الأربعاء، 31 يوليو 2019


(تفسير جزء عم (سورة البينة)

بسم الله الرحمن الرحيم

(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) سورة  البينة (1ـ 8)


* الفوائد على هذه الآيات.

1) بيان كفر أهل الكتاب.

في قوله تعالى (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ)البينة (1)

ـ قوله تعالى { أَهْلِ الْكِتَابِ} يعني ما كان الكفار من اليهود والنصارى

سموا بذلك لأن صحفهم بقيت إلى أن بعث النبي صلى الله عليه وسلّم مع ما فيها من التحريف والتبديل والتغيير،

 فاليهود لهم التوراة، والنصارى لهم الإنجيل

ـ قوله تعالى {وَالْمُشْرِكِينَ} المشركون هم عبدة الأوثان .

ـ قوله تعالى {مُنفَكِّينَ} أي تاركين لما هم عليه من الشرك والكفر ومنفكين عنه

ـ قوله تعالى { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) والبينة: ما يبين به الحق في كل شيء، فكل شيء يبين به الحق فإنه يسمى بينة

ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «البينة على المدعي» (أخرجه الترمذي أبواب الأحكام، باب ما جاء في أن البينة على المدعي (1341) .

فكل ما بان به الحق فهو بينة، ويكون في كل شيء بحسبه. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين574/10)


 

2) البينة التي ذكرها الله في هذه الآيات

 في قوله تعالى (رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) البينة(2ـ 3)

فما هي البينة التي ذكرها الله هنا؟

ـ قوله تعالى { رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ } وهذا الرسول هو النبي صلى الله عليه وسلّم محمد رسول الله ابن عبد الله الهاشمي القرشي صلوات الله وسلامه عليه

ـ قوله تعالى { رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ } يعني أن الله أرسله إلى العالمين بشيراً ونذيراً

فهو محمد عليه الصلاة والسلام مرسل من عند الله بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام؛ لأن جبريل هو رسول رب العالمين إلى رسله موكل بالوحي ينزل به على من شاء الله من عباده.

ـ قوله تعالى { يَتْلُو} يعني يقرأ لنفسه وللناس

ـ قوله تعالى { صُحُفًا} جمع صحيفة وهي الورقة أو اللوح أو ما أشبه ذلك مما يكتب به

ـ قوله تعالى { مُّطَهَّرَةً} أي منقاة من الشرك، ومن رذائل الأخلاق، ومن كل ما يسوء، لأنها نزيهة مقدسة .

ـ قوله تعالى { فِيهَا} أي في هذه الصحف

ـ قوله تعالى { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } كتب: أي مكتوبات قيمة، فكتب جمع كتاب،والمعنى أن في هذه الصحف مكتوبات قيمة كتبها الله عز وجل

ومن المعلوم أن الإنسان إذا تصفح القرآن وجده كذلك وجده يتضمن كتباً أي مكتوبات قيمة

* انظر إلى ما جاء به القرآن من توحيد الله عز وجل، والثناء عليه، وحمده وتسبيحه تجده مملوءاً بذلك.

* انظر إلى ما في القرآن من وصف النبي صلى الله عليه وسلّم ووصف أصحابه المهاجرين والأنصار ووصف التابعين لهم بإحسان.

* انظر إلى ما جاء به القرآن من الأمر بالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة.

 تجد أن كل ما جاء به القرآن فهو قيم بنفسه، وكذلك هو مقيم لغيره.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 575/10)


3)اختلاف الناس بعد ما جاءتهم البينة.

في قوله تعالى (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ  وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)البينة (4ـ 5)

أخبر الله في هذه الآية أنه لا يمكن أن ينفك هؤلاء الكفار من أهل الكتاب والمشركين حتى تأتيهم البينة، فلماجاءتهم البينة هل انفكوا عن دينهم، عن كفرهم وشركهم؟

 الجواب :

قال الله تعالى: { وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} يعني لما جاءتهم البينة اختلفوا , منهم من آمن، ومنهم من كفر

ـ فمن النصارى من آمن مثل النجاشي ملك الحبشة

ـ ومن اليهود من آمن أيضاً مثل عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ فمنهم من آمن، ومنهم من كفر

ـ كذلك أيضاً من المشركين من آمن، وما أكثر المشركين من قريش الذين آمنوا، فصار الناس قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام لم يزالوا على ما هم عليه من الكفر حتى جاءتهم البينة، ثم لما جاءتهم البينة تفرقوا واختلفوا.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 575/10)

 

4) جزاء من كفر بالبينة.

في قوله تعالى(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ )البينة (6)

ـ قوله تعالى { فِي نَارِ جَهَنَّمَ } اسم من أسماء النار

فإن اليهود والنصارى كفار حين لم يؤمنوا برسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ـ قوله تعالى { أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} أي شر الخليقة؛ لأن البرية هي الخليقة، وإذا كانوا هم شر البرية فلن نتوقع منهم إلا كل شر، لأن الشرير ينبثق منه الشر، ولا يمكن أبداً أن نحسن الظن بهم.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 576/10)

 

5) جزاء من آمن بالبينة.

في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) البينة(7ـ8)

ـ قوله تعالى(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } فخير خلق الله عز وجل هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات،

وهم على طبقات أربع بينها الله في قوله: { وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ  وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69] .

 هذه الطبقات الأربع هي طبقات المؤمنين

أعلاها: طبقة النبوة، وأعلى طبقات النبوة طبقة الرسالة،

 الطبقة الثانية:     ثم بعد النبوة الصديقية، وعلى رأس الصديقين أبو بكر رضي الله عنه.

الطبقة الثالثة: الشهداء
 قيل: إنهم أُولوا العلم.

وقيل: إنهم الذين قتلوا في سبيل الله.
                                  والآية تحتمل المعنيين جميعاً

فالشهداء هم أولوا العلم، وهم الذين قتلوا في سبيل الله، وكلهم مرتبتهم عالية فوق سائر المتبعين للرسل إلا الصديقين.

ـ قوله تعالى { وَالصَّالِحِينَ} وهم أدنى الطبقات، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات

على اختلاف طبقاتهم هم خير البرية، أي خير ما خلق الله عز وجل من البرايا

ـ قوله تعالى(جَنَّاتُ } جمعها لاختلاف أنواعها،

لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: إن الجنات «جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما» (أخرجه البخاري كتاب التفسير باب قوله:) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) (4878) .

ـ قوله تعالى { جَنَّاتُ عَدْنٍ } العدن: بمعنى الإقامة في المكان وعدم النزوح عنه، ومن تمام نعيم أهل الجنة أن كل واحد منهم لا يطلب تحولاً عما هو عليه من النعيم، لأنه لا يرى أن أحداً أكمل منه، ولا يحس في قلبه أنه في غضاضة بالنسبة لمن هو أرقى منه
ولهذا سمى الله تعالى هذه الجنات جنات عدن..

ـ قوله تعالى { مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} قال العلماء: من تحت قصورها وأشجارها وإلا فهو على سطحها وليس أسفل، إنما هو من تحت هذه القصور والأشجار،

ـ قوله تعالى { رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } وهذا أكمل نعيم أن الله تعالى يرضى عنهم، فيحل عليهم رضوانه فلا يسخط بعده أبداً

ـ قوله تعالى{ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } أي ذلك الجزاء لمن خشي الله عز وجل، والخشية هي خوف الله عز وجل المقرون بالهيبة والتعظيم ولا يصدر ذلك إلا من عالم بالله .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 577ـ 578)

تم بحمد الله تفسير سورة البينة

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


الثلاثاء، 30 يوليو 2019


(تفسير جزء عم (سورة القدر)

بسم الله الرحمن الرحيم

(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ) سورة القدر (1ـ5)


* الفوائد على هذه الآيات.

1) فضل ليلة القدر.

  في قوله تعالةى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)القدر(1ـ 3)

الله تعالى أنه أنزل القرآن ليلة القدر ،وهي الليلة المباركة التي قال الله عز وجل :

ـ قوله تعالى(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) [ الدخان : 3

وهي من شهر رمضان كما قال تعالى(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) البقرة 185

قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .(تفسير ابن كثير532/4)

ـ قوله تعالى { فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }

 من العلماء من قال: القدر هو الشرف  كما يقال أي ذو شرف كبير.

ومن العلماء من قال : المراد بالقدر التقدير، لأنه يقدر فيها ما يكون في السنة.

والصحيح :أنه شامل للمعنيين

  فليلة القدر لا شك أنها ذات قدر عظيم، وشرف كبير, وأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من الإحياء والإماتة والأرزاق وغير ذلك. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 570/10)

ـ قوله تعالى {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} أي ما أعلمك ليلة القدر وشأنها وشرفها وعظمها.

قال ابن كثير:

قال تعالى معظما لشأن ليلة القدر الذي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها فقال{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ).(تفسير ابن كثير532/4) .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 570/10)

ـ قوله تعالى(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }

والمراد بالخيرية هنا: ثواب العمل فيها ينزل الله تعالى فيها من الخير والبركة على هذه الأمة، ولذلك كان من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 571/10)


 

2) الأحداث التى تكون في تلك الليلة.

في قوله تعالى(تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ)القدر(4ـ5)

ـ قوله تعالى{ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} أي تنزل شيئاً فشيئاً؛ لأن الملائكة سكان السموات، والسموات سبع فتتنزل الملائكة إلى الأرض شيئاً فشيئاً حتى تملأ الأرض، ونزول الملائكة في الأرض عنوان على الرحمة والخير والبركة

فالملائكة تتنزل في ليلة القدر بكثرة، ونزولهم خير وبركة. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 571/10)

ـ قوله تعالى { وَالرُّوحُ } هو جبريل عليه السلام خصه الله بالذكر لشرفه وفضله.

ـ قوله تعالى { بِإِذْنِ رَبِّهِم} أي بأمره، والمراد به الإذن الكوني؛ لأن إذن الله ـ أي أمره ـ

ينقسم إلى قسمين: إذن كوني، وإذن شرعي.

ـ قوله تعالى { مِّن كُلِّ أَمْرٍ } قيل إن { مِّن } بمعنى الباء أي بكل أمر مما يأمرهم الله به، وهو مبهم لا نعلم ما هو، لكننا نقول إن تنزل الملائكة في الأرض عنوان على الخير والرحمة والبركة

ـ قوله تعالى (سَلَامٌ) والتقدير: «هي سلام» أي هذه الليلة سلام، ووصفها الله تعالى بالسلام، لكثرة من يسلم فيها من الآثام وعقوباتها،

 قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» (أخرجه البخاري كتاب فضل ليلة القدر باب فضل ليلة القدر (2014) ومسلم كتاب صلاة المسافرين باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح (760) (175)

 ومغفرة الذنوب لا شك أنها سلامة من وبائها وعقوباتها.

ـ قوله تعالى { هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أي تتنزل الملائكة في هذه الليلة حتى مطلع الفجر، أي إلى مطلع الفجر، وإذا طلع الفجر انتهت ليلة القدر. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 571/10)



* ماهي أحرى الليالي في رمضان؟

ومع ذلك قال صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في العشر الأواخر» (البخاري كتاب فضل ليلة القدر باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر (2021) ومسلم كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها (1165) (210) .

وفي رواية: «في الوتر من العشر الأواخر» (أخرجه البخاري كتاب فضل ليلة القدر القدر باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر (2017) ومسلم كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها (1165) (207) ..

ورآها الصحابة ذات سنة من السنين في السبع الأواخر،

فقال صلى الله عليه وسلّم: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر» (أخرجه البخاري كتاب فضل ليلة القدر باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر (2016) ومسلم كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها (1167) (213)

 يعني في تلك السنة، أما في بقية الأعوام فهي في كل العشر، فليست معينة، ولكن أرجاها ليلة سبع وعشرين، وقد تكون

(مثلاً) في هذا العام ليلة سبع وعشرين، وفي العام الثاني ليلة إحدى وعشرين، وفي العام الثالث ليلة خمس وعشرين وهكذا..

* وإنما أبهمها الله عز وجل لفائدتين عظيمتين:

الفائدة الأولى:

بيان الصادق في طلبها من المتكاسل، لأن الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليال من أجل أن يدركها، والمتكاسل يكسل أن يقوم عشر ليال من أجل ليلة واحدة.

الفائدة الثانية:

 كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال؛ لأنه كلما كثر العمل كثر الثواب. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 572/10)

تم بحمد الله تفسير سورة القدر

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


الاثنين، 29 يوليو 2019


تفسير جزء عم (سورة العلق)

بسم الله الرحمن الرحيم

(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ * إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ * عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ * أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ * أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ * أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ * كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب) سورة العلق (1ـ19)


* الفوائد على هذه الآيات.

1) أول ما نزل على الرسول عليه الصلاة والسلام من القرآن الكريم

في قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) العلق(1ـ 5)

هذه الآيات أول ما نزل على الرسول عليه الصلاة والسلام من القرآن الكريم

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة عن عائشة قالت : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح . ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه - وهو : التعبد - الليالي ذوات العدد ، ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزود لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فيه فقال : اقرأ

. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" فقلت : ما أنا بقارئ " . قال : " فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني  فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد

 ثم أرسلني فقال :

ـ قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)العلق(1ـ 5)

 قال : فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال :

" زملوني زملوني " . فزملوه حتى ذهب عنه الروع . فقال : يا خديجة ، ما لي : فأخبرها الخبر وقال : " قد خشيت علي " . فقالت له : كلا أبشر فو الله لا يخزيك الله أبدا ; إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن قصي - وهو ابن عم خديجة أخو أبيها ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، وكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي - فقالت خديجة : أي ابن عم ، اسمع من ابن أخيك . فقال ورقة : ابن أخي ، ما ترى ؟

 فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى

 فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 " أو مخرجي هم ؟ " . فقا لورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . هذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث الزهري وقد تكلمنا على هذا الحديث من جهة سنده ومتنه ومعانيه في أول شرحنا للبخاري مستقصى ،ؤزرا(تفسير ابن كثير 530/4)



2) بيان بدء خلق الإنسان

  في قوله تعالى (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ) العلق:2

ـ قوله تعالى(خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ )التنبيه على خلق الإنسان من علقة.(تفسير ابن كثير 530/4)

والعلق: عبارة عن دودة حمراء من الدم صغيرة وهذا هو المنشأ الذي به الحياة لأن الإنسان دم لو تفرغ من الدم لهلك. وقد بين الله عز وجل أنه خلق الإنسان من علق، ولكنه يتطور، فخلقه من تراب؛ لأن أول ما خلق الإنسان من التراب ثم صب عليه الماء فكان طيناً ثم استمر مدة فكان حمئاً مسنوناً، ثم طالت مدته فكان صلصالاً، يعني إذا ضربته بيدك تسمع له صلصلة كالفخار، ثم خلقه عز وجل لحماً، وعظماً، وعصباً إلى آخره، هذا ابتداء الخلق المتعلق بآدم.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 562ـ563/10)

 

3) كرم الله الإنسان بالعلم.

في قوله تعالى(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) العلق (3 ـ 5)

ـ قوله تعالى (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) أن من كرمه تعالى أن علم الإنسان ما لم يعلم فشرفه وكرمه بالعلم ، وهو القدر الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة والعلم تارة يكون في الأذهان  وتارة يكون في اللسان ، وتارة يكون في الكتابة بالبنان ، ذهني ولفظي ورسمي . (تفسير ابن كثير530/4)

ـ قوله تعالى (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)

وفي الأثر: قيدوا العلم بالكتابة وفيه أيضا من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يكن يعلم.(تفسير ابن كثير530/4)



4) بيان صفات الإنسان.

في قوله تعالى (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ * إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ ) العلق(6ـ8)

ـ قوله تعالى(كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ ) يخبر تعالى عن الإنسان أنه ذو فرح وأشر وبطر وطغيان.(تفسير ابن كثير530/4)

ـ قوله تعالى { كَلَّا} بمعنى حقًّا، يعني أن الله تعالى يثبت هذا إثباتاً لا مرية فيه .

ـ قوله تعالى { إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ} الإنسان هنا ليس شخصاً معيناً، بل المراد الجنس، كل إنسان من بني آدم إذا رأى نفسه استغنى فإنه يطغى، من الطغيان وهو مجاوزة الحد.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين564/10)

 ـ قوله تعالى ( أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ }  إذا رأى نفسه قد استغنى وكثر ماله .تفسير ابن كثير531/4)

ـ قوله تعالى { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ} أي المرجع يعني مهما طغيت وعلوت واستكبرت واستغنيت فإن مرجعك إلى الله عز وجل.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 565/10)





5) قصة النبي عليه السلام مع ابو جهل

في قوله تعالى (أ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ * عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ * أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ *أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ )العلق(9ـ13)

ففي الآية ناهٍ ومنهي

فالناهي هو طاغية قريش أبو جهل

وأما المنهي فهو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم

 قيل لأبو جهل: إن محمداً يصلي عند الكعبة أمام الناس، يفتن الناس ويصدهم عن أصنامهم وآلهتهم، فمر به ذات يوم وهو ساجد فنهى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: لقد نهيتك فلماذا تفعل؟ فانتهره النبي عليه الصلاة والسلام فرجع

 ثم قيل لأبي جهل إنه أي محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم مازال يصلي فقال: والله لئن رأيته لأطأن عنقه بقدمي، ولأعفرن وجهه بالتراب، فلما رآه ذات يوم ساجداً تحت الكعبة وأقبل عليه يريد أن يبر بيمينه وقسمه، لما أقبل عليه وجد بينه وبينه خندقاً من النار وأهوالاً عظيمة، فنكص على عقبيه وعجز أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. (أخرجه مسلم كتاب صفات المنافقين باب قوله:) إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (2797) (38)(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 565/10)

ـ قوله تعالى (أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ) أي فما ظنك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريق المستقيمة في فعله بقوله وأنت تزجره وتتوعده على صلاته. (تفسير ابن كثير531/4)



6) سعة علم الله

في قوله تعالى (أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ)العلق:14

أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه وسيجازيه على فعله أتم الجزاء.(تفسير ابن كثير531/4)

 يرى سبحانه وتعالى علماً ورؤية، فهو سبحانه يرى كل شيء مهما خفي ودق ويعلم كل شيء مهما بعد , وبيان أن الله تعالى يعلم بحاله، وحال من ينهاه، وسيجازي كلاًّ منهما بما يستحق.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 566/10)



7) بيان عقوبة ابو جهل.

في قوله تعالى (كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ)العلق(15ـ 18)

ـ قوله تعالى (كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ) ثم قال تعالى متوعدا ومتهددا لئن لم يرجع عما هو فيه من الشقاق والعناد

ـ قوله تعالى { كَلَّا } هذه بمعنى حقًّا، ويحتمل أن تكون للردع، أي لردعه عن فعله السيىء الذي كان يقوم به تجاه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو بمعنى حقًّا

ـ قوله تعالى { لَئِن} والقسم مقدر قبله إذ تقديره: والله لئن لم ينته لنسفعن

ـ قوله تعالى { لَنَسْفَعًا } أي لنأخذن بشدة

ـ قوله تعالى { بِالنَّاصِيَةِ} مقدم الرأس. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 566/10)

والمراد بالناصية هنا ناصية أبي جهل الذي توعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على صلاته ونهاه عنها، أي لنسفعن بناصيته،

وهل المراد الأخذ بالناصية في الدنيا، أو في الآخرة يجر بناصيته إلى النار؟

* يحتمل أنه يؤخذ بالناصية وقد أخذ بناصيته في يوم بدر حين قتل مع من قتل من المشركين

* ويحتمل أن يكون يؤخذ بناصيته يوم القيامة فيقذف في النار. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 566/10)

ـ قوله تعالى { كَاذِبَةٍ } أي أنها موصوفة بالكذب، ولا شك أن من أكبر ما يكون كذباً ما يحصل من الكفار الذين يدعون أن مع الله ألهة أخرى، فإن هذا أكذب القول وأقبح الفعل. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 567/10)

ـ قوله تعالى { خَاطِئَةٍ } أي مرتكبة للخطأ عمداً.

وليعلم أن هناك فرقاً بين خاطئ ومخطئ:

  الخاطئ من ارتكب الخطأ عمداً غير معذور

 والمخطئ من ارتكبه جهلاً هذا معذور. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 567/10)

ـ قوله تعالى (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ) أي قومه وعشيرته أي ليدعهم يستنصر بهم.(تفسير ابن كثير531/4)

ـ قوله تعالى { سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } يعني عندنا من هم أعظم من نادي هذا الرجل وهم الزبانية ملائكة النار، وقد وصف الله ملائكة النار بأنهم غلاظ شداد، غلاظ في الطباع شداد في القوة.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 567/10)

 

8) الحث على التقرب إلى الله.

 في قوله تعالى (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب)العلق:19

ـ قوله تعالى { لَا تُطِعْهُ } أي لا تطع هذا الذي ينهاك عن الصلاة، بل اسجد ولا تبالي به، وإذا كان الله نهى نبيه صلى الله عليه وسلّم أن يطيع هذا الرجل فهذا يعني أنه جل وعلا سيدافع عنه، يعني افعل ما تؤمر ولا يهمنك هذا الرجل، واسجد لله عز وجل، والمراد بالسجود هنا الصلاة.

س:مالسبب في التعبير بالسجود؟

لكن عبر بالسجود عن الصلاة لأن السجود ركن في الصلاة لا تصح إلا به، فلهذا عبر به عنها.

 ـ قوله تعالى{ وَاقْتَرِب} أي اقترب من الله عز وجل؛ لأن الساجد أقرب ما يكون من ربه

كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال:

حيث قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» (أخرجه مسلم كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود (482) (215) . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 568/10)

تم بحمد الله تفسير سورة العلق

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين