(تفسير جزء عم (سورة قريش)
بسم الله الرحمن الرحيم
(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ
الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم
مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) سورة قريش(1ـ4)
* الفوائد على هذه الآيات:
1) نعم الله على أهل مكة.
في قوله تعالى (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ
الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ )قريش(1ـ 2)
هذه السورة لها صلة بالسورة التي قبلها، إذ أن السورة التي قبلها فيها
بيان منة الله عز وجل على أهل مكة بما فعل بأصحاب الفيل الذين قصدوا مكة لهدم الكعبة،
فبين الله في هذه السورة نعمة أخرى كبيرة على أهل مكة،
(على قريش) وهي إيلا فهم مرتين في السنة، مرة في الصيف ومرة في الشتاء
ـ قوله تعالى { لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ
} والإلاف
بمعنى الجمع والضم، ويراد به التجارة التي كانوا يقومون بها مرة في الشتاء، ومرة في
الصيف
أما في الشتاء فيتجهون نحو اليمن
للمحصولات الزراعية فيه، ولأن الجو مناسب
وأما في الصيف فيتجهون إلى الشام لأن غالب تجارة الفواكه وغيرها تكون
في هذا الوقت في الصيف مع مناسبة الجو البارد، فهي نعمة من الله سبحانه وتعالى على
قريش في هاتين الرحلتين؛ لأنه يحصل منها فوائد كثيرة ومكاسب كبيرة من هذه التجارة.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
604/10)
2) شكر الله على النعمة
في قوله تعالى (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ
* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)قريش(3ـ 4)
أي فبهذه النعم العظيمة يجب عليهم أن يعبدوا الله، والعبادة هي التذلل
لله عز وجل محبة وتعظيماً. أن يتعبد الإنسان لله يتذلل له بالسمع والطاعة،
وقد حدّها شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله
ـ بهذا المعنى فقال: إن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من
الأقوال، والأعمال الظاهرة، والباطنة.
ـ قوله تعالى { رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ} يعني به الكعبة المعظمة، وقد أضافها الله
تعالى إلى نفسه, وإضافة الربوبية إليه على سبيل التشريف
والتعظيم
ـ قوله تعالى { الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } بين الله نعمته عليهم، النعمة الظاهرة والباطنة،
فإطعامهم من الجوع وقاية من الهلاك في أمر باطن، وهو الطعام الذي يأكلونه
ـ قوله تعالى { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} وقاية من الخوف في الأمر الظاهر؛ لأن الخوف
ظاهر، إذا كانت البلاد محوطة بالعدو، وخاف أهلها وامتنعوا عن الخروج، وبقوا في ملاجئهم،
فذكرهم الله بهذه النعمة،
*آمن مكان في الأرض هو مكة، ولذلك لا يُقطع شجرها، ولا يُحش حشيشها، ولا
تُلتقط ساقطتها، ولا يصاد صيدها، ولا يسفك فيها دم، وهذه الخصائص لا توجد في البلاد
الأخرى حتى المدينة
فهذه السورة كلها تذكير لقريش بما أنعم الله عليهم في هذا البيت العظيم،
وفي الأمن من الخوف، وفي الإطعام من الجوع.
فإذا قال قائل: ما واجب قريش نحو هذه النعمة؟ وكذلك ما
واجب من حلّ في مكة الان من قريش أو غيرهم؟
قلنا: الواجب الشكر لله تعالى بالقيام بطاعته، بامتثال أمره واجتناب نهيه.
ولهذا إذا كثرت المعاصي في الحرم فالخطر على أهله أكثر من الخطر على غيرهم، لأن المعصية
في مكان فاضل أعظم من المعصية في مكان مفضول،
والواجب على المرء أن يذكر نعمة الله عليه في كل مكان، لا في مكة فحسب،
فبلادنا ـ ولله الحمد ـ اليوم من آمن بلاد العالم، وهي من أشد بلاد العالم رغداً وعيشاً.
أطعمنا الله تعالى من الجوع، وآمننا من الخوف، فعلينا أن نشكر هذه النعمة.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
605ـ 606/10)
تم بحمد الله تفسير قريش
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله صحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق