الجمعة، 17 أغسطس 2018


لمعة الاعتقاد(7)

فصل (كلام الله)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين

قال المؤلف:

( وَمِنْ صِفَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى, أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ قَدِيمٍ, يَسْمَعْهُ مِنْهُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ, سَمِعَهُ مُوسَى -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- مِنْهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ, وَسَمِعَهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ-, وَمَنْ أَذِنَ لَهُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ, وَأَنَّهُ -سُبْحَانَهُ- يُكَلِّمُ اَلْمُؤْمِنِينَ فِي اَلْآخِرَةِ, وَيُكَلِّمُونَهُ, وَيَأْذَنُ لَهُمْ فَيَزُورُونَهُ, قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)(النساء: من الآية164)وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي)(لأعراف: من الآية144)] وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (منهم من كلم الله)(البقرة 253) وَقَالَ سُبْحَانَهُ : (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب)(الشورى: من الآية51) وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى) (طـه:11)

وَقَالَ سُبْحَانَهُ : (أننى أنا الله لا اله الا أنا فاعبدوني) وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا أَحَدٌ غَيْرُ اَللَّهِ .

وَقَالَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِذَا تَكَلَّمَ اَللَّهُ بِالْوَحْيِ, سَمِعَ صَوْتَهُ أَهْلُ اَلسَّمَاءِ, رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ اَلنَّبِيِّ -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَرَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ عَنْ اَلنَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم ) أَنَّهُ قَالَ (( يَحْشُرُ اَللَّهُ اَلْخَلَائِقَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عُرَاةً حُفَاةً غُرْلاً بُهْمًا فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعْهُ مَنْ بَعُدَ, كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ أَنَا اَلْمُلْكُ, أَنَا اَلدَّيَّانُ )) رَوَاهُ اَلْأَئِمَّةُ, وَاسْتَشْهَدَ بِهِ اَلْبُخَارِيُّ .

وَفِي بَعْضِ اَلْآثَارِ أَنَّ مُوسَى -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- لَيْلَةً رَأَى اَلنَّارَ, فَهَالَتْهُ فَفَزِعَ مِنْهَا, فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا مُوسَى, فَأَجَابَ سَرِيعًا اِسْتِئْنَاسًا بِالصَّوْتِ فَقَالَ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ, أَسْمَعُ صَوْتَكَ, وَلَا أَرَى مَكَانَكَ, فَأَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ أَنَا فوقك وأمامك وعن يمينك وعن شمالك فاعلم إن هذه الصفة لا تنبغي الا لله تعالى, قال: كذلك انت يا إلهى أفكلامك أسمع أم كلام رسولك قال: بل كلامى يا موسى).



* المسائل على هذا المتن:

15) صفة الكلام.

 الكلام صفة من صفات الله الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف.

1ـ من الكتاب.

قال الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] .

{مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّه} [البقرة: 253] .

2ـ من السنة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله أن يوحي بأمره تكلم بالوحي" حديث صحيح وقال الألباني في الصحيحة "1293": وإسناده صحيح على شرط الشيخين، ثم قال: والموقوف وإن كان أصح من المرفوع -ولذلك علقه البخاري في صحيحه- فإنه لا يعل المرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي كما هو ظاهر، ثم ذكر له شاهدًا من حديث أبي هريرة عند البخاري "4701" "4800".

3ـ إجماع السلف.

أجمع السلف على ثبوت الكلام لله فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وهو كلام حقيقي يليق بالله يتعلق بمشيئته بحروف وأصوات مسموعة.

والدليل على أنه بمشيئته قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143] .

فالتكليم حصل بعد مجيء موسى فدل على أنه متعلق بمشيئته تعالى.(شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين رحمه الله صـ70ـ71ـ72)




ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية .

أن المعتزلة والجهمية تأولوا هذه الكلمة فحرفوها تحريفًا عجيبًا ؛ فقالوا: التكليم: التجريح؛ قال تعالى:  

(وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ  ) [الأعراف: 143]  

(مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ )( البقرة:253 ) 

يعني: جرحه بأظافر الحكمة، وقالوا:

 إن الجُرح هو الكَلم كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما من مكلوم يُكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كُلمِ ؛ لونه لون دم وريحه مسك )  .

الرد عليهم.

  فذهبوا مذهبًا بعيدًا، وفسروا التكليم بأنه التجريح - سبحان الله!

وهل التجريح شرف ؟

وهل فيه ميزة لموسى ؟

ولماذا اختصه بقوله تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) بعد ما ذكر أنه أوحى إلى النبيين بقوله تعالى :

 ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) ( النساء:163 ) 

لو كان ذلك هو التجريح ما كان فيه فضيلة، كيف يكون جرحه بأظافير الحكمة؟ فإن التجريح عذاب سواءً كان حسيًّا أو معنويًّا، ثم يبطله أيضًا قوله تعالى:  

(إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي )  ( الأعراف:144 ) 

ولم يقل بتكليمي، والكلام واضح في أنه أراد ما سمعه من كلام الله له، فبطل بذلك تأويلهم.

كذلك أيضا قوله تعالى:   (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا)  ( الشورى:51 )

  ليس المراد أن يجرحه إلا وحيًا، وهل الوحي تجريح بأظافير الحكمة ؟!

 فعرف بذلك أن التكليم هو الكلام، ولهذا قال تعالى:  ( أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ )   (الشورى:51 )

 يعني أو يْكلِّمه من وراء حجاب كما حصل لموسى  .( الارشاد شرح لمعة الاعتقاد الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله صـ 45)

ذكر الشيخ صالح آل الشيخ:

أن الله سبحانه ذكر الآلهة التي ادعيت وجعل عدم كلامها دليل على عجزها وأنها لا تصلح آلهة

قال تعالى: (أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا)(سورة طه:89)

قال تعالى (فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ) سورة الانبياء(63)

وذلك أن الفارق بين الحي ومن ليس له حياة هو الكلام , فالكلام من صفات الكمال وعدم الكلام من النقص وعدم الكمال.(شرح لمعة الاعتقاد الشيخ صالح ال الشيخ)




* مذهب المبتدعة في هذا الصفة.

1) الجهمية.

قالوا: ليس الكلام من صفات الله وإنما هو خلق من مخلوقات الله وإضافته الى الله إضافة خلق أو تشريف مثل ناقة الله وبيت الله.

الرد عليهم:

إنه خلاف إجماع السلف.

خلاف المعقول لأن الكلام صفة للمتكلم وليس شيئاَ قائماَ بنفسه منفصلاَ عن المتكلم.

إن موسى سمع الله يقول:(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي)(طه:14)

ومحال أن يقول ذلك أحد إلا الله سبحانه وتعالى. (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين رحمه الله صـ72)

2) الأشعرية.

صفة الكلام من الصفات السبع التي يثبتونها

الصفات السبع التي أثبتها الأشاعرة هي:(العلم, القدرة, الإرادة , السمع, البصر, الكلام, الحياة ) أما بقية صفات الله ينكرونها.( شرح لمعة الاعتقاد الشيخ صالح ال الشيخ)

قالوا: كلام الله معنى قائم بنفسه لا يتعلق بمشيئته وهذه الحروف والأصوات المسموعة مخلوقة للتعبير عن المعنى القائم بنفس الله .

الرد عليهم:

إنه خلاف إجماع السلف.

خلاف الأدلة لأنها تدل على أن كلام الله يسمع ولا يسمع إلا الصوت لا يسمع المعنى القائم بالنفس.

خلاف المعهود لأن الكلام المعهود هو ما ينطق به المتكلم لا ما يضمره في نفسه.

* الدليل على أنه حروف.

 قوله تعالى :( يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) (طه:11ـ12)

فإن هذه الكلمات حروف وهي كلام الله.

* الدليل على أنه بصوت .

قوله تعالى (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ) مريم (52)

والنداء والمناجاة لا تكون إلا بصوت

حديث (وروى عبد الله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (  يحشر الله الخلائق يوم القيامة عراة حفاة غُرلا بهما ، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب : أنا الملك أنا الديان )  رواه الأئمة واستشهد به البخاري (1/173)  (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين رحمه الله صـ73)




س: ما معنى كلام الله قديم النوع حادث الأحاد؟

قديم النوع: إن الله لم يزل ولا يزال متكلماَ.

حادث الآحاد: أي أن آحاد كلامه أي الكلام المعين المخصوص

حادث: لأنه متعلق بمشيئته متى شاء تكلم بما شاء كيف شاء . (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين رحمه الله صـ74)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق