الاثنين، 5 أغسطس 2019


(تفسير جزء عم (سورة الزلزلة)

بسم الله الرحمن الرحيم

(إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) سورة  الزلزلة (1ـ 8)



* الفوائد على هذه الآيات.

1) مايحدث في يوم القيامة.

 في قوله تعالى (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ) الزلزلة(1ـ 5)

ـ قوله تعالى{ زِلْزَالَهَا} يعني الزلزال العظيم الذي لم يكن مثله قط

ـ قوله تعالى { وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} المراد بهم: أصحاب القبور، فإنه إذا نفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم نفخ فيه أخرى، فإذا هم قيام ينظرون، يخرجون من قبورهم لرب العالمين عز وجل.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 580/10)

ـ قوله تعالى { وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا} أي : استنكر أمرها بعد ما كانت قارة ساكنة ثابتة.

  قد جاءها من أمر الله ما قد أعد لها من الزلزال الذي لا محيد لها عنه ، ثم ألقت ما في بطنها من الأموات من الأولين والآخرين ، وحينئذ استنكر الناس أمرها. (تفسير ابن كثير542/4)

ـ قوله تعالى { يَوْمَئِذٍ} أي في ذلك اليوم إذا زلزلت .

ـ قوله تعالى { تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} أي تخبر عما فعل الناس عليها من خير أو شر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : أن المؤذن إذا أذن فإنه لا يسمع صوته شجر، ولا مدر، ولا حجر، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة (أخرجه البخاري، كتاب الآذان، باب رفع الصوت بالنداء (609)

فتشهد الأرض بما صنع عليها من خير أو شر، وهذه الشهادة من أجل بيان عدل الله عز وجل، وأنه سبحانه وتعالى لا يؤاخذ الناس إلا بما عملوه؛ لأن المجرمين ينكرون أن يكونوا مشركين لأنهم إذا رأوا أهل التوحيد قد خلصوا من العذاب ونجوا منه أنكروا الشرك لعلهم ينجون، ولكنهم يختم على أفواههم، وتكلم الأيدي، وتشهد الأرجل والجلود والألسن كلها تشهد على الإنسان بما عمل، وحينئذ لا يستطيع أن يبقى على إنكاره بل يقر ويعترف، إلا أنه لا ينفع الندم في ذلك الوقت. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 581/10)

ـ قوله تعالى { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا} أي بسبب أن الله أوحى لها، يعني أذن لها في أن تحدث أخبارها، وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير إذا أمر شيئاً بأمر فإنه لابد أن يقع .

حديث القدسي :وقال الله تعالى للقلم: اكتب، قال: ربِّ وماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة. (أخرجه أبو داؤود كتاب السنة باب في القدر (4700) والترمذي ابواب القدر باب إعظام أمر الإيمان بالقدر (2155) وقال حديث غريب. (التفسير الثمين


الشيخ محمد العثيمين 581/10)

 

2) الجزاء من جنس العمل.

في قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *  وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا) الزلزلة(6ـ 7)

ـ قوله تعالى { يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} أي : يرجعون عن مواقف الحساب

ـ قوله تعالى (أَشْتَاتًا) أي : أنواعا وأصنافا ، ما بين شقي وسعيد ، مأمور به إلى الجنة  ومأمور به إلى النار (تفسير ابن كثير542/4)

ـ قوله تعالى (لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ) أي : ليعملوا ويجازوا بما عملوه في الدنيا ، من خير وشر .

وذلك بالحساب وبالكتاب، فيعطى الإنسان كتابه إما بيمينه، وإما بشماله، ثم يحاسب على ضوء ما في هذا الكتاب، يحاسبه الله عز وجل ,ولهذا يجب على الإنسان أن لا يقدم على شيء لا يرضي الله عز وجل؛ لأنه يعلم أنه مكتوب عليه، وأنه سوف يحاسب عليه.( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 582/10)

ـ قوله تعالى { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا}{من} شرطية تفيد العموم، يعني: أي إنسان يعمل مثقال ذرة فإنه سيراه، سواء من الخير، أو من الشر.

ـ قوله تعالى { مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } يفيد أن الذي يوزن هو الأعمال

* وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم:

* فمن العلماء من قال: إن الذي يوزن العمل.

* ومنهم من قال: إن الذي يوزن صحائف الأعمال.

* ومنهم من قال: إن الذي يوزن هو العامل نفسه.

ولكل دليل، أما من قال: إن الذي يوزن هو العمل فاستدل بهذه الآية

ـ قوله تعالى{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} لأن تقدير الآية فمن يعمل عملاً مثقال ذرة.

واستدلوا أيضاً بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» (أخرجه البخاري كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح (6406) (6683) ومسلم كتاب الذكر والدعاء باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء (2694) (31). (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 582/10)

 

وبهذا يزول الإشكال الوارد على هذا القول.

أما من قال: إن الذي يوزن هو صحائف الأعمال فاستدلوا بحديث صاحب البطاقة

 الذي يؤتى يوم القيامة به، ويقال: انظر إلى عملك فتمد له سجلات مكتوب فيها العمل السيىء، سجلات عظيمة، فإذا رأى أنه قد هلك أتي ببطاقة صغيرة فيها لا إله إلا الله فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال له: إنك لا تظلم شيئاً، ثم توزن البطاقة في كفة، والسجلات في كفة، فترجح بهن البطاقة وهي لا إله إلا الله قالوا  فهذا دليل على أن الذي يوزن هو صحائف الأعمال. (أخرجه الترمذي أبواب الإيمان باب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله (2639) وقال حديث حسن غريب.)

وأما الذين قالوا: إن الذي يوزن هو العامل نفسه

فاستدلوا بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان ذات يوم مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهبت ريح شديدة، فقام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فجعلت الريح تكفئه؛ لأنه نحيف القدمين والساقين، فجعل الناس يضحكون، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «مما تضحكون؟ أو مما تعجبون؟ والذي نفسي بيده إن ساقيه في الميزان أثقل من أحد» (أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/450) .

فيقال: نأخذ بالقول الأول: أن الذي يوزن العمل

ربما يكون يكون بعض الناس توزن صحائف أعماله، وبعض الناس يوزن هو بنفسه. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 583/10)

فإن قال قائل: على هذا القول أن الذي يوزن هو العامل هل ينبني هذا على أجسام الناس في الدنيا وأن صاحب الجسم الكبير العظيم يثقل ميزانه يوم القيامة؟

فالجواب: لا ينبني على أجسام الدنيا،

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة» (أخرجه البخاري ومسلم كتاب صفات المنافقين باب صفة القيامة والجنة والنار (2785) .

      وهذا عبد الله بن مسعود يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إن ساقيه في الميزان أثقل من أحد»

فالعبرة بثقل الجسم وثقله يوم القيامة بما كان معه من أعمال صالحة. يقول عز وجل:
{ { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين583ـ 584/10)

تم بحمد الله تفسير سورة الزلزلة

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق