لمعة الاعتقاد(12)
فَصْلٌ الإيمان بكل ما أخبر
به الرسول (1)
(الإسراء والمعراج ـ مجيء
ملك الموت إلى موسى عليه السلام)
الحمد الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله
وصحبه أجمعين
قال المؤلف:
(وَيَجِبَ اَلْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ اَلنَّبِيُّ (صلى الله
عليه وسلم ) وَصَحَّ بِهِ اَلنَّقْلُ عَنْهُ فِيمَا شَاهَدْنَاهُ, أَوْ غَابَ عَنَّا,
نَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ, وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا عَقِلْنَاهُ وَجَهِلْنَاهُ,
وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى حَقِيقَةِ مَعْنَاهُ, مِثْلَ حَدِيثِ اَلْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ
وَكَانَ يَقَظَةً لَا مَنَامًا, فَإِنَّ قُرَيْشًا أَنْكَرَتُهُ وَأَكْبَرَتَهُ, وَلَمْ
تُنْكِرْ اَلْمَنَامَاتِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَلَكَ اَلْمَوْتِ لَمَّا جَاءَ إِلَى
مُوسَى -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- لِيَقْبِضَ رُوحِهِ لَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ, فَرَجَعَ
إِلَى رَبِّهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ عَيْنَهُ)
* المسائل على هذا المتن:
1) الإيمان بالغيب
وأول وَصْفٍ وَصَفَ الله به المتقين: الإيمان بالغيب قال تعالى:(هُدًى
لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )(البقرة:2-3)
والغيب
:
كل ما غاب عنا وأخبرنا عنه، وكان الخبر يقينًا؛ أخبر الله به في القرآن
أو أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث.
لا شك أن الأخبار الغيبية إخبار عن أمر ما شاهدناه ولا رأيناه، فما هي
طريقتنا في ذلك وماذا نفعل ؟ علينا أن نصدق به وإن لم تدركه عقولنا أو حواسنا، وكل
شيء غاب عنا وأخبرنا عنه بخبر قد يكون غريبًا وقد يكون مستبعدًا.(الارشاد شرح لمعة الاعتقاد الشيخ
عبدالله ابن جبرين صـ69)
2) الإسراء والمعراج.
أ) تعريف الإسراء والمعراج.
ـ الإسراء لغة: السير بالشخص ليلاً
وقيل: بمعنى سرى .
وشرعاً: سير جبريل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-
من مكة إلى بيت المقدس لقوله تعالى:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: 1] الآية.
ـ والمعراج لغة: الآلة التي يُعْرَجُ
بها وهي المصعد.
وشرعاً: السلم الذي عرج به رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- من الأرض إلى السماء لقوله تعالى:
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى , مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}[النجم: 1، 2] .
إلى قوله:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}[النجم: 18](شرح لمعة الاعتقاد الشيخ
محمد العثيمين صـ 102)
ب) حادثة الإسراء والمعراج.
قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:
.( وكانا في ليلة واحدة عند الجمهور، وللعلماء خلاف متى كانت، فيروى بسند
مُنْقَطِع عن ابن عباس وجابر -رضي الله عنهم أنها ليلة الاثنين الثاني عشر من ربيع
الأول ولم يعيِّنا السنة. رواه ابن أبي شيبة.
وَيُرْوَى عن الزهري وعروة أنها قبل الهجرة بسنة رواه البيهقي فتكون في
ربيع الأول ولم يُعَيِّنا الليلة، وقاله ابن سعد وغيره وجزم به النووي، وَيُرْوَى عن
السدي أنها قبلة الهجرة بستة عشر شهراً رواه الحاكم، فتكون في ذي القعدة وقيل: قبل
الهجرة بثلاث سنين وقيل: بخمس وقيل: بست.
وكان يقظة لا مناماً لأن قريشا أكبرته وأنكرته، ولو كان مناماً لم تنكره
لأنها لا تنكر المنامات.
وقصته:
أن جبريل أمره الله أن يسري بالنبي
- صلى الله عليه وسلم- إلى بيت المقدس على البراق ثم يعرج به إلى السموات العلا سماء
سماء حتى بلغ مكاناً سمع فيه صريف الأقلام وفرض الله عليه الصلوات الخمس واطلع على
الجنة والنار واتصل بالأنبياء الكرام وصلى بهم إماماً ثم رجع إلى مكة فحدث الناس
بما رأى فكذبه الكافرون وصدق به المؤمنون وتردد فيه آخرون. (شرح لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين
صـ102ـ103)
* ما ذكره الشيخ عبدالله ابن جبرين رحمه الله في حادثة الإسراء والمعراج:
هذا من الإيمان بالغيب، وهو قصة الإسراء والمعراج، ذكر الإسراء في قوله
تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ
لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى (الإسراء:1)
في ليلة واحدة من المسجد الحرام
إلى المسجد الأقصى مسجد إيليا قال تعالى:
لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا (الإسراء:1) .
أجمل الإسراء في هذه الآية، وكلمة (بعبده) تدل على أنه أسري بجسده وروحه،
فهي تصدق على الجسد والروح، وتدل على أنه يقظة لا منامًا، وذلك لأن قريشًا أنكروا الإسراء؛
لما قال لهم: إنه أسري بي إلى
بيت المقدس ثم رجعتُ، استعظموا ذلك حتى جاءوا إلى أبي بكر وقالوا: إن صاحبك يزعم كذا،
وكذا؟ فقال: قد صدق . قالوا: كيف تصدقه؟ قال أصدقه بما هو أبلغ من ذلك في خبر السماء؛
ومن ثم سمي بالصدّيق .
أما الذين إيمانهم ضعيف فقد ارتد بعضهم عندما سمعوا بقصة الإسراء واستبعدوا
ذلك، فقريش تقول: كنا نشد الرحال شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا، فكيف قطعتَه أنت في ليلة
واحدة؟!.
وهذا ليس ببعيد، فقد ذكر في الحديث ؟ أنه أسري به على دابة يقال لها:
(البراق) وأنها تضع حافرها عند منتهى طرفها - يعني: من سرعة سيرها، فلا يستبعد ذلك،
وقد وجد في هذه الأزمنة الطائرات التي تقطع هذه المسافة في زمن قليل، فلا يستبعد أن
الله - تعالى - سخر له هذا البراق الذي قطع هذه المسافة في زمن يسير.
فالحديث معروف، وقصة الإسراء التي في الصحيحين وفي غيرهما مشتهرة، وأنه
صلى الله عليه وسلم أتاه الملك ، وأنه أركبه على البراق، وخرج من المسجد الحرام ووصل
إلى مسجد إيليا - المسجد الأقصى - وأنه وجد الأنبياء وأنه أمهم ثم بعد ذلك عرج به
إلى السماء والمعراج أشير إليه في أول سورة
النجم، فإن الله تعالى ذكر فيها الإشارة إلى المعراج في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ
نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى) (النجم:13-15)
أنه عرج به إلى سدرة المنتهى
عندها جنة المأوى وأنه رأى من آيات ربه الكبرى، وأن الله أراه وأطلعه على تلك الآيات،
وهذا ما أشير إليه في الأحاديث.
وبكل حال نصدق بالإسراء ولو استبعده من استبعده، فإنه ليس ببعيد، وليس
بمستغرب على قدرة الله، فالله على كل شيء قدير، وكما قال أبو بكر إني أصدقه في أعجب
من ذلك في خبر السماء ، إذا كان الملك ينزل إليه في لحظات، ويقطع هذه المسافة فلا غرابة
أن يعرج به وينزل في جزء من الليلة، لا غرابة في ذلك، فعلى كل حال هذا مما يؤمن به
أهل السنة والجماعة، ونعتقد كذلك أنه كان يقظةً لا منامًا؛ لأن الإنسان يرى في نومه
أنه قطع المسافات، وأنه ذهب إلى كذا، وأنه رجع إلى كذا، وهو لم يزل على فراشه، ولا
يستغرب ذلك، فلو كان منامًا لما أنكرته قريش وأكبرته، ولما صار فيه معجزة أو غرابة. .(الارشاد شرح لمعة الاعتقاد الشيخ عبدالله
ابن جبرين صـ71)
3) مجيء ملك الموت إلى موسى صلى الله عليه وسلم:
جاء ملك الموت بصورة إنسان إلى نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام- ليقبض
روحه فلطمه موسى ففقأ عينه فرجع الملك إلى الله وقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت
فرد الله عليه عينه وقال: ارجع إليه وقل له: يضع يده على متن ثور فله بما غطى يده بكل
شعرة سنة فقال موسى: ثم ماذا؟ قال: ثم الموت قال: فالآن فسأل الله أن يدنيه من الأرض
المقدسة رمية حجر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فلو كنت ثََمَّ لأريتكم قبره
إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر". البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء: باب وفاة
موسى وذِكُره بعد "3407".ومسلم كتاب الفضائل: باب فضائل موسى
"2372" "157".من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وراجع في الدفاع
عن هذا الحديث ضد طعن الطاعنين وتلبيسات المضلين، تعليق الشيخ أحمد شاكر على المسند
"7634" والأنوار الكاشفة للمعلمي اليماني "219، 220". (شرح لمعة
الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صــ103)
*السبب في ايراد المؤلف قصة موسى في كتب العقيدة!
قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:
وإنما أثبته المؤلف في العقيدة
لأن بعض المبتدعة أنكره معللاً ذلك بأنه يمتنع أن موسى يلطم الملك.
ونرد عليهم :
بأن الملك أتى موسى بصورة إنسان لا يعرف موسى من هو، يطلب منه نفسه، فمقتضى
الطبيعة البشرية أن يدافع المطلوب عن نفسه، ولو علم موسى أنه ملك لم يلطمه ولذلك استسلم
له في المرة الثانية حين جاء بما يدل أنه من عند الله وهو إعطاؤه مهلة من السنين بقدر
ما تحت يده من شعر ثور. (شرح لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صــ103)
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق