الحديث السابع عشر (الرفق
بالحيوان)
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
·
الحديث:
عن أبي يَعْلَى شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ، عن رسولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: { إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا
الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ }. رواه مسلِمٌ كتاب الصيد 4/622
*أهمية
الحديث.
قال النووي:
هذا الحديث يدل على عموم الإحسان في كل شي , ولعله بإحسان القتلة وإحسان
الذبحة على سبيل المثال , أو لحاجه البيان لذلك .(قواعد وفوائد على الاربعين النووية
صـ153)
· مفردات الحديث .
"كتب"
طلب وأوجب
"الإحسان" مصدر أحسن إذا أتى بالحسن , وهو ما حسنه الشرع ويكون بإتقان العمل.
"القتلة" بكسر القاف , الهيئة والحالة.
"ليحد" بضم الياء يقال أحد السكين ,وحدها ,واستحدها
"شفرته" السكين وما يذبح بها ,وشفرتها حدها.(الوافي شرح الأربعين النووية صـ 117ـ118)
· المسائل في هذا الحديث:
1)
الإحسان :
صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: { إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ)
ـ تعريف الإحسان .
هو
مصدر تقول أحسن يحسن إحسانا ويأتى بمعنى: إيصال النفع إلى الآخرين كما يأتي بمعني
: الإتقان وإجادة الشي.(قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ 154)
· حكم الإحسان؟
ـ منه ما هو واجب ـ كالإحسان للوالدين , والأرحام بمقدار
ما يحصل البر والصلة الواجبة .
ـ ومنه ما يكون مندوب ـ كصدقة التطوع ونحوها.( قواعد
وفوائد على الاربعين النووية صـ 154)
س/(إن الله كتب الإحسان ) على ماذا يدل لفظ الكتابة؟
لفظ الكتابة يدل على الوجوب عند أكثر الفقهاء والأصوليين ,كما إن لفظ
الكتابة استعمل في القرآن فيما هو واجب.
(إِنَّ
الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)النساء :103
(كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) البقرة : 183
في هذا الحديث نص على وجوب الإحسان في كل شي وقد امر الله به
(وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة :195)
فهو مطلوب عند الإتيان بالفرائض , وفي ترك المحرمات ,وفي معاملة الخلق
, والإحسان فيها أن يأتي بها على غاية كمالها ,ويحافظ على آدابها المصححة والمتممة
لها ,فإذا فعل ذلك قبل عمله وكثر ثوابه.(الوافي شرح الأربعين النووية صـ 118)
· كتابة الإحسان :
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:
{ إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ)
س/ على ماذا يحتمل الكتابة هنا في هذا الحديث ؟
يحتمل الكتابة تكون على نوعين
1ـ أما يكون الكتابة قدرية.
يعني أنه كتبها قدراً لأن الأشياء تكون على الاحسان , وإن الله عز وجل
ألهم مخلوقاته الإحسان .
2ـ أما يكون الكتابة شرعية.
فيكون معنى قوله عليه الصلاة السلام الإحسان على كل شي تكون "على
" بمعنى "في " أي كتب الإحسان في كل شي .
والثاني / أظهر
ومثل حديث (عَنْ عَبْدِ اللّه بن مَسْعُودٍ رضي اللّه عنه قال: " سَأَلْتُ رَسُولَ
اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسلَّمَ: أَي الْعَمَلِ أَحَبُّ إلى اللّه؟ قال:
" الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا"...) يعني في وقتها)(شرح الأربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ )
· أقسام الأحسان :
س/ ماهي أقسام
الاحسان ؟
1ـ الإحسان يكون في العبادات .
أي : الإحسان الواجب وهو
تكميل الأركان والواجبات والشرائط.
2ـ الإحسان في النفس.
أن تحسن في تعاملك مع نفسك بأن تتمثل الواجبات وأن تنتهي عن المحرمات
,لابد لمن لم يحسن هذا الاحسان كان ظالما لنفسه .
*الظالم لنفسه.
من ارتكب بعض المنهيات أو فرط في بعض الواجبات .
3ـ الإحسان في التعامل مع الخلق .
وهذا يكون بأداء الحقوق التي لهم وعدم ظلمهم فيما لهم , فعلى المؤمن
أن يحسن في أقواله وفي أعماله وفي تعامله مع ربه ومع خلقه .(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ )
2)
الإحسان في
القتل.
قوله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: { فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ)
س/ مامعنى القتلة ؟
القتلة
والذبحة بالكسرة : أي الهيئة والمعنى : أحسنوا هيئة الذبح وهيئة
والمعنى
: أحسنوا هيئة الذبح وهيئة القتل بآلة حادة .
س/ على ماذا يدل الحديث ؟
الحديث
يدل على الإسراع في إزهاق النفوس التي يباح إزهاقها على أسهل الوجوه .( قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ
155)
· القتل المباح .
س/بماذا يكون القتل المباح ؟
يكون القتل المباح إما أن يكون في
1ـ الجهاد المشروع.
2ـ قصاصاً أو حداً من حدود الله.
1ـ الجهاد المشروع.
هو قتل الأعداء في المعركة جهاداً في سبيل الله, فأسهل وجوه قتل
الكافر ضربة بالسيف على العنق .(الوافي شرح الأربعين النووية صـ118)
قال تعالى (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ)(محمد :4)
س/ ماحكم المثلة ؟
حديث:( نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المُثْلَة)صحيح البخاري
وهي قطع أجزاء من الجسد سواء أكان ذلك قبل الموت أم بعده.
كيف نهى النبي عليه الصلاة السلام المثلة وقد جاز للمسلمين أن
يستخدموا لأسلحة النارية والمدفعية المدمرة من قبيل المعاملة لقوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا
عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)البقرة:194
وإلا فانه لا يجوز لهم بحال من الأحوال أن يتجهوا في قتالهم بها إلى التعذيب
والتشويه كهدف وغاية ,فالإسلام يرفض ذلك ويدعو إلى الإحسان في كل شي وخاصة الإنسان.(الوافي شرح الأربعين النووية صـ 119)
2)
القتل قصاصاً. يقتل بالسيف
س/ إذا كان
القتل قصاصاً فهل يجوز التمثيل بالمقتص منه ؟
لا يجوز التمثيل بالمقتص منه بل يقتل
بالسيف.( الوافي شرح الأربعين النووية صـ119)
س/
مالحكم إذا كان القتل حداً للكفر؟
أكثر العلماء على
كراهة المثله فيه أيضا سواء كان لكفر أصلي أم لردة عن الاسلام.( الوافي شرح الأربعين النووية صـ 119)
3)
التحريق
بالنار.
س/
ماحكم التحريق بالنار؟
ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن بالتحريق
بالنار ثم نهى عنه ليكون ذلك آكد في الامتثال والالتزام ,
حديث(" لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) صحيح البخاري
من حديث ابن مسعود قال كنا مع النبي صلى
الله عليه وسلم فمررنا بقرية نمل قد أحرقت فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال"إنه
لا ينبغي لبشرٍ أن يُعَذِّبَ بعذابِ الله عز وجل". مسند لامام أحمد وابي دواد والنسائي.
4)
الإحسان في الذبح.
صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: { وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ
أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ }.
س/ ماهي
الشروط والواجبات والمستحبات التي وردت في
الشرع عند الذبح؟
الشروط مايلي:
1ـ أن تكون آلة الذبح حادة تنهر الدم
حديث (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ
فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ)رواه البخاري 6/227 ورواه مسلم 4/639
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم
(وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ)رواه مسلم 4/622
2ـ قطع الحلقوم والمرئ
ولو دجين في فور واحد.
3ـ التسمية :
قوله تعالى: { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا
لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ...} المائدة :[121].
حديث :( ما أَنْهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسْمُ
اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنّ والظُّفْر)رواه البخاري 6/226 ومسلم 4/639)
4ـ أهلية
المذكي
بأن يكون مسلماً , عاقلاً بالغاً أو صبيا مميزا
أو كتابيا
قال تعالى :( وَطَعَامُ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ)المائدة :5
5ـ ألا تحد
الشفرة أمام الذبيحة
قال الشيخ صالح ال الشيخ:
توارى السكين عنها ولا يظهر السكين إلا عند
الذبح كما يستحب أن لا يذبح ذبيحة بحضرة اخرى ,ويوجه الذبيحة الى القبلة ويسمي عند
الذبح.( .(شرح
الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ )
6)الا يقطع منها شيئا حتى تتم الذكاة
وتموت
الذبيحة وألا يبالغ في الذبح.( قواعد وفوائد على الاربعين النووية صـ
157)
ومن
الاحسان فتساق إلى الذبح سوقاً رفيقاً قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَجُرُّ شَاةً بِأُذُنِهَا ، فَقَالَ : "
دَعْ أُذُنَهَا وَخُذْ بِسَالِفَتِهَا "السالفة : مقدمة العنق ..(شرح الاربعين النووية للشيخ صالح ال الشيخ
)
صلى الله على
نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
