الجمعة، 2 مايو 2014



 الأمانة.

عن حذيفة رضي الله عنه قال: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة) ]. أخرجه البخاري
 
 

 فقال :إنها نزلت في جذر قلوب الرجال، وكلمة جذر: تقرأ جَذر وتقرأ جِذر، بالكسر والفتح، وكلاهما صحيح،

ومعنى الجذر: الأصل من الشيء.


وفي هذا الإخبار أن هناك ثلاث طرائق جعلت بها الأمانة في قلوب الرجال:

الطريق الأول: طريق الفطرة،

الطريق الثاني: طريق الإلهام،

الطريق الثالث: طريق الوضع الرباني المحض.
 



 وهذا معنى قوله: (نزلت في جذر قلوب الرجال) أي: في أصلها، فينشأ الإنسان والمرء فطرة على أنه أمين.

ثم قال: (ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة)، ويصح أن تقرأ: ثم علّموا القرآن، ثم علّموا السنة.

من هذا الحديث اخذ العلماء أن الأصل :

أن يتعلم الإنسان القرآن في الأول، ثم يتعلم السنة، وأن يفقه الإنسان القرآن ثم يفقه السنة، ولو تعلمهما متجاورين -أي: ليس هناك فارق زمن بعيد بينهما- فلا حرج،
 

·      ظهور طائفة:

لأنه ظهر منذ القدم أقوام يقولون: يكتفى بالقرآن ولا حاجة للسنة، وفي عصرنا يسمون أنفسهم بالقرآنيين، ولكن هذه التسمية التي أطلقوها على أنفسهم غير صحيحة، لأن الرجل إذا فقه القرآن أصلاً علم أن من لوازم فقه القرآن أن يعلم السنة،

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي)، وقال: (إلا وإني أوتيت القرآن وما يعدله)، وفي رواية (ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه)،

 وفي الحديث: (يوشك رجل شبعان متكئاً على أريكته يقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه عملنا به، ومالم نجد فيه لا نعمل به) أي: كأنه ينبذ السنة.

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا أعرفن رجلاً يأتي لأمر إما أمر أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله)

فهؤلاء لم يوجدوا في زمن النبوة لكنهم وجدوا بعد ذلك، وقد حذر منهم نبينا صلى الله عليه وسلم



س /متى ظهرت هذه الطائفه؟

وأول ما ظهرت نبتة هؤلاء القوم كان ذلك في زمن الشافعي ، رحمه الله تعالى، ولذلك أفرد الشافعي رحمه الله في كتابه الرسالة باباً يخصهم، وذكر محاورة جرت له مع بعضهم، وكيف أقام رحمه الله الحجة عليهم، وأبان لهم الأمر، وأوضح لهم المحجة، فجزاه الله عن الأمة خير الجزاء.

ثم ما زال هؤلاء القوم يكثرون في عصر ويقلون في عصر،
 
 

 فمن رام أن يحمل الناس على أن الدين ما في القرآن فقط، فهو يريد أن يحملهم على هدم الدين؛ لأنه لا يمكن أن يعرف القرآن إلا بالسنة، والقرآن جاء لتعظيم سنة صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية والتقريرية،

 والله جل وعلا يقول:  اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ  [الأنفال:24].

فإن قلنا: إن الفاعل في (دعاكم) هو النبي صلى الله عليه وسلم فالأمر واضح، وإن قلنا: إن الضمير يعود على لفظ الجلالة، فما سلف من أول قوله جل وعلا:  اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ  [الأنفال:24] معناه أن القرآن والسنة شيء واحد، ولا يجوز أبداً،بل عين الكفر أن يطالب الإنسان الناس العمل بما في القرآن فقط، وأن يطالبهم بترك السنة، وأنها لا حجة فيها.



 


والمقصود من ذلك كله هدم الدين، لكن الحجة قائمة عليهم؛ لأن الدين لا يعلم إلا بالقرآن والسنة، لكن المنهجية العلمية تجعلنا نقول: نبدأ بالقرآن ثم بالسنة، فما أشكل علينا فهمه من القرآن نفهمه عن طريق السنة.



 

ومثاله: أن الله جل وعلا ذكر في القرآن أن القصر في الصلاة لا يكون إلا لسبب الخوف: (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا)، لكن السنة بينت أن القصر في السفر يكون في الخوف وفي غير الخوف، قال صلى الله عليه وسلم: (صدقة تصدق الله بها عليكم) .




وهذا هو المراد من قول حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة).وطالب العلم الحق هو من يجمع بينهما، ولا سبيل إلى فهم القرآن إلا بالسنة، ولا سبيل إلى الأخذ بالسنة إلا بموجبات القرآن.

صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 

 
 
 
 

 

 

 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق