الحديث الثالث والعشرون:(جوامع الخير)
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
الحديث.
عن أبي مالكٍ الحارثِ بنِ عاصمٍ الأشْعَرِيِّ رَضِي اللهُ
عَنْهُ، قالَ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: { الطُّـهُورُ شَطْرُ
الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلأَن الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ
للهِ تَمْلأَ ن مَا بَيْنَ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، وَالصَّلاَةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ
بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ
يَغْدُو؛ فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا}.رواه مسلِمٌ. كتاب
الطهارة 1/501
·
أهمية الحديث.
الحديث ذو أهمية عظيمة ,اشتمل على أبواب عظيمة ,فأمر
بالطهارة ورغب بالذكر الذي تطمئن إليه القلوب ,والصدقة التي نفعها يتعدى للآخرين
,والصلاة التي هي من أعظم العبادات وأمر بالصبر , وحث على الاهتمام بكتاب الله .(قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ195)
·
قال الشيخ صالح ال الشيخ:
حديث عظيم جداً والفاظه جوامع الكلم من الأحاديث تهز
النفس وتدخل القلب ويحمل على الطاعة .(شرح الأربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
·
مفردات الحديث .
"الطهور
" فعل ما
يترتب عليه رفع الحدث , كالوضوء والغسل, أو إزالة نجس ـ كتطهير الثوب والبدن
والمكان , أو المراد الوضوء فقط .
"شطر " نصف كما ورد في رواية عند أحمد والترمذي "الطهور
نصف الإيمان "
" الحمد الله " الثناء الحسن على الله تعالى لما أعطى من نعم : والمراد
هنا : ثوب لفظ الحمد الله .
" الميزان" كفة الحسنات من الميزان الذي توزن به أعمال العباد يوم
القيامة .
"سبحان الله" تعظيم الله وتنزيهه عن النقائص , والمراد هنا : ثواب
لفظ سبحان الله .
" الصلاة نور " أي تهدي إلى فعل الخير كما يهدي النور إلى الطريق
السليم.
"برهان" دليل على صدق الإيمان .
" الصبر " حبس النفس عما تتمنى وتحملها ما يشق عليها ,وثباتها على
الحق رغم المصائب.
"ضياء" هو شدة النور ,أي بالصبر تنكشف الكربات.
"حجة" برهان ودليل ومرشد ومدافع عنك.
" يغدو" يذهب باكراً يسعى لنفسه ,والغدو الذهاب ما بين طلوع
الفجر وشروق الشمس.
" بائع نفسه " لله تعالى بطاعته .أو لشيطانه وهواه بمعصية الله وسخطه
.
"معتقها " مخلصها من الخزي في الدنيا ,والعذاب في الآخرة.
"موبقها" مهلكها بارتكاب المعاصي وما يترتب عليها من الخزي
والعذاب.(الوافي
شرح الأربعين النووية صـ 172)
·
المسائل على هذا الحديث :
1) الطهارة
وثوابها .
قوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: { الطُّـهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ)
س/ ما لمراد
بالطهور ؟
تأتي
على معنيين:
ـ
الطهور : المقصود
به الطهارة ,وهو التطهر.
ـ
الطهور : ما يتطهر
به ـ الماء يسمى طهور .
س/
أختلف العلماء في معنى صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: { الطُّـهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ)؟
1ـ
القول الأول .
الطهور
هنا التطهر من النجاسات المعنوية أو بما ينجس القلب والروح والجوارح من الشرك وفعل
المحرمات وترك الواجبات لقوله تعالى (( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ
)المدثر
: 4
فيكون
المعنى :
إذا
طهرت نفسك وجوارحك جعلتها طاهرة عما حرم الله من المعاصي ,فقد أتيت نصف الإيمان.
·
لكن هذا القول يرد:
ـ قال ابن رجب:9)
فإن كثيراً من الأعمال تطهر النفس من الذنوب السابقة
كالصلاة ,فكيف تدخل في اسم الطهور . ومتى دخلت الأعمال أو بعضها في اسم الطهور ,لم
يتحقق كون ترك الذنوب شطر الإيمان )(جامع العلوم والحكم )
2) القول
الثاني
الطهور
ـ الطهارة بالماء والبدن
ـ
طهارة كبرى ـ
طهارة من الجنابة والحيض.
ـ طهارة صغرى ـ طهارة من الحدث الأصغر للصلاة .
·
فيكون المراد قوله صلى الله عليه وسلم (الطُّـهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ)
المراد بالايمان الصلاة ـ لأن الايمان يأتي بمعنى الصلاة.
قال تعالى :(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ
إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]
فيصبح التطهر شطر الإيمان الذي هو الصلاة راس الإيمان.(شرح الأربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
3) الترغيب
في ذكر الله عز وجل .
وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلأَن الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ
للهِ تَمْلأَ ن مَا بَيْنَ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ)
ـ
المؤمن في حاجة ماسة إلى اطمئنان قلبه
واستقرار نفسه ولذا لابد له أن يكثر من ذكر الله عز وجل , حتى يكون دائماً على صلة
به , معتمداً عليه , مستمداً لعونه ونصرته , طالباً لعفوه ومغفرته , حتى يذكره
الله في ملكوته .
قال
تعالى :( ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا*
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)الاحزاب :41ـ43)
س/ ما لمراد
لقوله صلى الله عليه وسلم (وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلأَن الْمِيزَانَ)؟
الحمد :ال استغراق جميع المحامد
حمد لفلان صنيعه .......اي
أثنى عليه بصفات كمل بما يناسب البشر على صنيعه .
الحمد الله: الثناء على الله بصفات الكمال والجلال والجمال .
1ـ حمد الله على ربوبيته
2ـ حمد الله على الوهيته
3ـ حمد الله على اسمائه وصفاته.
4ـ حمد الله على كلامه والقران.
5ـ حمد الله على أمره الكوني
والشرعي.( شرح الأربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)
*الحمد الله : فهذا تملأ الميزان .
جاء في
الحديث ( أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ
عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ : سُبْحَانَ
اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ " متفق عليه.
س/ ما لمراد بقوله (تَمْلأَن الْمِيزَانَ)
·
الملأ هنا على ظاهرها حسي وليس معنوي فالله يوم القيامة
يأتي بالأعمال فيضعها على الميزان .
·
على تفسيران:
1ـ أن تملأ, نفهم منه لا يوضع اولا . لا يؤتى بالحمد
أولاً فيوضع في الميزان وإنما الذي يوضع الأعمال فتملئ الميزان.
2ـ أن الايمان والدين نصفان ـ نصف تنزيه ـ ونصف الكمالات
والتنزيه فيه التسبيح , والحمد إثبات الكمالات .فإذا وضع سبحان الله أولاً فتأتي
الحمد الله تملأ الميزان ـ نفهم من قوله عليه السلام.( سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ
،•، سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم)
أن التسبيح أكثر من جهة وضعه في الميزان .( شرح الأربعين النووية للشيخ صالح
ال الشيخ)
·
الميزان :
س/ مالمراد بقوله صلى الله عليه وسلم (تملأن )؟
إذا كان (تملأن ) أي كل واحده على اعتبار
إذا كان (تملأ) وهو الأظهر ,فإن سبحان الله والحمد الله
كلمه واحده.
وهو التنزيه والإثبات (ما بين السماء والأرض)
السماء هنا 1/ سماء الدنيا.
2/ يراد به العلو .( شرح الأربعين النووية للشيخ صالح
ال الشيخ)
4) الصلاة نور.
قوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: { وَالصَّلاَةُ
نُورٌ)
س/ ما لمراد بقوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: { وَالصَّلاَةُ نُورٌ)
؟
النور نستضئ به في الظلام كي نميز به بين ما ينفع ويضر ,وكي نهتدي
به إلى ما نريد
وكذلك الصلاة إذا أراها العبد كما أمره الله تبارك وتعالى تورث
قلبه نور الهداية ,وتجعل له فرقاناً يفرق
به بين الحق والباطل.
قال تعالى (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)
العنكبوت :45
ـ فهي نور معنوي يستضاء به في طريق الهداية والحق .
ـ نوراً على وجه صاحبها في الدنيا لقوله تعالى (سِيمَاهُمْ
فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ )الفتح :29
ـ نوراً لصاحبها يوم القيامة .
ـ قال تعالى (يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم
)الحديد :12 .(قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ201)
صل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق