الأربعاء، 11 مارس 2015


الحديث الحادي والعشرون (الاستقامة بالإسلام)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين

الحديث.

عَن أبي عمرٍو وَقِيلَ: أَبي عَمْرةَ سُفيانَ بنِ عَبْدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ قُلْتُ:( يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الإسلامِ قَوْلاً لا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ. قالَ: { قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ }).رواه مسلِمٌ في كتاب الايمان صـ 38)

·       أهمية الحديث :

هذا الحديث عظيم فقد جمع للسائل بهاتين الكلمتين قواعد الدين ,فأمره بالإيمان والاستقامة وفق منهج الله عز وجل .(قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ 185)
                     
    
 

·       مفردات الحديث.

"في الاسلام" أي في عقيدته وشريعته.

"قولاً"        جامعاً لمعاني الدين ,واضحاً لا يحتاج إلى تفسير.

"قل آمنت بالله " جدد إيمانك بالله متذكراً بقلبك ذاكراً بلسانك لتستحضر جميع تفاصيل أركان الإيمان.

" ثم استقم " أي دوام واثبت على عمل الطاعات ,والانتهاء عن جميع المخالفات , والا ستقامه لا تأتي مع شي من الروغان والاعوجاج .(الوافي شرح الأربعين النووية صـ 156)

 
                                                               
 

·       المسائل في هذا الحديث.

1)   الوصية .

قوله (قُلْ لِي فِي الإسلامِ قَوْلاً لا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ)

س/ بين الوصية في هذا الحديث؟

هذا الرجل طلب من الرسول عليه الصلاة والسلام وصية وقوله (قل لي ) معناه : قل لي وصية في شأن الاسلام ,وصية لا يحوجني معه أن اسال أحداً عن أمر آخر.

فقال عليه الصلاة السلام (وهو من جوامع الكلمة : (آمَنْتُ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ) وفي رواية (آمَنْتُ بِاللهِ فاسْتَقِمْ)

وهذا كما في قوله تعالى :( ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) فصلت:(30)

فشملت هذه الوصية :

الاعتقاد.

الأمور الظاهر والباطن.

أعمال الجوارح وأعمال القلوب.(شرح الأربعين النووية الشيخ صالح ال الشيخ)


                                            

2)   الإيمان بالله.

قوله صلى الله عليه وسلم:{ قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ)

س/ ماذا تشمل قوله عليه الصلاة والسلام (آمَنْتُ بِاللهِ

يشمل التوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات ويشمل الإيمان قول وعمل واعتقاد , ويشمل أركانه وهذ يشمل الدين كله.( شرح الأربعين النووية الشيخ صالح ال الشيخ)


                                 

3) الاستقامة:

قوله صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ اسْتَقِمْ ).

س/ ما معنى الاستقامة ؟

استقام ـ اعتدل واستوى(من لسان العرب 12/498)

معناها: قال ابن عباس : استقاموا على داء  فرائضه .

قال الشيخ صالح ال الشيخ:

استقيموا ـ ليس معناه طلب الشي ولكن معناه : الإقامه على هذا الدين مبالغا فيه بحيث أنه لزمه ولم يتغير عنه.

وكلمة الاستقامة كما فسرها أهل العلم :

قيل ـ الثبا ت على الدين (فعل الطاعات وتر ك المحرمات)

ـ الاستقامة على الجهاد بأنواعه

ـ لزوم السنة والاخلاص لله تعالى ـ وهذا حقيقة الدين .( شرح الأربعين النووية الشيخ صالح ال الشيخ)

ب) أهمية الاستقامة.

مما يدل على أهميتها أن النبي عليه الصلاة السلام أمر بها قال تعالى ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ)هود:112)

·       قال ابن عباس:

ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق من هذه الآيه؟

·       وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين قالوا له :قد أسرع إليك الشيب قال: (" شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا ").

·       وذكر القشيري عن بعضهم:

أنه راى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: يا رسول الله قلت

" شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا "فما شيبك منها ؟ قال قوله (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ)هود:112) (الوافي شرح الاربعين النووية صـ 158)


                                                            

3)   فضل الاستقامة .

·       فضلها في الدنيا وفي الآخرة .

أ‌)      في الدنيا :

سبب البسط الرزق والتوسع في الدنيا

قال تعالى :( : وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا)الجن :16

ـ قال القرطبي.

أي لو آمن هؤلاء الكفار لو سعنا عليهم في الدنيا , وبسطنا لهم في الرزق .(تفسير القرطبي 19/17)

ب‌)  في الآخرة .

قال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ  نُزُلا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ )فصلت :30ـ 32

فالآيه  تدل على نزول الملائكة على المستقيمين عند الموت وفي القبر وعند البعث تأمنهم من الخوف عند الموت ,وتزيل عنهم الحزن على فراق الأولاد فإن الله خليفتهم في ذلك

تبشر بمغفرة الذنوب والخطايا وقبول الأعمال , والبشرى بالجنة التي فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .( قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ 187)

                                     


4)   التقصير في الاستقامة :

فإن الانسان لن يبلغ الاستقامة حق الاستقامة بل لابد من حصول تقصير في بلوغها , ودليل قوله تعالى (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ)(فصلت :6)

إذ الأمر بالاستغفار إنما هو الجبر النقص ,والتوبة والرجوع إلى الاستقامة

حديث (اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا )رواه الامام احمد ولامام مسلم

حديث ((سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وابشروا فَإِنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ).رواه البخاري ومسلم

والسداد هو حقيقة الاستقامة ,وهو الإصابة في جميع الأقوال والاعمال والمقاصد كالذين يرمي إلى غرض فيصيبه .( قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ 157)


                                                                       
 


5)   استقامة القلب :

س/ ماهي أصل الاستقامة ؟

أصل الاستقامة هو استقامة القلب على التوحيد .

ومتى استقام القلب على معرفة الله وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبته , ورجائه ودعائه , والتوكل عليه والإعراض عما سواه , استقامت الجوارح كلها على طاعته.

لأن القلب هو ملك الأعضاء وهي جنوده ’ فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه.

حديث(أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ, وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ, أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ). [أخرجه البخاري في الصحيح].

                                                                   


6)استقامة اللسان .

واعظم ما يراعي استقامة بعد القلب من الجوارح اللسان ,فإنه ترجمان القلب والمعبر عنه , يؤكد هذا ما ورد في رواية الترمذي

(قَلتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ ؟ قَالَ : " فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ)(رواه الترمذي :حديث حسن صحيح.
 

صل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق