تفسير جزء عم (سورة عبس)(2)
قال الله تعالى
(قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ
أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ
* ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ *كَلَّا لَمَّا يَقْضِ
مَا أَمَرَهُ * فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ
صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا
وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا
* مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) سورة عبس (17ـ 32)
الفوائد من هذه الآيات:
1) ذم منكر البعث
والنشور.
في قوله تعالى (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ
* مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ
يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ* كَلَّا لَمَّا
يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) عبس (17ـ 23)
1ـ قال تعالى(قُتِلَ الْإِنسَانُ
مَا أَكْفَرَهُ)عبس: 17
يقول تعالى ذاما لمن أنكر البعث والنشور من بني آدم
ـ قوله تعالى (قُتِلَ
الْإِنسَانُ)
قال الضحاك عن ابن عباس:
لعن
الإنسان وكذا
قال أبو مالك: وهذا لجنس الإنسان المكذب لكثرة تكذيبه
بلا مستند بل بمجرد الاستبعاد وعدم العلم. (تفسير
ابن كثير 473/4)
قال بعض العلماء:
ـ المراد بالإنسان هنا الكافر خاصة، وليس كل إنسان
ـ ويحتمل أن يكون المراد بالإنسان الجنس، لأن أكثر بني آدم كفار.
كما ثبت في الحديث الصحيح:
أن الله يقول يقوم القيامة:
«يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول له الله عز وجل: أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار.
فيقول: يا رب، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين» (أخرجه البخاري كتاب الرقاق، باب
"إن زلزلة الساعة شيء عظيم" (6530) .
ـ فيكون المراد بالإنسان هنا
الجنس ويخرج المؤمن من ذلك بما دلت عليه النصوص الأخرى.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 434/10)
ـ قوله تعالى(مَا أَكْفَرَهُ)
قال ابن جرير :ما أشد كفره .(تفسير ابن كثير 473/4)
والكفر هنا : يشمل كل أنواع الكفر، ومنه إنكار البعث
فإن كثيراً من الكفار كذبوا بالبعث وقالوا: لا يمكن أن يُبعث الناس بعد أن كانت عظامهم
رميماً.. .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 433ـ434/10)
2ـ قال تعالى (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)عبس:18
قال ابن كثير:
ثم بين تعالى له كيف خلقه من الشيء الحقير وأنه قادر على إعادته كما بدأه. (تفسير ابن كثير 473/4)
3ـ قال تعالى (مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ)عبس:19
يعني أنت أيها الإنسان الذي تكفر بالبعث؟ من أي شيء خلقت؟
ألم تخلق من العدم لم تكن شيئاً مذكوراً من قبل فوجدت وصرت إنساناً فكيف
تكفر بالبعث؟
ولهذا قال: { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ }
والنطفة: هي في الأصل الماء القليل، والمراد به هنا
ماء الرجل الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب يلقيه في رحم المرأة فتحمل .
ـ
قوله تعالى{ فَقَدَّرَهُ }
أي جعله مقدراً أطواراً: نطفة،
ثم علقة، ثم مضغة
كما في الحديث الصحيح :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
الصادق المصدوق فقال:
«إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل
ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات:
بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل
الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها،
وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب
فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها» (مسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن
أمه وكتابة رزقه وآجله وعمله، وشقاوته وسعادته (2643) (1)) .(التفسير الثمين الشيخ
محمد العثيمين 434/10).
4 ـ قوله تعالى (ثُمَّ
السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) عبس :20
السبيل هنا : بمعنى الطريق
ـ
يسر له الطريق ليخرج من بطن أمه إلى عالم المشاهدة،
ـ ويسر له بعد ذلك ما فتح له من خزائن الرزق
ـ ويسر له فوق هذا كله وما هو أهم وهو طريق
الهدى والفلاح وذلك بما أرسل إليه من الرسالات، وأنزل عليه من الكتب (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
434ـ435/10).
5ـ قوله تعالى (ثُمَّ
أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ)عبس:21
ـ قوله تعالى{ أَمَاتَهُ }
الموت مفارقة الروح للبدن.
ـ قوله تعالى{ فَأَقْبَرَهُ }
أي جعله في قبر، أي مدفوناً ستراً عليه وإكراماً واحتراماً؛ لأن البشر
لو كانوا إذا ماتوا كسائر الميتات جثثاً ترمى في الزبال لكان في ذلك إهانة عظيمة للميت
ولأهل الميت
ولكن من نعمة الله سبحانه وتعالى أن شرع لعباده هذا الدفن
ولهذا قال ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله تعالى: { فَأَقْبَرَهُ }
قال: أكرمه بدفنه. (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 435/10).
حديث: عن النبي صلى الله
عليه وسلم :
(قال يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه
قيل وما هو يا رسول الله :قال مثل حبة خردل منه ينشئون ).وهذا الحديث ثابت في الصحيح من رواية الأعمش
عن أبي صالح عن أبي هريرة .(تفسير ابن كثير 473/4)
6ـ قوله تعالى (كَلَّا
لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ)عبس:22
المعنى: أن الله تعالى لم يقضِ ما أمره، أي ما أمر
به كوناً وقدراً
أي أن الأمر لم يتم لنشر أو لانشار هذا الميت بل له موعد منتظر
وفي هذا رد على المكذبين بالبعث:
الذين يقولون لو كان البعث حقًّا لوجدنا آباءنا الآن
وهذا القول منهم تحدٍ مكذوب .
لأن الرسل لم تقل لهم إنكم تبعثون الان، ولكنهم قالوا لهم إنكم تبعثون
جميعاً بعد أن تموتوا جميعاً (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 435/10).
2) نعم الله على
عباده.
في قوله تعالى (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ
* أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا
فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا
* وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) عبس(24ـ32)
1ـ قوله تعالى { فَلْيَنظُرِ
الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ }عبس:24 .
أي فلينظر إلى طعامه من أين جاء؟ ومن جاء به؟ وهل أحدٌ خلقه سوى الله
عز وجل؟
2ـ قوله تعالى { أَنَّا
صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا }عبس:25
يعني: من السحاب
أي: أنزلناه من السماء على الأرض. (تفسير
ابن كثير 473/4)
3ـ قوله تعالى (ثُمَّ
شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا }عبس:26
بعد نزول المطر عليها تتشقق بالنبات.
4ـ قوله تعالى (فَأَنبَتْنَا
فِيهَا حَبًّا* وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا)عبس: (27ـ29
أي في الأرض
ـ قوله{حبًّا} كالبر والرز والذرة والشعير وغير ذلك من
الحبوب الكثيرة.
ـ قوله{وَعِنَبًا} معروف
ـ قوله{ وَقَضْبًا} قيل: إنه القت المعروف.
ـ قوله{ وَزَيْتُونًا} معروف
ـ قوله{ وَنَخْلًا } يؤكل بلحا بسرا ورطبا وتمرا ونيئا.(تفسير ابن كثير 473/4)
5ـ قوله تعالى (وَحَدَائِقَ
غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)عبس(30ـ 31ـ32)
ـ قوله { وَحَدَائِقَ غُلْبًا } حدائق جمع حديقة، والغلب كثير الأشجار.
ـ قوله {وَفَاكِهَةً} يعني ما يتفكه به الإنسان من أنواع الفواكه.
ـ قوله {وأبًّا} الأب نبات معروف عند العرب ترعاه الإبل.
ـ قوله {مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}عبس:32
يعني أننا فعلنا ذلك متعة لكم، يقوم بها أودكم، وتتمتعون بها أيضاً بالتفكه
بهذه النعم. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
435/10).
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق