الأحد، 15 يوليو 2018


لمعة الاعتقاد (1)

[وجوب الإيمان بكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى من صفات الرحمن وتلقيه بالتسليم والقبول]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله المحمود بكل لسان في كل زمان، الذي لا يخلو من علمه مكان ولا يشغله شأن عن شأن جل عن الأشباه والأنداد وتنزه عن الصاحبة والأولاد ونفذ حكمه في جميع العباد لا تمثله العقول بالتفكير ولا تتوهمه القلوب بالتصوير {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] له الأسماء الحسنى، والصفات العلى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى - لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى - وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 5 - 7] أحاط بكل شيء علما، وقهر كل مخلوق عزة وحكما، ووسع كل شيء رحمة وعلما {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110] موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العظيم، وعلى لسان نبيه الكريم.

بعض المسائل :

1) معنى لمعة الاعتقاد:

اللمعة: تطلق في اللغة على معان منها : البلغة من العيش

فمعنى لمعة الاعتقاد هنا البلغة من الاعتقاد الصحيح المطابق لمذهب السلف رضوان الله عليهم , أي ذات أدلة صحيحة صريحة مضيئة , تلمع لمعاناً كلمعان النجوم في الليلة المظلمة, أي أنها ذات أدلة واضحة لا خفاء فيها في الاعتقاد.(شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ صالح آل الشيخ)

الاعتقاد: منه العقد الإيمان الجازم الذي لا مرية فيه ,

 فإن طابق الكتاب والسنة ومنهج السلف رضوان الله عليهم فاعتقاد صحيح وإن خالف الكتاب والسنة ومنهج السلف فاعتقاد فاسد وباطل

وهذه اللمعة فيها الاعتقاد الصحيح المطابق للكتاب والسنة ومنهج السلف رضوان الله عليهم.

2) الحمد .

معناه: أن الله محمود بكل لسان ومعبود بكل مكان أي مستحق وجائز أن يحمد بكل لغة ويعبد بكل بقعة (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ29)

س: ما الفرق بين الحمد والشكر؟

الحمد يقابل نعمه وغيرها , أما الشكر يقابل نعمة.

الحمد يكون بالقلب واللسان, أما الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح .

3) سعة علم الله .

معناه: سعة علم الله بكونه لا يخلو من علمه مكان وكمال قدرته وإحاطته حيث لا يلهيه أمر عن أمر. (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ29)

4) تنزيه عن الولد والزوجة .

معناه: تنزهه وتقدسه عن كل زوجة وولد وذلك لكمال غناه. (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ29)

5) عظمة الله.

معناه: عظمة الله فوق ما يتصور بحيث لا تستطيع العقول له تمثيلاً ولا تتوهم القلوب له صورة؛ لأن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11]: (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ29ـ30)

6) أسماء الله وصفاته.

معناه: اختصاص الله بالأسماء الحسنى والصفات العلى. (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صــ 30)

* في أسماء الله عدة فروع.

اولاً: أسماء الله كلها حسنى.

: أي بالغة في الحسن غايته؛ لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: 180] .

ثانياً: أسماء الله غير محصورة بعدد معين.

لقوله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث المشهور: "أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك" (حديث صححه الألباني في الصحيحة (199)

 وما استأثر الله به في علم الغيب عنده لا يمكن حصره ولا الإحاطة به.

* والجمع بين هذا وبين قوله في الحديث الصحيح: "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة" (أخرجه البخاري ـ كتاب الدعوات (6410) ومسلم ـ كتاب الذكر والدعاء (2677)

 إن معنى هذا الحديث إن من أسماء الله تسعة وتسعين اسماء من أحصاها دخل الجنة، وليس المراد حصر أسمائه تعالى بهذا العدد، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فلا ينافي أن يكون عندك دراهم أخرى أعددتها لغير الصدقة.

ثالثاً: أسماء الله لا تثبت بالعقل وإنما تثبت بالشرع.

فهي توقيفية يتوقف إثباتها على ما جاء عن الشرع فلا يُزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على الشرع ولأن تسميته بما لم يسم به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك.

في صفات الله عدة فروع:

أولاً: صفات الله كلها عليا صفات كمال ومدح ليس فيها نقص بوجه من الوجوه:

كالحياة والعلم والقدر والسمع والبصر والحكمة والرحمة والعلو وغير ذلك لقوله تعالى:

 {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} [النحل: 60] .

{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً , وَأَكِيدُ كَيْداً} [الطارق: 15، 16] .

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] .

فإذا قيل هل يوصف الله بالمكر مثلا؟

 فلا تقل: نعم، ولا تقل: لا، ولكن قل: هو ماكر بمن يستحق ذلك والله أعلم.

ثانياً: صفات الله تنقسم إلى قسمين:

ثبوتية وسلبية:

أ) فالثبوتية: ما أثبتها الله لنفسه كالحياة والعلم والقدرة. ويجب إثباتها لله على الوجه اللائق به؛ لأن الله أثبتها لنفسه وهو أعلم بصفاته.

ب) والسلبية: هي التي نفاها الله عن نفسه كالظلم فيجب نفيها عن الله؛ لأن الله نفاها عن نفسه لكن يجب اعتقاد ثبوت ضدها لله على الوجه الأكمل؛ لأن النفي لا يكون كمالاً حتى يتضمن ثبوتًا.

مثال ذلك: قوله تعالى: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف: 49] .

فيجب نفي الظلم عن الله مع اعتقاد ثبوت العدل لله على الوجه الأكمل.

ثالثاً: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين ذاتية وفعلية:

1) فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفا بها كالسمع والبصر.

2) والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها كالاستواء على العرش والمجيء.

رابعاً: كل صفة من صفات الله فإنه يتوجه عليها ثلاثة أسئلة:

س: هل هي حقيقية ولماذا؟

نعم حقيقية؛ لأن الأصل في الكلام الحقيقة فلا يُعْدَلُ عنها إلا بديل صحيح يمنع منها.

س: هل يجوز تكييفها ولماذا؟

لا يجوز تكييفها لقوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه: 110] .

 ولأن العقل لا يمكنه إدراك كيفية صفات الله.

س: هل تماثل صفات المخلوقين ولماذا؟

لا تماثل صفات المخلوقين لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} [الشورى: 11] .

ولأن الله مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه فلا يمكن أن يماثل المخلوق؛ لأنه ناقص.

صل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق