(تفسير جزء عم
(سورة النصر)
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) سورة النصر (1ـ3)
* الفوائد على هذه الآيات:
1) النصر أعظم سرور يحصل للعبد.
في قوله تعالى (إِذَا
جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) النصر:1
ـ قوله تعالى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} أي نصر الله إياك على عدوك, الخطاب للنبي
صلى الله عليه وعلى آله وسلم
ـ قوله تعالى {نَصْرُ اللَّهِ} النصر هو تسليط الله الإنسان على عدوه بحيث
يتمكن منه ويخذله ويكبته، والنصر أعظم سرور يحصل للعبد في أعماله، لأن المنتصر يجد
نشوة عظيمة، وفرحاً وطرباً، لكنه إذا كان بحق فهو خير.
قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «نصرت بالرعب مسيرة شهر» (أخرجه البخاري كتاب التيمم با (335) .
ومسلم كتاب الصلاة باب المساجد ومواضع الصلاة (521) (3)
أي أن عدوه مرعوب منه إذا كان
بينه وبينه مسافة شهر، والرعب أشد شيء يفتك بالعدو، لأن من حصل في قلبه الرعب لا يمكن
أن يثبت أبداً.(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 616/ 10)
ـ قوله تعالى { وَالْفَتْحُ } معطوف على النصر أي: الفتح المعهود المعروف في أذهانكم،
وهو فتح مكة
* فتح مكة.
وكان فتح مكة في رمضان من السنة
الثامنة للهجرة، دخل عليه الصلاة والسلام مكة في العشرين من رمضان، من السنة الثامنة
للهجرة، مظفراً منصوراً مؤيداً، حتى إنه في النهاية اجتمع إليه كفار قريش حول الكعبة
فوقف على الباب وقريش تحته ينتظرون ما يفعل، فأخذ بعضادتي الباب وقال: يا معشر قريش،
ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فإني أقول لكم كما
قال يوسف لأخوته { قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ
} [يوسف:
92] .
اذهبوا فأنتم الطلقاء. (انظر زاد المعاد لابن القيم رحمه الله
تعالى..
فعفى عنهم عليه الصلاة والسلام،
هذا الفتح سماه الله فتحاً مبيناً فقال تعالى: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا
)[الفتح:
1] أي
بيناً عظيماً واضحاً. .. .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 616ـ 617/ 10)
2) عام الوفود.
في قوله تعالى (وَرَأَيْتَ
النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) النصر:2
بعد الفتح عرف الناس جميعاً أن العاقبة لمحمد صلى الله عليه وسلّم وأن
دور قريش واتباعها قد انقضى
ـ قوله تعالى { يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا } فصار الناس يدخلون جماعات بعد أن كانوا يدخلون فيه أفراداً، وصاروا يدخلون
في دين الله أفواجاً، وصارت الوفود ترد على النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة من
كل جانب حتى سمي العام التاسع (عام الوفود) . .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
617/ 10)
3) قرب آجل الرسول عليه الصلاة والسلام.
في
قوله تعالى (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا
) النصر:3
كان المتوقع فاشكر ربك هذه
النعمة واحمد الله عليها ولكن
ولكن عند التأمل تتبين الحكمة فالمعنى أنه إذا
جاء نصر الله والفتح فقد قرب أجلك وما بقي عليك إلا التسبيح بحمد ربك والاستغفار
ـ قوله تعالى { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } أي سبحه تسبيحاً مقروناً بالحمد. والتسبيح:
تنزيه الله تعالى عما لا يليق بجلاله. والحمد: هو الثناء عليه بالكمال مع المحبة والتعظيم.
ـ قوله تعالى { إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} أي: لم يزل عز وجل تواباً على عباده، فإذا
استغفرته تاب عليك، هذا هو معنى السورة..(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
617/ 10)
ولهذا لما سمع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن الناس انتقدوه في كونه
يُدني عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مع صغر سنه ولا يدني أمثاله من شباب المسلمين،
وعمر ـ رضي الله عنه ـ من أعدل الخلفاء أراد أن يبين للناس أنه لم يحابِ ابن عباس في
شيء، فجمع كبار المهاجرين والأنصار في يوم من الأيام ومعهم عبد الله بن عباس وقال لهم:
ما تقولون في هذه السورة
ـ قوله تعالى { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ } حتى ختم السورة ففسروها بحسب ما يظهر فقط،
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم: لا ندري،
ولم يقل بعضهم شيئاً.
فقال: ما تقول يا ابن عباس قال: يا أمير المؤمنين هو أجل رسول الله صلى
الله عليه وسلّم، أعلمه الله له: { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
} فتح مكة فذاك علامة أجلك
فقال عمر: «والله ما أعلم منها إلا ما تعلم» (أخرجه البخاري كتاب المغازي باب (52)
(4294) .
نزلت هذه السورة جعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي هو أشد الناس
عبادة لله وأتقاهم لله جعل يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده:
«سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» (أخرجه البخاري (4968) ومسلم كتاب الصلاة
باب ما يقال في الركوع والسجود (484) (217) . .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 618/ 10)
تم بحمد الله تفسير سورة
النصر
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق