الحديث الخامس والعشرون :(فضل الذكر)
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
الحديث.
عن أبي ذَرٍّ رَضِي اللهُ عَنْهُ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحابِ رسولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ؛ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي،
ويَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، ويَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَموالِهِم. قالَ: { أَوَلَيْسَ
قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ، إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ
تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً،
وَأمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ
صَدَقَةٌ}. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ
لَهُ أَجْرٌ؟ قالَ: { أَرَأيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ
فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ}).رواه مُسلِمٌ كتاب الزكاة 3/43
·
أهمية الحديث.
للحديث أهمية ,وذلك
لاشتماله على أمور مهمة منها.
1ـ جواز القياس
2ـ المباحات تكون قربات بالنية الصالحة.
3ـ الميدان الذي يكون فيه التنافس.
4ـ كثرة طرق الخير , بحيث لو عجز العبد عن
بعضها لا يعجز عن الاخر.(قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ 222
·
مفردات الحديث.
"أن أناسا" هؤلاء الناس هم فقراء المهاجرين.
" من أصحاب" جمع صاحب بمعنى الصحابي : وهو كل من
اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد البعثة وقبل وفاته ,مؤمنا به ومات على
الاسلام .
" الدثور" جمع دثر :وهو المال الكثير.
"فضل أموالهم
" أموالهم
الزائدة عن كفايتهم وحاجاتهم.
" تصدقون " تتصدقون به.
"صدقة" أجر كأجر الصدقة.
"بضع" البضع الجماع ,أو الفرج نفسه.
"شهوته" لذته.
" وزر" إثم وعقاب.(الوافي شرح الأربعين النووية صـ 189.)
·
المسائل في هذا الحديث.
1) التنافس.
أَنَّ
نَاسًا مِنْ أَصْحابِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالُوا لِلنَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ)
س/ ماهو أنواع التنافس؟
1ـ التنافس في الدنيا.
2ـ التنافس في الآخرة.
1) التنافس في الدنيا.
فهو
مذموم ,وإذا تجاوز به العبد الحدود يكون سببا في هلاكه وضعفه.
حديث
(" فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى
عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ
عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا
، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ "(البخاري كتاب الجزية 1/62 ومسلم كتاب
الزهد صـ 816)
2) التنافس في الآخرة .
وهو
ماكان عليه سلف الأمة من تنافس وحرص على ما يرفع درجاتهم عند الله
لذلك
ـ هذا التنافس هو المراد في هذا الحديث
فقد
اتى فقراء الصحابة رضوان الله عليهم وبينوا أن إخوانهم التجار قد سبقوهم بالأجور
والدرجات العلي ,وذلك أنهم عندهم فضل من مال ,فيحجون ويعتمرون ويتصدقون ويجاهدون
وهذا
هو ميزان تنافس سلف الأمة رضي الله عنهم (قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ
223)
قال
تعالى (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ.)المطففين :26
س/ ماهي الغبطة؟
هي
أن يتمنى العبد مثل حال المغبوط من غير أن يتمنى زوالها عنه
حديث
((عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ
عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي
بِهَا وَيُعَلِّمُهَا)).رواه البخاري كتاب العلم 1/26 وشرح مسلم 2/464.
ومراده بالحسد الغبطة
فالصحابة
رضوان الله عليهم ترجموا ماتعلموا من رسولهم إلى عمل ,فقراؤهم يغبطون أهل الدثور
ويتمنون أن يكونوا مثلهم في التصدق والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله .(قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ
224)
2)الصدقة تطلق على كل معروف.
عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم
– قَالَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ »(شرح مسلم كتاب الزكاة 3/42)
س/ هل الصدقة تطلق على جميع أنواع المعروف والإحسان ؟
نعم
تطلق الصدقة على جميع أنواع المعروف والإحسان.
س/ ماهي الصدقة في الشريعة ؟
إن
الصدقة في الشريعة ليست هي صدقة بالمال والصدقة بالمال نوع من أنواع الصدقة .
س/ مامعنى الصدقة ؟
الصدقة : هي ايصال الخير والنفع إلى الغير
ولهذا
يوصف الله بأنه متصدق على عباده.
حديث
:كما ثبت في صحيح مسلم -رحمه الله- أن النبي صلى الله عليه وسلم( لما سألوه عن مسألة
القصر في السفر قال: (صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ
) فالله يتصدق على عباده بمعنى يوصل الخير لهم.
ـ
قد يكون العبد يوصل الخير لنفسه فيتصدق لنفسه.
ـ قد يكون
العبد يوصل الخير إلى غيره فيكون متصدقا لغيره .(شرح الأربعين النووية للشيخ صالح ال
الشيخ)
س/ ماموقف الصحابة من هذا المعنى الواسع للصدقة ؟
ـ
وقد خفى هذا المعنى الواسع للصدقة على فقراء الصحابة ,فجاءوا حبيبهم صلوات الله
وسلامه عليه ,يسألونه عن سبيل اللحاق بأهل الدثور فقال لهم صلى الله عليه وسلم
:أوليس قد جعل الله لكم ماتصدقون)
أي
ليس من صدقة الأموال ثم ذكر لهم منها.
ـ الباقيات الصالحات من
الصدقات.
وهي
: ما يتصدق بها الانسان على نفسه
وهي:( ، إِنَّ
بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ
صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً)
س/ هل هذه الكلمات لها فضل ؟
هي
من أفضل الذكر كما ثبت في الصحيح
ثبت
في صحيح مسلم عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ أَرْبَعٌ: ( سُبْحَانَ
الْلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا الْلَّهُ، وَالْلَّهُ أَكْبَرُ
)
فهي
أعظم ما يتقرب إليه من الذكر وتتصدق به على نفسك .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال
الشيخ)
قال
تعالى { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا وَخَيْر أَمَلًا
} الكهف :46
أكثر المفسرين:
على
أن الباقيات الصالحات ( سُبْحَانَ الْلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا
الْلَّهُ، وَالْلَّهُ أَكْبَرُ )( (قواعد
وفوائد على الاربعين النووية)
3) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الصدقات.
وهي: من أنواع الصدقة المتعدي ـ نفعة
للغير.( وَأمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ
عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ)
وهذا من النوع من الصدقات التي دل
عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقراء الصحابة فيها تعدية الإحسان إلى الخلق
فتكون صدقة عليهم بذلك .
س/ ايهما أفضل صدقة
المال أم صدقة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
تكون أفضل من الصدقة بالمال ,وكيف لا يكون الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل من الصدقة بالمال!!
قال تعالى (ُكنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ
بِاللّهِ)ال
عمران:110)
س/ما معنى المعروف ؟
المعروف : هو ماعلم حسنه وعرفت الشريعة
حسنه .
س/ مامعنى المنكر ؟
المنكر :هو ماعرفت الشريعة سيئة.
س/ هل تعلم العلم يعتبر
من أنواع الصدقات ؟
قال الشيخ صالح ال الشيخ
:
فمن لازم العلم تعلماً وتعليما فإنه يتصدق
به بكل لحظة يمر عليه على نفسه وكذلك على غيره.
لهذا أهل العلم: هم أعظم الناس أجوراً
إن صلحت نياتهم.(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
5) في بضع أحدكم صدقة .
قوله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ}. قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ أَجْرٌ؟ قالَ: { أَرَأيْتُمْ
لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي
الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ}).
س/ مالمراد بهذا البضع
في الحديث؟
البضع ـ يطلق الجماع ويطلق على الفرج
س/ هل اتيان الرجل أهله
له أجر ولو في غير نيه؟
اختلفوا العلماء:
1)قالوا: أنه يؤجر في إتيانه أهله من
غير نية.
2) قالوا : أن الحديث مقيد بإخلاص
النية لله عز وجل
عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ
، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّكَ
لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا ،
حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ) وهذا القول هو الصحيح
.( قواعد
وفوائد على الاربعين النووية صـ226)
س/ كيف يكون جماع الرجل
اهله صدقة ؟
أن يقصد بجماعه إعفاف نفسه وزوجته عن
الزنا ومقدماته أو قضاء حق الزوجة المعاشرة بالمعروف , أو طلب ولد صالح يعبد الله
,بهذا يكون له بجماع أهله صدقة .( قواعد
وفوائد على الاربعين النووية صـ226)
وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق