الاثنين، 5 أغسطس 2019


تفسير جزء عم (سورة العاديات)
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَالْعَدِيَتِ ضَبْحاً * فَالمُورِيَتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً * إِنَّ الإِنسَنَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ} العاديات(1ـ 11)
الفوائد على هذه الآيات :
1) أقسم الله على الخيل.
في قوله تعالى {وَالْعَدِيَتِ ضَبْحاً * فَالمُورِيَتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) العاديات(1ـ 5)
ـ قوله تعالى { وَالْعَدِيَتِ ضَبْحاً } هذا قسم، والعاديات صفة لموصوف محذوف فما هو هذا الموصوف؟
س:هل المراد الخيل يعني (والخيل العاديات) أو المراد الإبل يعني (والإبل العاديات) ؟
في هذا قولان للمفسرين:
* فمنهم من قال:
إن الموصوف هي الإبل، والتقدير (والإبل العاديات) ويعني بها الإبل التي تعدوا من عرفة إلى مزدلفة، ثم إلى منى، وذلك في مناسك الحج، واستدلوا لهذا بأن هذه السورة مكية، وأنه ليس في مكة جهاد على الخيل حتى يقسم بها.
* أما القول الثاني لجمهور المفسرين وهو الصحيح:
 فإن الموصوف هو الخيل والتقدير (والخيل العاديات) والخيل العاديات معلومة للعرب حتى قبل مشروعية الجهاد، هناك خيل تعدو على أعدائها سواء بحق أو بغير حق فيما قبل الإسلام، أما بعد الإسلام فالخيل تعدوا على أعدائها بحق.
ـ قوله تعالى{وَالْعَدِيَتِ} والعادي اسم فاعل من العدو وهو سرعة المشي والانطلاق،
ـ قوله تعالى { ضَبْحاً} الضبح ما يسمع من أجواف الخيل حين تعدوا بسرعة، يكون لها صوت يخرج من صدورها، وهذا يدل على قوة سعيها وشدته.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 585م10)
ـ قوله تعالى { فَالمُورِيَتِ قَدْحاً } الموريات من أورى أو وري بمعنى قدح، هذه الخيل لقوة سعيها وشدته، وضربها الأرض، إذا ضربت الحجر ضرب الحجر الحجر الثاني ثم يقدح ناراً، وذلك لقوتها وقوة سعيها وضربها الأرض.
ـ قوله تعالى { فَالْمُغِيرَتِ صُبْحاً } أي التي تغير على عدوها في الصباح، وهذا أحسن ما يكون في الإغارة على العدو أن يكون في الصباح لأنه في غفلة ونوم، وحتى لو استيقظ من الغارة فسوف يكون على كسل وعلى إعياء، فاختار الله عز وجل للقسم بهذه الخيول أحسن وقت للإغارة وهو الصباح،
ـ قوله تعالى { فَأَثَرْنَ بِه } أي أثرن بهذا العدو، وهذه الإغارة
ـ قوله تعالى { نَقْعاً } وهو الغبار الذي يثور من شدة السعي، فإن الخيل إذا سعت إذا اشتد عدوها في الأرض وصار لها غبار من الكر والفر.
ـ قوله تعالى { فَوَسَطْنَ بِهِ } أي توسطن بهذا الغبار
ـ قوله تعالى { جَمْعاً } أي جموعاً من الأعداء أي أنها ليس لها غاية، ولا تنتهي غايتها إلا وسط الأعداء، وهذه غاية ما يكون من منافع الخيل، مع أن الخيل كلها خير.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» (أخرجه البخاري كتاب الجهاد باب ما الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (2850) . ومسلم كتاب الأمارة باب فضيلة الخيل وأن الخير معقود بنواصيها..
 أقسم الله تعالى بهذه العاديات ـ بهذه الخيل التي بلغت الغاية ـ وهو الإغارة على العدو وتوسط العدو، من غير خوف ولا تعب ولا ملل..(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 586/10)


2) بيان صفات الإنسان .
في قوله تعالى (إِنَّ الإِنسَنَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)العاديات(6ـ 8)
أما المقسم عليه فهو الإنسان
 ـ قوله تعالى { إِنَّ الإِنسَنَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } والمراد بالإنسان هنا الجنس، أي أن جنس الإنسان.
ـ قوله تعالى{ لَكَنُودٌ } أي كفور لنعمة الله عز وجل.
والكنود هو الكفر، أي كافر لنعمة الله عز وجل، يرزقه الله عز وجل فيزداد بهذا الرزق عتواً ونفوراً، فإن من الناس من يطغى إذا رآه قد استغنى عن الله، وما أكثر ما أفسد الغنى من بني آدم فهو كفور بنعمة الله عز وجل، يجحد نعمة الله، ولا يقوم بشكرها، ولا يقوم بطاعة الله لأنه كنود لنعمة الله.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 586/10)
ـ قوله تعالى { وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } أي أن الله تعالى يشهد على العبد بأنه كفور لنعمة الله.
ـ قوله تعالى { وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } الخير هو المال
ما من إنسان إلا ويحب المال، لكن الشدة ليست لكل أحد، بعض الناس يحب المال الذي تقوم به الكفاية، ويستغني به عن عباد الله، وبعض الناس يريد أكثر، وبعض الناس يريد أوسع وأوسع. فالمهم أن كل إنسان فإنه محب للخير أي للمال، لكن الشدة تختلف، ويختلف فيها الناس من شخص لآخر.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 587/10)

 
3) حال الإنسان بعد الموت..
في قوله تعالى (أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ} العاديات(9ـ 11)
ـ قوله تعالى { أَفَلاَ يَعْلَمُ } أي يتيقن.
ـ قوله تعالى { إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى الْقُبُورِ } أي: نشر وأظهر فإن الناس يخرجون من قبورهم لرب العالمين، كأنهم جراد منتشر، يخرجون جميعاً بصيحة واحدة
ـ قوله تعالى { وَحُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ } أي ما في القلوب من النيات، وأعمال القلب كالتوكل، والرغبة، والرهبة، والخوف، والرجاء وما أشبه ذلك.
في الدنيا يعامل الناس معاملة الظاهر، حتى المنافق يعامل كما يعامل المسلم حقًّا، لكن في الآخرة العمل على ما في القلب، ولهذا يجب علينا أن نعتني بقلوبنا قبل كل شيء قبل الأعمال؛ لأن القلب هو الذي عليه المدار، وهو الذي سيكون الجزاء عليه يوم القيامة
ـ قوله تعالى { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ } أي إن الله عز وجل بهم: أي: بالعباد لخبير
لأنه يوم الجزاء، والحساب، وإلا فإن الله تعالى عليم خبير في ذلك اليوم وفيما قبله، فهو جل وعلا عالم بما كان، وما يكون .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 587/10)
تم بحمد الله تفسير سورة العاديات
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق