة في مكة قبل النبوة يعرفونه، ويعرفون صدقه وأمانته، حتى كانوا يطلقون عليه اسم الصادق الأمين .

ـ قوله{ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ } يعني ليس مجنوناً، بل هو أعقل العقلاء عليه الصلاة والسلام، أكمل الناس عقلاً بلا شك وأسدّهم رأياً. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين  444/10)




5) رؤية الرسول محمد لجبريل عليه السلام.

في قوله تعالى (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ)التكوير :23

 ـ قوله { وَلَقَدْ رَآهُ} أي رأى محمد جبريل

 ـ قوله{ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} المبين أي البين الظاهر العالي.

 فإن الرسول عليه الصلاة والسلام رأى جبريل على صورته التي خُلق عليها مرتين:

1/ مرة في غار حراء

(أخرجه البخاري كتاب بدء الوحي، كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) . ومسلم كتاب الإيمان باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (160) (252) .

2/  ومرة في السماء السابعة لما عُرج به عليه الصلاة والسلام (  أخرجه البخاري كتاب باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء (349) ومسلم كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم (162) (259) .

 وهذه الرؤية هي التي في غار حراء، لأنه يقول

{ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ } إذن محمد في الأرض. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين  444/10)




6) كمال صدق النبي عليه الصلاة والسلام.

في قوله تعالى (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ)التكوير)24ـ25)

ـ قوله {وَمَا هُوَ} يعني ما محمد صلى الله عليه وسلّم

 ـ قوله{عَلَى الْغَيْبِ} يعني على الوحي الذي جاءه من عند الله

ـ قوله{ بِضَنِينٍ} بالضاد أي ببخيل، فهو عليه الصلاة والسلام ليس بمتهم في الوحي ولا باخل به،

بل هو أشد الناس بذلاً لما أوحي إليه، يعلم الناس في كل مناسبة، وهو أبعد الناس عن التهمة لكمال صدقه عليه الصلاة والسلام.

ـ قوله(وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } أي ليس القرءان بقول أحد من الشياطين، وهم الكهنة. الذين توحي إليهم الشياطين الوحي ويكذبون معه ويخبرون الناس فيظنونهم صادقين. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين  444/10)

 

7) القرآن ذكر للعالمين.

في قوله تعالى (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ)التكوير(26ـ27)

ـ قوله (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ )أي : فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه وبيان كونه جاء من عند الله عز وجل.(تفسير ابن كثير481/4)

ـ قوله{إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ }  ذكر يشمل التذكير والتذكّر، فهو تذكير للعالمين، وتذكر لهم، أي أنهم يتذكرون به ويتعظون به

والمراد بالعالمين: من بُعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين  ـ 445ـ444/10)





8) مشيئة الله نافذة عل عباده.

(لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)التكوير(28ـ29)

ـ قوله (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ)

أي من أراد الهداية فعليه بهذا القرآن فإنه منجاة له وهداية ولا هداية فيما سواه.( (تفسير ابن كثير481/4)

ـ قوله(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)

أي ليست المشيئة موكولة إليكم فمن شاء اهتدى ومن شاء ضل بل ذلك كله تابع لمشيئة الله عز وجل رب العالمين. (تفسير ابن كثير481/4)

تم بحمد الله تفسير سورة التكوير

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق