الاثنين، 27 أغسطس 2018


(فَصْلٌ الإيمان بكل ما أخبر به الرسول (3)

(نزول عيسى بن مريم عليه السلام ـ وخروج يأجوج ومأجوج ـ خروج الدابة ـ طلوع الشمس من مغربها)

الحمد الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

قال المؤلف:

(ومن ذلك اشراط الساعة مثل خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله وخروج يأجوج ومأجوج وخروج الدابة وطلوع الشمس من نغربها )



* المسائل على هذا المتن:

1) نزول عيسى عليه السلام.

نزول عيسى ابن مريم: نزول عيسى ابن مريم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.

1ـ من الكتاب.

قال الله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}[النساء: 159] .

أي: موت عيسى وهذا حين نزول كما فسره أبو هريرة بذلك.

2ـ من السنة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والله لينزلن عيسى ابن مريم حكما وعدلاً". البخاري: كتاب البيوع: باب قتل الخنزير "2222".رواه مسلم كتاب الأنبياء: باب نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام "3448".

3ـ من الإجماع.

وقد أجمع المسلمون على نزوله فينزل عند المنارة البيضاء في شرقي دمشق واضعا كفيه على أجنحة ملكين فلا يحل لكافر يجد من ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلب الدجال حتى يدرك بباب لدٍ فيقتله، ويكسر الصليب ويضع الجزية، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين, ويحج ويعتمر، كل هذا ثابت في صحيح مسلم وبعضه في الصحيحين كليهما.( راجح حديث النواس بن سمعان عند مسلم "2937" "110" "111".)

وأما قوله: "ويكسر الصليب ويضع الجزية وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين" ففي حديث أبي هريرة عند البخاري "3448" ومسلم "155" "242".

وعندهما: " ... حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها".

واللفظ الذي ذكره الشيخ عزاه الحافظ في الفتح "492/6" لابن مردويه.:

وأما قوله: "ويحج ويعتمر" فعند مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجًا أو معتمرًا أو ليثنينهما" كتاب الحج: باب إهلال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهديه "1252" "216".

 وروى الإمام أحمد وأبو داود: "أن عيسى يبقى بعد قتل الدجال أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون" حديث صحيح: رواه أحمد "9259" وأبود داود "4324" وابن حبان "277/8" والحاكم "595/2" وصححه ووافقه الذهبي. وابن أبي شيبة "158/15" وابن جرير "388/9" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند.

 وذكر البخاري في تاريخه أنه يدفن مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فالله أعلم. البخاري في التاريخ الكبير "263/1" والترمذي "3617" والآجري في الشريعة ص "381" من طريق عثمان بن الضحاك عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال: مكتوب في التوراة صفة محمد وصفة عيسى ابن مريم يدفن معه. قال البخاري: هذا لا يصح عندي ولا يتابع عليه.(شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ 106ـ107)

* إنكار أهل البدع نزول عيسى عليه السلام:

ذكر الشيخ عبدالله ابن جبرين رحمه الله:

وأما أحاديث المسيح عيسى بن مريم عليه السلام فهي أيضًا متواترة ومتكاثرة

 وقد أنكرها كثير من هؤلاء المتهوكين وقالوا: إن القرآن دل على أن عيسى قد مات

قال الله تعالى:( يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ  )(آل عمران:55)  

وقال تعالى حكاية عن عيسى   ( فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ )(المائدة:117) , فإذا كان عيسى عليه السلام قد توفي فكيف يرجع؟ أليس قد مات، وقد انقطع عمره؟ .

وأجاب العلماء:

بأن التوفي هنا هو النوم، يعني: أنامه، ثم رفعه؛ قال الله تعالى:  ( وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ )(النساء:157-158)

 فالقرآن صريح بأنه رُفع إليه، أي: رفع حيًّا إلى السماء عندما جاء اليهود ليقتلوه، فشُبِّه لهم؛ نزل شبهه على بعض أصحابه

 كما في قوله تعالى:( وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (النساء:157)

 وفُتح له طاق في البيت ورفع إلى السماء, وبقي في السماء حتى ينزل في آخر هذه الدنيا،

 ويحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وورد في الأحاديث أنه ينزل على المنارة البيضاء التي في المسجد الأموي شرقي دمشق

وأنه يقتل المسيح الدجال فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، ويقتله في باب لد  - باب هناك في دمشق  - هذه الأحاديث فيه متواترة مذكورة في كتب الصحيح، نصدق بها ولا عبرة بمن أنكرها أو استبعدها.(الارشاد شرح لمعة الاعتقاد الشيخ عبد الله ابن جبرين صـ72)

* سبب نزول عيسى عليه السلام:

تكذيب لليهود.

تكذيب للنصارى.

قرب أجله.

يقتل الخنزير ويضع الجزية ويكسر الصليب.

يقتل الدجال.(شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ صالح آل الشيخ)




2) يأجوج ومأجوج.

المراد يأجوج ومأجوج:

 اسمان أعجميان أو عربيان مشتقان من المأج وهو الاضطراب أو من أجيج النار وتلهبها.

وهما أمتان من بني آدم موجودتان بدليل الكتاب والسنة.

1ـ من الكتاب.

قال الله تعالى في قصة ذي القرنين:

ـ {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً , قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا}[الكهف: 93، 94] الآيات.

ـ قوله تعالى:(حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ )   (الأنبياء:96)

2ـ من السنة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله يوم القيامة: يا آدم قم فابعث بعث النار من ذريتك" إلى أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبشروا فإن منكم واحدًا ومن يأجوج ومأجوج ألفًا" أخرجاه في الصحيحين. البخاري: كتاب الرقاق: باب قوله عز وجل {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم} [الحج: 1] ..ومسلم: كتاب الإيمان: باب قوله: يقول الله لآدم أخرج بعث النار ... "222" "379" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ولفظه عندهما: "يقول: أخرج بعث النار ... " وفي لفظ للبخاري "6529": "أخرج بعث جهنهم من ذريتك" وهذا اللفظ قريب من اللفظ الذي ذكره الشيخ صالح العثيمين.

وخروجهم الذي يكون من أشراط الساعة لم يأتِ بعد ولكن بوادره وجدت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها".(البخاري: كتاب الفتن: باب يأجوج ومأجوج "7135"ومسلم: كتاب الفتن: باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج "2880" "2". من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها.

* قصة يأجوج ومأجوج.

 في حديث النواس بن سمعان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في عيسى ابن مريم بعد قتله الدجال: "فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى أني قد أخرجت عبادًا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم" ويقول: "لقد كان بهذه مرة ماء ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر وهو جبل بيت المقدس فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم محضوبة دما، ويحصر نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل عليهم طيرًا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله" مسلم: كتاب الفتن: باب ذكر الدَّجال وصفته "2937" "110".وراجع تعليق النووي على غريب الحديث في رياض الصالحين حديث "1817". (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ108ـ109)




3) خروج الدابة.

* المراد بالدابة

الدابة لغة: كل ما دب على الأرض.

والمراد بها هنا الدابة التي يُخْرجها الله قرب قيام الساعة،

* خروجها ثابت بالقرآن والسنة.

1ـ من الكتاب.

قال الله تعالى:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}[النمل: 82] .

2ـ من السنة.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها لن تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات وذكر منها الدابة" رواه مسلم: كتاب الفتن: باب ذكر الدجال وصفته (2937)(110). (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ110)

* مكان خروج الدابة وصفتها.

قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:

(وليس في القرآن والسنة الصحيحة ما يدل على مكان خروج هذه الدابة وصفتها وإنما وردت في ذلك أحاديث في صحتها نظر، وظاهر القرآن أنها دابة تنذر الناس بقرب العذاب والهلاك والله أعلم.)(شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ110)

قال الشيخ عبدالله ابن جبرين رحمه الله:

(هذه الدابة ورد فيها صفات، ولكن ليست كلها بصحيحة، وإنما الثابت أنها دابة في الأرض مستغربة، وأن هذه الدابة تكلمهم كما أخبر الله تعالى، ولا يدري ماذا تكلم به)(الارشاد شرح لمعة الاعتقاد الشيخ عبدالله ابن جبرين صـ73)



4) طلوع الشمس من مغربها.

 طلوع الشمس من مغربها ثابت بالكتاب والسنة

1ـ من الكتاب.

قال الله تعالى:{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً}[الأنعام: 158] .

والمراد بذلك طلوع الشمس من مغربها.

2ـ من السنة.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعين، وذلك حين: {لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} [الأنعام: 158] . البخاري: كتاب التفسير من سورة الأنعام: باب {لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} [الأنعام: 158] "4636"، ومسلم: كتاب الإيمان: باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان "157" "248" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ110)




قال الشيخ عبدالله ابن جبرين رحمه الله.

هذه من أكبر العلامات التي ذكرت في الأحاديث.

وذكر أيضًا في بعض الأحاديث أنه يكون هناك خسف بالمشرق، وخسف في المغرب، وخسف في جزيرة العرب وأنه يكون آخر الآيات نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا.

وذكر أيضًا من أشراط الساعة أو من العلامات   نارٌ تخرج من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى.

وهذه الآية قد خرجت في القرن السابع، وذكروا أنها ترتفع نحو عشرين ذراعًا أو ثلاثين ذراعًا في السماء، وأنها تشتعل بالحجارة ، وإذا ألقي فيها السعف لا تحرقه ، دامت أيامًا في شرق المدينة وذكرها المؤرخون كابن كثير وأطال في الكتابة عنها ، وأنها من الأشراط التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم .

هذه من العلامات الكبيرة التي أخبر بها النبي - صلى الله عليه وسلم –

وآخر ذلك إخباره بأن الله يرسل ريحًا ليِّنة طيبة، وأنها تقبض روح كل مؤمن، وأنه لا يبقى بعد هذه الريح الطيبة إلا شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع، يتهارجون تهارج الحُمُر، فعليهم تقوم الساعة.(الارشاد شرح لمعة الاعتقاد الشيخ عبدالله ابن جبرين صـ73)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق