الحديث الثالث عشر (من كمال الإيمان )
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
الحديث.
عن أبي حمزةَ أنسِ بنِ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ خادمِ
رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قالَ: {لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ}رواه البخاريُّ ومسلمٌ.
·
أهمية الحديث.
قال الامام أبو محمد عبدالله
جماع آداب الخير تتفرع
من أربعة أحاديث
1)" من كان يومن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو
ليصمت"
2) " من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه"
3)"لا تغضب"
4)"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه)
* ولعل هذا هو السر في
اختيار النووي رحمه الله هذه الأحاديث الأربعة في أربعينه"(شرح الأربعين النووية
للشيخ صالح ال الشيخ)
مفردات الحديث:
"لا يؤمن "
الآيمان
الكامل
"أحدكم" من يدعي الإيمان والإسلام منكم.
"لأخيه" المسلم والمسلمة.
"ما يحب
لنفسه" مثل
الذي يحبه لنفسه من الخير.(الوافي شرح الاربعين النووية صـ94)
*المسائل في هذا الحديث.
1) الإيمان الكامل.
في هذا الحديث يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الايمان
لا ترسخ جذوره في النفس .ولا يتمكن من القلب ولا يكمل في صدر المسلم , إلا إذا
أصبح إنسان بعيداً عن الحقد والكراهية والحسد ,فلا يحب للناس إلا مثل ما يحب لنفسه
* ومما يحقق هذا الكمال في نفس المسلم:
ا)أن يحب لغيره من الخيرالمباح وفعل الطاعات مايحب لنفسه, وأن يبغض
لهم من الشر والمعصية ما يبغضه لنفسه
حديث :( وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ
مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ،)(أخرجه أحمد)
ب) أن يبادر إلى إنصاف أخيه المسلم , ويؤدي إليه حقوقه كما يحب هو أن
يتصف لنفسه
حديث : (عن عبد الله بن عمرو رضي الله عَنْهُمَا
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ
النَّارِ، وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ وَيَأْتِي إِلَى النَّاسِ
مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ)(رواه مسلم)
ج) أن يجتهد في إصلاح أخيه المسلم ,إذا رأى منه تقصيراً في واجبة ,أو
نقصاً في دينه .( الوافي شرح الاربعين النووية
صـ95)
2) نفي الإيمان.
قوله عليه الصلاة والسلام (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ)
س/ ما المراد بنفي الإيمان؟
المراد نفي كمال الإيمان
*وقال النووي :
قال العلماء معناه :لا يؤمن الإيمان التام , وإلا فأصل الإيمان
يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة )(مسلم كتاب الايمان 1/220)
·
وقال ابن رجب الحنبلي:
أن المراد بنفي الإيمان نفي بلوغ حقيقته ونهايته )(جامع العلوم والحكم صـ111)
*قال الشيخ صالح ال الشيخ:
{لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ
حَتَّى يُحِبَّ لأِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ}
هذه الكلمة تدل على أن ما بعدها مأمور به الشريعة إما
أمر إيجاب أو أمر استحباب فالحديث (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ)
على درجتين:
1ـ إذا كان ما يحبه لنفسه متعلق بأمور الدين فهذا واجب
ونفي في الحديث نفي كمال الإيمان الواجب.
2) إذا كان في أمور الدنيا فهذا مستحب إن يحب لأخيه المال الجاه .....ما يحب لنفسه (شرح الأربعين النووية للشيخ
صالح ال الشيخ)
س/ حديث (حَتَّى يُحِبَّ لأِخِيهِ
مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ} ماذا يشمل هذا الحديث؟
هذا يشمل الاعتقادات والاقوال
والاعمال الصالحة.
·
فالاعتقاد
فمثلا: أن يحب لأخيه أن يعتقد الاعتقاد الحسن , فلو أحب فلان
من الناس على غير الاعتقاد الصحيح الموافق للسنة يعنى على اعتقاد بدعي فإنه ينفي كمال الايمان الواجب.
·
كذلك في الاعمال
فمثلا : أحب لنفسه أن يترك الرشوة ,وأحب لأخيه أن يقع في
الرشوة هذا ينفى كمال الايمان الواجب (شرح الأربعين النووية للشيخ صالح
ال الشيخ)
4) الايثار.
ينقسم الإيثار إلى
قسمين:
اـ إيثار بالقرب ـ أي قربه
إلى الله.
ب ـ إيثار بأمور الدنيا .
ا) إيثار بالقرب ـ أي قربه إلى الله.
فإنه مكروه لأنه يخالف ما
أمرنا به المسابقة في الخيرات, والمسارعة في أبواب الخير (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ
مِّن رَّبِّكُمْ)الحديد:21
فالمسابقة تقتضي أن كل
باب من أبواب الخير يسارع به المسلم ويسبق أخاه إليه.
" وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ"
المطففين :26
مثال : أن يكون هناك
فرجه في الصف الأول فأنت تقول لإخيك المسلم تقدم أنت !!
تفضله من أجل المحبة لا
ينبغي بل ينبغي المبادرة في هذه القربة.
2) إيثار بأمور الدنيا .
الإيثار في أمور الدنيا
يعني في الطعام أو ملبس أو الركب فهذا مستحب أن يؤثر أخاه في أمور الدنيا
كما قال تعالى:( وَيُؤْثِرُونَ
عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )الحشر :9
فدلت الآية: على أن
الايثار بأمور الدنيا هذا مستحب ومن صفات المؤمنين (شرح الأربعين النووية للشيخ
صالح ال الشيخ)
س/ هل محبة العبد لأخيه ما يحب لنفسه دليل على قوة
الايمان ؟
نعم ـ لإن إذا ذبل الايمان في القلوب وانتفى كماله
انتفت محبة الخير للناس من النفوس وحل محلها الحسد والحقر والكراهة يبين لنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن الايمان لا ترسخ جذوره في النفس .ولا يتمكن من القلب ولا يكمل في صدر
المسلم , إلا إذا أصبح إنسان صالح
يقول الشيخ محمد المنجد:
لو كان عنده إيمان قوي لأحب الناس مايحب لنفسه لكن لما
ضعف الايمان وانتفى كماله اصبح في القلب الحسد والكراهية والحقد لأنه حل محل
المحبة حب الخير للناس .( شرح الأربعين النووية للشيخ محمد
المنجد)
وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق