(تفسير جزء عم (سورةالماعون )
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ
* فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ *وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ
* فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ
هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) سورة الماعون (1ـ4)
* الفوائد على هذه الآيات:
1) ذم منكري البعث.
في قوله تعالى (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ
* فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ) الماعون(1ـ 3)
يقول تعالى : أرأيت - يا محمد - الذي يكذب بالدين ؟ وهو : المعاد والجزاء(تفسير ابن كثير558/4)
ـ قوله تعالى{ أَرَأَيْتَ } الخطاب هل هو للرسول صلى الله عليه وسلم
لأنه الذي أنزل عليه القرآن؟
أو هو عام لكل من يتوجه إليه الخطاب؟
العموم أولى فنقول:
ـ قوله تعالى { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ } عام لكل من يتوجه إليه الخطاب
هؤلاء يكذبون بيوم الدين أي: بالجزاء.
ـ قوله تعالى { الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ
الْمِسْكِينِ } فجمع بين أمرين:
الأمر الأول:
ـ قوله تعالى { يَدُعُّ الْيَتِيمَ} أي: يدفعه بعنف،
فتجد اليتيم إذا جاء إليه يستجديه شيئاً، أو يكلمه في شيء يحتقره ويدفعه
بشدة فلا يرحمه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 607/ 10)
أي هو الذي يقهر اليتيم ويظلمه حقه ولا يطعمه ولا يحسن إليه.(تفسير ابن كثير558/4)
الأمر الثاني:
ـ قوله تعالى { وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ
} فالمسكين
الفقير المحتاج إلى الطعام لا يحض هذا الرجل على إطعامه؛ لأن قلبه حجر قاسٍ، فقلوبهم
كالحجارة أو أشد قسوة. إذاً ليس فيه رحمة لا للأيتام ولا للمساكين، فهو قاسي القلب.( (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 608/ 10)
2) بيان أهمية الصلاة
في قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ
عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) الماعون (4ـ 5)
ـ قوله تعالى { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } ويل: هذه كلمة وعيد وهي تتكرر في القرآن
كثيراً، والمعنى الوعيد الشديد على هؤلاء
ـ قوله تعالى { الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } هؤلاء مصلون يصلون مع الناس أو أفراداً
لكنهم
ـ قوله تعالى {عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} أي: غافلون عنها
هناك الفرق بين
1/ الساهي عن صلاته فهو متعمد للتهاون في صلاته
غافلون عنها، لا يقيمونها على ما ينبغي، يؤخرونها عن الوقت الفاضل، لا
يقيمون ركوعها، ولا سجودها، ولا قيامها، ولا قعودها، لا يقرأون ما يجب فيها من قراءة
سواء كانت قرآناً أو ذكراً، إذا دخل في صلاته هو غافل، قلبه يتجول يميناً وشمالاً،
فهو ساهٍ عن صلاته، وهذا مذموم، الذي يسهو عن الصلاة ويغفل عنها ويتهاون بها لا شك
أنه مذموم.
2/ وبين الساهي في صلاته فهذا لا يُلام
أن الساهي في الصلاة معناه أنه
نسي شيئاً، نسي عدد الركعات، نسي شيئًا من الواجبات وما أشبه ذلك. ولهذا وقع السهو
من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو أشد الناس إقبالاً على صلاته بل إنه
قال عليه الصلاة والسلام: «جعلت قرة عيني في الصلاة» (أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/128)
ومع ذلك سهى في معناه أنه نسي شيئًا على وجه لا يلام عليه. (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 608/ 10)
3) ذم مراءة الناس.
في قوله تعالى (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ )الماعون (6ـ 7)
ـ قوله تعالى (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ } أيضاً إذا فعلوا الطاعة فإنما
يقصدون بها التزلف إلى الناس، وأن يكون لهم قيمة في المجتمع، ليس قصدهم التقرب إلى
الله عز وجل، فهذا المرائي يتصدق من أجل أن يقول الناس ما أكرمه، هذا المصلي يحسن صلاته
من أجل أن يقول الناس ما أحسن صلاته وما أشبه ذلك.
حديث «من سمَّع سمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به» (أخرجه البخاري كتاب الرقاق، باب الرياء
والسمعة (6499) ومسلم كتاب الزهد تحريم الرياء (2986) (47)
المعنى من سمّع فضحه الله وبين للناس أن الرجل ليس مخلصاً، ولكنه يريد
أن يسمعه الناس: فيمدحوه على عبادته، ومن راءى كذلك راءى الله به، فالإنسان الذي يرائي
الناس، أو يسمّع الناس سوف يفضحه الله، وسوف يتبين أمره إن عاجلاً أم آجلاً.
ـ قوله تعالى { وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ } أي: يمنعون ما يجب بذله من المواعين وهي
الأواني، يعني يأتي الإنسان إليهم يستعير آنية. يقول: أنا محتاج إلى دلو، أو محتاج
إلى إناء أشرب به، أو محتاج إلى مصباح كهرباء وما أشبه ذلك، فيمنع. فهذا أيضاً مذموم.
ومنع الماعون ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: قسم يأثم به الإنسان.
القسم الثاني: قسم لا يأثم به، لكن يفوته الخير.
فما وجب بذله فإن الإنسان يأثم بمنعه، وما لم يجب بذله فإن الإنسان لا
يأثم بمنعه لكن يفوته الخير. مثال ذلك: إنسان جاءه رجل مضطر يقول: أعطني ماءً أشربه،
فإن لم أشرب مت، فبذل الإناء له واجب يأثم بتركه الإنسان، حتى إن بعض العلماء يقول:
لو مات هذا الإنسان فإنه يضمنه بالدية، لأنه هو سبب موته ويجب عليه بذل ما طلبه
فيجب على المرء أن ينظر في نفسه هل هو ممن اتصف بهذه الصفات أو لا؟
إن كان ممن اتصف بهذه الصفات
قد أضاع الصلاة وسها عنها، ومنع الخير عن الغير فليتب وليرجع إلى الله، وإلا فليبشر
بالويل ـ والعياذ بالله ـ
وإن كان قد تنزه عن ذلك فليبشر بالخير، والقرآن الكريم ليس المقصود منه
أن يتلوه الإنسان، ليتعبد لله تعالى بتلاوته فقط، المقصود أن يتأدب به
ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «إن النبي صلى الله عليه وسلّم (كان
خلقه القرآن» . (أخرجه
مسلم كتاب صلاة المسافرين باب جامع صلاة الليل (746) (139) . (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 609/ 10)
تم بحمد الله تفسير سورة
الماعون
صل الله وسلم على نبينا
محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق