الاثنين، 24 يونيو 2019


تفسير جزء عم (سورة الانفطار )

بسم الله الرحمن الرحيم

 (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ * يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ * كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ *إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا  وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ) سورة الانفطار (1ـ19)

الفوائد من هذه الآيات:

1) ما يكون في يوم القيامة.

في قوله تعالى (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) الانفطار(1ـ 5)

ـ قال تعالى (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ) يعني انشقت.

ـ قال تعالى { وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ } يعني النجوم صغيرها وكبيرها تنتثر وتتفرق وتتساقط لأن العالم انتهى

ـ قال تعالى { وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ } أي فُجر بعضها على بعض وملئت الأرض

ـ قال تعالى{ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } أي أخرج ما فيها من الأموات حتى قاموا لله عز وجل.

 فهذه الأمور الأربعة إذا حصلت.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 449/10)

ـ قوله تعالى { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } أي إذا كان هذا حصل هذا.(تفسير ابن كثير(482/4)

ـ {نفس} هنا نكرة لكنها بمعنى العموم إذ أن المعنى:

 علمت كل نفس ما قدمت وأخرت، وذلك بما يُعرض عليها من الكتاب ، فيعلم الإنسان ما قدم وأخر، بينما هو في الدنيا قد نسي، لكن يوم القيامة يعرض العمل فتعلم كل نفس ما قدمت وأخرت،

والغرض من هذا التحذير: تحذير العبد من أن يعمل مخالفة لله ورسوله؛ لأنه سوف يعلم بذلك ويحاسب عليه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 449ـ450/10).

  

2)اغترار الانسان بكرم الله.

في قوله تعالى(أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ * كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ)الانفطار(6ـ9)

ويخاطب الإنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن ديانته

ـ قوله تعالى { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} يعني أي شيء غرك بالله حيث تكذبه في البعث، تعصيه في الأمر والنهي، بل ربما يوجد من ينكر الله عز وجل

إذاً ما غرك بربك الكريم؟

الجواب: كرمه وحلمه هذا هو الذي غر الإنسان وصار يتمادى في المعصية في التكذيب، يتمادى في المخالفة .

ـ قوله تعالى (الَّذِي خَلَقَكَ} خلقك من العدم، وأوجدك من العدم،

ـ قوله تعالى{ فَسَوَّاكَ } أي جعلك مستوي الخلقة ليست يد أطول من يد، ولا رجل أطول من رجل، ولا أصبع أطول من أصبع، بحسب اليدين والرجلين، فتجد الطويل في يد هو الطويل في اليد الأخرى، والقصير هو القصير، وهلم جرى، سوّى الله عز وجل الإنسان من كل ناحية من ناحية الخلقة .

ـ قوله تعالى { فَعَدَلَكَ } وفي قراءة سبعية {فعدَّلك} أي جعلك معتدل القامة، مستوي الخلقة لست كالبهائم التي لم تكن معدّلة بل تسير على يديها ورجليها، أما الإنسان فإنه خصّه الله بهذه الخصيصة

ـ قوله تعالى { فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ } يعني الله ركبك في أي صورة شاء، من الناس من هو جميل، ومنهم من هو قبيح، ومنهم المتوسط، ومنهم الأبيض، ومنهم الأحمر، ومنهم الأسود، ومنهم ما بين ذلك، أي صورة يركبك الله عز وجل على حسب مشيئته. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 450/10).

ـ قوله تعالى (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) أي : بل إنما يحملكم على مواجهة الكريم ومقابلته بالمعاصي تكذيب في قلوبكم بالمعاد والجزاء والحساب .(تفسير ابن كثير 483/4)

 

4) ملائكة الحفظة على العباد.

في قوله تعالى(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)الانفطار(10ـ12)

ـ قوله تعالى (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ) فعلى كل إنسان حفظة يكتبون كل ما قال وكل ما فعل.

ـ قوله تعالى(كِرَامًا كَاتِبِينَ ) وهؤلاء الحفظة كرام ليسوا لئاماً، بل عندهم من الكرم ما ينافي أن يظلموا أحداً، فيكتبوا عليه ما لم يعمل، أو يهدروا ما عمل؛ لأنهم موصوفون بالكرم

ـ قوله تعالى { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }

ـ إما بالمشاهدة إن كان فعلاً

ـ وإما بالسماع إن كان قولاً

ـ بل إن عمل القلب يطلعهم الله عليه فيكتبونه

كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «من هم بالحسنة فلم يعملها كتبت حسنة، ومن همّ بالسيئة ولم يعملها كتبت حسنة كاملة» (أخرجه البخاري(6491),ومسلم(131)

لأنه تركها لله عز وجل والأول يثاب على مجرد الهم بالحسنة. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 451/10).



5) الجزاء من جنس العمل.

1/ قوله تعالى (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ)الانفطار:13

ـ قوله تعالى{ إِنَّ الْأَبْرَار} جمع بر وهم كثيروا فعل الخير، المتباعدون عن الشر

ـ قوله تعالى{ لَفِي نَعِيمٍ} أي نعيم في القلب، ونعيم في البدن ولهذا لا تجد أحداً أطيب قلباً، ولا أنعم بالاً من الأبرار أهل البر.

قال بعض السلف:

«لو يعلم الملوك، وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف» ،

 وهذا النعيم الحاصل يكون في الدنيا وفي الآخرة

ـ أما في الآخرة فالجنة

ـ وأما في الدنيا فنعيم القلب وطمأنينته ورضاه بقضاء الله وقدره.

فإن هذا هو النعيم الحقيقي، ليس النعيم في الدنيا أن تترف بدنيًّا، النعيم نعيم القلب. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 451/10).

 

 

2/ قوله تعالى (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ *يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ)الانفطار(14ـ16)

ـ قوله تعالى (وَإِنَّ الْفُجَّارَ } الفجار هم الكفار ضد الأبرار

ـ قوله تعالى { لَفِي جَحِيمٍ } أي في نار حامية

ـ قوله تعالى { يَصْلَوْنَهَا } يعني يحترقون بها

ـ قوله تعالى { يَوْمَ الدِّينِ } أي يوم الجزاء وذلك يوم القيامة

 ـ قوله تعالى { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} أي لن يغيبوا عنها فيخرجوا منها لأنهم مخلدون بها أبداً ـ والعياذ بالله. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 451/10).

 



 

6)أن الامر كله لله جل وعلا.

في قوله تعالى (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا  وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ)الانفطار (17ـ19)

هذا الاستفهام للتفخيم والتعظيم يعني أي شيء أعلمك بيوم الدين؟

والمعنى أعلم هذا اليوم، وأقدره قدره

ـ قوله تعالى { يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا} في يوم القيامة لا أحد يملك لأحد شيئاً لا بجلب خير ولا بدفع ضرر إلا بإذن الله عز وجل لقوله:

ـ قوله تعالى { وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ } في الأمر لله عز وجل ولا تملك نفس لنفس شيئاً إلا بإذن الله، ولهذا كان الناس في ذلك اليوم يلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون، ثم يطلبون الشفاعة من آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم الصلاة والسلام حتى تنتهي إلى نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيشفع بإذن الله فيريح الله العالم من الموقف. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 451ـ452/10).

تم بحمد الله تفسير سورة الانفطار

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق