الاثنين، 27 أغسطس 2018


(فَصْلٌ الإيمان بكل ما أخبر به الرسول (4)

(فتنة القبرـ عذاب القبر ونعيمه)

الحمد الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

قال المؤلف:

(وعذاب القبر ونعيمة حق وقد استعاذ النبي (صلى الله عليه وسلم) منه وامر به في كل صلاة. وفتنة القبر حق وسؤال منكر ونكير حق)



* المسائل على هذا المتن:

1) فتنة القبر:

الفتنة لغة: الاختبار، وفتنة القبر سؤال الميت عن ربه ودينه ونبيه.

* فتنة القبر ثابتة بالكتاب والسنة.

1ـ من الكتاب.

قال الله تعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] .

2ـ من السنة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: " المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله". فذلك قوله تعالى:

{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27].

البخاري: كتاب الجنائز: باب ما جاء في عذاب القبر "1369".ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها: باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه "3871" "73" من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.( شرح لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ 111)

س/ لماذا فتنة القبر عظيمه؟

قال الشيخ صالح آل الشيخ:

(لأن الإنسان يتلقى فيه السؤال الذي لا يمكن الجواب عليه إلا على أساس متين من العقيدة والعمل الصالح.)(شرح لمعة الاعتقاد الشيخ صالح آل الشيخ)



2) سؤال الملكان(منكر ونكير)

والسائل ملكان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم قال: يأتيه ملكان فيقعدانه..".. البخاري: كتاب الجنائز: باب الميت يسمع خفق النعال "1338".ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها: باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه "2870" "70" من حديث أنس رضي الله عنه.

* اختلف العلماء في اسمي منكر ونكير؟

اختلف العلماء على قولين:

أنكر بعض العلماء هذين الاسمين وقالوا كيف يسمي الملائكة وهم الذين وصفهم الله بأوصاف الثناء وضعفوا الحديث الوارد في ذلك.

ذهب آخرون إن هذا الحديث حجة وهو (إذا قبر الميت ـ أو قال أحدكم ـ أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر والآخر نكير ...)( كما رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا وقال: حسن غريب، قال الألباني: وسنده حسن وهو على شرط مسلم حديث حسن: الترمذي "1071" وابن حبان "780 - موارد" وابن أبي عاصم في السنة "864" وقال الترمذي: حسن غريب وحسنه الألباني في ظلال الجنة في تخريج السنة "864" وقال في الصحيحة "1391": إسناده جيد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.

* قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:

وهذه التسمية ليس لأنهما منكران من حيث ذاتهما ولكنهما منكران من حيث الميت لا يعرفهما (شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد العثيمين )

 والسؤال عام للمكلفين من المؤمنين والكافرين ومن هذه الأمة وغيرهم على القول الصحيح وفي غير المكلفين خلاف. وظاهر كلام ابن القيم في كتاب الروح ترجيح السؤال.

* ويستثنى من ذلك:

1/ الشهيد

 لحديث:( عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً قال: يا رسول الله: ما بال المؤمنين يُفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: "كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة). رواه النسائي، حديث صحيح: أخرجه النسائي "279/1" وقال الألباني في أحكام الجنائز ص "36": وسنده صحيح.

 2/ من مات مرابطًا في سبيل الله.

 لحديث:(رباط يوم وليلة خبر من صام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان) مسلم: كتاب الإمارة: باب فضل الرباط في سبيل الله عز وجل: "1913" "163" من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه.

3/ المبطون.

لحديث:( من قتله بطنه لم يعذب في قبره)(صحيح الجامع (6461)(2/42)


 


3) عذاب القبر ونعيمه.

عذاب القبر أو نعيمه حق ثابت بظاهر القرآن وصريح السنة وإجماع أهل السنة

1ـ من الكتاب.

قال الله تعالى في سورة الواقعة:

{فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ , وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} [الواقعة: 83، 84] .

إلى قوله:{فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ , فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 88، 89]

2ـ من السنة.

كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يتعوذ بالله من عذاب القبر وأمر أمته بذلك

من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن:

"اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر ... "الحديث.( مسلم: كتاب المساجد: باب ما يستعاذ منه في الصلاة "590" "134"وفي الباب عن عائشة: عند البخاري "1049" ومسلم "903" "8".

عن أبي هريرة: وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث البراء بن عازب المشهور في قصة فتنة القبر قال في المؤمن:

"فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره" وقال في الكافر: "فينادي منادٍ من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا من النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه". الحديث رواه أحمد وأبو داود. حديث صحيح: أخرجه أحمد في المسند "287/4، 288، 295، 296" وأبو داود "4753". وقد ساقه الألباني -حفظه الله- سياقًا واحدًا ضامًّا إليه جميع الزوائد والفوائد التي وردت في شيء من طرقة الثابتة فليراجع. ( شرح لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ 112)

قال الشيخ عبدالله ابن جبرين رحمه الله:

أنه ورد في الأحاديث :

أن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، وأنه يضيق على صاحبه - إن كان شقيًّا - حتى تختلف فيه أضلاعه، أو يوسع عليه - إن كان سعيدًا - حتى يكون مد بصره، وأنه يأتيه الملكان فيه، فإن كان سعيدًا بشراه بخير، ويسألانه: مَن ربُّك ، ومن نبيك، وما دينك ؟ فيجيبهم ، وإن كان شقيًّا فإنه لا يجيبهم بل يقول: هاه هاه، لا أدري ، وأنهما يضربان الشقي ضربة بمرزبة من حديد لو ضرب بها جبلٌ لصار ترابًا، وأنه يصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلان، ولو سمعها الإنسان لصعق.

وأنه يأتيه رجل - إن كان سعيدًا - طيب الريح طيب الثياب فيقول: أبشر باليوم الذي يسرُّك ، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت فوجهك الذي يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح ، فيقول: ربّ أقم الساعة، وأنه يفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها وريحانها، ونحو ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تبلغ حد التواتر. .(الارشاد شرح لمعة الاعتقاد الشيخ عبدالله ابن جبرين صـ74)




* الكتب عن عذاب القبر ونعيمه.

قال الشيخ عبدالله ابن جبرين رحمه الله:

وممن اشتهر بتتبع الأخبار في ذلك من المتقدمين : ابن أبي الدنيا  وله كتب كثيرة مطبوعة في هذا، لكن أكبر كتبه كتاب (القبور).

وكتاب (من عاش بعد الموت)، ثم كتب بعد ذلك ابن القيم كتاب (الروح) وتكلم فيه عن عذاب القبر، وأطال فيه إلى أن ذكر قصصًا وذكر أحكامًا وأحاديث، وذكر فصولا منوعة.

وتكلم عليه أيضًا تلميذه ابن رجب في كتابه الذي سماه (أهوال القبور في أحوال أهلها إلى النشور) وغيرهم ، وهكذا في كتب الزهد وكتب المواعظ ؛ يذكرون عذاب القبر ونعيمه.(الارشاد شرح لمعة الاعتقاد الشيخ عبدالله ابن جبرين صـ74)




*أنكر الملاحدة عذاب القبر:

 متعللين بأننا لو نبشنا القبر لوجدناه كما هو

 ونرد عليهم بأمرين:

1- دلالة الكتاب والسنة وإجماع السلف على ذلك.

2- أن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا فليس العذاب أو النعيم في القبر كالمحسوس في الدنيا. ( شرح لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ 113)


س:هل عذاب القبر أو نعيمه على الروح أو على البدن؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

مذهب سلف الأمة وأئمتها أن العذاب أو النعيم يحصل لروح الميت وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وأنها تتصل بالبدن أحيانًا فيحصل له معها النعيم أو العذاب.( مجموع فتاوى ابن تيمية "282/4)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق