السبت، 29 مارس 2014

علو الهمة


ما هي الهمــــــــــة ؟


الهمة: هي الباعث على الفعل، وتوصف بعلو أو سفول..


قال أحد الصالحين: همتك فاحفظها، فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته وصدق فيها، صلح له ما وراء ذلك من الأعمال


الهمــــــــة محلها القلـــــــــــــب


الهمة عمل قلبي، والقلب لا سلطان عليه لغير صاحبه، وكما أن الطائر يطير بجناحيه، كذلك يطير المرء بهمته، فتحلق به إلى أعلى الآفاق، طليقةًً من القيود التي تكبل الأجساد..


همَّــــــــــــة المؤمـــن أبلغ من عملـــــــــــه


قال صلى الله عليه وسلم:" من همَّ بحسنة، فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة " رواه البخاري


وقال صلى الله عليه وسلم: " من سأل الله الشهادة بصدقٍ، بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه " رواه مسلم وغيره


وقال صلى الله عليه وسلم : " ما من امرئٍ تكون له صلاة بليل، فغلبه عليها نوم ، إلا كُتب له أجر صلاته، وكان نومه صدقةً عليه " رواه النسائي وأبو داود





خصائص كبير الهمـــــــــــة



1/ يا عالـــــــــــــــي الهمَّــــة..


بقَدْر ما تَتَعنَّى ، تنالُ ما تتمنَّى


إن عالي الهمة يجود بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايته، وتحقيق بغيته، لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره، وأن المصالح والخيرات، و اللذات و الكمالات كلها لا تنال إلا بحظ من المشقة، ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب :



2/ عالي الهمة يُرى منطلقاً بثقة وقوة وإقدام نحو غايته التي حددها على بصيرة وعلم، فيقتحم الأهوال، ويستهين الصعاب ..


من أراد الجنة سلعةَ الله الغالية لم يلتفت إلى لوم لائم، ولا عذل عاذل، ومضى يكدح في السعي لها


قال تعالى: ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا )


وقال صلى الله عليه وسلم: " من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة "


3/كبيــر الهمــة لا ينقُضُ عَزْمه


قال تعالى : ( فإذا عزمت فتوكل على الله )


قال جعفر الخلدي البغدادي : " ما عقدت لله على نفسي عقدا ، فنكثته "



4/علام يندم كبير الهمة؟


يندم على ساعة مرت به في الدنيا لم يعمرها بذكر الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : " ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها "



5/ يا كبير الهمة : لا يضرك التفرد ، فإن طرق العلاء قليلة الإيناس


فعالي الهمة ترقى في مدارج الكمال بحيث صار لا يأبه بقلة السالكين، ووحشة الطريق لأنه يحصل مع كل مرتبة


يرتقي إليها من الأنس بالله ما يزيل هذه الوحشة ، و إلا انقطع به السبيل ..



عالي الهمة لا يرضى بالدون ولا يرضيه إلا معالي الأمور


إن عالي الهمة يعلم أنه إذا لم يزد شيئا في الدنيا فسوف يكون زائدا عليها ، ومن ثم فهو لا يرضى بأن يحتل هامش الحياة ، بل لابد أن يكون في صلبها ومتنها عضوا مؤثرا.








الحث على علو الهمة في القرآن والسنة




تواردت نصوص القرآن والسنة على حث المؤمنين على ارتياد معالي الأمور ، والتسابق في الخيرات ، وتحذيرهم من سقوط الهمة ، وتنوعت أساليب القرآن في ذلك ..


( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل )


( يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة )


( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )


( فاستبقوا الخيرات )




أما السنة الشريفة..


وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( إن الله تعالى يحب معالي الأمور ، ويكره سفاسفها )


وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ..


فإنه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار الجنة )





مجالات علو الهمة :


* علو الهمة في طلب العلم


قال يحيى بن أبي كثير : لا ينال العلم براحة الجسد ..


* علو الهمة في العبادة والاستقامة


قال الحسن : من نافسك في دينك فنافسه ، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره


قال وهيب بن الورد : إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل ..


* علو الهمة في البحث عن الحق


لقد حفل التاريخ الإسلامي قديمه وحديثه بنماذج رائعة من المهتدين الذين ارتفعت همتهم في البحث عن الدين الحق


و بذلوا في سبيل ذلك النفس والنفيس ، فصاروا مضرب الأمثال ، وحجة لله على خلقه أن من انطلق باحثا عن الحق مخلصا لله تعالى ، فإن الله عز وجل يهديه إليه ، ويمن عليه بأعظم نعمة في الوجود نعمة الإسلام


* علو الهمة في الدعوة إلى الله تعالى ..


كبير الهمة يحمل هم الدعوة


من أعظم ما يهتم به الداعية هداية قومه ، وبلوغ الجهد في النصح لهم ، كما يتضح ذلك جليا لمن تدبر سير المرسلين ، خاصة خاتمهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم ..



 أسباب انحطاط الهمم 

 حتى نكون أبعد عن انحطاط الهمم لابد أن نتعرف على أسباب ذلك ..
* الوهن ..
كما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم : ( حب الدنيا، وكراهية الموت )حديث صحيح
* الفتور .. ...

قال صلى الله عليه وسلم: (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين / مسند الإمام أحمد بن حنبل)
* اهدار الوقت الثمين في فضول المباحات ..
قال صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )صحيح البخاري
* العجز والكسل ..
قال تعالى: ( وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِين)التوبة 46
* الغفلة ..
وشجرة الغفلة تُسقى بماء الجهل الذي هو عدو الفضائل كلها
قال ابن القيم رحمه الله: لابد من سِنة الغفلة، ورقاد الغفلة، ولكن كن خفيف النوم ..
* التسويف والتمني ..
وهما صفة بليد الحس، عديم المبالاة، الذي كلَّما همَّت نفسه بخير، إما يعيقها بسوف حتى يفجأه الموت، وإما يركب بها بحر التمني، وهو بحر لا ساحل له،يدمن ركوبه مفاليس العالم .
* العشق ..
لأن صاحبه يحسر همته في حصول معشوقه فيلهيه عن حب الله ورسوله.
* الانحراف في فهم العقيدة . لا سيما مسألة القضاء والقدر، عدم تحقيق التوكل على الله تعالى، بدعة الإرجاء.


 




أسبــاب الارتقـــاء بالهمـــــــة


* العلم والبصيرة .. العلم يصعد بالهمة، ويرفع طالبه عن حضيض التقليد، ويُصفِّي النية.


* إرادة الآخرة، وجعل الهموم همَّا واحداً.. قال تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا )الاسراء :19


وقال صلى الله عليه وسلم: ( من كانت الدنيا همه، فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له. ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة».
قال البوصيري هذا إسناد صحيح رجاله ثقات


* كثرة ذكر الموت .. عن عطاء قال: كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء، فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون .


* الدعاء.. لأنه سنة الأنبياء، وجالب كل خير،


* الاجتهاد في حصر الذهن، وتركيز الفكر في معالي الأمور.. قال الحسن: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.


* التحول عن البيئة المثبطة.. إذا سقطت الجوهرة في مكان نجس فيحتاج ذلك إلى كثير من الماء حتى تُنَظَّف إذا صببناه عليها وهي في مكانها، ولكن إذا أخرجناها من مكانها سهل تنظيفها بالقليل من الماء .

* المبادرة والمداومة والمثابرة في كل الظروف..قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق