الأربعاء، 24 يوليو 2019


تفسير جزء عم (سورة الضحى )

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)سورة الضحى(1ـ11)

* الفوائد على هذه الآيات.

1) أقسم الله بشيئين متباينين من مخلوقاته

في قوله تعالى (وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ)الضحى(1ـ 2)

ـ قوله تعالى {وَالضُّحَىٰ } هو أول النهار، وفيه النور والضياء

ـ قوله تعالى { وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ) أي: الليل إذا غطى الأرض وسدل عليها ظلامه.

 * فأقسم الله تعالى بشيئين متباينين

أولهما: الضحى إذا إنتشر وملأ الأرض ضياءً ونوراً.

الثاني: الليل إذا يغشى وفيه الظلمة. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 547/10)



2) أن الرسول عليه السلام أحب الخلق إلى الله.

      في قوله تعالى (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ)الضحى:3

ـ قوله تعالى{ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} أي ما تركك وأهملك

ـ قوله تعالى { وَمَا قَلَىٰ) أي: وما أبغض، بل أحب الخلق إليه فيما نعلم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم،ولهذا اختاره الله ,لأعظم الرسالات ,وأفضل الأمم ,وجعله خاتم النبيين , فلا نبي بعده صلى الله على وسلم , وكان

رسول الله صلى الله عليه وسلم الخليلين الذين إختصا بهذه الصفة العظيمة وهي الخلة، والخلة أعلى أنواع المحبة، وليس من عباد الله فيما نعلم من هو خليل الله إلا إبراهيم ومحمد عليها الصلاة والسلام

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلاًً) أخرجه مسلم كتاب المساجد (532) .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 547/10)

 

3) بيان خيرية الآخرة.

  في قوله تعالى (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ)الضحى:4

ـ قوله تعالى { وَلَلْآخِرَةُ} هي اليوم الذي يبعث فيه الناس، ويأوون إلى مثواهم الأخير إلى الجنة أو إلى النار، فيقول الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم

ـ قوله تعالى{ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ) أي: من الدنيا، وذلك لأن الآخرة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

 قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها» (أخرجه البخاري كتاب الرقاق باب مثل الدنيا في الآخرة (6415) .

ولهذا لما خير الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مرضه بين أن يعيش في الدنيا ما يعيش وبين ما عند الله، اختار ما عند الله، كما أعلن ذلك صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبته حيث قال وهو على المنبر:

«إن عبداً من عباد الله خيره الله بين أن يعيش في الدنيا ما شاء الله أن يعيش وبين ما عنده فاختار ما عنده»

 فبكى أبو بكر رضي الله عنه وتعجب الناس من بكائه كيف يبكي من هذا، ولكنه رضي الله عنه كان أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. علم أن المخير هو الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنه اختار ما عند الله وهو الآخرة، وأن هذا إيذان بقرب أجله . أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار باب هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه إلى المدينة (3904) ومسلم كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه (2382) (2) . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 548/10).



4) أعطى الله لنبيه مايرضيه.

 في قوله تعالى (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ)الضحى:5

ـ قوله تعالى {وَلَسَوْفَ} اللام هذه أيضاً للتوكيد وهي موطئة للقسم.

ـ قوله تعالى { يُعْطِيكَ رَبُّكَ} أي يعطيك ما يرضيك فترضى

 ـ قوله تعالى { فَتَرْضَىٰ) ولقد أعطاه الله ما يرضيه صلى الله عليه وسلّم

1/  فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة مقاماً محموداً، يحمده فيه الأولون والآخرون حتى الأنبياء وأولو العزم من الرسل لا يستطيعون الوصول إلى ما وصل إليه.

 2/ فإذا كان يوم القيامة، وعظم الكرب والغم على الخلق، وضاقت عليهم الأمور طلب بعضهم من بعض أن يلتمسوا من يشفع لهم إلى الله عز وجل فيأتون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، هؤلاء خمسة أولهم أبو البشر، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وهؤلاء الأربعة عليهم الصلاة والسلام من أولي العزم، كلهم يعتذرون عن الشفاعة للخلق حتى تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فيقوم ويشفع (أخرجه الخاري كتاب التفسير باب) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ) (4712) ومسلم كتاب الإيمان، باب ادنى أهل الجنة منزلة فيها (194) (327)

.ولا شك أن هذا عطاء عظيم لم ينله أحد من الخلق . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 548/10)



 

5) بيان نعم الله على نبيه عليه السلام

   في قوله تعالى (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (الضحى(6ـ 11)

ثم بين الله سبحانه وتعالى نعمه عليه السابقة حتى يستدل بها على النعم اللاحقة.

 ـ قوله تعالى{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ} وذلك أن أباه توفي وهو حمل في بطن أمه ، وقيل : بعد أن ولد ، عليه السلام ، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين . ثم كان في كفالة جده عبد المطلب ، إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين ، فكفله عمه أبو طالب . ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقره ، ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره ، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان ، وكل ذلك بقدر الله وحسن تدبيره ، إلى أن توفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل ، فأقدم عليه سفهاء قريش وجهالهم ، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج ، كما أجرى الله سنته على الوجه الأتم والأكمل . فلما وصل إليهم آووه ونصروه وحاطوه وقاتلوا بين يديه ، رضي الله عنهم أجمعين ، وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به .(تفسير ابن كثير524ـ 525/4)

ـ قوله تعالى { وَوَجَدَكَ ضَالًّا} أي غير عالم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم شيئاً قبل أن ينزل عليه الوحي، لا يقرأ ولا يكتب، لكن وصل إلى هذه الغاية العظيمة بالوحي الذي أنزله الله عليه، فعلم وعلَّم .

ـ قوله تعالى { فَهَدَى} فهو قد هدى عليه الصلاة والسلام، وهدى الله به، فهو هاد مهدي عليه الصلاة والسلام. إذاً فهدى أي فهداك وهدى بك.

ـ قوله تعالى { وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ} أي وجدك فقيراً لا تملك شيئاً

ـ قوله تعالى { فَأَغْنَىٰ} أي أغناك وأغنى بك. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 549/10)

ـ قوله تعالى (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) أي : كما كنت يتيما فآواك الله فلا تقهر اليتيم ، أي : لا تذله وتنهره وتهنه ، ولكن أحسن إليه ، وتلطف به .(تفسير ابن كثير525/4)

ـ قوله تعالى (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) أي : فلا تكن جبارا ، ولا متكبرا ، ولا فحاشا ، ولا فظا على الضعفاء من عباد الله .

وقال قتادة : يعني رد المسكين برحمة ولين .(تفسير ابن كثير525/4)

ـ قوله تعالى { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} نعمة الله تعالى على الرسول صلى الله عليه وسلّم التي ذكرت في هذه الآيات ثلاث

ـ قوله تعالى { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ}الضحى(6ـ 8)

وبهذه الثلاث تتم النعم.

حدث بنعمة الله قل: كنت يتيماً فآواني الله، كنت ضالاً فهداني الله، كنت عائلاً فأغناني الله، لكن تحدث بها إظهاراً للنعمة وشكراً للمنعم، لا افتخاراً بها على الخلق؛

لأنك إذا فعلت ذلك افتخاراً على الخلق كان هذا مذموماً.

أما إذا قلت أو إذا ذكرت نعمة الله عليك تحدثاً بالنعم، وشكراً للمنعم فهذا مما أمر الله به. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 551/10)

تم بحمد الله تفسير سورة الضحى

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق