(تفسير جزء عم (سورة التكاثر)
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ
الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا
لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا
عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)
سورة التكاثر (1ـ8)
* الفوائد على هذه الآيات.
1)الانشغال بالدنيا وترك الاخرة
في قوله تعالى (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ
* حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ
تَعْلَمُونَ *
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ)التكاثر(1ـ 5)
شغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها ، وتمادى بكم
ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر ، وصرتم من أهلها ؟!(تفسير ابن كثير 547/4)
ـ قوله تعالى{ أَلْهَاكُمُ } أي شغلكم حتى لهوتم عن ما هو أهم من ذكر الله تعالى
والقيام بطاعته
والخطاب هنا لجميع الأمة إلا أنه يخصص بمن شغلتهم أمور الآخرة عن أمور
الدنيا وهم قليل
لأنه ثبت في الصحيحين أن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة:
{يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، فيقول: أخرج من ذريتك بعثاً
إلى النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألفٍ تسع مئةوتسعة وتسعين» (أخرجه البخاري كتاب الرقاق (6530) ومسلم كتاب الإيمان باب قوله: يقزل
لآدم اخرج بعث النار (222) (379)
واحد في الجنة والباقي في النار، وهذا عدد هائل!
إذا لم يكن من بني آدم إلا واحداً من الألف من أهل الجنة والباقون من
أهل النار.(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 591/10)
ـ قوله تعالى { التَّكَاثُرُ } يشمل التكاثر بالمال، والتكاثر بالقبيلة،
والتكاثر بالجاه، ، وبكل ما يمكن أن يقع فيه التفاخر، ويدل لذلك قول صاحب الجنة لصاحبه:{ أَنَا أَكْثَرُ
مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا } [الكهف: 34]
فيتكاثرون في هذه الأمور عما خلقوا له من عبادة الله عز وجل. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 591ـ
592/10)
ـ قوله تعالى { حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} يعني إلى أن زرتم المقابر، يعني إلى أن
مُتم، فالإنسان مجبول على التكاثر إلى أن يموت، بل كلما ازداد به الكِبر ازداد به الأمل،
فهو يشيب في السن ويشب في الأمل، حتى إن الرجل له تسعون سنة مثلاً تجد عنده من الآمال
وطول الأمل ما ليس عند الشاب الذي له خمس عشرة سنة.
هذا هو معنى الآية الكريمة. أي: أنكم تلهوتم بالتكاثر عن الآخرة إلى أن
متم.
ـ قوله تعالى { حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} استدل به عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله
ـ
على أن الزائر لابد أن يرجع إلى وطنه، وأن القبور ليست بدار إقامة
وكذلك يذكر عن بعض الأعراب أنه سمع قارىء يقرأ: { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ
الْمَقَابِرَ}
فقال: «والله ما الزائر بمقيم والله لنبعثن» ، لأن الزائر كما هو معروف
يزور ويرجع، فقال: والله لنبعثن. وهذا هو الحق.
ـ قوله تعالى { كَلَّا } بمعنى الردع يعني: ارتدعوا عن هذا التكاثر،
وقيل: إنها بمعنى حقًّا
ـ قوله تعالى { سَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي: سوف تعلمون عاقبة أمركم إذا رجعتم إلى
الآخرة، وأن هذا التكاثر لا ينفعكم.
قد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
فيما رواه مسلم
«يقول ابن آدم: مالي ومالي ـ يعني: يفتخر به ـ وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت
فأمضيت» (أخرجه
مسلم كتاب الزهد باب الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر (2958) (3) .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين593/10)
وقوله تعالى " كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ
" أي لو
علمتم حق العلم لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الآخرة حتى صرتم إلى المقابر. (تفسير ابن كثير548/4)
2) رؤية النار يوم القيامة.
في قوله تعالى (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا
عَيْنَ الْيَقِينِ)(التكاثر(6ـ 7)
ـ قوله تعالى { لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} جملة مستأنفة لا صلة لها بما قبلها، وهي
جملة قسمية، فيها قسم مقدر والتقدير: والله لترون الجحيم
ـ قوله تعالى { الْجَحِيمَ} اسم من أسماء النار
ـ قوله تعالى { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ
} تأكيد
لرؤيتها، ومتى ترى؟ تُرى يوم القيامة، يؤتى بها تُجر بسبعين ألف زمام، كل زمام يجره
سبعون ألف ملك، فما ظنك بهذه النار ـ والعياذ بالله ـ
إنها نار كبيرة عظيمة لأن فيها سبعين ألف زمام، كل زمام يجره سبعون ألف
ملك، والملائكة عظام شداد فهي نار عظيمة. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
593/10)
3) السؤال عن النعيم في يوم القيامة.
في قوله تعالى (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
)(التكاثر(8)
ـ قوله تعالى { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
} يعني:
ثم في ذلك الوقت في ذلك الموقف العظيم تسألن عن النعيم،
واختلف العلماء رحمهم الله في قوله: { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } هل المراد الكافر، أو المراد المؤمن والكافر؟
الصواب: أن المراد المؤمن والكافر كل يسأل عن النعيم،
لكن الكافر يسأل سؤال توبيخ وتقريع، والمؤمن يسأل سؤال تذكير
حديث: «هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون
عنه يوم القيامة، ظل بارد، ورطب طيب، وماء بارد» أخرجه الترمذي كتاب الزهد باب ما جاء في
معيشة النبي صلى الله عليه وسلم (2369) وقال حديث حسن صحيح غريب.
وهذا دليل على أن الذي يُسأل المؤمن والكافر.
ولكن يختلف السؤال،:
سؤال المؤمن سؤال تذكير بنعمة الله عز وجل عليه حتى يفرح، ويعلم أن الذي
أنعم عليه في الدنيا ينعم عليه في الاخرة، بمعنى أنه إذا تكرم بنعمته عليه في الدنيا
تكرم عليه بنعمته في الآخرة،
أما الكافر فإنه سؤال توبيخ وتنديم.
. نسأل الله تعالى أن يستعملنا في طاعته، وأن يجعل ما رزقنا عونًا على
طاعته، إنه على كل شيء قدير. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 593ـ
594/10)
تم بحمد الله تفسير سورة
التكاثر
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق