الأربعاء، 21 يناير 2015


الحديث الحادي عشر(الأخذ باليقين وترك المشتبهات)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين.

الحديث.

عن أبي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، سِبْطِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَيْحانَتِهِ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ:( حَفِظْتُ مِنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ}). رواهُ التِّرمذيُّ والنَّسائِيُّ، وقالَ التِّرمذيُّ: حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ 

سبط ـ يعنى ابن ابنته فاطمه رضي الله عنهما.

ريحانته ـ وذلك لسروره وإقبال نفسه عليها عليه الصلاة والسلام.                




منزلة الحديث:

هذا الحديث قاعدة من قواعد الدين ,وهي الأخذ باليقين في الأمور وترك المشتبهات ,وقال ابن حجر: هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين ,واصل في الورع الذي عليه مدار المتقين.(قواعد وفوائد على الأربعين صـ118)

قال الشيخ صالح ال الشيخ.

هذا الحديث عظيم وهو في المعنى قريب من حديث النعمان بن بشير (من ترك الشبهات ....)(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ )

                                                                          
                                         

* مفردات الحديث.

"دع مايريبك"  دع ماتشك فيه من الشبهات.

"إلى مالا يريبك " إلى مالا تشك فيه من الحلال البين (الوافي شرح الأربعين النووية صـ86)

                                      

·       المسائل في هذا الحديث.

1)البعد عن الشبهات.

قول رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ}.

س/ ما معنى الريب؟

هو الشك وعدم الطمأنينة

فمثلاً: إذا أتاك أمر فيه عدم الطمأنينة أو خفت أن يكون هذا العمل حرام فدعه إلى شئ لا يريبك

لأن الاستبراء مأمور به, فترك الشبهات إلى اليقين هذا أصل عام .( شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ )

قال ابن رجب : الريب : بمعنى القلق والاضطراب.

س/ قوله صلى الله عليه وسلم :( دَعْ مَا يَرِيبُكَ) الامر هنا هل للوجوب أم للندب ؟

الأمر للندب وليس للوجوب يأمر عليه الصلاة السلام بالبعد عن الأمور المشكوك فيها ,والأخذ بالأمور المتيقن منها. (قواعد وفوائد على الأربعين صـ119)



                                                                                   

* الثمرات من الأخذ باليقين وترك الشبهات ؟

ـ يحفظ المسلم عرضه من الذم

ـ يحفظ نفسه من الوقوع بما حرم الله عز وجل.

ـ يطمئن قلبه من القلق والاضطراب .

ـ يودي إلى خلق الورع. (قواعد وفوائد على الأربعين صـ119)

س/ ما معنى الورع؟

 خُلُقِ الوَرَعِ: وَهُو عميمُ النَّفعِ فِي سدِّ أبوابِ وَساوسِ الشَّيطانِ

فهو: الورع الخروج من كل شبهة ,ومحاسبة النفس في كل طرفة عين .

قال ابو بكر الجزائري:

إن الورع هو ترك مالا بأس به مخافة مما به بأس ,أو : هو ترك المباح خشية الوقوع في الممنوع .( قواعد وفوائد على الأربعين صـ119)                   



 

*أمثلة على هذه القاعدة (الأخذ باليقين وترك الشبهات)؟

قال الشيخ صالح ال الشيخ:

إذا أشتبه عليك في أمر مسالة هل هي حلال أم حرام فأن تركها إلى اليقين فستبرأ لدينه.

ففي العبادات : يأتي باليقين ويترك ماشك فيه

فمثلاً:

 أ) دخل الصلاة على طهارة متيقن منها فيبني على الأصل ويدع ما طرأ عليه من الشك.

ب) كان متطهراً فشك هل أحدث أم لا ؟

يبني على الأصل ويدع الشك .( شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ )

حديث :(إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لا فَلا يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا)(رواه مسلم)
                                        




2) ورع السلف وتركهم للشبهات .

كان سلف الأمة يتخلقون بأخلاق الاسلام كان النصوص الكتاب والسنة أثر في حياتهم وسلوكهم

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ )رواه البخاري 4/236

قولُ أَبي ذرٍّ الغفاري : ( تمامُ التقوى تركُ بعضِ الحلالِ خوفاً أَنْ يكونَ حراماً )

س/ هل الحديث فيه زيادة ؟

نعم ـ قال الشيخ صالح ال الشيخ

 زيادة في الترمذي (قوله صلى الله عليه وسلم (فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ )

قال ابن رجب:

لفظ ابن حبان :"فإن الخير طمأنينة ,وإن الشر ريبة "

وفي هذا إشارة إلى الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه.(جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي)

قال ابن رجب:

علامة الصدق أن تطمئن به القلوب ,وعلامة الكذب أن تحصل به الريبة فلا تسكن القلوب إليه.

*يقول بعض السلف:

إذا أتاني أمر وفيه ريبه تركته , وما أسهلها على النفس.

س/ لمن يكون الورع؟

يكون الورع لائقا لمن استقامت نفسه بفعل الواجبات وترك المنهيات أما من يقع بالكبائر ,ويترك الواجبات ,ثم يسعى لترك الشبهات فهذا ورعه مظلم مشكوك فيه



·       ترك المختلف فيه  ليس من الورع.

·       س/ الخروج من المسائل التي اختلف فيها العلماء هل تركها من الورع؟

ليس تركها من الورع على الاطلاق فمثلا المسائل التي فيها رخصة ,ليس لها تعارض ,فاتباعها أولى من اجتنابها بحجة الورع.

·       فبعض يترك الكثير من السنن , وأمور الدين الثابتة والرخص بحجة أن بعض العلماء افتى بخلافها

·       ـ فترك الخلاف من الورع في المسائل الكبيرة التي يعجز المرء من الوصول للحق بها(قواعد وفوائد على الأربعين صـ121)

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق