(تفسير جزء
عم (سورة الفلق)
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن
شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ
فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) سورة الفلق(1ـ5)
* الفوائد على هذه الآيات:
1) فضل الأستعاذة بالله.
في قوله
تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)الفلق(1ـ3)
ـ قوله تعالى(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } رب الفلق هو الله، والفلق: الإصباح. ويجوز أن يكون أعم من ذلك أن الفلق
كل ما يفلقه الله تعالى من الإصباح، والنوى، والحب.
كما قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ
} الانعام:95
ـ قوله تعالى { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } أي من شر جميع المخلوقات ومنه النفس، لأن
النفس أمارة بالسوء، فإذا قلت من شر ما خلق فأول ما يدخل فيه نفسك، كما جاء في خطبة
الحاجة «نعوذ بالله من شرور أنفسنا» (أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/302)
.
ـ قوله تعالى { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } يشمل شياطين الإنس والجن والهوام وغير ذلك.
ـ قوله تعالى { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } الغاسق قيل: إنه الليل. وقيل: إنه القمر
والصحيح إنه عام لهذا وهذا.
والليل تكثر فيه الهوام والوحوش، فلذلك استعاذ
من شر الغاسق أي: الليل. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 624/10)
أما القمر فقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة
والسلام
أن النبي صلى الله عليه وسلّم أرى عائشة القمر. وقال: «هذا هو الغاسق»
(أخرجه
الترمذي، كتاب التفسير، باب ومن سورة المعوذتين (3366) وقال حديث حسن صحيح.
وإنما كان غاسقاً لأن سلطانه يكون في الليل
ـ قوله تعالى { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } الغاسق من مخلوقات الله عز وجل .
ـ قوله تعالى { إِذَا وَقَبَ } أي: إذا دخل. فالليل إذا دخل بظلامه غاسق،
وكذلك القمر إذا أضاء بنوره فإنه غاسق، ولا يكون ذلك إلا بالليل. .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 625/10)
2) التعوذ بالله من السحر والحسد..
في قوله تعالى
(وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (الفلق(3ـ 5)
ـ قوله تعالى { النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } هن الساحرات. يعقدن الحبال وغيرها، وتنفث
بقراءة مطلسمة فيها أسماء الشياطين على كل عقدة تعقد ثم تنفث، تعقد ثم تنفث، تعقد ثم
تنفث، وهي بنفسها الخبيثة تريد شخصاً معيناً، فيؤثر هذا السحر بالنسبة للمسحور. وذكر
الله النفاثات دون النفاثين؛ لأن الغالب أن الذي يستعمل هذا النوع من السحر هن النساء،
ويحتمل أن يقال: إن النفاثات يعني الأنفس النفاثات فيشمل الرجال والنساء. .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 625/10)
ـ
قوله تعالى { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } الحاسد هو الذي يكره نعمة الله على غيره،
فتجده يضيق ذرعاً إذا أنعم الله على هذا الإنسان بمال، أو جاه، أو علم أو غير ذلك.
فيحسده.
ولكن الحسّاد نوعان:
1/ نوع يحسد ويكره في قلبه نعمة الله على غيره، لكن
لا يتعرض للمحسود بشيء، تجده مهموماً مغموماً من نعم الله على غيره، لكنه لا يعتدي
على صاحبه.
2/ والشر والبلاء إنما هو بالحاسد إذا حسد ومن حسد
الحاسد العين التي تصيب الُمعان يكون هذا الرجل عنده كراهة لنعم الله على الغير فإذا
أحس بنفسه أن الله أنعم على فلان بنعمة خرج من نفسه الخبيثة ، فيصيب بالعين ، ومن تسلط
عليه أحياناً يموت، وأحياناً يمرض، وأحياناً يُجن. .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 625ـ 626/10)
* وذكر الله عز وجل الغاسق إذا وقب، والنفاثات في العقد،
والحاسد إذا حسد؛ لأن البلاء كله في هذه الأحوال الثلاثة يكون خفيًّا.
1/ الليل ستر وغشاء يكمن به الشر ولا يعلم به
2/ أيضاً السحر خفي لا يعلم.
3/ العائن أيضاً خفي تأتي العين من شخص تظن أنه من
أحب الناس إليك وأنت من أحب الناس إليه ومع ذلك يصيبك بالعين.
لهذا السبب خص الله هذه الأمور
الثلاثة. الغاسق إذا وقب، والنفاثات في العقد، والحاسد إذا حسد، وإلا فهي داخلة في
قوله: { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } الفلق:2 .
فإذا قال قائل: ما هو الطريق للتخلص من هذه الشرور الثلاثة؟
قلنا: الطريق للتخلص أن يعلق الإنسان قلبه بربه، ويفوض أمره إليه، ويحقق
التوكل على الله ويستعمل الأوراد الشرعية التي بها يحصن نفسه ويحفظها من شر هؤلاء.
نسأل الله العافية والسلامة.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 626/10)
تم بحمد الله تفسير سورة
الفلق
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق