الأربعاء، 21 يناير 2015


الحديث الحادي عشر(الأخذ باليقين وترك المشتبهات)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين.

الحديث.

عن أبي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، سِبْطِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَيْحانَتِهِ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ:( حَفِظْتُ مِنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ}). رواهُ التِّرمذيُّ والنَّسائِيُّ، وقالَ التِّرمذيُّ: حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ 

سبط ـ يعنى ابن ابنته فاطمه رضي الله عنهما.

ريحانته ـ وذلك لسروره وإقبال نفسه عليها عليه الصلاة والسلام.                




منزلة الحديث:

هذا الحديث قاعدة من قواعد الدين ,وهي الأخذ باليقين في الأمور وترك المشتبهات ,وقال ابن حجر: هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين ,واصل في الورع الذي عليه مدار المتقين.(قواعد وفوائد على الأربعين صـ118)

قال الشيخ صالح ال الشيخ.

هذا الحديث عظيم وهو في المعنى قريب من حديث النعمان بن بشير (من ترك الشبهات ....)(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ )

                                                                          
                                         

* مفردات الحديث.

"دع مايريبك"  دع ماتشك فيه من الشبهات.

"إلى مالا يريبك " إلى مالا تشك فيه من الحلال البين (الوافي شرح الأربعين النووية صـ86)

                                      

·       المسائل في هذا الحديث.

1)البعد عن الشبهات.

قول رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ}.

س/ ما معنى الريب؟

هو الشك وعدم الطمأنينة

فمثلاً: إذا أتاك أمر فيه عدم الطمأنينة أو خفت أن يكون هذا العمل حرام فدعه إلى شئ لا يريبك

لأن الاستبراء مأمور به, فترك الشبهات إلى اليقين هذا أصل عام .( شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ )

قال ابن رجب : الريب : بمعنى القلق والاضطراب.

س/ قوله صلى الله عليه وسلم :( دَعْ مَا يَرِيبُكَ) الامر هنا هل للوجوب أم للندب ؟

الأمر للندب وليس للوجوب يأمر عليه الصلاة السلام بالبعد عن الأمور المشكوك فيها ,والأخذ بالأمور المتيقن منها. (قواعد وفوائد على الأربعين صـ119)



                                                                                   

* الثمرات من الأخذ باليقين وترك الشبهات ؟

ـ يحفظ المسلم عرضه من الذم

ـ يحفظ نفسه من الوقوع بما حرم الله عز وجل.

ـ يطمئن قلبه من القلق والاضطراب .

ـ يودي إلى خلق الورع. (قواعد وفوائد على الأربعين صـ119)

س/ ما معنى الورع؟

 خُلُقِ الوَرَعِ: وَهُو عميمُ النَّفعِ فِي سدِّ أبوابِ وَساوسِ الشَّيطانِ

فهو: الورع الخروج من كل شبهة ,ومحاسبة النفس في كل طرفة عين .

قال ابو بكر الجزائري:

إن الورع هو ترك مالا بأس به مخافة مما به بأس ,أو : هو ترك المباح خشية الوقوع في الممنوع .( قواعد وفوائد على الأربعين صـ119)                   



 

*أمثلة على هذه القاعدة (الأخذ باليقين وترك الشبهات)؟

قال الشيخ صالح ال الشيخ:

إذا أشتبه عليك في أمر مسالة هل هي حلال أم حرام فأن تركها إلى اليقين فستبرأ لدينه.

ففي العبادات : يأتي باليقين ويترك ماشك فيه

فمثلاً:

 أ) دخل الصلاة على طهارة متيقن منها فيبني على الأصل ويدع ما طرأ عليه من الشك.

ب) كان متطهراً فشك هل أحدث أم لا ؟

يبني على الأصل ويدع الشك .( شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ )

حديث :(إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لا فَلا يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا)(رواه مسلم)
                                        




2) ورع السلف وتركهم للشبهات .

كان سلف الأمة يتخلقون بأخلاق الاسلام كان النصوص الكتاب والسنة أثر في حياتهم وسلوكهم

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ )رواه البخاري 4/236

قولُ أَبي ذرٍّ الغفاري : ( تمامُ التقوى تركُ بعضِ الحلالِ خوفاً أَنْ يكونَ حراماً )

س/ هل الحديث فيه زيادة ؟

نعم ـ قال الشيخ صالح ال الشيخ

 زيادة في الترمذي (قوله صلى الله عليه وسلم (فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ )

قال ابن رجب:

لفظ ابن حبان :"فإن الخير طمأنينة ,وإن الشر ريبة "

وفي هذا إشارة إلى الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه.(جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي)

قال ابن رجب:

علامة الصدق أن تطمئن به القلوب ,وعلامة الكذب أن تحصل به الريبة فلا تسكن القلوب إليه.

*يقول بعض السلف:

إذا أتاني أمر وفيه ريبه تركته , وما أسهلها على النفس.

س/ لمن يكون الورع؟

يكون الورع لائقا لمن استقامت نفسه بفعل الواجبات وترك المنهيات أما من يقع بالكبائر ,ويترك الواجبات ,ثم يسعى لترك الشبهات فهذا ورعه مظلم مشكوك فيه



·       ترك المختلف فيه  ليس من الورع.

·       س/ الخروج من المسائل التي اختلف فيها العلماء هل تركها من الورع؟

ليس تركها من الورع على الاطلاق فمثلا المسائل التي فيها رخصة ,ليس لها تعارض ,فاتباعها أولى من اجتنابها بحجة الورع.

·       فبعض يترك الكثير من السنن , وأمور الدين الثابتة والرخص بحجة أن بعض العلماء افتى بخلافها

·       ـ فترك الخلاف من الورع في المسائل الكبيرة التي يعجز المرء من الوصول للحق بها(قواعد وفوائد على الأربعين صـ121)

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


السبت، 17 يناير 2015


الحديث العاشر(سبب إجابة الدعاء)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين

الحديث.

عن أبي هريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وَقَالَ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ.. يا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامِ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامَ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟) رواه مسلمٌ.

·       أهمية الحديث .

هذا الحديث من الأحاديث التي عليها قواعد الإسلام ومباني الأحكام

قال الشيخ صالح آل الشيخ:

وهذا الحديث فيه الأمر بالأكل من الطيب، وأنه سمة المرسلين، وسمة المؤمنين بالمرسلين   واثر ذلك الأكل الطيب من الحلال على عبادة المرء وعلى دعائه  وعلى قبول الله جل وعلا لعمله.(شرح الربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

 



·       مفردات الحديث.

"إن الله طيب" أي طاهر منزه عن النقائض .

" لا يقبل إلا طيبا" لا يقبل من الأعمال والأقوال إلا ما كان خالصا من المفسدة أو حلالاً.

"أشعث " جعد شعر الرأس لعدم تمشيطه.

" أغبر": غَيَّر الغبار لون شعره لطول سفره .

"يمد يديه إلى السماء " يرفع يديه إلى السماء داعياً.

"فأنى يستجاب له" كيف ومن أين يستجاب لمن كانت هذه صفته.(الوافي شرح الأربعين النووية.79ـ80)

 

 
 

·       المسائل في هذا الحديث.

1)تنزيه الله تعالى  عن النقائص

قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ ..)

نزه الله سبحانه وتعالى نفسه عن النقائص والعيوب كلها , فنزه نفسه عن الصاحبة والولد ونزه نفسه عن الظلم ,كما نزه نفسه عن النوم كما في الآيات التالية

قال تعالى (وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً )مريم:88

قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)النساء:40

قال تعالى (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ )البقرة :255

معنى الطيب.

هو الطاهر المقدس المنزه من العيوب والنقائص كلها.(القواعد والفوائد على الأربعين النووية صـ113)

وأنه سبحانه له أنواع الكمالات في القول والفعل فكلامه أطيب الكلام , وأفعاله كلها أفعال خير وحكمه.(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

قال الشيخ محمد صالح المنجد.

الله قسم الكلام إلى طيب وخبيث

قال تعالى ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)سورة ابراهيم :26

*الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات

*وايضا (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة طَيِّبِينَ) النحل:32

*(عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "إن الملائكة عند احتضار النفس المطمئنة تقول: اخرجي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَان..)مسند الامام أحمد.



س/ هل الطيب من أسماء الله ؟

هذا الحديث نص على أنه صفة ,أما الاسماء فإن باب الأسماء أضيق من باب الصفات

فلا يجوز أن نسمى الله بما لم يسمى به نفسه .(شرح الربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ
 

 
 
 
 

2) الطيب المقبول.

قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا)

يشمل الأعمال والأموال والأقوال والاعتقادات.

*فهو سبحانه وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيبا طاهراً من المفسدات كلها كالريا والعجب.

*لا يقبل من الأموال إلا ما كان طيباً حلالاً, فقد حث صلى الله عليه وسلم على الصدقة من الكسب الحلال الطيب وقال :" ولا يقبل الله إلا طيبا"

* ولا يصعد إليه من الكلام إلا ما كان طيبا قال تعالى (﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ فاطر:10

*ولا يفوز عنده عز وجل إلا المؤمنون الطيبون (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة طَيِّبِينَ) النحل:32

ويسلم الملائكة عليهم عند دخولهم الجنة ويقولون (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) الزمر :73 (الوافي شرح الأربعين النووية. 80ـ81)

وقال ابن رجب:

المؤمن كله طيب قلبه ولسانه وجسده بما يسكن في قلبه من الإيمان , وظهر على لسانه من الذكر , وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي ثمرة الإيمان )(جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي)

·       س/ ما معنى القبول في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَقْبَلُ..)؟

جاءت أحاديث كثيرة غير هذا الحديث فيها نفي القبول لبعض الأعمال والأقوال.

*بين أهل العلم معنى نفي القبول.

1) نفي الأجر والثواب مع وجود العمل قد يقع مجزئ

أمثلة:

(لا يقبل الله صلاة عبد إذا أبقى حتى يرجع ومن أتى كاهنا او عرافا لم تقبل لله صلاة أربعين ليلة ) (مَنْ أَتَى عَرّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدّقَهُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يومًا) رواه مسلم

*قال الشيخ محمد المنجد.

الله لا يقبل صلاة من أتى عرافاً أو كاهن يساله عن مجرد السؤال ولو بغير تصديق لا يقبل صلاته (40) يوماً, أو شارب الخمر لا تقبل له صلاة (40) يوما.

عدم القبول هنا:

أنها تجزئ الصلاة لكن لا ثواب عليها.(شرح الاربعين النووية الشيخ محمد المنجد.)

 

2) نفي صحة العمل وبطلانه.

أمثلة:

1)حديث (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حتى يتوضأ)(رواه مسلم)

فيه إبطال العمل إلا بهذا الشرط.

2)حديث (لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ , وَلا صَدَقَةٍ مِنْ غُلُولٍ)(غلول: الأخذ من القسمة قبل أن توزع)(رواه مسلم)

 



 

3)كيف يكون العمل مقبولاً طيبا.

إن من أعظم ما يجعل عمل المؤمن طيباً  مقبولاً طيب مطعمه وحله,

وفي الحديث دليل على أن العمل لا يقبل إلا بأكل الحلال ,وأن الحرام يفسد العمل ويمنع قبوله ,لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال

(إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ)

 {يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}

ومعنى هذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح ,فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولاً؟ (الوافي شرح الأربعين النووية.81)

فيجب على العبد أن يتحرى الحلال الطيب في مطعمه ومشربه وكسبه لأن الحرام سبب في منع قبول الدعاء والعبادة .(القواعد والفوائد على الأربعين النووية صـ114)

قال الشيخ صالح ال الشيخ.

في قوله تعالى :( يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}

لأن الاقتران يدل على أن بينها صلة .

س/ ماهي الصلة ما بين أكل الطيب والعمل الصالح؟

هي تأثير الأكل الطيب في العمل الصالح.

·       ولهذا قال كثير من أهل العلم.

إن العمل لا يكون صالحاً حتى يكون من مالاً طيب فالصلاة والزكاة والحج لا تكون صالحة مقبولة حتى يكون فيها الطيب من الأقوال والأفعال.( شرح الربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

قال بعض السلف:

خمس خصال بها تمام العمل

أن تعرف الله

تعرف الحق

اخلاص العمل.

إتباع السنة.

أكل الكسب الحلال.(ذكر ابن رجب في جامع العلوم والحكم فائدة عن خمس خصال بها تمام العمل انظرصـ147)

 

 
 
 

4)أسباب إجابة الدعاء.

قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ.. يا رَبُّ)

فمن أسباب إجابة الدعاء.

1ـ إطالة السفر لإجابة الدعاء

وذلك من قوله عليه السلام :( ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ)

ذكر النبي عليه السلام مثالاً من أمثلة تأثير الأكل الطيب في بعض الأعمال الصالحة ,وأثر أكل الحرام في بعض الأعمال الصالحة .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

ففي هذا الحديث إشارة إلى السفر لإجابة الدعاء.

ويشهد له حديث آخر : ( ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ)(صحيح رواه الترمذي وأبو دواد)

س/ ما هو السبب في ان السفر سبب في إجابة الدعوة؟

لأن غالبا يؤدي السفر إلى انكسار النفس بسبب طول الغربة وتحمل المشاق ,وايضا حاجة النفس إلى الله إذا كان سفر للحاجة , وهذا من أعظم أسباب الإجابة.

2)حصول التبذل في اللباس والهيئة بالشعث ولا غبار

 وذلك من قوله صلى الله عليه وسلم :( أَشْعَثَ أَغْبَرَ،)


*كما يشهد له من فعله صلى الله عليه وسلم

خروجه لصلاة الاستسقاء مبتذلا متواضعا متضرعاً.

*وكان مطرف بن عبد الله قد حبس له ابن أخ , فلبس خلقا من ثيابه وأخذ عكازا بيده ,فقيل له ماهذا قال :أستكين لربي لعله أن يشفعني في ابن أخي)(جامع العلوم والحكم لابن رجب 98)

*وكان بعض السلف:

إذا اراد أن يدعو الله لبس شيئاً خلقاً ولم يتزين ثم تو جه في خلوة ودعى الله وقال أنه أقرب للإجابة. (شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

3) مد اليدين إلى السماء.

وذلك من قوله صلى الله عليه وسلم (يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ..)

ولقوله (إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ ، يَسْتَحِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ )(رواه أحمد وابو دواد والترمذي)

كما ثبت عنه رفع اليدين أثناء الاستقاء والدعاء يوم بدر.

س/ هل لرفع اليدين لها كيفيات ؟

نعم ـ وهي كالتالي:

أ‌)      الإشارة بإصبعه  السبابة فقط ,فعل ذلك على منبره صلى الله عليه وسلم إذا كان خطيبا قائم دليل على توحيده ودعاءه.

س/ هل يشرع له رفع اليدين إذا خطب قائماً على المنبر على غيره؟

لا يشرع.

ب‌)  أن يرفع يديه إلى السماء رفعاً شديداً بحيث يرى بياض الإبطين وهذا يكون في

في الاستسقاء

وفي إذا أصيب المرء كرب شديد وهذا اما أن يكون لها صفتان

أ‌)      أما أن يكون اليدان باطنهما إلى السماء.

ب‌)  وأما أن تكون اليدان ظاهرهما إلى السماء.

ت‌)  أن يرفع اليدين مبسوطة الكفين إلى الثديين ويمدهما كهيئة المستطعم لا يجعلهما إلى وجه. وهذا هو أغلب دعاء النبي عليه السلام بل كان دعاءه في عرفة.( (القواعد والفوائد على الأربعين النووية صـ114)

                              

4)  الالحاح في الدعاء.

وذلك بتكرير ذكر ربوبيته وذلك من قوله " يا رب  يا رب"

ويشهد على هذا حديث ابن مسعود :( وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا ، وَإِذَا سأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا - ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) (رواه مسلم)

قال الشيخ صالح ال الشيخ.

وقد يستجاب للمرء وإن كان مطعمه حرام وملبسه حرام وذلك لعارض آخر صادفه هو شدة الالحاح والحاجه الماسة .

       وكذلك المؤمن العاصي الذي يأكل الحرام قد يستجاب له ولكن في حالات قليلة وهي حالة الاضطرار.(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)

        




  5) إجابة المطعم والمشرب والملبس سبب لإجابة الدعاء .

وذلك قوله (وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامِ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامَ)

ووجه الاستفهام هنا !!

على وجه التعجب والاستبعاد ,وعندما سأل سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون مستجاب الدعوة حديث (أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة )(قواعد وفوائد على الأربعين النووية صـ 117)

يقول الشيخ صالح ال الشيخ:

بيان المطعم من أعظم أسباب الاجابة , وإنه إذا تخلف هذا السبب ولو وجدت الاسباب الاخرى فإنها لا تجاب الدعوة غالباً. (شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ)



    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين