الاثنين، 19 أغسطس 2019


(تفسير جزء عم (سورة الناس)

بسم الله الرحمن الرحيم

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)   سورة الناس (1ـ6)


* الفوائد على هذه الآيات:

1) الاستعاذة بالله .

في قوله تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ)الناس(1ـ 3)

ـ قوله تعالى { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } وهو الله عز وجل، وهو رب الناس وغيرهم، رب الناس، ورب الملائكة، ورب الجن، ورب السموات، ورب الأرض، ورب الشمس، ورب القمر، ورب كل شيء، لكن للمناسبة خص الناس.

 ـ قوله تعالى { مَلِكِ النَّاسِ } أي الملك الذي له السلطة العليا في الناس، والتصرف الكامل هو الله عز وجل.

ـ قوله تعالى { إِلَٰهِ النَّاسِ} أي مألوههم ومعبودهم، فالمعبود حقًّا الذي تألهه القلوب وتحبه وتعظمه هو الله عز وجل.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 627/10)

 

2) الأستعاذة من الشيطان ووسوسته.

  في قوله تعالى (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)الناس(4ـ 6)

 ـ قوله تعالى { الْوَسْوَاسِ} قال العلماء: إنها مصدر يراد به اسم الفاعل أي: الموسوس.

 والوسوسة هي: ما يلقى في القلب من الأفكار والأوهام والتخيلات التي لا حقيقة لها.

ـ قوله تعالى { الْخَنَّاسِ } الذي يخنس وينهزم ويولي ويدبر عند ذكر الله عز وجل وهو الشيطان. ولهذا إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب للصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى (أخرجه البخاري كتاب الأذان، باب فضل التأذين (608) ومسلم كتاب الصلاة باب فضل الأذان وهروب الشيطان عند سماعه (385) (83) .

ـ قوله تعالى { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } أي أن الوساوس تكون من الجن، وتكون من بني آدم، أما وسوسة الجن فظاهر لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، وأما وسوسة بني آدم فما أكثر الذين يأتون إلى الإنسان يوحون إليه بالشر، ويزينونه في قلبه حتى يأخذ هذا الكلام بلبه وينصرف إليه. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 627ـ 628/10)

 

هذه السور الثلاث:

الإخلاص، والفلق، والناس كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفه ومسح بذلك وجهه، وما استطاع من بدنه ( أخرجه البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل المعوذات (5017)

وربما قرأها خلف الصلوات الخمس (أخرجه أبو داؤود كتاب الوتر باب في الاستغفار (1523) والنسائي كتاب السهو باب الأمر بقراءة المعوذات بعد التسليم من الصلاة (1337) والحاكم (1/253) وصححه على شرط مسلم.

 فينبغي للإنسان أن يتحرى السنة في تلاوتها في مواضعها كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 628/10)



وبهذا أنتهى تفسير جزء من القرآن وهو جزء النبأ

نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يجعله خالصا لوجه الكريم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(تفسير جزء عم (سورة الفلق)

بسم الله الرحمن الرحيم

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)  سورة الفلق(1ـ5)

* الفوائد على هذه الآيات:

1) فضل الأستعاذة بالله.

  في قوله تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)الفلق(1ـ3)

ـ قوله تعالى(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } رب الفلق هو الله، والفلق: الإصباح. ويجوز أن يكون أعم من ذلك أن الفلق كل ما يفلقه الله تعالى من الإصباح، والنوى، والحب.

كما قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ } الانعام:95

ـ قوله تعالى { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } أي من شر جميع المخلوقات ومنه النفس، لأن النفس أمارة بالسوء، فإذا قلت من شر ما خلق فأول ما يدخل فيه نفسك، كما جاء في خطبة الحاجة «نعوذ بالله من شرور أنفسنا» (أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/302) .

ـ قوله تعالى { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } يشمل شياطين الإنس والجن والهوام وغير ذلك.

ـ قوله تعالى { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } الغاسق قيل: إنه الليل. وقيل: إنه القمر

والصحيح إنه عام لهذا وهذا.

والليل تكثر فيه الهوام والوحوش، فلذلك استعاذ من شر الغاسق أي: الليل. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 624/10)

أما القمر فقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام

أن النبي صلى الله عليه وسلّم أرى عائشة القمر. وقال: «هذا هو الغاسق» (أخرجه الترمذي، كتاب التفسير، باب ومن سورة المعوذتين (3366) وقال حديث حسن صحيح.

وإنما كان غاسقاً لأن سلطانه يكون في الليل

ـ قوله تعالى { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } الغاسق من مخلوقات الله عز وجل .

ـ قوله تعالى { إِذَا وَقَبَ } أي: إذا دخل. فالليل إذا دخل بظلامه غاسق، وكذلك القمر إذا أضاء بنوره فإنه غاسق، ولا يكون ذلك إلا بالليل. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 625/10)





2) التعوذ بالله من السحر والحسد..

 في قوله تعالى (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ *  وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (الفلق(3ـ 5)

ـ قوله تعالى { النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } هن الساحرات. يعقدن الحبال وغيرها، وتنفث بقراءة مطلسمة فيها أسماء الشياطين على كل عقدة تعقد ثم تنفث، تعقد ثم تنفث، تعقد ثم تنفث، وهي بنفسها الخبيثة تريد شخصاً معيناً، فيؤثر هذا السحر بالنسبة للمسحور. وذكر الله النفاثات دون النفاثين؛ لأن الغالب أن الذي يستعمل هذا النوع من السحر هن النساء،

ويحتمل أن يقال: إن النفاثات يعني الأنفس النفاثات فيشمل الرجال والنساء. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 625/10)

 ـ قوله تعالى { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } الحاسد هو الذي يكره نعمة الله على غيره، فتجده يضيق ذرعاً إذا أنعم الله على هذا الإنسان بمال، أو جاه، أو علم أو غير ذلك. فيحسده.

 ولكن الحسّاد نوعان:

1/ نوع يحسد ويكره في قلبه نعمة الله على غيره، لكن لا يتعرض للمحسود بشيء، تجده مهموماً مغموماً من نعم الله على غيره، لكنه لا يعتدي على صاحبه.

2/ والشر والبلاء إنما هو بالحاسد إذا حسد ومن حسد الحاسد العين التي تصيب الُمعان يكون هذا الرجل عنده كراهة لنعم الله على الغير فإذا أحس بنفسه أن الله أنعم على فلان بنعمة خرج من نفسه الخبيثة ، فيصيب بالعين ، ومن تسلط عليه أحياناً يموت، وأحياناً يمرض، وأحياناً يُجن. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 625ـ 626/10)

 

* وذكر الله عز وجل الغاسق إذا وقب، والنفاثات في العقد، والحاسد إذا حسد؛ لأن البلاء كله في هذه الأحوال الثلاثة يكون خفيًّا.

1/ الليل ستر وغشاء يكمن به الشر ولا يعلم به

2/ أيضاً السحر خفي لا يعلم.

3/ العائن أيضاً خفي تأتي العين من شخص تظن أنه من أحب الناس إليك وأنت من أحب الناس إليه ومع ذلك يصيبك بالعين.

 لهذا السبب خص الله هذه الأمور الثلاثة. الغاسق إذا وقب، والنفاثات في العقد، والحاسد إذا حسد، وإلا فهي داخلة في قوله: { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } الفلق:2 .

فإذا قال قائل: ما هو الطريق للتخلص من هذه الشرور الثلاثة؟

قلنا: الطريق للتخلص أن يعلق الإنسان قلبه بربه، ويفوض أمره إليه، ويحقق التوكل على الله ويستعمل الأوراد الشرعية التي بها يحصن نفسه ويحفظها من شر هؤلاء. نسأل الله العافية والسلامة.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 626/10)

تم بحمد الله تفسير سورة الفلق

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

السبت، 17 أغسطس 2019


(تفسير جزء عم (سورة الإخلاص )
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)
سورة الإخلاص(1ـ 4)
* الفوائد على هذه الآيات:
1) سبب نزول السورة.
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)  سورة الإخلاص(1ـ 4)
ذكر في سبب نزول هذه السورة:
أن المشركين أو اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلّم: صف لنا ربك؟ فأنزل الله هذه السورة(أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/133) والترمذي كتاب التفسير باب ومن سورة الإخلاص (3364) . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 622/10)
 

2) صفات الله جل وعلا.
 في قوله تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ)الاخلاص(1ـ 2)
قوله تعالى { قُلْ } الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، وللأمة أيضاً
قوله تعالى {اللَّهُ أَحَدٌ } أي هو الله الذي تتحدثون عنه وتسألون عنه
قوله تعالى { أَحَدٌ } أي: متوحد بجلاله وعظمته، ليس له مثيل، وليس له شريك، بل هو متفرد بالجلال والعظمة عز وجل.
ـ قوله تعالى { الصَّمَدُ } أجمع ما قيل في معناه: أنه الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته.
فقد روي عن ابن عباس.
أن الصمد هو الكامل في علمه، الكامل في حلمه، الكامل في عزته، الكامل في قدرته، إلى آخر ما ذكر في الأثر (أخرجه الطبري في تفسيره 30/ 346، والبيهقي في الأسماء والصفات ص 58 -59
 . وهذا يعني أنه مستغنٍ عن جميع المخلوقات لأنه كامل.
  وورد أيضاً في تفسيرها:
 أن الصمد هو الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، وهذا يعني أن جميع المخلوقات مفتقرة إليه
 وعلى هذا فيكون المعنى الجامع للصمد هو: الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 622/10)
 
3) نفي الولد والوالد عن الله تعالى .
  في قوله تعالى (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) الإخلاص(3ـ 4)
ـ قوله تعالى{ لَمْ يَلِدْ } لأنه جل وعلا لا مثيل له، والولد مشتق من والده وجزء منه
كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في فاطمة: «إنها بَضْعَةٌ مني» (أخرجه البخاري كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنقبة فاطمة (3714) . ومسلم كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل بنت النبي رضي الله عنها (2449) (93) .
 والله جل وعلا لا مثيل له، ثم إن الولد إنما يكون للحاجة إليه
ـ إما في المعونة على مكابدة الدنيا
ـ وإما في الحاجة إلى بقاء النسل.
 والله عز وجل مستغنٍ عن ذلك. فلهذا لم يلد لأنه لا مثيل له؛ ولأنه مستغنٍ عن كل أحد عز وجل.
ـ قوله تعالى { لَمْ يَلِدْ } رد على ثلاث طوائف منحرفة من بني آدم
وهم: المشركون، واليهود، والنصارى،
* المشركين:  جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، وقالوا: إن الملائكة بنات الله.
* اليهود : قالوا: عزير ابن الله.
* النصارى:  قالوا: المسيح ابن الله. فكذبهم الله
ـ قوله تعالى(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } لأنه عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء، فكيف يكون مولوداً؟!
 ـ قوله تعالى { وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ } أي لم يكن له أحد مساوياً في جميع صفاته، فنفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه أن يكون والداً، أو مولوداً، أو له مثيل. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 623/10)


4) فضل السورة .
السورة لها فضل عظيم. قال النبي صلى الله عليه وسلّم:
«إنها تعدل ثلث القرآن» (أخرجه البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (5051) ومسلم كتاب صلاة المسافرين باب فضل قراءة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (811) (259) .
لكنها تعدله ولا تقوم مقامه، فهي تعدل ثلث القرآن لكن لا تقوم مقام ثلث القرآن, لأنها مبنية على الإخلاص التام لله، ولهذا تسمى سورة الإخلاص.
النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن من قال:
«لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فكأنما أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل، أو من ولد إسماعيل» (أخرجه مسلم كتاب الذكر باب فضل التهليل، (2693) (30) ..
ومع ذلك لو كان عليه رقبة كفارة، وقال هذا الذكر، لم يكفه عن الكفارة فلا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون قائماً مقامه في الإجزاء. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 623/10)
تم بحمد الله تفسير سورة الإخلاص
صل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين



(تفسير جزء عم (سورة المسد)

بسم الله الرحمن الرحيم

(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ)  سورة المسد (1ـ5)



* الفوائد على هذه الآيات:

1) كيفية تعامل أعمام الرسول عليه الصلاة والسلام معه

هذا القرآن فيه من الدلالات الكثيرة ما يدل دلالة واضحة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حق ليس يدعو لملك ولا لجاه، ولا لرئاسة قومه، وأعمام الرسول عليه الصلاة والسلام

* انقسموا في معاملته ومعاملة ربه عز وجل إلى ثلاثة أقسام:

1/ قسم آمن به وجاهد معه، وأسلم لله رب العالمين.

2/ قسم ساند وساعد، لكنه باق على الكفر.

3/ قسم عاند وعارض، وهو كافر.

القسم الأول: فالعباس بن عبد المطلب، وحمزة بن عبد المطلب.

والثاني: أفضل من الأول؛ لأن الثاني من أفضل الشهداء عند الله عز وجل، ووصفه النبي عليه الصلاة والسلام بأنه أسد الله، وأسد رسوله (أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 438 وابن أبي عاصم في الجهاد (249) .

واستشهد رضي الله عنه في أحد في السنة الثانية من الهجرة (أخرجه البخاري كتاب المغازي باب قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه (4072)

القسم الثاني: أما الذي ساند وساعد مع بقائه على الكفر فهو أبو طالب.

فأبو طالب قام مع النبي صلى الله عليه وسلّم خير قيام في الدفاع عنه ومساندته ولكنه ـ والعياذ بالله ـ قد سبقت له كلمة العذاب، لم يُسلم حتى في آخر حياته في آخر لحظة من الدنيا عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلّم أن يسلم لكنه أبى بل ومات على قوله: إنه على ملة عبد المطلب (أخرجه البخاري (4772) ومسلم كتاب الإيمان باب الدليل على صحة إسلام حضرة الموت والدليل على أن من مات على الشرك فهو من أصحاب

 فشفع له النبي عليه الصلاة والسلام حتى كان في ضحضاح من نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه (أخرجه البخاري كتاب مناقب الأنصار باب قصة أبي طالب (3885) ومسلم كتاب الإيمان باب أهون أهل النار عذاباً (211) (361) .

القسم الثالث: الذي عاند وعارض فهو أبو لهب.

أنزل الله فيه سورة كاملة تُتلى في الصلوات فرضها ونفلها، في السر والعلن، يُثاب المرء على تلاوتها، على كل حرف عشر حسنات. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 619ـ 620/10)



 

2) معارضة أبو لهب دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام.

   في قوله تعالى (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)المسد :1)

ـ قوله تعالى { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } وهذا رد على أبي لهب حين جمعهم النبي صلى الله عليه وسلّم ليدعوهم إلى الله فبشر وأنذر، قال أبو لهب: تبًّا لك ألهذا جمعتنا (أخرجه البخاري (4973) .

قوله: «ألهذا جمعتنا» إشارة للتحقير، يعني هذا أمر حقير لا يحتاج أن يُجمع له زعماء قريش.

ـ قوله تعالى (تَبَّتْ يَدَا) والتباب الخسار أي: خسار.

وبدأ بيديه قبل ذاته؛ لأن اليدين هما آلتا العمل والحركة، والأخذ والعطاء وما أشبه ذلك.

ـ قوله تعالى (أَبِي لَهَبٍ) وهذا اللقب أبو لهب، لقب مناسب تماماً لحاله ومآله،

وجه المناسبة أن هذا الرجل سوف يكون في نار تلظى، تتلظى لهباً عظيماً مطابقة لحاله ومآله.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 620/10)

 

3) لا ينفع المال والبنون الا من اتى الله بقلب سليم.

    في قوله تعالى (مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ)المسد :2)

ـ قوله تعالى { مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ } «ما» هذه يحتمل أن تكون استفهامية والمعنى: أي شيء أغنى عنه ماله وما كسب؟ والجواب: لا شيء

ويحتمل أن تكون  (ما) نافية. أي ما أغنى عنه، أي لم يغنِ عنه ماله وما كسب شيئاً، وكلا المعنيين متلازمان، ومعناهما: أن ماله وما كسب لم يغنِ عنه شيئاً

مع أن العادة أن المال ينفع، فالمال يفدي به الآنسان نفسه لو تسلط عليه عدو وقال: أنا أعطيك كذا وكذا من المال وأطلقني، يطلقه، لكن قد يطلب مالاً كثيراً أو قليلاً

ولو مرض انتفع بماله، ولو جاع انتفع بماله، فالمال ينفع

لكن النفع الذي لا ينجي صاحبه من النار، ليس بنفع.

ـ قوله تعالى { وَمَا كَسَبَ) يعني بذلك الولد.

 وأيدوا هذا القول بقول النبي صلى الله عليه وسلّم:

«إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» (أخرجه الترمذي كتاب الأحكام باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده (1385) وقال: حديث حسن صحيح.

والصواب :

أن الآية أعم من هذا، وأن الآية تشمل الأولاد، وتشمل المال المكتسب الذي ليس في يده الآن، وتشمل ما كسبه من شرف وجاه. كل ما كسبه مما يزيده شرفاً وعزًّا فإنه لا يُغني عنه شيئاً.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 620ـ 621/10)

 

 

 

3/ بيان جزاء ابو لهب وزوجه في الاخرة.

  في قوله تعالى (سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ)المسد(3ـ 5)

ـ قوله تعالى { سَيَصْلَىٰ نَارًا } السين في قوله: { سَيَصْلَىٰ } للتنفيس المفيد للحقيقة والقرب. يعني أن الله تعالى توعده بأنه سيصلى ناراً ذات لهب عن قريب؛ لأن متاع الدنيا والبقاء في الدنيا مهما طال فإن الآخرة قريبة.

ـ قوله تعالى (ذَاتَ لَهَبٍ} أي ذات شرر ولهب وإحراق شديد. (تفسير ابن كثير569/4)

ـ قوله تعالى { وَامْرَأَتُهُ ) وكانت زوجته من سادات نساء قريش ، وهي : أم جميل ، واسمها أروى بنت حرب بن أمية ، وهي أخت أبي سفيان (تفسير ابن كثير569/4)

وهي امرأة من أشراف قريش لكن لم يغنِ عنها شرفها شيئاً لكونها شاركت زوجها في العداء والإثم والبقاء على الكفر.

ـ قوله تعالى (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ } وذكروا أنها تحمل الحطب الذي فيه الشوك وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلّم من أجل أذى الرسول صلى الله عليه وسلّم.

ـ قوله تعالى{ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } الجيد: العنق، والحبل معروف، والمسد: الليف.

يعني أنها متقلده حبلاً من الليف تخرج به إلى الصحراء لتربط به الحطب الذي تأتي به لتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلّم،

نعوذ بالله من ذلك، وهو إشارة إلى دنو نظرتها، وأنها أهانت نفسها، امرأة من قريش من أكابر قبائل قريش تخرج إلى الصحراء وتضع هذا الحبل في عنقها، وهو من الليف مع ما فيه من المهانة، لكن من أجل أذية الرسول عليه الصلاة والسلام. نسأل الله العافية. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 621/10)

تم تفسير بحمد الله تفسير سورة المسد

صل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين