الأحد، 15 مارس 2015


الحديث الثاني والعشرون (الطريق إلى الجنة)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين

الحديث.

عن أبي عبدِ اللهِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضِي اللهُ عَنْهُما، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:( أَرَأَيْتَ إذا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوباتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلالَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذلِكَ شَيْئًا، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ قالَ: { نَعَمْ }. رواه مسلِمٌ .ومعنى حَرَّمْتُ الحرامَ: اجْتَنَبْتُه. ومعنى أَحْلَلْتُ الحلالَ: فَعَلْتُه مُعْتَقِدًا حِلَّه).رواه مسلم كتاب الإيمان 1/150

·       أهمية الحديث .

قال الجرداني: وهذا حديث عظيم وعليه مدار الاسلام لجمعه له , لأن الأفعال  إما قلبية أو بدنية , وكل منهما إما مأذون فيه وهو الحلال , أو ممنوع منه وهو الحرام فإذا أحل الشخص الحلال وحرم الحرام فقد أتى بجميع وظائف الدين ,ودخل الجنة آمنا. (الوافي شرح الاربعين النووية صـ148.)

 

 

·       مفردات الحديث .

"رجلاً " : هو النعمان بن قوقل الخزاعي

"أرايت " الهمزة للاستفهام المراد : أخبرني وأفتني.

"المكتوبات " : المفرضات : وهي الصلوات الخمس.

" رمضان " شهر رمضان "

"احللت الحلال " اعتقدت حله وفعلت الواجب منه , أما ما ليس بواجب فلا حرج في عدم فعله , والحلال : هو المأذون في فعله شرعاً.

"حرمت الحرام " اجتنبته معتقداً حرمته .

والحرام: كل ما منع الشرع من فعله على سبيل الحتم .

" أدخل الجنة ؟" مع السابقين ,من غير سبق عذاب .( الوافي شرح الاربعين النووية صـ160.)

 


 
 
 

 

·       المسائل في هذا الحديث.

1)  من هو السائل؟

الحديث (أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)

السائل هو : الصحابي الجليل النعمان بن قوقل الخزاعي.

س/ عن ماذا كان يسأل ؟

كان يسأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل الاقتصار على فعل الواجبات وترك الحرمات يدخل الجنة ؟ فأجابه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(بنعم).(قواعد وفوائد على الأربعين النووية )

 



 
 

2) إقامة الصلاة .

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:( أَرَأَيْتَ إذا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوباتِ)

س/ ما لمراد بالهمزة هنا (أرأيت )؟

الهمزة للاستفهام والمعنى أخبرني وأفتني .

س/ ما لمراد بقوله صلى الله عليه وسلم :( صَلَّيْتُ الْمَكْتُوباتِ

هي الصلوات الخمس التي فرضها الله تبارك وتعالى علينا في اليوم والليلة ولابد من ادائها على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم " صلُّوا كما رأيتموني أصلّي" (البخاري كتاب الأذان 1/155)

·       أهمية الصلاة .

·       قال تعالى (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) العنكبوت:45

ـ حديث (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا ، وَلَوْ حَبْوً الَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّىَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ" ولقد أمر الله تعالى بصلاة الجماعة في حال الخوف ومقابلة الأعداء(رواه مسلم انظر شرح مسلم للنووي كتاب المساجد 2/ 297)

س/ على ماذا يدل هذا الحديث؟

وهذا دليل واضح على الوجوب , لأن تارك المستحب لا يحرق ,ولا شك ان الصلوات المفروضة لها آثر عظيم على النفس فهي  تزكي النفس وتطهرها مما يدنسها , وتدفع صاحبها إلى فعل الخير وتمنعه من الشر .






3) صيام رمضان .

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَقَالَ:(  وَصُمْتُ رَمَضَانَ)

صيام شهر رمضان من أركان الدين ال معلومة بالضرورة

قال تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)البقرة : 183

أجمعت الأمة على أن الصيام من اركان الاسلام .ولابد من أداء هذه العبادة كما أمر ربنا وألا تفرغ من غايتها ومضمونها حتى  يكون لها الأثر على نفس العابد , فتطهر  روحه وتطيبها وتورثه التقوى , التي هي سبب خيري الدنيا والأخرة قال تعالى (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)البقرة : 183





4) ما أحل الله .

قوله (وَأَحْلَلْتُ الْحَلالَ)

س/ ما لمراد باحللت الحلال ؟

أي اعتقدت بحله وهذا يكفي ولو لم يفعله .

س/ ماحكم اعتقاد تحريم ما أحل الله عز وجل أو اعتقاد تحليل ما حرم الله ؟ مع الدليل ؟

هذا يفضي إلى الكفر قال تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)التوبة :33(قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ191)

س/ قوله (وَأَحْلَلْتُ الْحَلالَ)أختلف العلماء في معناها على قولين ؟

·       القول الاول

معنى أحللت الحلال : فعلته معتقدا وهذا وجه عند أهل العلم :أنه اعتقد وفعل.

·       القول الثاني:

أنه اعتقد ولم يفعل ـ فمعنى قوله (وَأَحْلَلْتُ الْحَلالَ) اعتقدت حل كل ما أحله الله وليس في نفسي اعتراض على ما أحل الله ..(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح  ال الشيخ).





5) ما حرم الله .

قوله صلى الله عليه وسلم (وَحَرَّمْتُ الْحَرامَ).

س/ ماذا يشمل تحريم الحرام ؟

يشمل تحريم الحرام مرتين:

يشمل الاعتقاد :ان تعتقد حرمته.

يشمل الترك : أن تفعل تركه.

ـ من اعتقد حرمته ولم يترك وهذا صار من أهل الوعيد, وأما إذا   لم يعتقد حرمته فصار كافر .( قواعد وفوائد على الأربعين النووية )

س/ ما معنى الحرام ؟

الحرام كما يعرفه الاصوليين :

هو ما يثاب تاركه امتثالا ويعاقب فاعله وهو ما جاء على وجه الحتم والإلزام.

س/ما هو أصل الإيمان ؟

أصل الإيمان: أن يعتقد المسلم حل ما أحله الله وحرمة ما حرمه ,سواء فعل المحرم أم ترك الحلال.

س/ماحكم من اعتقد أن له أن يشرع خلاف ما شرعه الله ورسوله ؟

فقد خرج عن الاسلام وبرئ منه الله وتعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام.       

قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)المائدة: (87)   

حديث :  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَكِنِّي أُصَلِّي وأَنَامُ وَأَصُومُ وَأَفْطِرُ وَأَمَسُّ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتيِ فَلَيْسَ مِنِّي " رواه البخاري ومسلم .




 
 

6) جواز ترك المستحبات.

       قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذلِكَ شَيْئًا ) 

س/ ما لمراد بذلك ؟

المعنى لم أزد على أداء الواجبات شيئأ من النوافل.

ـ وهذا دليل . أن الاقتصاد على أداء الفرائض واعتقاد حل ماأحل , حرمة ماحرم والامتناع عنه يدخل العبد الجنة .

س/ ماهي فوائد أداء النوافل ؟

لكن من ترك النوافل فوت على نفسه ربحاً عظيماً وثواباً جزيلاً

1)كما أن النوافل سبب محبة الله

 (مَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ )البخاري كتاب الرقائق 7/190

  2) أنها تجبر مافي الفرض من نقص.

3) ترفع الدرجات العبد عند ربه.

4) تطيب النفوس وكان سلف الأمة من أشد الناس حرصا على أداء النوافل .( قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ194)

س/ ما السبب في ترك النبي تنبيه الرجل بأهمية النوافل ؟

تسهيلا وتيسيرا عليه وذلك لقرب عهده بالإسلام .( قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ194) 


                                           

7) دخول الجنة.

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،(أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ قالَ: { نَعَمْ }.

ـ دخول الجنة متنوع ,ما جاءت النصوص في ترتب دخول الجنة على بعض الأعمال فهو حق على ظاهره

ـ فمن اتى بالتوحيد وعمل بالأعمال الصالحة بأي عمل فإنهم موعود بالجنة

س/ ماهي أنواع دخول الجنة المذكورة في النصوص؟

قال الشيخ صالح آل الشيخ /

ودخول الجنة في النصوص: تارة يراد به الدخول الأوَّلي، وتارة يراد به الدخول المآلي، وهذا في الإثبات، يعني: إذا قيل دخل الجنة فقد يراد بالنص أنه يدخلها أولا - يعني: مع من يدخلها أولا- ولا يكون عليه عذاب قبل ذلك فيغفر له إن كان من أهل الوعيد، أو يكفر الله -جل وعلا- عنه خطاياه… إلى آخر ذلك.

أو يكون المقصود بـ "دخل الجنة" أن الدخول مآلي، بمعنى: أنه سيئول إلى دخول الجنة كقوله -عليه الصلاة والسلام-: من قال:( لا إله إلا الله دخل الجنة )

(من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)شرح الاربعين النووية للشيخ صالح  ال الشيخ).


س/هل يدخل أحد الجنة بعمله؟

قال ابن القيم / حادي الأرواح

وههنا أمر يجب التنبيه عليه وهو أن الجنة إنما تدخل برحمة الله تعالى وليس عمل العبد مستقلا بدخولها وإن كان سببا

ولهذا أثبت الله تعالى دخولها بالأعمال في قوله:( بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)الاعراف:43

ونفى رسول الله دخولها بالأعمال بقوله :( قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( لن يدْخل أحد مِنْكُم الْجنَّة بِعَمَلِهِ . قَالُوا : وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله ؟ قَالَ : وَلَا أَنا ؛ إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمة مِنْهُ وَفضل )

ولا تنافي بين الأمرين :

ما ذكره سفيان وغيره قال كانوا يقولون النجاة من النار بعفو الله ودخول الجنة برحمته واقتسام المنازل والدرجات بالأعمال ويدل على هذا (فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهَلَ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا فَنَزَلُوا فِيهَا بِفَضْلِ أَعْمَالِهِمْ) رواه الترمذي

وصل الله وسلم على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين





 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق