الحديث الرابع (مراحل الخلق)
الحمد
الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
·
الحديث.
عنْ أبي عبدِ الرَّحمنِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ:(
حدَّثنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الصَّادِقُ المصْدُوقُ:
(إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً،
ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثمَّ يُرْسَلُ
إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فيهِ الرُّوحَ، وَيُؤمَرُ بأرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ
رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ. فَوَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ
غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلَ
بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فيَدْخُلَهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ
النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فيَسْبِقَ عَلَيْهِ
الْكِتَابُ، فَيَعْمَلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلَهَا)( رواه البخاري كتاب القدر 1/7,ومسلم كتاب القدر5/496)
1/ منزلة الحديث.
الحديث له أهمية
عظيمة , لأنه يعرض كيفية خلق الإنسان ,الذي كرمه الله على باقي المخلوقات ,كما فيه
الكلام حول القضاء والقدر. (قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ 69)
كما فيه الخوف من
السوابق والخوف من الخواتيم , والخوف من الكتاب السابق والخوف من الخاتمة هذا من
الآثار الإيمان بالقدر خيره وشره.( شرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ.)
2/ مفردات الحديث.
الصادق : هو الحق الصدق المطابق للواقع.
المصدوق: فيما أوحي إليه ,لأن الملك جبريل يأتيه بالصدق ,والله سبحانه يصدقه
فيما وعده به.
يجمع: يضم ويحفظ, وقيل : يقدر ويجمع
خلقه: مادة خلقه , وهو الماء الذي يخلق منه.
في بطن أمه: في رحمها.
نطفة: أصل النطفة الماء الصافي والمراد هنا منياً.
علقة: قطعة دم لم يبس , وسميت " علقة" لعلوقها بيد الممسك بها.
مضغة: قطعة لحم بقدر ماتمضغ.
فيسبق عليه الكتاب: الذي سبق في علم الله تعالى, أو اللوح المحفوظ أو الذي سبق في بطن
الأم.( الوافي شرح الأربعين النووية صـ25.)
2) المسائل في هذا الحديث:
أ/ الصدق.
س/ ما لمراد بقوله صلى الله عليه وسلم:(وهو الصادق
المصدوق)؟
قال الشيخ صالح آل الشيخ:
يعنى الذي يأتي
بالصدق ـ والصدق :حقيقة الأخبار ما هو موافق للواقع والكذب ضده , وهو الإخبار بما
يخالف الواقع.
* هذه تهيئة، وهذه فيها أدب للمعلِّم: أن يهيئ العلم لمن يعلِّمُه ومن يُخبرهُ
بالعلم لأن هذا الحديث فيه شئ غيبي
لا يدرك بالحس ولا بتجربة , وإنما يدرك بالتسليم والعلم بالخبر بصدق المخبر به
عليه الصلاة السلام والصحابة والناس لم يكونوا يعلمون تطور هذه المراحل بعلم
التجريبي
قال:( الصادق
المصدوق)
وهو الذي إذا أخبر بشئ صدق مهما كان وهذا
من جراء التسليم له عليه الصلاة والسلام.( شرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ.)
ب/ كيفية تكوين الإنسان.
س/ ما لمراد قوله عليه السلام(إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ
خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ )المراد بالجمع هنا ؟
ضم بعضه إلى بعض بعد
الانتشار
قال القرطبي:
المراد أن المني يقع
في الرحم حين انزعاجه بالقوة الشهوانية الدافعة مبثوثاً متفرقاً, فيجمعه الله
تعالى في محل الولادة من الرحم.( اللؤلؤ والمرجان رقم 1659 صـ 715)
وقول القرطبي:
موافق لما أثبته
العلم الحديث , فالحيوانات المنوية التي يقذفها الرجل كثيرة , وتكون منتشرة في رحم
المرأة بعد القذف, ولكن لا يجتمع منها مع البويضة إلا واحد.( قواعد وفوائد على الأربعين النووية ـ ناظم سلطان صـ 70.)
س/ ماهي المراحل التي يتكون منها الجنين ؟
1ـ النطفة.
وهي الطور الأول الذي
يمر به الجنين بعد التقاء الحيوان المنوي مع البويضة , والنطفة أصلها الماء الصافي
والمراد بها هنا المني وتمتد مدة هذا الطور أربعين يوما, كما قال عليه الصلاةالسلام
:" أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً
نُطْفَةً"
2ـ العلقة.
وهي الطور الثاني
الذي يمر به الجنين , والعلقة هي:
الدم الجامد الغليظ,
وسمي بذلك لتعلقه بما مر به, ويمتد هذا الطور أربعين يوماً كما بين رسول الله صلى
الله عليه وسلم :" ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً
مِثْلَ ذَلِكَ"
ومما يشهد لذلك من
الذكر الحكيم" قوله تعالى " خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ
"( سورة العلق:2)
3ـ المضغة.
وهي الطور الثالث
الذي يمر به الجنين , والمضغة هي قطعة من لحم , وسميت بذلك لأنها قدر ما يمضغ
الماضغ , ويمتد هذا الطور أربعين يوما, فقال صلى الله عليه وسلم " ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ "
4ـ نفخ الروح.
ويكون ذلك بعد مضي
مائة وعشرون يوما من اجتماع الزوجين.( قواعد وفوائد على الأربعين النووية ـ ناظم سلطان صـ 70)
*ويذكر الشيخ صالح آل الشيخ.
هناك ثلاث لفاظ
التكوين " تكوين المخلوق" وهي:
1ـ تصوير 2ـ الخلق 3ـ البرئ
والله الخالق البارئ
المصور.
·
المصور.
هو الذي يجعل الشي على
هيئه صورة مخططة.
·
الخالق.
هو ما يحصل لها
مقاديرها من الأطراف والأعضاء.
·
البارئ.
أن تتم وتكون تامه يعني
أن يبرء ما سبق وهذا في الجنين.
وهذا واضح في الجنين
فبعض الأجنة لو سقط في (90) يوماً أو أكثر من (80) , ونُظر إليه إذا أسقطته الأم وُجد أنه كلوحة عليها خطوط، العين مرسومة وتجد
كأنه في التخطيط في شئ شفاف وهذا لم تتكون الأعضاء وإنما هو التصوير.( شرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ.)
*ـ صفة إرسال الله الملك للأجنة.
1) الإرسال الأول.
قال الشيخ صالح آل الشيخ.
قال ابن مسعود : أن
النبي عليه الصلاة والسلام حدثهم أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة
يعني , أنه يكون ماء لمدة أربعين يوما لا يتحول إلى دم ـ
هل في هذه المدة لا يكون فيها أي نوع من التصوير أو خلق أو نحو ذلك؟
في هذا الحديث لم
يذكر ارسال الله الملك وإنما ذكر في أحاديث أخرى .
وهو حديث حذيفة ابن
اسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال ( إن النطفة إذا بلغت ثنتان وأربعين ليلة
ارسل إليها الملك فيأمره الله بتصويرها ثم يقول : أي ربي أذكر أم أنثى , فيأمر
الله ما شاء ويكتب الملك ثم يقول : أي ربي أشقى أم سعيد فيقول الله أو يأمر الله
بما شاء ثم يقول أي ربي رزقه فيقول الله ما شاء , ثم يكتب الملك)
فهذا يدل على أن
التصوير السابق تمام هذه المدة أي: بعد (42) يوما.( شرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ .)( رواه مسلم.)
2) الإرسال الثاني.
ثم بعد (42) يوماً
يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك وهذه (120) يوماً يعني (أربعة أشهر) ثم
يرسل إليه الملك ,وهذا الملك آخر موكل بنفخ الروح (أو) الملك الأول لكن هذا إرسال
آخر موكل نفخ الروح ويأمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله شقي أم سعيد.
فدل أن النفخ لا يكون
إلا بعد أربعة أشهر ,قول جماعة من أهل العلم.( شرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ)
·
وعلى هذا قال الإمام أحمد.
أن الجنين إذا سقط
لأربعة أشهر فإنه يغسل ويصلى عليه لأنه نفخ فيه الروح.( شرح الأربعين النووية
للشيخ صالح آل الشيخ)
س/ ما معنى الروح؟
وقد
عرفها بعض أهل العلم: جسم لطيف سار في البدن , مشتبك به اشتباك الماء بالعود الأخضر.( شرح مسلم للإمام النووي.)
وعرفها
آخرون: جوهر مجرد متصرف في البدن .( إحياء علوم الدين للغزالي)
وقال تعالى :
" {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً،)( سورة الإسراء :85)
س/ هل يكون بعد(42) يوماً يخرج علم نوع الجنين كونه ذكر أم أنثى عن
اختصاص الله في علم الغيب؟
قال
طائفة من المحققين:
أنه بعد هذه المدة
وهي (42) يوماً يخرج علم الجنين عن اختصاص الله بعلم الغيب , لأن الله أختص بخمسة
من علم الغيب , ومنها" وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ "
فقبل "42"
يوماً فهي في علم الغيب هل هو ذكر أم أنثى , لكن بعد هذه المدة, فإذا علم الملك
يذلك فدل الحديث على خروجه من العلم الذي لا يعلمه إلا الله.
وفي هذا الزمن يعرف
هل هو ذكر أم أنثى كبعض الوسائل الحديثة وليس فيه ادعاء علم الغيب لأنهم لا
يعلمونه قطعاً ولا يستطيعوا أن يعلموه إلا بعد (42) أما قبلها فهي من اختصاص علم
الله.( شرح الأربعين النووية شرح الشيخ صالح آل الشيخ.)
س/ مالحكمة في خلق الله تعالى للإنسان بهذا الترتيب ووفق هذا
التطور والتدرج؟
الحكمة في خلق الله تعالى
للإنسان بهذا الترتيب ووفق هذا التطور والتدرج من حال إلى حال , مع
قدرته سبحانه على إيجاده كاملاً في أسرع لحظة , نلحظ في هذا التدرج تعليم الله
تعالى لعباده التأني في أمورهم والبعد عن التسرع والعجلة , وفيه إعلام الإنسان بأن
حصول الكمال المعنوي له إنما يكون بطريق التدرج.( الوافي شرح الأربعين النووية صـ 26)
·
إسقاط الجنين.
س/ ماحكم إسقاط الجنين؟
·
إذا كان بعد نفخ الروح فيه.
أتفق العلماء على
تحريم إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه , واعتبروا ذلك جريمة لا يحل للمسلم أن
يفعله.
·
إذا كان قبل نفخ الروح فيه.
فحرام أيضا
والدليل: أحاديث
صحيحه أفادت أن التخليق يبدأ في النطفة بعد أن تستقر في الرحم .
وأما حديث حذيفة بن أسيد، فهو من أفراد مسلم، ولفظه: سمعت النبي صلى
الله عليه وسلم يقول: "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث اللّه إليها
ملكًا، فصورها، وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها. ثم يقول: يا رب، أذكر
أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يارب، رزقه؟ فيقضي ربك ما
شاء ويكتب الملك؛ ثم يقول: يا رب، أجله؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يخرج
الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص".( رواه مسلم)( الوافي شرح الأربعين النووية
صـ27)
س/ ذكر في الحديث أنه يكتب رزقه وأجله وشقي أم سعيد
وذكر ذلك قبل ذلك, فكيف نوفق ما بين الأحاديث التي فيها ذكر الكتابة قبل هذه المدة
وذكر الكتابة بعد تمام (120) وأربعة أشهر؟
قال الشيخ صالح آل الشيخ:
إن إدخال الكتابة في
أثناء ذكر التدرج الجمل هذا من حيث اللغة غير مناسب.
بل المراد أن يذكر
التدرج أولاً ثم بعد ذلك نفخ الروح المتعلقة فيما قبله,
وأما الكتابة فإنه
وأن كانت في أثناء تلك (120) فأخرت لأجل أنه لا يناسب إدخالها الترتيب تلك الأطوار
بعضها على بعض.
فالمقصود هنا:
ذكر الكتابة في الأطوار
الثلاث النطفة ثم العلقة ثم المضغة فذكر الكتابة في أثنائها يقطع الوصل, وهذا أولى
الأقوال وأقربها من حيث اللغة ومن حيث جمع
الأحاديث .( إحياء علوم الدين للغزالي
2/51
س/ هل نفخ الروح هل هو متعلق بالكتابة أو هو بعد (120)
يوماً؟
أن الغالب أن يكون
نفخ الروح بعد 120 يوماً, وقد يتحرك الجنين وينفخ قبل ذلك وهذا أمر مشاهد(شرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ.)
س/ هل تكون الكتابة بعد النفخ بالروح لأن الحديث فيه
دلالة أنه ترتيب الكتابة على الروح بالواو لأنه قال :(فيأمر بنفخ الروح ويأمروا بأربع
كلمات)؟
الواو لا تقضى الترتيب
وإنما تقتضي اشتراك والأظهر:
تقدم الكتابة على
النفخ الروح كما دلت عليه أحاديث كثيرة)( شرح الأربعين النووية
للشيخ صالح آل الشيخ.)
3) وجوب الإيمان بالقدر.
قوله صلى الله عليه
وسلم "ويؤمر بأربع كلمات "يكتب رزقه ,وأجله ,وعمله, وشقي أو سعيد, في هذا المقطع من هذا الحديث تعرض ـ
صلى الله عليه وسلم لقضية من القضاء والقدر , وهي تتعلق بعلم الله الكامل , الذي
يعلم ما كان وما سيكون وكيف يكون بناء على هذا العلم الكامل , كتب سبحانه في
الكتاب رزق الإنسان الذي سيحصل عليه أثناء حياته , حتى يموت , والعمل الذي سيقوم
به من خير وشر ,وهل هو من أهل الشقاء أم السعادة؟
وهذا العلم لا يرفع
عن العبد الاختيار والقصد , لأن صفة العلم غير مؤثر كما أن النصوص والكثيرة في
الكتاب والسنة , تثبت أن للإنسان قصد وإرادة وحرية اختيار.( قواعد وفوائد على الأربعين النووية / ناظم سلطان صـ71)
·
عن علي أبي طالب , عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما من نفس منفوسة إلا قد كتب مكانها من الجنة والنار وإلا كتبت يعني شقية
أو سعيدة فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا
وَنَدَعُ الْعَمَلَ ,فَقَالَ : ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ،
أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ".( رواه البخاري)
ثم قرأ: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى)سورة الليل (5ـ 6)
س/ هل يصح أن يحتج صاحب الضلالة والكفر والفسق بقدر
الله وكتابته وإرادته ؟
·
لا يحتج صاحب الضلالة
والكفر والفسق بقدر الله وكتابته وإرادته قبل وقوع ذلك منه ,قال الله تعالى :{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} ( سورة التوبة (105)
أما بعد وقوع المقدور
فيكون الاحتجاج بالقدر مأذوناً به لما يجد المؤمن من راحة عند خضوعه لقضاء الله
تعالى وقضاء الله تعالى للمؤمن يجري بالخير في صورتي السراء والضراء.( الوافي شرح الأربعين النووية صـ28.)
4)
الأعمال بالخواتيم.
فَوَاللهِ الَّذِي لاَ
إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا
يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلَ
بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فيَدْخُلَهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ
النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فيَسْبِقَ عَلَيْهِ
الْكِتَابُ، فَيَعْمَلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلَهَا)) ( رواه البخاري ومسلم)
أعمال العباد التي تصدر منهم
في الدنيا لابد أن تكون موافقة لما كتبه الله عليهم في الكتاب السابق ,فمن كتب أنه
من أهل الجنة, لابد أن يوفق للأعمال التى تدخله الجنة ولو عمل فترة من حياته
بأعمال أهل النار , وكذلك من كتب من أهل النار لابد وأن يعمل بما يوجب له النار ,
ولو عمل فترة من حياته بأعمال أهل الجنة.( قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ93)
قال بعض السلف:
ما ابكى العيون ما أبكاها
الكتاب السابق , ومن حكمة الله غيب هذا عن العباد ليبقى الجد في العبادة وتبقى
حكمة التكليف .( جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي صـ55)
لذلك
يؤخذ من هذا عدة أمور منها:
1) الحث على الدعاء بالثبات على
الدين
2) الحث على الإستعاذة من سوء
الخاتمة , لذلك كان السلف الصالح يخافون من سوء الخاتمة.
3) فيجب على العبد ان لا يفتر
بعمله وصلاحه ,بل يجب عليه أن يكون بين جناحي الخوف أو الرجاء.
4) إن الأعمال سبب دخول الجنة
أو النار
5) إن الشقاء والسعادة لا
يعلمها أحد إلا الله تعالى.
6) الاطمئنان على الرزق , والقناعة
مع أخذ الأسباب.( قواعد وفوائد على الأربعين للشيخ صالح آل الشيخ.)
·
قال ابن حجر الهيثمي:
إن خاتمة السوء تكون
ـ والعياذ بالله ـ بسبب دسيسة باطنية للعبد , ولا يطلع عليها الناس , وكذلك قد
يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خير خفيه تغلب عليه آخر عمره فتوجب له
حسن الخاتمة)( فتح المبين لشرح الأربعين صـ105)
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق