(تفسير جزء
عم (سورة المسد)
بسم الله الرحمن الرحيم
(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *
مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ
حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) سورة المسد (1ـ5)
* الفوائد على هذه الآيات:
1) كيفية تعامل أعمام الرسول عليه الصلاة والسلام معه
هذا القرآن فيه من الدلالات الكثيرة ما يدل دلالة واضحة على أن رسول الله
صلى الله عليه وسلّم حق ليس يدعو لملك ولا لجاه، ولا لرئاسة قومه، وأعمام الرسول عليه
الصلاة والسلام
* انقسموا في معاملته ومعاملة ربه عز وجل إلى ثلاثة أقسام:
1/ قسم آمن به وجاهد معه، وأسلم لله رب العالمين.
2/ قسم ساند وساعد، لكنه باق على الكفر.
3/ قسم عاند وعارض، وهو كافر.
القسم الأول: فالعباس بن عبد المطلب، وحمزة بن عبد المطلب.
والثاني: أفضل من الأول؛ لأن الثاني من أفضل الشهداء عند الله عز وجل،
ووصفه النبي عليه الصلاة والسلام بأنه أسد الله، وأسد رسوله (أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"
8/ 438 وابن أبي عاصم في الجهاد (249) .
واستشهد رضي الله عنه في أحد في السنة الثانية من الهجرة (أخرجه البخاري كتاب المغازي باب قتل حمزة
بن عبد المطلب رضي الله عنه (4072)
القسم الثاني: أما الذي ساند وساعد مع بقائه على الكفر
فهو أبو طالب.
فأبو طالب قام مع النبي صلى الله عليه وسلّم خير قيام في الدفاع عنه ومساندته
ولكنه ـ والعياذ بالله ـ قد سبقت له كلمة العذاب، لم يُسلم حتى في آخر حياته في آخر
لحظة من الدنيا عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلّم أن يسلم لكنه أبى بل ومات على قوله:
إنه على ملة عبد المطلب (أخرجه البخاري (4772) ومسلم كتاب الإيمان باب الدليل على صحة إسلام حضرة
الموت والدليل على أن من مات على الشرك فهو من أصحاب
فشفع له النبي عليه الصلاة والسلام
حتى كان في ضحضاح من نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه (أخرجه البخاري كتاب مناقب الأنصار باب
قصة أبي طالب (3885) ومسلم كتاب الإيمان باب أهون أهل النار عذاباً (211) (361) .
القسم الثالث: الذي عاند وعارض فهو أبو لهب.
أنزل الله فيه سورة كاملة تُتلى في الصلوات فرضها ونفلها، في السر والعلن،
يُثاب المرء على تلاوتها، على كل حرف عشر حسنات. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
619ـ 620/10)
2) معارضة أبو لهب دعوة الرسول
عليه الصلاة والسلام.
في قوله
تعالى (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)المسد :1)
ـ قوله تعالى { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } وهذا رد على أبي لهب حين جمعهم النبي صلى
الله عليه وسلّم ليدعوهم إلى الله فبشر وأنذر، قال أبو لهب: تبًّا لك ألهذا جمعتنا
(أخرجه
البخاري (4973) .
قوله: «ألهذا جمعتنا» إشارة للتحقير، يعني هذا أمر حقير لا يحتاج أن يُجمع
له زعماء قريش.
ـ قوله تعالى (تَبَّتْ يَدَا) والتباب
الخسار أي: خسار.
وبدأ بيديه قبل ذاته؛ لأن اليدين هما آلتا العمل والحركة، والأخذ والعطاء
وما أشبه ذلك.
ـ قوله تعالى (أَبِي لَهَبٍ) وهذا اللقب أبو لهب، لقب مناسب تماماً لحاله
ومآله،
وجه المناسبة أن هذا الرجل سوف يكون في نار تلظى، تتلظى لهباً عظيماً
مطابقة لحاله ومآله.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 620/10)
3) لا ينفع المال والبنون الا من اتى الله بقلب سليم.
في قوله تعالى (مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا
كَسَبَ)المسد :2)
ـ قوله تعالى { مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ } «ما» هذه يحتمل أن تكون استفهامية والمعنى:
أي شيء أغنى عنه ماله وما كسب؟ والجواب: لا شيء
ويحتمل أن تكون (ما) نافية. أي
ما أغنى عنه، أي لم يغنِ عنه ماله وما كسب شيئاً، وكلا المعنيين متلازمان، ومعناهما: أن ماله وما كسب لم يغنِ عنه
شيئاً
مع أن العادة أن المال ينفع، فالمال يفدي به الآنسان نفسه لو تسلط عليه
عدو وقال: أنا أعطيك كذا وكذا من المال وأطلقني، يطلقه، لكن قد يطلب مالاً كثيراً أو
قليلاً
ولو مرض انتفع بماله، ولو جاع انتفع بماله، فالمال ينفع
لكن النفع الذي لا ينجي صاحبه من النار،
ليس بنفع.
ـ قوله تعالى { وَمَا كَسَبَ) يعني بذلك الولد.
وأيدوا
هذا القول بقول النبي صلى الله عليه وسلّم:
«إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» (أخرجه الترمذي كتاب الأحكام باب ما جاء
أن الوالد يأخذ من مال ولده (1385) وقال: حديث حسن صحيح.
والصواب :
أن الآية أعم من هذا، وأن الآية تشمل الأولاد، وتشمل المال المكتسب الذي
ليس في يده الآن، وتشمل ما كسبه من شرف وجاه. كل ما كسبه مما يزيده شرفاً وعزًّا فإنه
لا يُغني عنه شيئاً.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 620ـ 621/10)
3/ بيان جزاء ابو لهب وزوجه في الاخرة.
في قوله
تعالى (سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي
جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ)المسد(3ـ 5)
ـ قوله تعالى { سَيَصْلَىٰ نَارًا } السين في قوله: { سَيَصْلَىٰ } للتنفيس
المفيد للحقيقة والقرب. يعني أن الله تعالى توعده بأنه سيصلى ناراً ذات لهب عن قريب؛
لأن متاع الدنيا والبقاء في الدنيا مهما طال فإن الآخرة قريبة.
ـ قوله تعالى (ذَاتَ لَهَبٍ} أي ذات شرر ولهب وإحراق شديد. (تفسير ابن كثير569/4)
ـ قوله تعالى { وَامْرَأَتُهُ ) وكانت زوجته من سادات نساء قريش ، وهي
: أم جميل ، واسمها أروى بنت حرب بن أمية ، وهي أخت أبي سفيان (تفسير ابن كثير569/4)
وهي امرأة من أشراف قريش لكن لم يغنِ عنها شرفها شيئاً لكونها شاركت زوجها
في العداء والإثم والبقاء على الكفر.
ـ قوله تعالى (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ } وذكروا أنها تحمل الحطب الذي فيه الشوك
وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلّم من أجل أذى الرسول صلى الله عليه وسلّم.
ـ قوله تعالى{ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } الجيد: العنق، والحبل معروف، والمسد: الليف.
يعني أنها متقلده حبلاً من الليف تخرج به إلى الصحراء لتربط به الحطب
الذي تأتي به لتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلّم،
نعوذ بالله من ذلك، وهو إشارة إلى دنو نظرتها، وأنها أهانت نفسها، امرأة
من قريش من أكابر قبائل قريش تخرج إلى الصحراء وتضع هذا الحبل في عنقها، وهو من الليف
مع ما فيه من المهانة، لكن من أجل أذية الرسول عليه الصلاة والسلام. نسأل الله العافية. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 621/10)
تم تفسير بحمد الله
تفسير سورة المسد
صل الله وسلم على نبينا
محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق