تفسير جزء عم (سورة النبأ)(1)
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ}
{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِى
هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * أَلَمْ
نَجْعَلِ الاَْرْضَ مِهَداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً * وَخَلَقْنَكُمْ أَزْوَجاً
* وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا الَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا
النَّهَارَ مَعَاشاً * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً
وَهَّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً * لِّنُخْرِجَ بِهِ
حَبّاً وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا *)النبأ(1ـ16)
الفوائد على هذه الآيات:
1) النبأ العظيم
في قوله تعالى{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ
الْعَظِيمِ * الَّذِى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ
سَيَعْلَمُونَ *)النبأ(1ـ5)
قال ابن كثير:
وهو النبأ العظيم يعني الخبر الهائل المفظع الباهر قال قتادة وابن زيد
النبأ العظيم البعث بعد الموت وقال مجاهد هو القرآن.(تفسير ابن كثير 4/ 462)
قال الشيخ محمد العثيمين :
وهذا النبأ هو ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من البينات والهدى،
ولاسيما ما جاء به من الأخبار عن اليوم الآخر والبعث والجزاء، وقد اختلف الناس في هذا
النبأ الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
ـ فمنهم من آمن به وصدق
ـ ومنهم من شك فيه وتردد
ـ ومنهم من كفر به وكذب
فبين الله أن هؤلاء الذين كذبوا سيعلمون ما كذبوا به علم اليقين، وذلك
إذا رأوا يوم القيامة يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق،
ولهذا قال سبحانه هنا: { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ }(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/405ـ406)
2) نعم الله على عباده.
في قوله تعالى (أَلَمْ نَجْعَلِ الاْرْضَ مِهَداً
* وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً * وَخَلَقْنَكُمْ أَزْوَجاً * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً
* وَجَعَلْنَا الَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً * وَبَنَيْنَا
فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنَ
الْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً * لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً *وَجَنَّاتٍ
أَلْفَافًا)النبأ (6ـ16)
1ـ قوله تعالى (الاْرْضَ مِهَداً ).
أي جعل الله الأرض مهاداً ممهدة للخلق ليست بالصلبة التي لا يستطيعون
حرثها، ولا المشي عليها إلا بصعوبة، وليست باللينة الرخوة التي لا ينتفعون بها، ولا
يستقرون فيها، ولكنها ممهدة لهم على حسب مصالحهم وعلى حسب ما ينتفعون به. }(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
10/ـ406)
2ـ وقوله تعالى (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً ).
أي : جعلها لها أوتادا أرساها بها وثبتها وقررها حتى سكنت ولم تضطرب بمن
عليها. .(تفسير ابن كثير 4/ 462
3ـ وقوله تعالى (وَخَلَقْنَكُمْ أَزْوَجاً)
أي أصنافاً ما بين ذكر وأنثى، وصغير وكبير، وأسود وأحمر، وشقي وسعيد إلى
غير ذلك مما يختلف الناس فيه، فهم أزواج مختلفون على حسب ما أراده الله عز وجل واقتضته
حكمته ليعتبر الناس بقدرة الله تعالى، وأنه قادر على أن يجعل هذا البشر الذين خلقوا
من مادة واحدة ومن أب واحد على هذه الأصناف المتنوعة المتباينة. }(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ـ406)
4ـ وقوله تعالى (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً)
أي قاطعاً للتعب، فالنوم يقطع ما سبقه من التعب، ويستجد به الإنسان نشاطاً
للمستقبل، ولذلك تجد الرجل إذا تعب ثم نام استراح وتجدد نشاطه، وهذا من النعمة وهو
أيضاً من آيات الله. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
10/ـ406)
5ـ وقوله تعالى (وَجَعَلْنَا الَّيْلَ لِبَاساً)
أي جعل الله هذا الليل على الأرض بمنزلة اللباس كأن الأرض تلبسه ويكون
جلباباً لها، وهذا لا يعرفه تمام المعرفة إلا من صعد
فوق ظل الأرض، وقد رأينا ذلك من الايات العجيبة إذا صعدت في الطائرة وارتفعت وقد غابت
الشمس عن سطح الأرض ثم تبينت لك الشمس بعد أن ترتفع تجد الأرض وكأنما كسيت بلباس أسود. (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/406)
6ـ وقوله تعالى (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً
)
أي جعلناه مشرقا نيرا مضيئا ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء
للمعاش والتكسب والتجارات وغير ذلك. (تفسير
ابن كثير 4/ 463)
7ـ وقوله تعالى (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً)
وهي السماوات السبع، وصفها الله تعالى بالشداد لأنها قوية. (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ـ406 )
8ـ وقوله تعالى (وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً)
يعني بذلك الشمس فهي سراج مضيء، وهي أيضاً ذات حرارة عظيمة. ، وحرارتها
في أيام الصيف حرارة شديدة مع بعدها الساحق عن الأرض، فما ظنك بما يقرب منها، ثم إنها
تكون في أيام الحر في شدة حرها من فيح جهنم،
*
كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:
«إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة،
فإن شدة الحر من فيح جهنم» ( أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر
(536) . ومسلم كتاب المساجد، باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر (615).
*وقال عليه الصلاة
والسلام:
«اشتكت النار إلى الله فقالت:
يا رب، أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فأشد ما تجدون
من البرد من زمهرير جهنم، وأشد ما يكون من الحر من فيح جهنم» ( أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة
النار وأنها مخلوقة (3620) . ومسلم كتاب المساجد،..باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة
الحر (617)
* ومع ذلك فإن فيها مصلحة عظيمة للخلق
أ) فهي توفر على الخلق أموالاً عظيمة في وقت النهار
حيث يستغني الناس بها عن إيقاد الأنوار
ب) وكذلك الطاقة التي تستخرج منها تكون فيها فوائد
كثيرة.
ج) وكذلك إنضاج الثمار وغير هذا من الفوائد العديدة
من هذا السراج الذي جعله الله عز وجل لعباده. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
10/407)
9ـ وقوله تعالى (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَآءً
ثَجَّاجاً * لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً)
ـ وقوله تعالى (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ
)
يعني من السحاب، ووصفها الله بأنها معصرات كأنما تعصر هذا المطر عند نزوله
عصراً، كما يعصر الثوب، فإن هذا الماء يتخلل هذا السحاب ويخرج منه كما يخرج الماء من
الثوب المعصور،
ـ وقوله تعالى {ماء ثجَّاجاً}
أي كثير لثج يعني الإنهمار والتدفق
وذلك لغزارته وقوته حتى يروي الأرض.
ـ وقوله تعالى {لنخرج به}
أي لنخرج بهذا الماء الذي أنزل
من السماء إلى الأرض.
ـ وقوله تعالى {حبًّا ونباتاً}
فتنبت الأرض ويخرج الله به من
الحب بجميع أصنافه وأنواعه البر والشعير والذرة وغيرها. والنبات من الثمار كالتين والعنب
وما أشبه ذلك. (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/407)
10ـ وقوله تعالى (وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا)
أي بساتين ملتفاً بعضها إلى بعض، من كثرتها وحسنها وبهائها حتى إنها لتستر
من فيها لكثرتها، والتفاف بعضها إلى بعض، وهي الأشجار التي لها ساق، فيخرج من هذا الماء
الثجاج الزروع والنخيل والأعناب وغيرها سواء خرج منه مباشرة أو خرج منه بواسطة استخراج
الماء من باطن الأرض. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
10/407)
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق