تفسير جزء عم (سورة التكوير)(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ
انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا
الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ
* وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ
* وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ
أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ) سورة التكوير (1ـ14)
الفوائد من هذه الآيات:
* ما يكون في يوم القيامة.
1ـ قوله تعالى (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) التكوير :1
التكوير: جمع الشيء بعضه إلى بعض ولفّه كما تكوّر
العمامة على الرأس
والشمس: كتلة عظيمة كبيرة واسعة في يوم القيامة
يكورها الله عز وجل فيلفها جميعاً ويطوي بعضها على بعض فيذهب نورها (انظر صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق باب
صفة الشمس والقمر.)
ويلقيها عز وجل في النار عز وجل إغاظة للذين يعبدونها من دون الله.
قال الله تبارك وتعالى: { إِنَّكُمْ
وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ }الانبياء: 98
(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 437/10)
(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 437/10)
2ـ قوله تعالى (وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ) التكوير :2
انكدرت: يعني تساقطت , فالنجوم يوم القيامة تتناثر وتزول عن أماكنها. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
438/10)
3ـ قوله تعالى (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) التكوير :3
هذه الجبال العظيمة الصلبة العالية الرفيعة تكون هباءً يوم القيامة. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
438/10)
أي زالت عن أماكنها ونسفت فتركت الأرض قاعا صفصفا.(تفسير ابن كثير 477/4)
4ـ قوله تعالى (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ) التكوير :4
العشار: جمع عشراء، وهي الناقة الحامل التي تم لحملها عشرة أشهر وهي من
أنفس الأموال عند العرب، وتجد صاحبها يرقبها ويلاحظها، ويعتني بها ويأوي إليها ويحف
بها في الدنيا، لكن في الآخرة تعطل ولا يلتفت إليها؛ لأن الإنسان في شأن عظيم مزعج
ينسيه كل شيء. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
438/10)
5ـ قوله تعالى (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) التكوير :5
الوحوش: جمع وحش، والمراد بها جميع الدواب،. فستحشر الدواب يوم القيامة
ويشاهدها الناس ويُقتص لبعضها من بعض، حتى إنه يقتص للبهيمة الجلحاء التي ليس لها قرن
من البهيمة القرناء.
حديث : عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال
( لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى
يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ)(أخرجه مسلم كتاب البر والصلة، باب تحريم
الظلم (2582)
فإذا اقتص من بعض هذه الوحوش
لبعض أمرها الله تعالى فكانت تراباً، وإنما يفعل ذلك سبحانه وتعالى لإظهار عدله بين
خلقه. (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 438/10)
6ـ قوله تعالى (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) التكوير :6
البحار: جمع بحر وجمعت لعظمتها وكثرتها، فإنها تمثل ثلاثة أرباع الأرض
تقريباً أو أكثر.
هذه البحار العظيمة إذا كان يوم
القيامة فإنها تُسجر، أي توقد ناراً، تشتعل ناراً عظيمة وحينئذ تيبس الأرض ولا يبق
فيها ماء؛ لأن بحارها المياه العظيمة تسجّر حتى تكون ناراً. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
438/10)
7ـ قوله تعالى (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) التكوير :7
النفوس : جمع نفس، والمراد بها الإنسان كله، فتزوّج النفوس يعني يُضم
كل صنف إلى صنفه؛ فيوم القيامة يضم كل شكل
إلى مثله، أهل الخير إلى أهل الخير، وأهل الشر إلى أهل الشر، وهذه الأمة يضم بعضها
إلى بعض كل أمة إلى أمتها. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
438/10)
8ـ قوله تعالى (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) التكوير :(8ـ 9)
الموؤدة : هي الأنثى تدفن حية، وذلك أنه في الجاهلية لجهلهم وسوء ظنهم بالله
وعدم تحملهم يعيّر بعضهم بعضاً إذا أتته الأنثى، فإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه
مسوداً وهو كظيم
إذا قيل لأحدهم نبشرك أن الله جاء لك بأنثى ـ ببنت ـ اغتم واهتم، وامتلأ
من الغم والهم، وصار يفكر
هل يبقي هذه الأنثى على هون وذل؟
هل يبقي هذه الأنثى على هون وذل؟
أو يدسها في التراب ويستريح منها؟
فكان بعضهم هكذا، وبعضهم هكذا.
فمنهم من يدفن البنت وهي حية، إما قبل أن تميز أو بعد أن تميز، حتى إن بعضهم كان يحفر
الحفرة لبنته فإذا أصاب لحيته شيء من التراب نفضته عن لحيته وهو يحفر لها ليدفنها ولا
يكون في قلبه لها رحمة، وهذا يدلك على أن الجاهلية أمرها سفال، فإن الوحوش تحنو على
أولادها وهي وحوش، وهؤلاء لا يحنون على أولادهم.
فالموؤدة تُسأل بأي ذنب قتلت توبيخاً لظالمها وقاتلها ودافنها نسأل الله
العافية. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
438ـ 439/10)
10ـ قوله تعالى (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) التكوير :10
الصحف: جمع صحيفة، وهي ما يكتب فيها الأعمال. واعلم أيها الإنسان أن كل
عمل تعمله من قول أو فعل فإنه يكتب ويسجل بصحائف على يد أمناء كرام كاتبين يعلمون ما
تفعلون، يسجل كل شيء تعمله حتى توافى يوم القيامة
حديث: وعن أَبي شُريْحٍ الخُزاعيِّ: أَنَّ النَّبيَّ ﷺ
قَالَ:
« ومَنْ كانَ يُؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ
لِيَسْكُتْ» (أخرجه
البخاري كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره (6018) ومسلم
كتاب الإيمان باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير (47) (74)
.
لأن كل شيء سيكتب عليه، ومن كثُر كلامُه كثُر سقطه،
يعني الذي يُكثر الكلام يكثر منه السقط والزلات، فاحفظ لسانك فإن الصحف سوف يكتب فيها
كل ما تقول وسوف تنشر لك يوم القيامة. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 439/10)
11ـ قوله تعالى
(وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ) التكوير :11
السماء فوقنا الان سقف محفوظ قوي شديد. أي قوية.
وفي يوم القيامة تكشط يعني تُزال
عن مكانها كما يكشط الجلد عند سلخ البعير عن اللحم يكشطها الله عز وجل ثم يطويها جل
وعلا بيمينه
فالسماء تكشط يوم القيامة ويبقى الأمر فضاء إلا أن الله تعالى يقول:
{ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } [الحاقة: 17] .
يكون بدل السماء التي فوقنا الان
يكون الذي فوقنا هو العرش؛ لأن السماء تطوى بيمين الله عز وجل يطويها بيمينه ويهزها
وكذلك يقبض الأرض
حديث: « عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم
يقول أنا الملك أين ملوك الأرض) (أخرجه البخاري كتاب الرقاق، باب يقبض الله
الأرض يوم القيامة (6519) ومسلم كتاب صفات المنافقين، باب صفة القيامة والجنة والنار
(2787) (23) (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 439/10)
12ـ قوله تعالى
(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) التكوير :12
الجحيم :هي النار، وسميت بذلك لبعد قعرها وظلمة مرءاها. تُسعر أي توقد.
وما وقودها الذي توقد به؟
وقودها الذي توقد به قال الله عنه:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم: 6] .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم: 6] .
بدل ما توقد بالحطب يكون الوقود الناس يعني الكفار. والحجارة حجارة من
نارٍ عظيمة شديدة الاشتعال شديدة الحرارة، هذا تسعير جهنم . (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 440/10)
13ـ قوله تعالى
(وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) التكوير :13
الجنة : دار المتقين فيها
ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
ـ قوله{ أُزْلِفَتْ } يعني قُرِّبت وزُيِّنت للمؤمنين، وانظر الفرق بين
هذا وذاك. دار الكفار تسعّر، توقد، ودار المؤمنين تزيّن وتقرّب. . (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 440/10)
14ـ قوله تعالى
(عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ) التكوير :14
هذه اثنتا عشرة جملة
في قوله تعالى (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
* وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ
عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا
النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ
* وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ
سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ)التكوير:(1ـ 13)
إلى الان لم يأت بالجواب.
لأن كلها في ضمن الشرط { إِذَا الشَّمْسُ
كُوِّرَتْ } فالجواب لم يأت بعد ماذا يكون إذا كانت هذه الأشياء؟
وقوله (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ) هذا هو الجواب ، أي إذا وقعت هذه الأمور
حينئذ تعلم كل نفس ما عملت وأحضر .(تفسير ابن كثير 479/4)
. فتعلم في ذلك اليوم كل نفس ما أحضرت من خير أو شر، في الدنيا نعلم ما
نعمل من خير وشر لكن سرعان ما ننسى. نسينا الشيء الكثير لا من الطاعات ولا من المعاصي،
ولكن هذا لن يذهب سدى كما نسيناه؟
بل والله هو باق، فإذا كان يوم القيامة أحضرته أنت بإقرارك على نفسك بأنك
عملته.
فهذه الأمور التي ذكر الله في هذ الآيات أمور حقيقية يجب أت تؤمن بها
كأنك تراها رأي العين ثم بعد الإيمان بها يجب أن تعمل بمقتضي ما تدل عليه من الاتعاظ
و الانزجار، والقيام بالواجب، وترك المنهيات حتى تكون من أهل القرآن الذين يتلونه حق
تلاوته. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 440ـ441/10)
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق