نوير بنت سالم القحطاني بكالوريوس كلية الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية + دبلوم إشراف تربوي هذه المدونة تحتوى على دروس في العقيدة الإسلامية والفقة والسيرة النبوية والحديث والمحاضرات الوعظية مستمدة من القرآن وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن علماء السلف الصالح quran0808 مدونة تفسير القرآن الكريم
الاثنين، 29 فبراير 2016
السبت، 27 فبراير 2016
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال كثير من المفسرين:
إن الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب
الفيل لأجل قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن،
والصيف للشام، لأجل التجارة والمكاسب.
فأهلك
الله من أرادهم بسوء، وعظم أمر الحرم وأهله في قلوب العرب، حتى احترموهم، ولم
يعترضوا لهم في أي: سفر أرادوا، ولهذا أمرهم الله بالشكر،
فقال: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} أي: ليوحدوه ويخلصوا له العبادة،
{الَّذِي
أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} فرغد الرزق والأمن من المخاوف، من أكبر النعم
الدنيوية، الموجبة لشكر الله تعالى.
فلك اللهم
الحمد والشكر على نعمك الظاهرة والباطنة، وخص الله بالربوبية البيت لفضله وشرفه،
وإلا فهو رب كل شيء..
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
الثلاثاء، 23 فبراير 2016
الأحد، 21 فبراير 2016
الحديث الرابع من رياض الصالحين (إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً...)
الحمدالله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله
وصحبه أجمعين
وعن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي
الله عنهما - قال:( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال:
إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً , ولا قطعتم وادياً إلا
كانوا معكم؛ حبسهم المرض) وفي رواية :(إلا شرَكُوكُمْ في الأجر)( الرواية الأولى أخرجها
مسلم، كتاب الإمارة، باب ثواب من حَبَسَهُ عن الغزو مرض، أو عذر آخر، رقم (1911)، والرواية الثانية أخرجها البخاري ، كتاب الجهاد والسير، باب من
حبسه العذر عن الغزو، رقم (2839).) [رواه مسلم
ورواه البخاري عن أنس - رضي الله عنه - قال: رَجَعْنا من غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن أقواماً بالمدينة خَلْفَنا، ما سلكنا شِعْباً، ولا واديا إلا وَهُم معَنا ، حبسهم العُذْر(
ورواه البخاري عن أنس - رضي الله عنه - قال: رَجَعْنا من غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن أقواماً بالمدينة خَلْفَنا، ما سلكنا شِعْباً، ولا واديا إلا وَهُم معَنا ، حبسهم العُذْر(
الشرح
قوله( في غزاة( أي في غزوة.
فمعنى الحديث أن الإنسان إذا نَوَى العمل الصالح، ولكنه حَبَسه عنه حابس فإنه يُكتب له أجر ما نوى.
أما إذا كان يعلمه في حال عدم العذر؛ أي: لما كان قادراً كان يعلمه، ثم عجز عنه فيما بعد؛ فإنَّه يُكتب له أجر العمل كاملاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)( أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير ، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، رقم ( 2996).. فالمُتمنِّي للخير، الحريص عليه؛ إن كان من عادته أنه كان يعلمه، ولكنَّه حبسه عنه حابس ، كُتِبَ له أجره كاملاً.
فمثلاً: إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس، كنوم أو مرض، أو ما أشبهه فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تماماً من غير نقص.
وكذلك إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي تطوعاً، ولكنه منعه منه مانع، ولم يتمكن منه؛ فإنه يكتب له أجره كاملاً، وكذلك إن كان من عادته أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ثم عجز عن ذلك، ومنعه مانع، فإنه يُكتب له الأجر كاملاً.
وغيره من الأمثلة الكثيرة.
أما إذا كان ليس من عادته أن يفعله؛ فإنه يكتب له أجر النية فقط، دون أجر العمل.
ودليل ذلك:
أن فقراء الصحابة رضي
الله عنهم قالوا: يا رسول الله سَبَقَنا أهل الدُّثور بالدرجات العلى، والنعيم
المقيم _ يعني : أن أهل الأموال سبقوهم بالصدقة والعتق- فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : (أفلا
أخبركم بشيء إذا فعلتموه أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد إلا من عمل مثل ما عملتم!! فقال: تسبحون
وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين) ففعلوا، فعلم الأغنياء بذلك؛ ففعلوا
مثلما فعلوا، فجاء الفقراء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله
سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا؛ ففعلوا مثله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء))( أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، رقم (843) ومسلم، كتاب المساجد،
ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم ( 59 5).) والله ذو الفضل العظيم.
ولم يقل لهم: إنكم أدركتم أجر عملهم، ولكن لا شك
أن لهم أجر نية العمل.
ولهذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام فيمن آتاه الله مالاً؛ فجعل ينفقه في سبل الخير، وكان رجل فقير يقول: لو أن لي مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (فهو بنيته فأجرهما سواء))( أخرجه الترمذي ، كتاب الزهد، باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر، رقم (2325) ، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب النية، رقم (4228)، وقال الترمذي: حسن صحيح
أي سواء في أجر النية، أما العمل فإنه لا يكتب له أجره إلا إن كان من عادته أن يعمله.
ولهذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام فيمن آتاه الله مالاً؛ فجعل ينفقه في سبل الخير، وكان رجل فقير يقول: لو أن لي مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (فهو بنيته فأجرهما سواء))( أخرجه الترمذي ، كتاب الزهد، باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر، رقم (2325) ، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب النية، رقم (4228)، وقال الترمذي: حسن صحيح
أي سواء في أجر النية، أما العمل فإنه لا يكتب له أجره إلا إن كان من عادته أن يعمله.
وفي هذا الحديث:
إشارة إلى من يخرج في سبيل الله، في الغزو، والجهاد في سبيل
الله، فإن له أجر ممشاه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم )ما سرتم مسيراً ولا
قطعتم وادياً ولا شعبا إلا وهم معكم(.
ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (التوبة:120،121( .
ونظير هذا : أن الرجل إذا توضأ في بيته فأسبغ الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد؛لا
يخرجه إلا الصلاة؛ فإنه لا يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة.
وهذا من فضل الله - عز وجل - أن تكون وسائل العمل فيها هذا الأجر الذي بيَّنه
الرسول صلى الله عليه وسلم . والله الموفق).الحديث الرابع من الجزء الاول من رياض الصالحين شرح الشيخ محمد العثيمين رحمه الله1/28
ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (التوبة:120،121( .
ونظير هذا : أن الرجل إذا توضأ في بيته فأسبغ الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد؛لا
يخرجه إلا الصلاة؛ فإنه لا يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة.
وهذا من فضل الله - عز وجل - أن تكون وسائل العمل فيها هذا الأجر الذي بيَّنه
الرسول صلى الله عليه وسلم . والله الموفق).الحديث الرابع من الجزء الاول من رياض الصالحين شرح الشيخ محمد العثيمين رحمه الله1/28
صل الله وسلم
على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
الخميس، 18 فبراير 2016
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول
تعالى ذاما لمن ترك حقوقه وحقوق عبادة:
{أرأيت الذي يكذب بالدين} أي: بالبعث والجزاء فلا يؤمن بما جاءت به
الرسل.
{فذلك الذي يدع اليتيم} أي: يدفعه بعنف وشدة ولا يرحمه لقساوة قلبه
ولأنه لا يرجو ثوابا ولا يخشى عقابا.
{ولا يحض} غيره
{فويل
للمصلين} أي: الملتزمون لإقامة الصلاة ولكنهم
ولهذا وصف
الله هؤلاء بالرياء والقسوة وعدم الرحمة فقال:
{ويمنعون
الماعون} أي: يمنعون إعطاء الشيء الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية أو الهبة
كالإناء والدلو والفأس ونحو ذلك مما جرت العادة ببذلها والسماحة به .
فهؤلاء ـ
لشدة حرصهم ـ يمنعون الماعون فكيف بما هو أكثر منه.
وفي هذه
السورة الحث على إكرام اليتيم والمساكين والتحضيض على ذلك ومراعاة الصلاة
والمحافظة عليها وعلى الإخلاص في جميع الأعمال.
والحث على
فعل المعروف و بذل الأموال الخفيفة كعارية الإناء والدلو والكتاب ونحو ذلك لأن
الله ذم من لم يفعل ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين.(تيسير الكريم الرحمن في
تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ865)
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
الأربعاء، 17 فبراير 2016
الاثنين، 15 فبراير 2016
الأحد، 14 فبراير 2016
6 - شرح رياض الصالحين - الحديث الثالث - لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية
الحديث الثالث من الباب الأول (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية)
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
وعن عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا هجرة
بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا)( أخرجه
البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الجهاد والسير، رقم (2783)، ومسلم، كتاب الإمارة،
باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد، رقم (1864).
ومعناه : لا هجرة من مكة؛ لأنها صارت دار إسلام.
الشرح
في هذا الحديث نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة بعد الفتح،
فقال: (لا هجرة)
وهذا النفي ليس على عمومه، يعني أن الهجرة لم تبطل بالفتح، بل إنه
(لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج
الشمس من مغربها)( أخرجه
أبو داود ، كتاب الجهاد، باب في الهجرة هل انقطعت، رقم (2479)، وأحمد في المسند
(4/99)
كما جاء ذلك في الحديث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم –
لكن المراد بالنفي
هنا :نفي
الهجرة من مكة
كما
قاله المؤلف - رحمه الله-؛
لأن مكة بعد الفتح صارت بلاد
إسلام، ولن تعود بعد ذلك بلاد كفر ، ولذلك نفى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه
وسلم أن تكون هجرة بعد الفتح.
وكانت مكة تحت سيطرة المشركين، وأخرجوا منها رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فهاجر صلى الله عليه وسلم بإذن ربِّه إلى المدينة وبعد ثمانِ سنواتٍ رجع النبي
صلى الله عليه وسلم إلى مكة فاتحاً مظفَّراً منصوراً- صلوات الله وسلامه عليه-.
فصارت مكة بدل كونها بلد كفر، صارت بلد إيمان وبلد إسلام، ولم يكن منها
هجرة بعد ذلك.
وفي هذا دليل على أن مكة لن تعود لتكون بلاد كفر، بل ستبقى بلاد إسلام
إلى أن تقوم الساعة، أو إلى أن يشاء الله.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: (ولكن جهاد ونية)
أي الأمر بعد هذا جهاد؛ أي يخرج
أهل مكة من مكة إلى الجهاد.
و(النية) أي النية الصالحة للجهاد في سبيل الله،
وذاك بأن ينوي الإنسان بجهاده، أن تكون كلمة الله هي العليا.
ثم قال عليه الصلاة والسلام:(وإذا استُنْفرتُم فانفروا)
يعني : إذا استنفركم ولي أمركم
للجهاد في سبيل الله، فانفروا وجوباً، وحينئذ يكون الجهاد فرض عين، إذا استنفر الناس
للجهاد؛ وجب عليهم أن ينفروا، وألا يتخلَّف أحد إلا من عذره ،
لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ
إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ
بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي
الآَخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ (38) إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا
غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا﴾ [التوبة:38،39]،
وهذا أحد المواضع التي يكون فيها
الجهاد فرض عين.
الموضع الثاني: إذا حضر بلدة العدو، أي جاء العدو حتى وصل
إلى البلد وحصر البلد، صار الجهاد فرض عين، ووجب على كل أحد أن يقاتل، حتى على النساء
والشيوخ القادرين في هذه الحال، لأن هذا قتال دفاع.
وفرق بين قتال الدفاع وقتال الطلب.
فيجب في هذا الحال أن ينفر الناس كلهم للدفاع عن بلدهم.
الموضع الثالث: إذا حضر الصف ، والتقى الصفان؛ صف الكفار
وصف المسلمين؛ صار الجهاد حينئذ فرض عين، ولا يجوز لأحد أن ينصرف
كما
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ
إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ
مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الأنفال:15، 16] .
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم التولي يوم الزحف من السبع الموبقات.( أخرجه
البخاري، كتاب الوصايا ، باب قول الله تعال: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ
الْيَتَامَى ظُلْما…) رقم (2766). ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها،
رقم (88).)
الموضع الرابع: إذا احتيج إلى الإنسان ؛ بأن يكون السلاح
لا يعرفه إلا فرد من الأفراد، وكان الناس يحتاجون إلى هذا الرجل؛ لاستعمال هذا السلاح
الجديد مثلاً؛ فإنه يتعين عليه أن يجاهد وإن لم يستنفره الإمام وذلك لأنه محتاج إليه.
ففي هذه المواطن الأربعة، يكون الجهاد فرض عين.
وما سوى ذلك فإنه يكون فرض كفاية.
قال أهل العلم:
ويجب على المسلمين أن يكون منهم
جهاد في العام مرة واحدة، يجاهد أعداء الله؛ لتكون كلمة الله هي العليا، لا لأجل أن
يدافعوا عن الوطن من حيث إنَّه وطن، لأن الدفاع عن الوطن من حيث هو وطن يكون من المؤمن
والكافر، حتى الكفار يدافعون عن أوطانهم، لكنَّ المسلم يدافع عن دين الله، فيدافع عن
وطنه؛ لا لأنه وطنه مثلاً، ولكن لأنه بلد إسلامي؛ فيدافع عنه حماية للإسلام الذي حل
في هذه البلد.
ولذلك يجب علينا في مثل هذه الظروف التي نعيشها اليوم, يجب علينا أن نُذَكِّّرَ
جميع العامة بأن الدعوة إلى تحرير الوطن , وما أشبه ذلك دعوة غير مناسبة , وأنه يجب
أن يُعَبَّأَ الناس تعبئةً دينية , ويُقال إننا ندافع عن ديننا قبل كل شيء, لأن بلدنا
بلد دين، بلد إسلام يحتاج إلى حماية ودفاع، فلابد أن ندافع عنها بهذه النية. أما الدفاع
بنية الوطنيّة، أو بنية القوميّة، فهذا يكون من المؤمن والكافر، ولا ينفع صاحبه يوم
القيامة، وإذا قتل وهو يدافع بهذه النية فليس بشهيد؛
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل حميّة،ويقاتل
شجاعة، ويقاتل ليُرِيَ مكانه أيُّ ذلك في سبيل الله؟ فقال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي
العليا فهو في سبيل الله).( أخرجه
البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، رقم (
2810). ومسلم ، كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله،
رقم (1904))
انتبه إلى هذا القيد (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا)
لا لأنه وطنه وإذا كنت تقاتل لوطنك ؛ فأنت والكافر سواء ، لكن قاتل لتكون
كلمة الله هي العليا، ممثلة في بلدك؛ لأن بلدك بلد إسلام؛ ففي هذه الحال يكون القتال
قتالاً في سبيل الله.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يكلم أحد في سبيل الله
- والله أعلم بمن يُكْلَمُ في سبيله- أي يُجرح - إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب؛ اللون
لون الدم، والريح ريح المسك))( أخرجه
البخاري، كتاب الجهاد، باب من يخرج في سبيل الله، رقم ( 2803). ومسلم، كتاب الإمارة،
باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، رقم ( 1876).) .
فانظر كيف اشترط النبي صلى الله عليه وسلم للشهادة أن يكون الإنسان يقاتل
في سبيل الله، والقتال في سبيل الله؛ أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا.
فيجب على طلبة العلم أن يبيِّنُوا للناس أن القتال للوطن ليس قتالاً صحيحاً
, وإنما يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وأُقاتِلُ عن وطني ؛ لأنه وطن إسلامي؛ فأحميه
من أعدائه وأعداء الإسلام؛ فبهذه النيَّة تكون النية صحيحة . و الله الموفِّق.
(شرح
رياض الصالحين الشيخ محمد العثيمين رحمه الله1/24
صل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
الخميس، 11 فبراير 2016
تفسير سورة الكوثر
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول الله
تعالى لنبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ممتنا عليه:
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} أي: الخير الكثير،
والفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم
القيامة، من النهر الذي يقال له {الكوثر}
ومن الحوض طوله شهر، وعرضه شهر، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته
كنجوم السماء في كثرتها واستنارتها، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا.
ولما ذكر
منته عليه، أمره بشكرها فقال:
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر}
خص هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات.
ولأن
الصلاة تتضمن الخضوع في القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي
النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج للمال الذي جبلت
النفوس على محبته والشح به.
{إِنَّ شَانِئَكَ} أي: مبغضك وذامك ومنتقصك
{هُوَ الْأَبْتَرُ} أي: المقطوع من كل خير، مقطوع
العمل، مقطوع الذكر.
وأما محمد
ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو الكامل حقًا، الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق، من
رفع الذكر، وكثرة الأنصار، والأتباع ـ صلى الله عليه وسلم ـ
(تيسير
الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ865)
صل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
الاثنين، 8 فبراير 2016
5 - شرح رياض الصالحين - الحديث الثاني - يغزو جيش الكعبة
الحديث الثاني من باب الأول (يغزو جيش الكعبة)
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول وعلى اله وصحبه أجمعين
2-وعن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم)) قالت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ، ومن ليس منهم؟ قال: ((يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم))(12) [ متفق عليه]، هذا لفظ البخاري.
الشرح
· قوله صلى الله عليه وسلم (يغزو جيش الكعبة)
ذكر المؤلِّف حديث عائشة ـ رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه يغزو جيش الكعبة، الكعبة المشرَّفة حماها الله وأنقذها من كل شر.
هذه الكعبة هي بيت الله؛ بناه إبراهيم ، وابنه إسماعيل - عليهما الصلاة والسلام - وكانا يرفعان القواعد من البيت ويقولان : ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 127] .
هذا البيت أراد أبرهة أن يغزُوَه من اليمن ، فغزاه بجيش عظيم في مقدمته فيل عظيم؛ يريد أن يهدم به الكعبة - بيت الله - فلما قرب من الكعبة ووصل إلى مكان يُقال له المُغَمَّس حَرَنَ الفيل، وأبى أن يتقدم ، فجعلوا ينهرونه ليتقدم إلى الكعبة فأبى ، فإذا صرفوه نحو اليمن هَرْوَلَ وأسرع؛ ولهذا قال الرسول - عليه الصلاة والسلام - في غزوة الحديبة لما أن ناقته حَرَنتْ وأبتْ أن تمشي فقال الصحابة : خلأت القصواء، خلأت القصواء - يعني حرنت ، وبركت من غير علَّة –
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق!)( أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد ، رقم (2731)
فالنبي - عليه الصلاة والسلام - يدافع عن بهيمة ، لأن الظلم لا ينبغي، ولو على البهائم.
(ما خلات القصواء وما ذاك لها بخلق - أي عادة- ولكن حبسها حابس الفيل) وحابس الفيل: هو الرب سبحانه وتعالى، (والذي نفسي بيده لا يسألوني خُطَّةً يُعظمون فيها حرمات الله إلا أعطتيهم إياها)
المهم أن الكعبة غزيت من قبل اليمن، في جيش عظيم ، يقوده هذا الفيل العظيم، لِيهدم الكعبة، فلما وصلوا إلى المغمس أبى الفيل أن يمشي ، وحرن ، فانتهروه، ولكن لا فائدة، فبقوا هناك وانحبسوا ، فأرسل الله عليهم طيراً أبابيل ، والأبابيل : يعني الجماعات الكثيرة من الطيور ، وكل طير يحمل حجراً قد أمسكه برجله، ثم يرسله على الواحد منهم،حتى يضربه مع هامته ويخرج إلى دبره ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ [الفيل:5] ،كأنهم زرع أكلته البهائم ، واندكُّوا في الأرض ،
وفي هذا يقول أمية بن الصلت:
حبسَ الفيلُ في المغَمَّس حتَّى ظَـلَّ يَحبُــو كـأنه معقـــورُ
فحمى الله عز وجل بيته من كيد هذا الملك الظالم الذي جاء ليهدم بيت الله،
وقد قال الله عز وجل : ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: 25] .
في آخر الزمان يغزو قوم الكعبة، جيش عظيم.
وقوله صلى الله عليه وسلم (حتى إذا كانوا بيداء من الأرض)
أي بأرض واسعة متسعة، خسف الله بأوَّلهم وآخرهم.
خسفت بهم الأرض ، وساخوا فيها هم وأسواقهم، وكل من معهم.
وفي هذا دليل على أنهم جيش عظيم؛ لأن معهم أسواقهم؛ للبيع والشراء وغير ذلك.
فيخسف الله بأولهم وآخرهم. لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا، ورد على خاطر عائشة - رضي الله عنها- سؤال،
· فقالت: يا رسول الله(كيف يُخسَفُ بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم، ومن ليس منهم؟)
أسواقهم: الذين جاؤوا للبيع والشراء؛ ليس لهم قصد سيء في غزو الكعبة، وفيهم أناس ليسوا منهم تبعوهم من غير أن يعلموا بخطَّتهم،
· فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (يخسف بأولهم وآخرهم وأسواقهم ومن ليس منهم ثم يبعثون يوم القيامة على نياتهم)
كلٌ له ما نوى. هذا فرد من أفراد قول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)
وفي هذا الحديث عبرة:
أن من شارك أهل الباطل وأهل البغي والعدوان، فإنه يكون معهم في العقوبة؛ الصالح والطالح، العقوبة إذا وقعت تعمُّ الصالح والطالح، والبرّ والفاجر، والمؤمن والكافر، والمصلّي والمستكبر، ولا تترك أحداً، ثم يوم القيامة يبعثون على نِيَّاتهم.
يقول الله عز وجل: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال:25].
والشاهد من هذا الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(ثم يبعثون على نياتهم)فهو كقوله: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).شرح رياض الصالحين الشيخ محمد العثيمين رحمه الله.1/21
صل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)