الاثنين، 12 يناير 2015


شرح الحديث الثامن (حرمة دم المسلم وماله )

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى  اله وصحبه أجمعين.

الحديث الثامن:

عن عبدالله عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى)) رواه البخاري كتاب الايمان 1/11 واللفظ له وشرح مسلم الايمان 1/179

·       منزلة الحديث.

هذا الحديث عظيم لأنه ينص على قواعد الدين وأصوله, من توحيد الله وإقامة الصلاة ,وإيتاء الزكاة والجهاد في سبيله ,وإقامة باقي واجبات الإسلام ,كما ينص على حرمة دم المسلم وماله. (قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ97)

 


 


·       مفردات الحديث.

"أمرت" أمرني الله تعالى

"الناس" هم عبدة الأوثان والمشركون.

"يقيموا الصلاة" يأتوا بها على الوجه المأمور به أو يداوموا عليها.

"يؤتوا الزكاة " يدفعوها إلى مستحقيها. "عصموا" حفظوا ومنعوا ,ومنه اعتصمت بالله امتنعت بلطفه عن معصيته.

"إلا بحق الاسلام " هذا استثناء منقطع, معناه: لكن يجب عليهم بعد عصمة دمائهم وأموالهم أن يقوموا بحق الاسلام من فعل الواجبات وترك المنهيات.

"حسابهم على الله " حساب بواطنهم وصدق قلوبهم على الله تعالى ,لأنه سبحانه هو المطلع على ما فيها.(الوافي شرح الأربعين النووية صـ48)

 

 
 

·       المسائل في هذا الحديث.

1)   روايات الحديث.

*روي معنى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة , تزيده وضوحا ًوبياناً, ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وصلوا صلاتنا ، واستقبلوا قبلتنا ، وأكلوا ذبيحتنا ، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها ).

              *وخرج الإمام أحمد من حديث معاذ بن جبل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فإذا فعلوا ذلك ، فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله عز وجل)وخرجه ابن ماجه مختصراً.(الوافي شرح الاربعة النووية صـ 48)

 

 

2)   وجوب القتل.

حديث :(أمرت أن أقاتل ...)

فـقوله (أمرت أن أقاتل ) الآمر له هو الله عز وجل قال تعالى :( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)البقرة:216

قال ابن كثير في تفسير هذه الاية:

فرض الله عز وجل القتال على المسلمين لرد كيد الأعداء ولرفعة راية عقيدة الاسلام .

وأما مشركي العرب وغيرهم من الوثنين فلم يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل ..)(تفسير ابن كثير 1/368

·       قال الشيخ صالح ال الشيخ:

أهل الكتاب مخيرون بين ثلاثة أشياء:

1/ أما أن يسلموا فتعصم دمائهم  وأموالهم.

2/ إما أن يقاتلوا حتى يظهر دين الله.

3/ إما أن يرضوا بدفع الجزية ويكونون هؤلاء رعايا في دولة الإسلام ويكونوا  في حماية أهل الإسلام وبهذا لا يقاتلون .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)


*قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله :
 والنفس المحرمة أربعة أنفس، هي: نفس المؤمن، والذمي، والمعاهد، والمستأمن; بكسر الميم: طالب الأمان. فالمؤمن لإيمانه، والذمي لذمته، والمعاهد لعهده، والمستأمن لتأمينه.
والفرق بين الثلاثة - الذمي، والمعاهد، والمستأمن :
أن الذمي هو الذي بيننا وبينه ذمة; أي: عهد على أن يقيم في بلادنا معصوما مع بذل الجزية.
 وأما المعاهد; فيقيم في بلاده، لكن بيننا وبينه عهد أن لا يحاربنا ولا نحاربه.
وأما المستأمن; فهو الذي ليس بيننا وبينه ذمة ولا عهد، لكننا أمناه في وقت محدد; ( كالتأشيرة الآن ) 

 كرجل حربي دخل إلينا بأمان للتجارة ونحوها، أو ليفهم الإسلام,  ، وهو أن العهد يجوز من جميع الكفار.


 

 

*   العاصم للدماء والأموال.

بين عليه الصلاة والسلام العاصم للدماء من الهدرهو:


حديث (حتى يشهدوا أن لا إله ألا الله وأن محمد رسول الله)

قال ابن رجب:

أن النبي  عليه الصلاة والسلام كان يقبل من كل من جاءه يريد الدخول في الاسلام الشهادتين فقط ,ويعصم دمه بذلك ويجعله مسلماً

فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : (بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَةِ – اسم مكان -، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا أُسَامَةُ ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ! قُلْتُ : كَانَ مُتَعَوِّذًا . فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ) رواه البخاري (4269) ، ومسلم (96) (شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)








س/ هل كان النبي عليه الصلاة السلام يشترط من جاءه يريد الاسلام أن يلزمه بالصلاة والزكاة ؟

لا يشترط النبي عليه الصلاة السلام من جاءه يريد الاسلام أن يلزمه الصلاة والزكاة ((قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ98)

الشهادتين فقط ويعصم دمه بذلك ويجعله مسلماً. (الوافي شرح الاربعة النووية صـ 48ـ49)

 ويؤيد هذا أحاديث صحيحه:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " .رواه البخاري ومسلم.

حديث أبي مالك الأشجعي ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل)(رواه مسلم

 






*   حديث(إلا بحقها )وفي رواية (إلا بحق الإسلام)


* من حقها ارتكاب المسلم مايبيح دمه

كقتل النفس التي حرم الله.

والزنى بعد الإحصان.

الردة.

عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: 
"لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أنْ لاَ إله إلاّ الله وأَنِّي رَسُولُ الله إلاّ بإحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّاني، وَالنَّفْسُ بالنّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِيِنِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَماعَةِ". رَوَاهُ البخاري ومسلم

س/ مالحكم من نطق بالشهادتين وصلى وزكى وقام بواجبات الدين , ولم يرتكب ما يبيح دمه؟

فقد حرم دمه وماله.

قال صلى الله عليه وسلم (فإذا فعلوا ذلك عصموا مني) (عصموا : منعوا)

 




6)   الأحكام تجري على الظواهر والله يتولى السرائر:

حديث (حسابهم على الله تعالى )

من أظهر لنا الاسلام , وقام بما يجب عليه عصم دمه وماله, وعومل معاملة المسلمين فإن قصد بإسلامه الله والدار الاخرة فهو مؤمن له الجزاء الأوفى يوم الدين .

ومن قصد بإسلامه التقية من القتل فهذا منافق أمر  سريرته إلى الله

مثل:

صلى بغير طهارة ,أو أفطر في رمضان في بيته وادعى أنه صائم, فهذا يقبل منه الظاهر ,وتوكل سريرته إلى الله عز وجل.(قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ 102)

قال صلى الله عليه وسلم  لخالد بن الوليد:

(إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) رواه البخاري ومسلم.

صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق