·
الصلاة
(صلاة الكسوف)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله
وصحبه أجمعين
·
الكسوف والخسوف مِن آيات الله
كثيرةٌ هي آيات الله عز وجل ، وهي مخلوقةٌ للتفكر والاعتبار ، لكن النَّاس
عن هذا في غفلةٍ ، ومنه في بُعدٍ ، قال الله تعالى { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ في السَّمواتِ
وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }.سورة يوسف:105
وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ" رواه البخاري (1044) و مسلم (901).
·
قال شيخ الإسلام – رحمه الله
- :
والتخويف إنما يكون بما يكون
سببا للشر قال تعالى {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} (الإسراء :59)
فلو كان الكسوف وجوده كعدمه بالنسبة إلى الحوادث لم يكن سبباً لشرٍّ وهو
خلاف نص الرسول.
وأيضاً : في السير أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر وقال
لعائشة : "يا عائشة تعوذي بالله مِن شرِّ هذا فإنَّ هذا هو الغاسق إذا وقب"
- رواه
الترمذي (3366) وصححه ، وأحمد (23802)
والاستعاذة إنما تكون مما يحدث عنه شرٌّ.
وأمر صلى الله عليه وسلم عند انعقاد أسباب الشرِّ بما يدفع موجبها بمشيئة
الله تعالى وقدرته مِن الصلاة ، والدعاء ، والذكر ، والاستغفار ، والتوبة ، والإحسان
بالصدقة ، والعتاقة ، فإنَّ هذه الأعمال الصالحة تعارض الشرَّ الذي انعقد سببه …. ،
وهذا كما لو جاء عدو فإنَّه يُدفع بالدعاء وفعل الخير وبالجهاد له وإذا هجم البرد يدفع
باتخاذ الدفء فكذلك الأعمال الصالحة والدعاء ، وهذا ما اتفق عليه الملل . أ.هـ
"الرد
على المنطقيين" (ص 271-272).
·
حكم صلاة الكسوف :
سنة مؤكدة باتفاق العلماء
·
دليلها : السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
لما كسفت الشمس في عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : خرج إلى المسجد
مسرعًا فزعًا ، يجر رداءه , صلى بالناس , أخبرهم أن الكسوف آية من آيات الله يخوف الله بها
عباده .
·
أهل الجاهلية كانوا يعتقدون
أن الكسوف يحصل عند ولادة عظيم أو موت عظيم .
لا ارتباط بين الكسوف وموت أو حياة أحَدٍ من النَّاس
ويعتقد بعض النَّاس أنَّ الشمس تُكسف ، والقمر يُخسف لحياةِ أو موتِ أحدٍ
مِن العظماء أو الزعماء ، وهو اعتقادٌ موروث مِن أهل الجاهلية ،
قال النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا
يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ" رواه البخاري(1041)ومسلم (911)
وقد ظنَّ بعضهم ذلك أول الأمر لما كسفت الشمس يوم وفاة إبراهيم – ابن
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم .
فعَنْ الْمُغِيرَةِ
بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : "كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ النَّاس كَسَفَتْ الشَّمْسُ
لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ
, ولكن الله يخوف بها عباده , وإذا رأيتم شيئاً من ذلك , فافزعوا إلى ذكر الله
ودعائه واستغفار" رواه البخاري (1043) ، ومسلم (915) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وقوله لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته ردٌّ لما كان قد توهمه بعض النَّاس
مِن أنَّ كسوف الشمس كان لأجل موت إبراهيم ابن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وكان قد
مات وكسفت الشمس فتوهم بعض الجهَّال من المسلمين أنَّ الكسوف كان لأجل هذا فبين لهم
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الكسوف لا يكون سببه موت أحدٌ مِن أهل الأرض ونفى
بذلك أنْ يكون الكسوف معلولاً عن ذلك وظنوا أنَّ هذا مِن جنس اهتزاز العرش لموت سعد
بن معاذ كما ثبت ذلك في الصحيح فنفى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك وبيَّن أن ذلك
مِن آيات الله التي يخوِّف بها عباده. أهـ "الرد على المنطقيين" (ص 271).
·
وقت صلاة الكسوف :
من ابتداء الكسوف إلى
التجلي .
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَتْ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ
فَقَامَ وَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً … ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى
مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَانْجَلَتْ
الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ
بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ
اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا
فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ وَقَالَ أَيْضًا فَصَلُّوا حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْكُمْ
…" رواه
مسلم (901) ، والبخاري (1401) – بدون الجملة الأخيرة - .
قوله صلى الله عليه وسلم: " فإذا رأيتم ذلك فصلوا " صحيح رواه البخاري(1212)ومسلم (901)
س/ هل تقضي صلاة الكسوف
بعد التجلي؟
لا تقضى صلاة الكسوف بعد التجلي
لفوات محلها .
وإذا تجلى الكسوف قبل أن يعلموا به لم يصلوا له
· صفة صلاة الكسوف :
ــ يصلي ركعتين
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ" .رواه البخاري (1062)
ــ يجهر فيهما بالقراءة على الصحيح من قولي العلماء, وسواء كانت الصلاة في
الليل أو في النهار.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
: "جَهَرَ
النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ"
. رواه
البخاري (1066) ومسلم (901)
ــ يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة طويلة كسورة
البقرة أو قدرها
ــ ثم يركع
ركوعًا طويلاً . - .
ــ ثم يرفع
رأسه ويقول : " سمع الله لمن حمده ، ربنا لك الحمد " .
ــ ثم يقرأ
الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى بقدر سورة آل عمران .
ــ ثم يركع
فيطيل الركوع وهو دون الركوع الأول.
ــ ثم يرفع
رأسه ويقول : " سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا
فيه ، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ".
ــ ثم يسجد سجدتين طويلتين ولا يطيل الجلوس
بينهما .
ــ ثم يصلى
الركعة الثانية كالأولى بركوعين طويلين وسجودين طويلين مثلما فعل في الركعة الأولى
.
ــ ثم يتشهد
ويسلم .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا : "جَهَرَ
النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ
فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ فَرَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ مِنْ الرَّكْعَةِ
قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ يُعَاوِدُ الْقِرَاءَةَ
فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ"
(رواه
البخاري1046).(ومسلم 901
·
ينادى لها "الصلاة جامعة" بلا أذان ولا إقامة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ : "لَمَّا كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُودِيَ إِنَّ الصَّلَاةَ
جَامِعَةٌ فَرَكَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ فِي
سَجْدَةٍ ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ جُلِّيَ
عَنْ الشَّمْسِ قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا سَجَدْتُ سُجُودًا
قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهَا". قلت : ومعنى " سجدة " : ركعة . رواه البخاري (1051) ومسلم (910).
وعَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ مُنَادِيًا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَاجْتَمَعُوا
وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ"
. رواه
مسلم (901).
·
صلاة الكسوف جماعة في المسجد.
يسن أن تصلى في جماعة لفعل النبي-صلى الله عليه وسلم ,
عَنْ عَائِشَةَ
رضي الله عنها: قَالَتْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَكَبَّرَ فَاقْتَرَأَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً …". رواه البخاري (1046).
قال شيخ الإسلام – رحمه الله - :
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم – "أفضل الصلاة صلاة المرء في
بيته إلا المكتوبة" فالمراد بذلك ما لم تشرع له الجماعة ؛ وأمَّا ما شرعت له الجماعة
كصلاة الكسوف فَفِعْلُها في المسجد أفضل بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة
واتفاق العلماء .أهـ "منهاج السنَّة النَّبوية" (8/309).
ـ يسن أن يعظ
الإمام الناس بعد صلاة الكسوف ويحذرهم من الغفلة والإغترار ويأمرهم بالإكثار من الدعاء
والاستغفار .
عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف فخطب
الناس فحمد الله وأثنى عليه، وقال : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا
ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله ، وصلوا ، وتصدقوا " الحديث
هل يجوز للمرأة أن تصلي
وحدها في لبيت صلاة الكسوف ؟ وما الأفضل في حقها؟
فأجاب الشيخ
محمد العثيمين رحمه الله :
لابأس أن تصلي المرأة صلاة الكسوف في بيتها , لأن الأمر عام (فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ
مَا بِكُمْ) صحيح رواه البخاري(1212)ومسلم (901)
وإن خرجت الى المسجد كما فعل نساء الصحابة وصلت مع الناس كان في هذا
خير (مجموع فتاوى
ورسائل الشيخ محمد العثيمين 16/310)
س/ ماحكم وإن انجلى الكسوف وهو في الصلاة ؟
وإن انجلى الكسوف وهو في الصلاة
أتمها خفيفة ولا يقطعها لقوله تعالى : (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) (محمد:33).
فالصلاة
تكون وقت الكسوف , وقوله (حَتَّى يَنْجَلِيَ)رواه وسلم (901)
وقوله (حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ) صحيح
رواه البخاري(1212)ومسلم (901)
صل الله
وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين