الحديث العشرون (الحياء من الإيمان)
الحمد الله والصلاة
والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
الحديث.
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقبةَ بنِ عَمْرٍو الأنصاريِّ الْبَدْريِّ
رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { إِنَّ
مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ
فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ }. رواه البخاريُّ. كتاب الأدب 7/100
·
أهمية الحديث.
تكمن أهمية الحديث بدعوته إلى خلق الحياء , والحياء لا
يأتي منه إلا الخير والحياء يدعو صاحبه للتحلي بالفضائل والبعد عن الرذائل
·
مفردات الحديث :
"إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ" أي إن مما بلغ الناس من كلام الانبياء قبلنا.
" مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ" مما اتفق عليه الأنبياء .
س/ لماذا أضيف الكلام إلى النبوة ؟
إضافة الكلام إلى النبوة إعلام بأن الحياء من قضايا
النبوة المجمع عليها .
" إِذَا لَمْ تَسْتَحِ" بإسكان الحاء وإثبات الياء المكسورة
" فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" صيغة الأمر هنا وعلى معنيين:
1ـ إما أن تكون على معنى التهديد والوعيد والمعنى : إذا نزع منك
الحياء فافعل ماشئت فإنك مجازى عليه.
2ـ إما أن تكون على معنى الإباحة والمعنى : إذا أردت فعل شي وكان مما
لا تستحي من فعله أمام الله والناس فافعله .
·
وفي رواية أخرى للبخاري " فافعل ماشئت"(الوافي شرح الاربعين النووية صـ 150)
·
المسائل على هذا الحديث :
1ـ من إرث أنبياء الله.
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ
النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى)
س/ ما المراد بالإدراك " في هذا الحديث؟
الإدراك : أنه فشى في الناس , وتناقلوه عن الأنبياء ـ من هنا
تبعيضه
يكون : بعض أدرك من كلام النبوة الأولى .
*يقتضي أن هناك كلاماً أدركه الناس من كلام الانبياء.(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
س/ ما المراد ب"النبوة الأولى "؟
النبوة الاولى المقصود بها النبوات المتقدمة يعني أوائل الرسل والأنبياء
كنوح وإبراهيم عليهما السلام وهكذا, فإن نوحاً عليه السلام، له
كلام فشى في أتباعه فيما بعده. وإبراهيم عليه السلام كذلك، في كلامٍ له، وكذلك مما
أعطاه الله - جل وعلا- وأوحاه إليه فيما في صحفه.
وهناك نبوات متأخرة وهذ هو الصحيح
أما موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام وهكذا انبياء بنى اسرائيل دواد عليه السلام وغيرهم
من النبوات المتأخرة (شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
س/ ما المقصود (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ
كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى)؟
يعني أن هذه الحكمة النبوية العظيمة ,الداعية إلى الحياء مما توارثه
الناس عن أنبيائهم جيلا بعد جيل ,حتى وصلت إلى أول هذه الأمة المحمدية .( قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ180)
س/ معنى الأمر في الحديث :؟
للعلماء في مفهوم أمره عليه الصلاة والسلام (إذا لم تستح فاصنع ما شئت
)أقوال وأرجحها وأصحها هو:
الأمر للتهديد
والوعيد :فيكون
المعنى إذا لم يكن عندك حياء فأعمل ما شئت فإنك معاقب مجازي على صنيعك , وقد يكون
في الدنيا أو الأخرة أو كلاهما.( قواعد وفوائد على الأربعين النووية
صـ180)
2) الحياء .
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { إِذَا لَمْ تَسْتَحِ
فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ }.
س/ ماهي أنواع الحياء ؟
1ـ الحياء الغير
مكتسب.
وهو ما كان فطره وجبلة يمن الله به على من شاء من عباده
·
وفي الصحيح:
عن سالم بن عبد الله عن أبيه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رَسولَ اللَّه صلى
الله عليه وسلم مَرَّ على رَجُلٍ من الأنْصَار وهُو يَعِظُ أخَاهُ في الْحياءِ، فقال
عليه الصلاة والسلام: ((دَعْهُ فَإنَّ الحياءَ من الإِيمَانِ).) صحيح البخاري
·
وروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال:
(إِنَّ فِي الْحَيَاءِ لَهَنَاتٌ ذَاتُ أَلْوَانٍ مَنِ اسْتَحَى اخْتَفَى
، وَمَنِ اخْتَفَى اتَّقَى ، وَمَنِ اتَّقَى وَقَى).الوافي شرح الاربعين النووية صـ151)
2) الحياء
المكتسب.
وهو ما كان مكتسباً من معرفة الله ,ومعرفة عظمته ,وقربه
من عباده واطلاعه عليهم
·
والمسلم الذي يسعى في كسب وتحصيل هذا الحياء إنما
يحقق أعلى خصال الإيمان وأعلى درجات
الإحسان.
·
وإذا خلت نفس الانسان من الحياء المكتسب ,وخلا قلبه من
الحياء الفطري لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح وأصبح كمن لا إيمان له من شياطين الإنس والجن .( الوافي شرح الاربعين النووية صـ152)
·
الحياء المذموم.
قال عياض وغيره : "والحياء
الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس حياء شرعيا بل هو عجز ومهانة، وإنما يطلق عليه حياء
لمشابهته للحياء الشرعي " فالحياء الذي يؤدي بصاحبه في التقصير في حقوق الله ،
فيعبد الله على جهل ولا يسأل عن دينه ، ويقصر في القيام بحقوقه ، وحقوق من يعول ، وحقوق
المسلمين فهذا الحياء مذموم لأنه ضعف وخور.(قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ182)
ـ فلا حياء في تعليم أحكام الدين , ولا حياء في طلب
الحق
قال تعالى: (وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي
مِنَ الْحَقِّ ۚ)(الأحزاب :53)
·
ثمرات الحياء:
س/ ماهي ثمرات الحياء ؟
1)
العفة.
فمن
اتصف بالحياء حتى غلب على جميع أفعاله كان عفيفا بالطبع لا باختيار.
2)
الوفاء
قال
الأحنف بن قيس :اثنان لا يجتمعان ابدا في البشر : الكذب والمروة.
صل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق